الخميس، 19 مايو 2011

ملاحظات على مؤتمر العمال والثورة

حضرت المؤتمر الأول لتحالف عمال ثورة مصر الذى عقد فى نقابة الصحفيين يوم الجمعة 8 إبريل وأحب أن أشارككم ملاحظاتى على المؤتمر.
الملاحظة الأساسية أن الجمهور الحاضر بالمؤتمر فى غالبيته الساحقة هم عمال مارسوا الاحتجاج الاقتصادى ثم الانتظام النقابى فى السنوات القليلة الماضية ثم الانخراط المباشر فى الثورة دون المرور بالانخراط فى العمل الحزبى والتورط فى الأدلجة السياسية، وأن غالبية من تحدثوا على المنصة هم قادة عماليين طبيعيين من مواقع عمل، باستثناء خمسة أو ستة من الرفاق العمال والمهتمين بالحركة العمالية المؤدلجين والمنظمين سياسيا وهذا تطور مهم لم يتوافر فى لقاءات عمالية سابقة على حد علمى.
تناول المحور الأول للمؤتمر موضوع التنظيم العمالى حيث تم التركيز على النقابات، ولكن الحركة العمالية لكى تستكمل انتزاع حقوقها ولكى تحقق أهدافها فى التحرر الاجتماعى لا تقتصر فى التنظيم على النقابات فقط، فهناك بجانب النقابات العمالية التعاونيات و الجمعيات الأهلية، وإذا كان العمال المصريين انتزعوا الحرية النقابية كمكسب من مكاسب الثورة، فإن تحرير التعاونيات والجمعيات الأهلية واستقلالها عن الدولة لا يقل أهمية عن الحرية النقابية، لتبقى مهمة أخرى هى إلغاء النقابات المهنية بوضعها الحالى وتركيبها غير الديمقراطى كونها تضم العمال وأصحاب العمل فى نفس الوقت، على أن تحل محلها جمعيات اهلية علمية تعطى رخص للعمل وتتابع أخلاقيات ممارسة المهنة وغيرها من المهام الضرورية خصوصا فيما يتعلق بالأطباء والمحاميين والمهندسين، فالنقابة كمنظمة تدافع عن حقوق أعضاءها ومن ثم لا يصح أن تضم العمال وأصحاب العمل أو العمال ومدراءهم.
لدينا مليون ونصف مليون عامل وثلاثة ملايين موظف حكومى فقط هم الذين يمكنهم النضال عبر المنشئات، وتنظيم أنفسهم انطلاقا منها، فماذا عن العاملين بأجر فى القطاع غير الرسمى، والمنشئات المتوسطة والصغيرة فى القطاع الرسمى، وهم يبلغون أكثر من 20 مليون عامل، وإذا كانت النقابة القائمة على أساس المنشأة، صالحة لتنظيم عمالة مستقرة نسبيا فى أعمالها ومهنها وأماكنها، فهى ليست صالحة لعمالة غير مستقرة، حيث تسود الآن ظاهرة العمل المرن ، فلا استقرار للعامل فى عمل أو مهنة أو مكان، كل هذه الظروف لابد أن تدفعنا للتفكير بشكل مختلف للعمل النقابى لا ينظم العمال على أساس المنشأة بل على أسس جغرافية أو مهنية.
كان المحور الثانى للمؤتمر هو العدالة الاجتماعية وهو أحد مطالب الثورة الأساسية الذى يرفع من سقفها المتدنى الذى يتمسك به الجناح الليبرالى فى الثورة وهو مجرد التحول الديمقراطى الليبرالى، وفيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية لا بد وأن أؤكد على أن هناك وجهتى نظر تنتميان لليسار المنقسم إلى سلطوى و لا سلطوى قبل أن ينقسم ليسار ثورى ويسار إصلاحى. وجهة نظر تريد دولة رعاية أبوية سلطوية متدخلة سواء على الطراز السوفيتى أو السويدى أو الناصرى. ولأن السويدى الذى مازال يحتفظ ببريق وجماهيرية يقوم على أساس زيادة الإنفاق العام وتوسيع سوق الاستهلاك وما يستلزمه ذلك من زيادة الضرائب والجمارك وشتى أشكال التدخل الحكومى يتناقض مع دواعى الاقتصاد العالمى فى مرحلة الكوكبية، مما أدى لانهيار دولة الرعاية والرفاهية فعلا فى معقلها الرئيسى بغرب أورربا، وما يوجد فعليا هو أحزاب ليبرالية تميل يسار أحيانا وأحيانا أخرى تميل يمينا، فإن التبشير بهذا النموذج فى بلد يعانى اوضاعا اقتصادية واجتماعية متدهورة هو نوع من الدجل السياسى، فضلا عن أنه لا يعبر عن مصالح العمال .
أما وجهة النظر الأخرى فهى تريد فى الحد الأدنى الإصلاحى دولة حارسة تقوم بالمهام السيادية تاركة بقية المهام للتعاونيات المستقلة عن رأسالمال والدولة ، وإرساء مبدأ الإدارة الذاتية العمالية لوحدات الإنتاج والخدمات وفق قواعد التعاون لصالح العاملين فيها ، والتأمين الاجتماعى التعاونى الشامل و هى كلها أدوات غير بيروقراطية و لا رأسمالية قادرة على توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كحد أدنى أى فى ظل استمرار وجود الرأسمالية أو التحرر من العمل المأجور باعتباره جوهر تجاوز الرأسمالية كحد أقصى يعبر عن مصالح كل الأجراء.

وفى النهاية أحب أن أشير إلى أن البيان الختامى للمؤتمر جاء أفضل مما كنت اتوقع، ففى أوراق شبيه سابقة كان هناك حديث عن التأميم وإعادة التأميم لما تم خصخصته، مما يعنى العودة لرأسمالية الدولة البيروقراطية أما فى هذا البيان فقد كان الحديث عن مطلب الإدارة الذاتية للعاملين للوحدات الإنتاجية والخدمية سواء التى يتم استعادتها من المستثمرين التى استولوا عليها وفق برامج الخصخصة أو الوحدات التابعة للقطاع الخاص التى يتم ايقافها لتخلى ملاكها عن إداراتها، وكنت اتمنى أن يتبنى البيان هدف الإدارة الذاتية من قبل العاملين لكل وحدات الإنتاج والخدمات الحكومية والعامة لصالحهم.

ملاحظات على مؤتمر العمال والثورة

سامح سعيد عبود


0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية