الثلاثاء، 19 مايو 2015

تعريف الجمعية التعاونية

تعريف الجمعية التعاونية
 سامح سعيد عبود
على الرغم من أن التعاون بين الناس، مورس طوال التاريخ البشري، فقد بدأت الحركة التعاونية كشكل من أشكال تنظيم الأعمال التجارية، وكرد فعل لانتشار الفقر  خاصة بين العمالة الماهرة التي فقدت عملها الذي صاحب الثورة الصناعية في أوائل القرن التاسع عشر، وقد تم إنشاء الجمعيات التعاونية حينئذ. لتعزيز مصالح وتلبية احتياجات الأفراد الأقل قوة في المجتمع. حيث وجد المنتجون والمستهلكون عبرها أنه يمكنهم تحقيق احتياجاتهم بشكل جماعى منظم أكثر مما استطاعوا بشكل فردي.
فالجمعية التعاونية جماعة مستقلة من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، اتفقوا طوعيا على أن ينضم بعضهم إلى بعض لإنشاء مشروع يكون الغرض منه أن يتيح لهم الحصول على المنتجات والخدمات التي هم في حاجة إليها، ولتحقيق مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المشتركة ويقومون بأنفسهم بتسيير وإدارة مشروعهم وفق المبادئ الأساسية للتعاون، بهدف بلوغ الأهداف المشتركة[1].
وتشمل التعاونيات المنظمات الاقتصادية غير الربحية التي يملكها ويديرها الأشخاص الذين يستخدمون خدماتها (التعاونية الاستهلاكية) أو من قبل الأفراد الذين يعملون فيها (التعاونية العمالية) أو من قبل الناس الذين يعيشون فيها (التعاونية الإسكانية)، والتعاونيات الهجينة مثل تعاونيات العمال التي هي أيضا تعاونيات استهلاكية واتحادات ائتمانية فى نفس الوقت،  وتعاونيات أصحاب المصلحة المتعددين مثل تلك التي تجمع منظمات المجتمع المدني المختلفة،  والتعاونيات، والجهات الإدارية، والمستفيدين من الخدمة، لتوفير احتياجات المجتمع من مرافق وخدمات عامة كالطاقة والمياه وخلافه، وتعاونيات الدرجة الثانية والثالثة الأعضاء فى التعاونيات الأخرى.
كان التحالف التعاوني الدولي أول جمعية دولية  شكلتها الحركة التعاونية، وتشكلت المنظمة الثانية في وقت لاحق في ألمانيا باسم اتحاد رايفايزن الدولي، وفي الولايات المتحدة، هناك الجمعية التعاونية الوطنية وهى بمثابة أقدم جمعية قومية العضوية بالقطاع التعاونى، وتسعى لضمان أن الشركات التعاونية لديها نفس الفرص المتاحة للشركات الأخرى العاملة في البلاد، وأن المستهلكين لديهم إمكانية الوصول إلى التعاونيات في السوق، ثم تأسس بنك الولايات المتحدة الوطني للتعاونيات في سبعينات القرن العشرين، وبحلول عام 2004 تأسست جمعية جديدة ركزت على التعاونيات العمالية باسم اتحاد الولايات المتحدة لتعاونيات العمال.
التعاونية ككيان قانوني يملكها جماعيا ويسيطر عليها ديمقراطيا أعضائها. الذين غالبا ما يكونون فى ارتباط وثيق معها كمنتجين لمنتجاتها أو مستهلكين لخدماتها[2].
في بعض البلدان، هناك أشكال خاصة من المؤسسات شبه التعاونية لا تنطبق عليها مبادىء التعاون كاملة. فقد تتخذ التعاونيات شكل الشركات ذات المسئولية المحدودة أو شركات التوصية بالأسهم أو شركات التضامن. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، غالبا ما يتم تنظيم التعاونيات كشركات أسهم غير رأسمالية بموجب قوانين تعاونية محددة للدولة. ومع ذلك، فإنها قد تكون أيضا جمعيات فردية أو شركات تجارية مثل الشركات ذات المسؤولية المحدودة ؛ وهذه الأشكال ليست تعاونيات حقيقية لأنها تسمح لبعض الأعضاء أن يكون لهم حصة أكبر من السيطرة عليها، أو أن يكون لبعض المستثمرين فيها عائد على رأس المال يتجاوز الفائدة الثابتة المحدودة المقررة، الأمر الذي لا يمكن أن يسمح  به بموجب القوانين المحلية للتعاونيات ولا المبادىء العامة للتعاون وأهدافه وقيمه [3]، [4] ،[5].
وعلى الرغم من أن التعاونيات تختلف في نوع وحجم العضوية، ويتم تشكيلها لتلبية الأهداف المحددة للأعضاء، وتنظم على التكيف مع الاحتياجات المتغيرة للأعضاء. فإن الاستقلال الذاتي، وديمقراطية الإدارة، وباب العضوية المفتوح، والعائد على المعاملات، والمساهمة الاقتصادية للأعضاء،  هي السمات المميزة والأساسية للتعاونيات[6].
وتحمل لفظة التعاون في محتواها نوعان من المعاني، فالتعاون بمعناه العام يعبر عن عملية أو سلوك يتم بمقتضاه ضم جهود وإمكانيات الأفراد في شكل جماعي بقصد الوصول إلي منافع مشتركة كان يصعب علي كل منهم أن يحصل عليها بمفرده. أما التعاون بمدلوله الخاص فيعني تضامن شخصي متبادل بين مجموعة من الأشخاص بقصد إشباع حاجاتهم الإنسانية المختلفة ويمكن لذلك أن يتم عن طريق إنشاء منظمة يطلق عليها اسم "الجمعية التعاونية". والتعاون هو تجميع للقوى الاقتصادية عبر ارتباط مجموعة من الأفراد على أساس من الحقوق والالتزامات المتساوية فيما بينهم، لمواجهة ما قد يعترضهم من المشاكل ذات الارتباط الوثيق المباشر بمستوى معيشتهم سواء كانوا منتجين أو مستهلكين[7].
نخلص من هذا أن الجمعيات التعاونية ما هي إلا شكل من أشكال التنظيم الجماعي لامكانيات بشرية لتحقيق غايات وأهداف اقتصادية في الدرجة الأولى، واجتماعية في الدرجة الثانية، لا تقوم على فكرة الربح بقدر ما تقوم على فكرة تقديم السلع والخدمات وفرص العمل اللازمة، وتوزيع هذه السلع الخدمات بشكل يتناسب مع حاجات أفرادها وظروفهم، وبالمقابل يسهم هؤلاء الأفراد في تكاليف جمعيتهم بصورة تتناسب مع حجم الخدمات التي يحصلون عليها من الجمعية. ويقوم هذا التنظيم أو الأسلوب على قواعد وتقاليد تعاونية تكونت على مر السنين نتيجة تجارب عديدة، على قاعدة  الخطأ والصواب التي مر بها رواد التعاون الأوائل في القرنين الثامن والتاسع عشر. وهذه القواعد تحدد الإطار العام للجمعية التعاونية وتميزها عن غيرها من التنظيمات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.
الجمعية التعاونية هي المنشأة العملية التى تجسد المبادىء التعاونية. وقد اختلف الباحثون في ايجاد تعريف شامل لها ينطبق على كل أشكالها وأنواعها، وأقروا في النهاية بأنه من الضروري اعطاء تعريف لكل نوع من أنواع الجمعيات التعاونية على حدة. وإذا رجعنا إلى التعاريف المختلفة التي عرضها الباحثون في التعاون نراها تجمع على إنها منشأة شعبية ينضم إليها الأفراد بصرف النظر عن انتماءتهم السياسية أو الدينية أو القومية وبمحض إرادتهم واختيارهم الحر، أى انها جمعية أشخاص لا جمعية أموال، وديمقراطية يتساوى أعضائها فى حقوق التصويت والانتخاب والترشيح واتخاذ القرار، ولكل عضو في الجمعية صوت واحد، مهما كان عدد الأسهم التي يملكها، ومستقلة ذاتيا عن الدولة وعن المؤسسات الرأسمالية، وهى اقتصادية واجتماعية في وقت واحد، وتعتمد على جهود أعضائها الذاتية. حيث تعمل على زيادة دخل أفرادها وفق المباديء الاقتصادية القائمة، وتعمل في الوقت نفسه على حماية أفرادها وتحريرهم من سيطرة الملاك والتجار والمرابيين والرأسماليين، ويوزع العائد على المعاملات أى العمل فى حالة إنتاج السلعة أو الخدمة والاستهلاك فى حالة استهلاك السلعة أو الخدمة، ولا تهدف الى تحقيق أكبر قدر من الربح، بقدر ما تهدف الى تقديم الخدمات وتوزيعها بشكل عادل بين الأعضاء [8].







[1] Statement on the Cooperative Identity. International Cooperative Alliance.
[2] a b c International Cooperative Alliance.Statement on the Cooperative Identity. Retrieved on: 2011-07-31
[3] Andrew McLeod (December 2006). Types of Cooperatives. Northwest Cooperative Development Centre. Retrieved on: 2011-07-31.
[4] The UN's official website is found at http://social.un.org/coopsyear/; retrieved on 25 February 2012.
[5]. Andrew McLeod (December 2006). Types of Cooperatives. Northwest Cooperative Development Centre. Retrieved on: 2011-07-31.
[6]  From "What is the Cooperative?" Center for Cooperatives, University of California http://cooperatives.ucdavis.edu/what/index.html
[7] محمد حلمي – تنظيم الجمعيات التعاونية في مصر نشر في: النشرة الإخبارية الإرادة, 11 نوفمبر 2011
[8] د. عدنان شومان، التعاون والتعاونية بين المذهب والاسلوب نشر المقال في تموز / يوليو 1961، العدد التاسع، الرائد العربي  http://al-hakawati.net/arabic/civilizations/raedindexb40.asp  

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية