الجمعة، 1 سبتمبر 2017

القسم الرابع: الاشتراكية التخررية 2

القسم الرابع:الاشتراكية التحررية2
سامح سعيد عبود
اتجاهات اشتراكية تحررية أخرى:
الجورجية:
الجورجية هيَ الفلسفة الاقتصادية والإيديولوجية التي ترى أنَّ الناس لا يجب أنْ يملكوا إلَّا ما صنعوا، ولكن الأشياء الموجودة في الطبيعة كالمعادن والغابات والأرض،وهيَ الأهم من ذلك، لابد وأن يملكها الجميع بالتساوي. وتستند  فلسفة الجورجية على كتابات عدد من الاقتصاديين عادة ما يرتبطون بهنري جورج (1839-1897)، ومع فكرة فرض ضريبة واحدة على قيمة الأرض. وعمله الأكثر شهرة، التقدم والفقر (1879)، هو مقال عن عدم المساواة، وطبيعة دورية الاقتصاديات الصناعية، واستخدام ضريبة قيمة الأرض كعلاج. ويقول الجورجيون إنَّ فرض ضريبة على قيمة الأرض اقتصاديا سوف يكون فعالا ونزيها وعادلا، وأنه يمكن أنْ يولد إيرادات كافية بحيث أنَّ الضرائب الأخرى (مثل الضرائب على الأرباح والمبيعات أو الدخل)، والتي هي أقل عدلا وكفاءة، يمكن خفضها أو القضاء عليها. وقد وصفت الضريبة على قيمة الأرض من قبل العديد أنَّها نوع من الضريبة التصاعدية، حيث سيتم دفعها في المقام الأول من قبل الأثرياء، وستكون نتيجتها الحد من عدم المساواة الاقتصادية.
أثرت أفكار الجورجية بشكل كبير على الحياة السياسية في مطلع القرن الـ20. وتشمل الأحزاب السياسية التي تشكلت على أساس الأفكار الجورجية حزب رابطة الأرض، و حزب العدالة في الدانمرك، وحزب العدالة جورج هنري، ورابطة الضريبة الواحدة. وقد بدأت العديد من المجتمعات المحلية أيضا تتبنى مبادئ الجورجية خلال ارتفاع شعبية فلسفتها. و إثنان من هذه المجتمعات لا تزال قائمة هي أردن، و ديلاوير، التي أسهها في عام 1900 فرانك ستيفنز وويل برايس، وفايرهوب، بولاية ألاباما، التي تأسست في عام 1894 برعاية مؤسسة الضريبة الواحدة الأمل العادل. و قد تحمس الأناركي المسيحي ليو تولستوي لأفكار الاقتصادي هنري جورج، وأبدى استحسانه لها في أعمال لاحقة مثل رواية البعث، وهو الكتاب الذي لعب دورا رئيسيا في قرار حرمانه من الكنيسة.
النقابية:
الاشتراكية النقابية هي حركة سياسية تدعو إلى الرقابة العمالية على الصناعة من خلال النقابات ذات الصلة “في علاقة تعاقدية ضمنية مع الجمهور من المستهلكين”. ونشأت في المملكة المتحدة، وكانت الأكثر تأثيرا في الربع الأول في القرن الـ20. وكانت مرتبطة بشدة مع جي دي اتش  كول ومتأثرة بأفكار وليام موريس.
الاشتراكية النقابية مستوحاة جزئيا من قبل نقابات الحرفيين والعمال المهرة الأخرى التي كانت موجودة في إنجلترا خلال العصور الوسطى الاقطاعية. وفي عام 1906، نشر آرثر بينتي كتاب “استعادة نظام النقابة الحرفية”، الذي كان يعارض فيه نظام الإنتاج المصنعى، ودعا إلى العودة إلى الفترة السابقة على الثورة الصناعية من الإنتاج الحرفي المنظم من خلال النقابات.
في العام التالي، أصبحت مجلة العصر الجديد من منابر دعاية الاشتراكية النقابية، وإن كان في سياق الصناعة الآلية الحديثة بدلا من وسائل القرون الوسطى التي فضلها بينتي.
يدعم الاشتراكيون النقابيون“ملكية الدولة للصناعة”، جنبا إلى جنب مع“الرقابة العمالية”من خلال تفويض سلطاتها إلى النقابات الوطنية المنظمة داخليا على أسس ديمقراطية. ويختلفون مع شكل الدولة الحالي نفسه، ولذلك يعتقدون أنها سوف تبقى دولة مختلفة عن شكلها الحالي، حيث يرون أنَّه سوف يتم تحويل الدولة إلى هيئة اتحادية تمثل “النقابات، ومنظمات العمال ومنظمات المستهلكين والهيئات الحكومية المحلية، والهياكل الاجتماعية الأخرى”.
وفي عام 1914، نشر  إس جي  هوبسون، أحد كبار المساهمين في مجلة العصر الجديد، “كتاب النقابات وطنيا: التحقيق في نظام الأجور والمخرج منه”. وفي هذا العمل، قدم النقابات كبديل عن سيطرة الدولة على الصناعة أو النشاط النقابي التقليدي. فالنقابات عند هوبسون، على عكس النقابات القائمة، لن تقتصر مطالبها على مسائل الأجور وظروف العمل، ولكنها سوف تسعى للحصول على السيطرة على الصناعة لصالح العمال الذين تمثلهم. في نهاية المطاف، فإنَّ النقابات الصناعية سوف تكون بمثابة الأجهزة التي من خلالها سيتم تنظيم الصناعة في المجتمع الاشتراكي في المستقبل. وقد تم تطوير نظرية الاشتراكية النقابية من قبل جي دي اتش كول الذي أكسبها شعبية، والذي شكل رابطة النقابات الوطنية في عام 1915، ونشر العديد من الكتب حول الإشتراكية النقابية، بما في ذلك الحكم الذاتي في الصناعة (1917) والنقابية الاشتراكية المتجددة (1920)،“ من خلال تلبية هذا المطلب ذو الشقين، وفقا لـ جي دي اتش كول يمكن أنْ تقدم الاشتراكية التحررية بشكل متزامن ومناسب لإضفاء الطابع المؤسسي للتصنيع فضلا عن القيمة الليبرالية للحكم الذاتي... عبر إعادة تنظيم المجالات الرئيسية للحياة فى أشكال من العمل والتنسيق النقابي قادرة على إعطاء“أقصى تطوير للتنظيم الوظيفي"...وسعى كول لتحويل فعال للتمثيل السياسي إلى نظام في الواقع “قادر على إعطاء الاعتراف المباشر لتعدد المصالح المعقدة والمختلفة للغاية التي تشكل المجتمعات”.
النقابية الثورية:
هيَ نوع من النظام الاقتصادي المقترح كبديل للرأسمالية، وبديلا للدولة الاشتراكية، والذي يستخدم اتحادات النقابات العمالية الجماعية، أو الاتحادات الصناعية. وهو شكل من هيمنة الاقتصاد الاشتراكي التي تدعو لتجمع المصالح لعدة وحدات متعاونة غير تنافسية للتفاوض وإدارة الاقتصاد. وبالنسبة للموالين لها فإنَّ النقابات العمالية هي الوسيلة الممكنة للتغلب على الأرستقراطية الاقتصادية، وتشغيل المجتمع إلى حد ما لفائدة الأغلبية، ومن خلال الديمقراطية النقابية. سوف يتم تشغيل الصناعة في نظام النقابية من خلال الاتحادات التعاونية والمساعدة المتبادلة. وعلى النقابات المحلية التواصل مع النقابات الأخرى من خلال بورصة العمل (تبادل العمالة) و التي سوف تدير نقل السلع والخدمات بين التعاونيات والنقابات.
تستخدم النقابية أيضا للإشارة إلى تكتيك تحقيق هذا الترتيب الاجتماعي، وعادة ما طرحته الأناركية النقابية والديليونية والمجالسيون واللوكسمبرجيون، وهو أنْ يتم التغيير الثوري وهزيمة الرأسمالية والدولة بواسطة إضرابٍ عماليٍّ عام هدفه استيلاء العمال على وسائل الإنتاج، وتنظيمهم في اتحاد النقابات، مثل التعاهدية الوطنية للشغل. ولكن طبعا فإنَّ هذا التكتيك لم يتحقق عمليا، ولم يلقَ استجابة على سهولته وبساطته، بسبب طغيان القسم الإصلاحي للنقابية طوال تاريخها وسيطرة المفاهيم الإصلاحية والدولتية في أوساط الطبقة العاملة، على  قسمها الثوري الذي تمثله التعاهدية العامة للعمل (CGT) في فرنسا، IWW، وقسم الاتحاد الإيبيري اللاسلطوي والتعاهدية الوطنية للشغل، والاتحاد النقابي الإيطالي والمنظمة المركزية للعمال السويد (SAC).
الغاندية:
الغاندية هيَ مجموعة من المبادئ والمعتقدات الملهمة بفلسفة المهاتما غاندي، الذي كان قائدا سياسيا وروحيا كبيرا في الهند وحركة الاستقلال الهندية. ومن مجموعة من الأفكار والمبادئ التي تصف الإلهام والرؤية والعمل في حياة غاندي. وترتبط بشكل خاص مع إسهاماته الفكرية، وممارسة المقاومة اللاعنفية، و التى أحيانا تسمى أيضا المقاومة المدنية.
المبادئ الاجتماعية والاقتصادية التي طرحها المهاتما غاندي. تتميز إلى حد كبير بتقارب مع مبادئ وأهداف الاشتراكية الإنسانية غير العنيفة، ولكن مع رفض الحرب الطبقية والعنف، وتعزيز الوئام الاجتماعي والاقتصادي. وتهدف الأفكار الاقتصادية لغاندي أيضا لتعزيز التنمية والانسجام الروحي مع رفض المادية.
صاغ جي سي كيماراببا مصطلح “الاقتصاد الغاندي”، وهو مؤيد مقرب من غاندي. الذي وضح أهمية الاقتصاد كوسيلة لتحقيق هدف التنمية، ويعني ذلك إنه يجب أنْ تكون هذه الوسائل غير عنيفة وأخلاقية وصادقة في كل المجالات الاقتصادية. ومن أجل تحقيق هذا فانه دعا للمصداقية، واللامركزية للأنشطة الاقتصادية، والتكنولوجيا كثيفة العمالة، والأولوية للقطاعات الأضعف، وكان غاندي أيضا متواصلا مع الأناركي المسيحي ليو تولستوي ويرى نفسه تلميذه.
تحدى غاندي رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو، والتحديثين الهنود حول مستقبل الهند في أواخر ثلاثينيات القرن 20 والذين دعوا إلى التصنيع السريع على طراز النموذج السوفياتي. الذي قال غاندي بأنه يمس بكرامة وحرية الإنسان، ويتعارض مع احتياجات القرى حيث تعيش الغالبية العظمى من الناس.
بعد وفاة غاندي، قاد نهرو الهند إلى التخطيط على نطاق واسع الذي أكد على التحديث والصناعات الثقيلة، في حين حدث الزراعة من خلال تطوير الري. ويقول المؤرخ كوروفيلا بانديكاتو:“كانت رؤية نهرو، وليس غاندي، هيَ ما فضلتها في نهاية المطاف الدولة الهندية”. وكان  غاندي يصف نفسه أناركيا، ولذلك كانت رؤيته للهند ما بعد الاستقلال  تعني أن تكون الهند شبكة هائلة أفقية من القرى المستقلة ذاتيا والمترابطة اتحاديا وتنسيقيا، دون حكومة. وقال ذات مرة إنَّ“الدولة غير العنيفة بشكل مثالي سوف تكون نظام بلا سلطة”. في حين أنَّ النظم السياسية الهرمية إلى حد كبير، مع كل طبقة من السلطة، من الفرد إلى الحكومة المركزية لديهم مستويات متزايدة من السلطة على الطبقات أدناهم، واعتقد غاندي أنَّ المجتمع يجب أنْ يكون عكس ذلك تماما، حيث لا يتم عمل شيء دون موافقة من أيِّ شخص، وصولا إلى الفرد. وكانت فكرته أنَّ حقيقية الحكم الذاتي في بلد يعني أنَّ كل شخص يحكم نفسه، وأنه لا توجد دولة تفرض القوانين على الناس.
شارك نشطاء غانديون مثل فينوبا بهافا وجايابراكاش نارايان في حركة سارفودايا، التي تسعى إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وسط سكان المناطق الريفية في الهند من خلال تشجيع إعادة توزيع الأراضي، والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز الصناعات المنزلية، وسعت الحركة لمكافحة مشاكل الصراع الطبقي، والبطالة والفقر أثناء محاولة الحفاظ على نمط حياة وقيم الهنود في المناطق الريفية، التي تتآكل مع التصنيع والتحديث. والتشجيع على إهداء الأراضي والموارد الزراعية من قبل طبقة الملاك (وتسمى زاميندارس) إلى المزارعين المستأجرين في محاولة لوضع حد للنظام من القرون الوسطى المسمى زامينداري.
“الغزو بالعنف: مقال عن الحرب والثورة” هو الكتاب الذي كتبه الهولندي الأناركي داعي السلام بارت دي ليجت، والذي درس فيه المقاومة غير العنيفة مستوحيا جزئيا أفكار غاندي، والمؤرخ الأناركي جورج وودكوك قرر بأن غزو العنف “كان يقرأ على نطاق واسع من قبل دعاة السلام البريطانيين والأمريكييين خلال ثلاثينيات القرن 20، ودفع الكثيرين منهم إلى تبنى وجهة النظر الأناركية”.
اليسار الجديد:
هربرت ماركيوز، والذي يرتبط بمفكري النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت، كان الفيلسوف الاشتراكي التحرري الأكثر تأثيرا في اليسار الجديد. وقد أدى ظهور اليسار الجديد في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين لاحياء الاهتمام بالاشتراكية التحررية. وكان نقد اليسار الجديد مرتبطا بنقد استبداد اليسار القديم مع دفاع قوي عن الحرية الشخصية، والاستقلال الذاتي، وأدى إلى إعادة اكتشاف التقاليد الاشتراكية القديمة، مثل الشيوعية اليسارية وشيوعية المجالس. وهذا نجم عن تجديد الأناركية من خمسينيات القرن العشرين إلى الأمام من خلال كتاب مثل بول غودمان والأناركية المسالمة والتي أصبحت مؤثرة في الحركة المناهضة للاسلحة النووية والحركات ضد الحرب والذي ضم كلا من تأثيرات الغاندية والأناركية المسيحية لتولستوي.
في استراليا ظهرت الثقافة الفرعية الفكرية اليسارية في الغالب في سيدني من أواخر الأربعينيات، واستمرت إلى السبعينيات من القرن 20، والتي أصبحت مرتبطة باسم “سيدني التحررية”. وأدى اليسار الجديد أيضا إلى إحياء الأناركية في ستينيات القرن 20 في الولايات المتحدة. المجلات مثل أمريكا الراديكالية والقناع الأسود في أمريكا، التضامن، والشعلة الكبيرة  والديمقراطية والطبيعة، والمجلة الدولية الديمقراطية الشاملة، في المملكة المتحدة، قدمت مجموعة من الأفكار اليسارية التحررية لجيل جديد. وظهرت البيئة الاجتماعية والاستقلالية الذاتية، وفي الآونة الأخيرة، اقتصاد المشاركة (الباريكون)، والديمقراطية الشاملة من هذا التقليد.
وشمل اليسار الجديد في الولايات المتحدة أيضا الأناركية وجماعات الثقافة المضادة المتطرفة والمرتبطة بالهيبيز، مثل اليبيز الذين كانوا بقيادة آبي هوفمان، والحفارين، وحزب الفهود البيض. وفي أواخر عام 1966، فتح الحفارون محلات  أعطت ببساطة بضائعها للناس مجانا بعيدا عن الأوراق المالية، وقدمت الغذاء مجانا للجوعى، ووزعت الأدوية المجانية للمرضى، ووهبت النقود، ونظمت الحفلات الموسيقية المجانية، ونفذوا الأعمال الفنية السياسية.
 أخذ الحفارون اسمهم من الأصل الإنجليزي الحفارون بقيادة جيرارد وينستانلي، وسعوا إلى إنشاء مجتمع مصغر خال من النقود والرأسمالية. ومن ناحية أخرى اليبيز وظفوا إيحاءات مسرحية، مثل دفع خنزير ( لبجاسوس الخالد) كمرشح للرئاسة في عام 1968، و التى يسخرون فيها من الوضع الراهن الاجتماعي. و قد تم وصفها على أنها مسرحية مكافحة للاستبدادية وأناركية للغاية لحركة الشباب “السياسة الرمزية”. ز نظرا لأنهم كانوا معروفين بمسرح الشارع الهزلي تحت عنوان سياسي، فإنَّ العديد من أنصار “المدرسة القديمة” لليسار السياسي إما تجاهلوهم أو شجبوهم.
الكوميونالية:
يرتبط علم البيئة الاجتماعية ارتباطا وثيقا بأعمال وأفكار موراي بوكتشن، ويتأثر بالأناركي بيتر كروبوتكين. ويؤكد علماء البيئة الاجتماعية أنَّ الأزمة البيئية الحالية لها جذورها في المشاكل الاجتماعية والإنسانية، وأن هيمنة الإنسان المفرطة على الطبيعة تنبع من الهيمنة البشرية المفرطة على الإنسان.
طور بوكتشن في وقت لاحق فلسفة سياسية لتكمل البيئة الاجتماعية تسمى (الكوميونالية). في حين يعتبر أصلا شكلا من أشكال الأناركية الاجتماعية، ثم طور في وقت لاحق الكوميونالية في عقيدة منفصلة، تدمج ما اعتبره أهم العناصر المفيدة للأناركية، والماركسية، والنقابية، والبيئة الجذرية.
سياسيا، يدعو الكوميوناليون لشبكة من مجالس المواطنين تمارس الديمقراطية المباشرة “في المجتمعات أو المدن المنظمة بطريقة تعاهدية”. ويطلق على الطريقة المستخدمة لتحقيق هذه “الكوميونات التحررية المستقلة ذاتيا”، ويشمل إنشاء المؤسسات الديمقراطية التي تنمو وتتوسع تدريجيا وتعاهديا بهدف الحلول محل الدولة القومية في النهاية. و على عكس الأناركيين، لا يعارض الكوميوناليون المشاركة في الانتخابات وممارسة السياسة خصوصا الترشيح والانتخاب للمجالس التشريعية المحلية طالما كان المرشحين اشتراكيين تحرريين، ومعادين للدولة في النهاية.
زاباتيستا:
جيش زاباتيستا للتحرر الوطني، غالبا ما يشار إليه باسم زاباتا هو جماعة يسارية ثورية مقرها في ولاية تشياباس، في جنوب المكسيك. منذ عام 1994، كانت المجموعة في حرب معلنة “ضد الدولة المكسيكية، “على الرغم من أنَّ هذه الحرب كانت غير عنيفة في المقام الأول ودفاعية ضد الجيش، حيث كانت القوات شبه العسكرية، وعمليات توغلها في ولاية تشياباس وقاعدتها الاجتماعية معظمها من سكان الريف الأصليين، ولكن لديهم بعض المؤيدين في المناطق الحضرية ودوليا. المتحدث الرئيسي باسمها هو نائب القائد ماركوس (المعروف حاليا أيضا باسم مندوب الصفر فيما يتعلق بـ“حملة أخرى”). على عكس المتحدثين باسم  زاباتا الآخرين، ماركوس ليس من قبائل المايا الأصليين. ومنذ ديسمبر عام 1994، قاد الزباتيون تشكيل عدة بلديات مستقلة ذاتيا تدريجيا، وتدعى كوميونات زاباتا الثائرة ذاتية الحكم (ماريز). في هذه الكوميونات، الجمعيات من الممثلين المحليين تشكل مجالس الحكومة المحلية. التي لم يتم الاعتراف بها من الحكومة الاتحادية أو الدولة. و تشرف علي برامج المجتمع المحلي لتوزيع الغذاء وتوفير خدمات الصحة والتعليم، فضلا عن جمع الضرائب. وقد تكونت التشكيلات السياسية على مرحلتين تسمى عموما أجواسكالينتس وكاراكولس.
تأخذ المجموعة اسمها من اسم اميليانو زاباتا، المصلح الزراعي  وقائد جيش تحرير الجنوب خلال الثورة المكسيكية، وتعتبر نفسها وريثته العقائدية. زاباتا في الأصل عضو في حركة حرب العصابات الثورية التي تأسست حوالي عام 1911. الذين قاتلوا خلال الثورة المكسيكية لإعادة توزيع الأراضي الزراعية.
في إشارة إلى شخصيات ملهمة، في ما يقرب من جميع القرى توجد جداريات محملة بصور زاباتا، وتشي جيفارا، وماركوس. وأيديولوجية حركة زاباتيستا، "الزاباتية"، تجمع بين ممارسات قبائل المايا التقليدية مع عناصر من الاشتراكية التحررية، والأناركية، والماركسية، والتأثير التاريخي للأناركيين المكسيكين والاشتراكيين في مختلف أنحاء الأمريكية اللاتينية واضح على الزاباتية. وشعار زاباتيستا ينسجم مع مفهوم المساعدة المتبادلة .“للجميع، كل شيء بالنسبة لنا، لا شيء”.
الكوميونية:
تشير الكوميونية أساسا للنظرية الشيوعية المعاصرة التي نجد فيها خليطا من الأناركية التمردية، والشيوعية اليسارية المتطرفة، وتأثيرات ما بعد الاستقلاليون، والتيارات المعادية للسياسة، وجماعات مثل اللجنة غير المرئية، فضلا عن تيارات “الكوميونية” الأكثر صراحة، مثل الكوميونات الثورية من الهوامش، “حيث أنَّ التحول إلى الشيوعية من الهامش الاجتماعي يوحى بالشيوعية كنشاط وعملية معينة دائمة ومستمرة وتدريجية يقوم بها الشيوعيون الآن من هامش المجتمع...“.
تداخل مصطلح الكميونية مع “اليسار المتطرف” التي تم تحديده الذاتي في فرنسا في سبعينيات القرن 20، حيث وصل الأمر إلى وصف ليس الانتقال إلى مرحلة اجتماعية أعلى هى الشيوعية ولكن رؤية الثورة الشيوعية نفسها، وهيَ تحدث عبر الكوميونات الشيوعية المستقلة التي يتبناها تكتيك ثورة كل يوم. وهكذا نشر عام 1975 كتيب “عالم بلا مال”الذي  نص  على: “التمرد وبناء الكوميونات المستقلة و التى ترتبط ارتباطا وثيقا، فلن يكون هناك لأول مرة فترة من التمرد، ومن ثم في وقت لاحق، نبني الشيوعية، وذلك بفضل هذا التمرد، ولكن سوف يحدث التحول للواقع الاجتماعي الجديد تدريجيا من قلب الواقع القديم، وتستمد العملية التمردية قوتها من (بناء الكوميونات) في حد ذاتها”. ولا يزال يستخدم  هذا المصطلح في هذا المعنى في فرنسا اليوم، وانتشر في استخدام اللغة الإنجليزية نتيجة لترجمة النصوص من جيل دافو الشيوعي الثوري، واثنين من الشخصيات الرئيسية في هذا الاتجاه. بالتعاون مع الشيوعيين اليساريين الآخرين الأيسر مثل فرانسوا مارتن وكارل نيسيتش، وقد حاول دافو دمج، ونقد، وتطوير مختلف التيارات الشيوعية اليسارية، وأبرزها الحركة الإيطالية المرتبطة بأماديو بورديجا (ومجلته هرطقة الثابتية)، وشيوعية المجالس الألمانية الهولندية، وجهات النظر الفرنسية المرتبطة اشتراكية أو بربرية والأممية الوضعية.
في أواخر تسعينيات من القرن 20 تم تطوير وعيٍ  متطابقٍ قريبا من “الشيوعية” من قبل مجموعة ما بعد المواقفية  الفرنسية. وتمشيا مع أسلافهم فائقي اليسار، ظهر ميل طوقان لفترة و كان يبدو أنَّه يركز على الشيوعية باعتبارها عملية فورية يمكن أنْ تحدث الآن، وليس هدفا بعيد المنال يتم انتظاره، ووفقا لطوقان لم يعد مرادف “الثورة” يعتبر بمثابة حدث تاريخي، وإنما يصبح التعرف عليها في جميع أنواع الأنشطة  من احتلال الأماكن، وإقامة الكوميونات لمجرد “المشاركة” - التي من شأنها عادة أنْ تفهم على أنها “ما قبل الثورة”.
من وجهة نظر يسارية متطرفة؛ مثل هذه السياسة،أيْ“الإسقاط التدريجي للرأسمالية والدولة”، بإنشاء مساحات وممارسات تقام مستقلة جزئيا عن الرأسمالية، أو كما تقول طوقان: ذلك“الانشقاق” عن المجتمع، والذي عادة ما يتم عزله اجتماعيا وقتله خنقا، إما ساذجٌ أو رجعيٌّ.
اقتصاد المشاركة أو الباركيون:
اقتصاد المشاركة، غالبا ما يختصر بـ”الباريكون”، هو النظام الاقتصادي المقترح من قبل الناشط والمنظر السياسي مايكل ألبرت، والاقتصادي الجذري روبن هانيل. و كتاب مايكل ألبرت: “اقتصاد المشاركة والمجتمع التشاركي”،وهو مترجم للعربية، يوفر رؤية ثورية أناركية تستحق وقابلة للحياة، وحتى لازمة ويحتمل أنْ تكون كافية. ويستخدم صنع القرار التشاركي كآلية اقتصادية لتوجيه الإنتاج والاستهلاك وتخصيص الموارد في مجتمع معين. اقترحت كبديل لاقتصاديات السوق الرأسمالية المعاصرة، وأيضا بديلا للاشتراكية المخططة مركزيا، ووصفه المؤلف  بأنه “رؤية الأناركية الاقتصادية”، ويمكن اعتباره شكلا من أشكال الاشتراكية، حيث وسائل الإنتاج مملوكة للعمال.
إنَّ القيم الأساسية التي يسعى الباريكون لتنفيذها مثل المساواة، والتضامن، والتنوع، والإدارة الذاتية في العمل والكفاءة (الكفاءة هنا تعني تحقيق أهداف دون إضاعة الأصول القيمة). ويقترح لتحقيق هذه الأهداف الأساسية المبادئ والمؤسسات التالية:
مجالس العمال والمستهلكين،وتستخدم أساليب الإدارة الذاتية لاتخاذ القرارات، والمجمعات الوظيفية المتوازنة، والأجور وفقا للجهد والتضحية، والتخطيط التشاركي.
ألبرت وهانيل يؤكدان على أنَّ الباريكون هو المقصود فقط لمعالجة النظرية الاقتصادية البديلة، ويجب أنْ يكون مصحوبا برؤى بديلة بنفس القدر من الأهمية في مجالات السياسة والثقافة والقرابة. وقد ناقش الكتاب أيضا عناصر أناركية في مجال السياسة، والتعددية الثقافية في مجال الثقافة، والحركة النسوية في مجال العلاقات الأسرية وبين الجنسين باعتبارها الأسس الممكنة لرؤى بديلة في المستقبل، و في هذه المجالات الأخرى في المجتمع. بدأ ستيفن شالوم العمل على رؤية سياسية تشاركية يسميها “السياسة التشاركية”.
في اقتصاد المشاركة، بدلا من الملكية الخاصة لرأس المال، فإن كل شخص يملك بالتساوي وسائل الإنتاج. ويقسم رأس المال فيما بين الجماهير بأكملها فقط، ولذلك فالملكية متساوية ولا تنتج أيَّ اختلافات في الدخل أو الحالة أو القوة و إلى أيِّ مدى تتحسن أحوال كل شخص، وكم لديه من الدخل، و من القدرة على التأثير في القرارات، تلك أمور تقررها، بدلا (الرأسمال)، طريقة التوزيع - والطريقة المعالج بها مسألة التوزيع في اقتصاد المشاركة مختلفة جدا عن نظام السوق الذي نألفه في مجتمعنا- وبتنظيم مختلف لأماكن العمل.
بالنسبة إلى التقسيم التشاركي، يطور الناس سيناريو أو جدول أعمالٍ لما يجب فعله. وكل شخص هو مشارك في تلك العملية. نقرر كلنا (نحن) ما الذي نريد أنْ نفعله أو نستهلكه، إما بشكل فردي أو مع مجموعة العمل الخاصة بنا، والجميع يقترح وجهة نظره. والتشابك الخاص بهذه الاقتراحات مكرر، ذهابا وإيابا، في عدد من دورات من الأخذ والعطاء، حتى يكون هناك جدول أعمال شامل واقع عليه الاختيار. كل واحد يشارك في هذا الأخذ والعطاء بقدر تأثرهم بالقرارات قيد البحث، ولذلك فالنظام تشاركي ويدار ذاتيا.
وبطريقة مماثلة، فإنَّ الطريقة التي ينظم بها مكان العمل في اقتصاد المشاركة هي أيضا على نقيض ما نألفه في ظل الرأسمالية. ففي ظل الرأسمالية، أنت تأخذ كل المهام في مكان العمل وتوحدها في وظائف؛ حيث كل عامل عليه واجبات عديدة خاصة بنوع واحد من المهام. شخص يقوم بمجموعة متنوعة من مهام الحراسة فيكون حارسا. شخص ما آخر يرد على التليفون ويقوم ببعض مهام السكرتارية الأخرى فيكون سكرتيرا. شخص ما آخر يدير العمل فيكون مديرا. شخص آخر يحدد السياسة المالية، عائد المشاريع..إلخ، فيكون CEO (المدير التنفيذي الأول). كل وظيفة تحتل مكانا في مخطط هرمي.
في اقتصاد المشاركة، على العكس، نحن نجمع مهاما في وظائف بحيث يكون لكل شخص نصيب عادل من أنواع مختلفة من المهام. وهذه العملية تشبه أخذ عناصر من قائمة طعام صينية لعمل وجبة. بينما الطريقة الرأسمالية هي أنْ تأخذ عنصرا واحدا فقط وتسميه وجبة. والأخيرة يحدث فيها أنْ يحصل البعض على وجبات جيدة، والبعض الآخر يحصل على أخرى سيئة. والطريقة التشاركية هي أنْ تأخذ حصص متوازنة من تشكيلة من أشياء مكملة كوجبة. كل شخص يحصل على وجبة عادلة ومتشابهة.
في مكان العمل، الشيء الذي تجده هو وظيفة، والأشياء التي تأخذها من قائمة الطعام هي مهام. في الرأسمالية، كل عامل يحصل على واحدة أو على أبعد تقدير أنواع قليلة متشابهة جدا من المهام في مستوى واحد من السلطة والمهارة، وسلطة التفويض. في النسخة المعدلة التشاركية، أنت بدلا من ذلك تضم نخبة متنوعة من المهام في وظائف لكيْ يحصل كل شخص على نصيب عادل من المهام المعززة أكثر والشاقة أكثر. وعمل ذلك أمر جوهري؛ أولا لأنه منصف.،فليس هناك سبب أكثر يفسر لماذا ينبغي لبعض الناس أنْ تخاطر وآخرين لا؟، ولماذا بعض الناس ينبغي أنْ يصدروا الأوامر وآخرون فقط يؤمروا؟، وأكثر من ذلك، لماذا ينبغي أنْ يكون بعض الناس أغنياء وآخرون فقراء؟ ومن الجوهري أيضا أنْ نوازن ظروف مكان العمل لأنه بتحقيق ذلك يستطيع الناس أنْ يشاركوا في صنع القرار. فبدلا من أنَّ البعض منا يصبح مغيبا ويظل جاهلا نسبيا بما نعمله، بينما الآخرون يصقلون مهارات اتخاذ القرار بشكل مستمر، ويحتكرون المعلومات المتعلقة بالعمل، كما في أوضاع الهياكل التنظيمية الهرمية، فإنه مع المشاركة والوظائف المتوازنة، نحن جميعا نطور إمكانياتنا لنشارك باستعداد ومهارة.
والفرق بين الرأسمالية واقتصاد المشاركة هو الفرق بين ذلك النوع من الاقتصاد الذي ينفق مبالغ هائلة في بناء صواريخ ترقد على الأرض ولكنه ينفق القليل على جودة الرعاية الصحية للجميع، وبين النوع الذي يفعل العكس. إنَّه الفرق بين ذلك النوع من الاقتصاد الذي يستخدم المدارس ليعلم أغلبية الناس كيف يتحملون السأم حتى يستعدوا للعمل صاغرين لأناس آخرين حصلوا على تعليم ممتاز، وبين ذلك النوع من الاقتصاد الذي يؤكد تطوير مهارات ومواهب كل الناس بحيث يكون كل شخص معدا لأن يشارك ويسهم بطريقة متوازنة. إنَّه الفرق ما بين قيام الصفوة بصنع كل القرارات، وبين أنْ يقوم كل فرد بلعب دور عادل ومتناسب، بين عدد قليل من الناس يملكون قوة وثروة هائلة بينما الأغلبية يدبرون أمرهم بالكاد، أو ما هو أسوأ من ذلك، وكل يملك نصيبا عادلا.
الديمقراطية الشاملة:
وفقا لمشروع الديمقراطية الشاملة، الديمقراطية الاقتصادية هي سلطة الشعب (المجتمع) في المجال الاقتصادي، والتي تتطلب التوزيع المتساوي للقوة الاقتصادية. كما هو الحال مع قضية الديمقراطية المباشرة والديمقراطية الاقتصادية اليوم هيَ ممكنة فقط في مستوى تعاهدية الشعب. إنها تنطوي على الملكية والسيطرة على وسائل الإنتاج من الشعب. وهذا يختلف جذريا عن اثنين من أهم أشكال تركيز السلطة الاقتصادية: الرأسمالي واقتصاد النمو “الاشتراكي”. وهو يختلف أيضا من أنواع مختلفة من الرأسمالية الجماعية، مثل الرقابة العمالية والإصدارات أكثر اعتدالا المقترحة من الديمقراطيون الاجتماعيون ما بعد الكينزية، وبالتالي الشعب  يصبح وحدة حقيقية في الحياة الاقتصادية.
السمة الرئيسية للنموذج المقترح الذي يميزه أيضا عن نماذج التخطيط الاشتراكي مثل الباريكون، هو أنَّه يفترض صراحة عدم وجود الدولة، والمال، والسوق، ويحول دون تراكم للثروة الخاصة، وإضفاء الطابع المؤسسي على الامتيازات لبعض أقسام المجتمع، دون الاعتماد على وهم وفرة ما بعد الندرة الأسطورية، أو التضحية بحرية الاختيار. ويهدف النظام المقترح إلى تلبية هدف مزدوج من:
(أ) توفير الاحتياجات الأساسية لجميع المواطنين، الأمر الذي يتطلب أنَّ القرارات الأساسية للاقتصاد الكلي يجب أنْ تتم بشكل ديمقراطي.
 (ب) تأمين حرية الاختيار، وهو ما يتطلب من الفرد  اتخاذ القرارات الهامة التي تؤثر في حياته / حياتها (ما العمل الذي عليه القيام به، وماذا يستهلك وما إلى ذلك).
لذلك يتكون النظام من عنصرين أساسيين:(1) التخطيط الديمقراطي، الذي ينطوي على عملية التغذية الراجعة بين جمعيات أماكن العمل، والمجالس الشعبية والتجمع التعاهدي، و(2) سوق اصطناعي باستخدام قسائم شخصية، والتي تضمن حرية الاختيار ولكن تتجنب الآثار السلبية للأسواق حقيقية. على الرغم من أنَّ البعض يطلق على هذا النظام “شكلا من أشكال المال على أساس نظرية القيمة في العمل”، ولكن من يقترحون النظام يقولون إنها ليست نموذجا المال حيث القسائم الشخصية لا يمكن أنْ تستخدم كوسيلة عامة للتبادل ومخزن للثروة.
ميزة أخرى  للديمقراطية الشاملة هي تمييزها بين الاحتياجات الأساسية والاحتياجات غير الأساسية. الأجور سوف تكون وفقا للحاجة لتلبية الاحتياجات الأساسية، متفقين في ذلك مع الشيوعيين، ووفقا للجهد لتلبية الاحتياجات غير الأساسية متفقين في هذا مع الجمعيين. ويستند هذا  المبدأ على أنَّ تلبية الاحتياجات الأساسية هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو حق مكفول للجميع الذين هم في حالة بدنية لتقديم الحد الأدنى من العمل. على النقيض من ذلك، الباريكون لا يضمن الحاجات الأساسية إلَّا بالقدر الذي يميز السلع العامة، أو تغطيها بالرحمة والإحسان، وكفالة دخل أساسي للعاطلين عن العمل، وأولئك الذين لا يستطيعون العمل.
الرقابة العمالية:
الرقابة العمالية هي مصطلح يعني المشاركة في إدارة المصانع والشركات التجارية الأخرى من قبل الناس الذين يعملون فيها. وقد دعا لذلك بأشكال مختلفة الأناركيون والاشتراكيون والشيوعيون والاشتراكيون الديمقراطيون والديموقراطيون الاشتراكيون والديمقراطيون المسيحيون، وتم جنبا إلى جنب في العديد من أنظمة الاقتصاد اشتراكية أو رأسمالية الدولة، وما يسمى بالاقتصاد المختلط الاشتراكي الديموقراطي. وكانت مجالس العمال شكلا من أشكال الرقابة العمالية ينشأ عفويا لإدارة المنشئات في لحظات الاضطراب السياسي، والانتفاضات الثورية والأزمات الاقتصادية.
يتبنى تيار تبادل المنافع والمصالح لبرودون خلق “الديمقراطية الصناعية”، وهو نظام حيث أماكن العمل فيه سوف يتم تسليمها “لجمعيات العمال المنظمين ديمقراطيا”. حيث دعا برودون “العمال لتنظيم أنفسهم في جماعات ديمقراطية، مع ظروف متساوية لجميع الأعضاء، تحت طائلة العودة إلى الاتحادية”،“وهذا من شأنه أنْ يؤدي إلى توقف الاستغلال الرأسمالي والملكية، في كل مكان، وإلغاء نظام الأجور، أيْ ما يعادل ضمان تبادل عادل ومتساوٍ”.
إنَّ العمال لن يعودوا لبيع قوة عملهم إلى رأسمالي أو إلى دولة، ولكن سوف يعملون لأنفسهم في التعاونيات، وقد دعا شيوعيو المجالس، للرقابة العمالية من خلال مجالس العمال ولجان المصنع. ودعت النقابية للرقابة العمالية من خلال النقابات العمالية. ودعت الاشتراكية النقابية للرقابة العمالية من خلال إحياء نظام النقابة. ويمثل الاقتصاد التشاركي تنوعا حديثاعلى فكرة الرقابة العمالية.
يمكن أنْ تتناقض الرقابة العمالية مع السيطرة على الاقتصاد عبر الدولة، مثل التأميم والتخطيط المركزي مثل اشتراكية الدولة، ومع السيطرة الخاصة على وسائل الإنتاج كما في الرأسمالية.
 التعاونية العمالية:
 هي تعاونية يملكها ويديرها ملاكها من العمال ديمقراطيا. ويمكن أنْ تمارس هذه الديمقراطية بعدد من الطرق. والمؤسسة التعاونية تعني شركة حيث يشارك كل عامل مالك في صنع القرار بطريقة ديمقراطية، أو أنها قد تشير إلى أنَّ المديرين والإدارة يتم انتخابهم من قبل كل العمال في ملكيتهم، وأخيرا فإنه يمكن الرجوع إلى الحالة التي يعامل فيها المديرون، مثل عمال الشركة.
في الأشكال التقليدية للتعاونية العمالية، فإنَّ جميع الأسهم تكون مملوكة للعمال في التعاونية، أيْ أنهم شركاء عمالا ومنظمين، مع عدم وجود ملاك للتعاونية من خارجهم أو ملاك مستهلكين لما ينتجوه، وكل عضو في التعاونية لديه الحق في التصويت على كل القرارات  بصوت واحد مهما بلغت نسبة مشاركته. في الممارسة العملية، تؤخذ القرارات من قبل العمال بالأغلبية أو بالتوافق بين الأعضاء، أو احتفاظ بحقوق التصويت بصورة فردية، أو جماعية أو أغلبية (تمارس على أساس عضو واحد صوت واحد)..ومع ذلك، فإنَّ الأناركية الشيوعية تنتقد ملكية العمال لوسائل كبيرة من الإنتاج للأسباب التالية: “أنَّ التعاونية البديلة سوف تعيد خصخصة الاقتصاد في شكل التعاونيات المدارة ذاتيا”،وتفتح الطريق أمام الانحطاط بها إلى الأشكال التقليدية من ملكية القطاع الخاص سواء مملوكة بشكل “جماعي” أو لا.
تسيس الأناركية الشيوعية الاقتصاد حتى يذوب في المجال المدني. بحيث لا المصنع أو الأرض تبدو وكأنها مصالح منفصلة في إطار الكوميونة الجماعية، ولا يستطيع العمال والمزارعون والفنيون والمهندسيون والمهنيون، تكريس هوياتهم المهنية على نحو مصالح منفصلة عن مصالح هيئة المواطنين وفي مواجهتها  في مجلس الكوميونة. ومن ثم ترى دمج “الملكية التعاونية” في الكوميونة كمكون جوهري في إطارها المؤسسي التحرري، باعتبار التعاونيات في الواقع جزءا من كل أكبر حيث يتم التحكم فيها من قبل هيئة المواطنين في التجمع كمواطنين لا  كجماعات مصالح مهنية مختلفة قد تتحالف أو تتصارع على حساب المواطنين”.
الكوميونية والاتحادية والديمقراطية الاقتصادية:
تنتقد الأناركية الشيوعية الدعوة البسيطة لملكية العمال لأماكن العمل وإدارتهم لها مثل التعاونيات. وقد وضح موراي بوكتشن الأمر بهذه الطريقة:(ما المثل الأعلى النقابي لـ”الجماعيات أو التعاونيات” أو المؤسسات المدارة ذاتيا المنسقة مهنيا على المستوى الوطني والمنسقة جغرافيا على المستوى المحلي عبر “التعاونيات” ؟...وهنا تبرز الانتقادات التقليدية لهذا النموذج النقابي للإدارة الاقتصادية، أو الشركات “التي يسيطر عليها العمال”، هذه  التقنية في الإدارة الصناعية اكتسبت رواجا كثيرا اليوم وتسمى بـ“ديمقراطية مكان العمل” و”ملكية الموظفين”، لا تشكل أيَّ تهديد مهم للملكية الخاصة والرأسمالية...وعلى أيِّ حال، “الديمقراطية الاقتصادية” لا تعني ببساطة“الديمقراطية في مكان العمل”و”ملكية الموظفين”. حيث يود العديد من العمال، في الواقع، الابتعاد عن مصانعهم إذا استطاعوا، وأن يعثروا على أنواع من الحرف والمهن الحرة أكثر إبداعا من العمل بدلا من العمل في ظل نفس نظام المصنع كعمال، وليس مجرد “المشاركة” في “تخطيط” البؤس الخاص بهم، فنظام العمل المصنعي وسلطوية خط الإنتاج أكثر قمعية من نظام السجون. فما تعنيه “الديمقراطية الاقتصادية” في معانيها الأعمق هو الوصول الحر “الديمقراطي” لوسائل الحياة، ونظيرها من الديمقراطية السياسية، وهذا هو، ضمان التحرر من العوز المادي).
إنها خدعة البرجوازية القذرة، التي يشارك فيها العديد من الجذريين دون أنْ يدروا، حيث يفسرون أنَّ“الديمقراطية الاقتصادية” عادة بإنها “ملكية الموظفين”و”الديمقراطية في مكان العمل”، وأصبحت تعني “مشاركة” العمال في تقاسم الأرباح والإدارة الصناعية بدلا من التحرر من طغيان نظام المصنع نفسه، وترشيد العمل، و”الإنتاج المخطط”، باعتباره الديمقراطية الاقتصادية، التي عادة ما تكون قمعية واستغلالية للمواطنين بالتواطؤ مع العمال.
في حين أنَّ البديل النقابي،أيْ إعادة خصخصة الاقتصاد إلى شكل التعاونيات “المدارة ذاتيا” يفتح الطريق أمام انحطاطها إلى الأشكال التقليدية من الملكية الخاصة سواء المملوكة جماعيا أو لا. ومن هنا  يرى الشيوعيون الأناركيون أنَّه لا يجب للمصنع أو المزرعة أنْ يظهرا كمصالح منفصلة في إطار التعاونية المشاعية، ولا يستطيع العمال والمزارعون والفنيون والمهندسون والمهنيون، وما شابه ذلك تكريس هوياتهم المهنية على نحو مصالح منفصلة موجودة كجماعات مصالح مهنية المنحى، وليسوا كمواطنين موجودين بصرف النظر عن هيئة المواطنين وفي مواجهتهم، ومن ثم ففي الكوميونة لابد وأن تدمج “الملكية”في الكوميونة كمكون جوهري من الإطار المؤسسي التحرري لها، بل باعتبارها جزءا من كل أكبر يتم التحكم فيه من قبل هيئة المواطنين في الكوميونة.
اتحادات الكوميونات  دعوة داخل الأناركية لشكل تعاهدي من علاقات التعاون المتبادل، وحرية تكوين الجمعيات بين الكومونات كبديل لمركزية الدولة القومية.
الديمقراطية الاقتصادية، على النحو الذي اقترحه تاكيس فوتوبولوس وموراي بوكتشن، هي فلسفة اجتماعية واقتصادية تقترح تحويل سلطة صنع القرار من المساهمين في الشركات لمجموعة أكبر من أصحاب المصلحة العامة التي تشمل العاملين والعملاء والموردين والجيران والجمهور الأوسع. ولا يوجد تعريف واحد أو نهج يشمل الديمقراطية الاقتصادية، ولكن معظم أنصارها يدعون أنَّ علاقات الملكية الحديثة تستخرج التكاليف، وتخضع الرفاه العام إلى الربح الخاص، وينكر النظام السياسي الديمقراطي التصويت في القرارات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية. وبالإضافة إلى هذا الاهتمامات الأخلاقية، والديمقراطية الاقتصادية تجعل المطالبات عملية، مثل أنَّه يمكن أنْ تعوض متطلبات رأسالمال المتأصلة بسد فجوة الطلب الفعال.
ويرى المؤيدون للديمقراطية الاقتصادية عموما أنَّ الرأسمالية الحديثة تميل إلى عرقلة أو منع المجتمع من كسب ما يكفي من الدخل لشراء إنتاجها. و الشركات المحتكرة للموارد المشتركة عادة ما تخلق ندرة مصطنعة، مما يؤدى إلى الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية التي تحد من قدرة العمال للوصول إلى الفرص الاقتصادية، وتقلل من القوة الشرائية للمستهلك. وقد اقترحت  الديمقراطية الاقتصادية كعنصر من عناصر الأيديولوجيات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، كما نظرية وحدها بذاتها، وعن مجموعة متنوعة من برامج الإصلاح. على سبيل المثال، كوسيلة لتأمين الحقوق الاقتصادية الكاملة، وتفتح الطريق إلى الحقوق السياسية الكاملة، على النحو المحدد بما في السابق. ونتيجة لأجندة الإصلاح، ودعم النظريات والأمثلة في العالم الحقيقي تتراوح بين اللامركزية، والتعاونيات الديمقراطية، والتجارة النزيهة، والإنتاج الإقليمي للأغذية والعملة.
ميول لا يسهل تصنيفها:
الاتجاهات التي لا يمكن تصنيفها بسهولة. داخل الحركة العمالية والسياسة البرلمانية
شارك بيير جوزيف برودون في انتخابات الجمعية التأسيسية الفرنسية في أبريل 1848، ولكن لم ينتخب، على الرغم من أنَّ اسمه ظهر على بطاقات الاقتراع في باريس، ليون، بيزانسون، وليل، وكان ناجحا، في الانتخابات التكميلية4 يونيو.
أصبح السياسي الكتلوني فرانسيسك بي ط مارجال المترجم الرئيسي لأعمال برودون إلى الإسبانية،  وفي وقت لاحق لفترة وجيزة رئيس إسبانيا في عام 1873 في حين كان زعيم الحزب الاتحادي الجمهوري الديمقراطي.
كتب الأناركي النقابي رودولف روكر البارز: “إنَّ الحركة الأولى من العمال الإسبان تأثرت بشدة بأفكار بي ماجرال زعيم الاتحاديين الإسبان، وتلميذ برودون، وكان واحدا من المنظرين الرائعين في وقته، وكان له تأثير قوي على تطوير الأفكار التحررية في إسبانيا، وأفكاره السياسية كان لها الكثير من القواسم المشتركة مع تلك التي لريتشارد برايس، و جوزيف بريستلي وتوماس باين، وجيفرسون، وغيرهم من ممثلي الليبرالية الأنجلو أمريكية من الفترة الأولى، وكان يريد الحد من السلطات المركزية للدولة الإسبانية إلى أدنى حد ممكن وتدريجيا حتى الاستعاضة عنها بالنظام الاقتصادي الاشتراكي”. فقد  كان بي ط ماجرال منظرا متخصصا يناضل من حق بلده كتالونيا في الحكم الذاتي، وخاصة من خلال كتاباته مثل: “رد الفعل والثورة” من 1855، “القوميات” من 1877)، و”الفيدرالية” من عام 1880.
من ناحية أخرى فرمن سالفوشيا وكان عمدة لمدينة قادس ورئيس إقليم قادس..كان واحدا من الدعاة الرئيسيين للفكر الأناركي في هذا المجال في أواخر القرن الـ19 ويعتبر “ربما أكثر شخصية محبوبة في الحركة الأناركية الإسبانية في القرن الـ19”. أيديولوجيا، كان  متأثرا برادلوج، وأوين وباين، الذي كان قد درسهم خلال فترة إقامته في إنجلترا، وكروبوتكين، الذي قرأه في وقت لاحق. في إسبانيا كان لديه إتصال مع المفكرين الأناركيين وأعضاء التحالف الباكونيني، بما في ذلك انسيلمو لورينزو وفرانسيسكو مورا.
 وعندما هزمت القوات الجمهورية في الحرب الأهلية الإسبانية، سقطت مدينة مدريد في يد قوات فرانكو في عام 1939 وكان آخر عمدة للمدينة قبل دخول فرانكو إليها الأناركي ميلكور رودريغيز غارسيا.
كان هناك تيار قوي من اليسار الليبرالي داخل الحركة العمالية البريطانية، وتم استخدام مصطلح الاشتراكية التحررية من عدد من الاشتراكيين الديمقراطيين، بما في ذلك بعض الأعضاء البارزين في حزب العمال البريطاني. وإنشاء الرابطة الاشتراكية في عام 1885 من قبل ويليام موريس وغيرهم الذي انتقد الاشتراكية السلطوية للاتحاد الاشتراكي الديمقراطي. وشارك في االنقابة الجديدة، الوحدة العمالية المتشددة من ثمانينيات إلى تسعينيات القرن التاسع عشر، والتي تبنت النقابية في بعض الطرق الرئيسية، حيث سيطر الأناركيون على الرابطة الاشتراكية إلى تسعينيات القرن 19.
حزب العمال المستقل، الذي شكل في ذلك الوقت، وأكد أكثر على التقاليد غير الممثلة في الطبقة العاملة البريطانية من التركيز على النظرية الماركسية، وكان من سلالة الاشتراكية التحررية. الآخرين في التقليد، وصفوا أنفسهم بأنهم اشتراكيين تحرريين مثل مايكل فوت والأهم من ذلك، جي. د ي كول. وقد كتب وزير حزب العمال بيتر هين في دعم الاشتراكية التحررية، تنطوي على“رؤية لاشتراكية من أسفل إلى أعلى، مع الأناركيين في نهايتها الثورية والاشتراكيين الديمقراطيين [مثل نفسه] في نهايتها الإصلاحية”، خلافا لمحور اشتراكية الدولة مع الماركسيين-اللينينيين في نهايتها الثورية والاشتراكيين الديمقراطيين في نهايتها الإصلاحية. التيار الرئيسي الحديث الآخر السائد للسياسي العمالي  الذي تم وصفه بأنه اشتراكي تحرري هو روبن كوك. المعروف في هذا الطريق، الاشتراكية التحررية في التيار السياسي المعاصر تكون متميزة عن الديمقراطية الاجتماعية الحديثة والاشتراكية الديمقراطية أساسا بنزعتها اللامركزية السياسية بدلا من اقتصادها. الحزب الاشتراكي الولايات المتحدة الأمريكية يتضمن تيارا اشتراكيا تحرريا قويا.

كاتيا كيبلنج وجوليا بونك في ألمانيا، فيمكا هالسيما  في هولندا وأفوق أوراس وحزب الحرية والتضامن في تركيا، هي أمثلة على السياسيين الاشتراكيين الليبراليين المعاصرين والأحزاب العاملة داخل الحكومة السائدة. في شيلي المنظمة الاستقلالية اليسارية المستقلة (اليسار الاستقلالي) في الانتخابات العامة التشيلية، 2013 اكتسبت مقعدا في البرلمان التشيلي من خلال غابرييل البوريك، الزعيم السابق لاحتجاجات طلابية في تشيلي. 

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية