الخميس، 19 مايو 2011

جذور الأزمة الرأسمالية الأخيرة

جذور الأزمة الرأسمالية الأخيرة

سامح سعيد عبود

لم ير العالم أزمة اقتصادية عالمية تكاد تودى بالاقتصاد العالمى بمثل هذه الحدة، وهذا العمق، منذ ﻧﻬاية الحرب العالمية الأولى، أى منذ عام ١٩١٨، وكما فى أزمة الثلاثينات من القرن العشرين ابتدأت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم أمتدت إلى دول العالم التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008 إلى 19 بنكاً، كما تم توقع المزيد من الانهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنكاً، "و قد بدأت الأزمة فى ﻧﻬاية ٢٠٠٧، و وصلت إلى الذروة فى ١٦ سبتمبر عام 2008، عندما انهارت واحدة من أكبر المؤسسات المالية فى العالم، وقد ارتكبت الحكومة الأمريكية خطأ جسيم، حين تركت هذه المؤسسة تنهار، والتى كانت مرتبطة بكافة المؤسسات المالية فى العالم، فضاع على العالم ٧٤٠ مليار دولار فى يوم واحد، تلاها اﻧﻬيار تام فى الثقة المتبادلة بين المؤسسات المالية، و أدى ذلك إلى أن البنوك لم تعد تقرض بعضها، و لم تعد تقرض الشركات والمؤسسات المالية أو الاقتصادية، و انتهى الأمر إلى أن سوق الإقراض أصيب بشلل تام، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، مرت أربعة أيام على أسواق الاقراض فى لندن دون أن يكون هناك سعر فائدة، حيث أن سعر الفائدة عادة يتم تحديده عن طريق التبادل، فالبنوك تقرض بعضها البعض مثلما يحدث فى البورصة، و سعر السهم يحدد بتبادل المضاربين للأسهم، كما أن سعر الصرف ناتج عن تبادل العملات، ومن هنا حدثت أزمة حادة على مستوى العالم، وهذا بالطبع أنعكس على الشركات التى تعتمد على الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية، مما أدى لتوقفها عن النشاط، وبالتالى لم تعد تنتج سلع أو تقدم خدمات، وبناء على هذا تم تسريح العاملين بها، وفى نفس الوقت فإن هذه العمالة كان عليها ديون لحساب الجهاز المصرفى فى شكل بطاقات ائتمان، بناء على ما اقترضته لشراء بضائع استهلاكية كالسيارات والسلع المعمرة والعقارات السكنية وغيرها، و هؤلاء بعد تسريحهم توقفوا عن سداد ما عليهم من أقساط القروض، وبالتالى تفاقمت أزمة البنوك أكثر، وخصوصا بعد أن توقفت الشركات عن النشاط، و توقفت عن سداد ما عليها من أقساط الديون و فوائدها للبنوك، وبالتالى تفاقمت المشكلة التى تواجهها البنوك العالمية، وتم دخول العالم فى دائرة مفرغة أدت إلى شلل تام فى الاقتصاد العالمى، وقد وصلت مجموعة الأصول التى لا تتوقع البنوك تحصيلها، والتى سميت بالأصول السامة إلى ٤ تريليونات دولار، أى أربعة آلاف مليار دولار على مستوى العالم، وبالتالى ارتبكت أسواق العالم، وارتبكت المؤسسات العالمية، مما أدى إلى اﻧﻬيار تام فى الاقتراض، وبالتالى اﻧﻬيار تام فى النشاط الاقتصادى، و بلغ معدل النمو فى الاقتصادى العالمى -1.5 % بالسالب عام ٢٠٠٩، بمعنى أنه حدث انكماش فى الاقتصاد العالمى بنسبة -1.5 %، وانخفض متوسط دخل الفرد، و بالكاد فإنه من المتوقع أن ينهض الاقتصاد العالمى إلى 1.9%، فى سنة ٢٠١٠، وهذه النسبة كانت 6.5% فى عام 2007، و قد بدأت بعض البوادر انقشاع الغمة الشديدة على الاقتصاد العالمى. إلا أننا مازلنا نعيش فى مرحلة أزمة حادة، وقد دخلت كل الدول فى برامج إنعاشية، واستطاعت أن تنفق مابين ١ و 1.5% من الناتج المحلى الإجمالى الخاص بها لمواجهة تداعيات الأزمة" .
نشأت الأزمة من نظام الاقتراض من البنوك لتمويل الاسكان، حيث أن المواطن الأمريكي كان يقترض من البنك حتى يشتري من الشركات العقارية سكنا خاص به، عن طريق البطاقات الإئتمانية (والتي تدعى الفيزا كارد)، وكان سداد القروض العقارية يتم عن طريق البنوك التي تعتمد على أسعار الفائدة في تعاملاتها المالية، وكان سعر الفائدة يزيد بزيادة سعر العقار لكل سنة، وأدى ذلك في النهاية إلى عدم قدرة المواطن الأمريكي على سداد الرهن العقاري، وعدم القدرة على الالتزام بالدفعات التي ألزم بها، مما أدى بالتالي إلى إنعدام السيولة في البنوك، وعدم القدرة على تمويل المشاريع الجديدة، وانخفاض الطلب مع زيادة العرض، وانخفاض السيولة المالية، ومن ثم إعلان إفلاسها بشكل تدريجي مما أدى إلى كساد اقتصادي عالمي جديد.
رغم ضخ الحكومات للأموال مباشرة في البنوك, والخطط التي وضعها بوش للإنقاذ المالي، إلا أن الأزمة مستمرة، ولم تنتعش أسواق المال، إلا أن هناك ارتفاع طفيف في المؤشر العام بالبورصات العالمية، مما يؤكد إننا في مسار واضح من التدهور مشابه لما حدث فى الثلاثينات، فالأزمة المالية مستمرة حتى بعد أن قدمت لمواجهتها كل الحلول الممكنة، إلا أن هناك عددا من البلدان مثل الصين وإيران لم يتأثر اقتصادها بالأزمة بل على العكس تماما، فمؤشرات الاقتصاد الصينى تزداد ارتفاعاً، وذلك لأن اقتصاد هذه الدول لم يكن مرتبطا بالاقتصاد الأمريكي.
بعد معاناة طويلة للاقتصاديات العالمية، أعلنت الدول الصناعية الكبرى الثمانية دخول اقتصادياتها فى حالة الركود التي حاولت الحكومات جاهدة تفاديه، وقد أعلن الركود بعد أن ظهرت بيانات انكماش للربع الثالث من عام 2008 بنسبة 0.5 %، لكل من اقتصاد الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وأيطاليا وألمانيا وكندا.
لمواجهة الأزمة شرعت حكومة الولايات المتحدة فى شراء الديون المعدومة التي تربك وتقلق السوق المالية الأمريكية، وتهدد بانهيارها، بقيمة سبعمائة مليار دولار، وهى ديون مرتبطة بالرهن العقاري، وتعود في معظمها إلى السياسة الخاطئة للرهونات العقارية التي أعتمدها المضاربون الماليون في بورصة وول ستريت، وينص القانون الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي على مهلة لهذه الخطة تنتهي بتاريخ 31 ديسمبر، 2009، مع احتمال تمديدها بطلب من الحكومة لفترة أقصاها سنتين اعتباراً من تاريخ إقرار الخطة.
تضمنت خطة الإنقاذ أيضا جانباً خاصاً بشركتي فاني ماي وفريدي ماك كبرى شركات التمويل لقاء الرهن، والمعرضتين للإفلاس، بعدما شارفتا على الانهيار مطلع شهر أغسطس2008، وتملك وتدعم الشركتان المتضررتان رهوناً عقارية قيمتها خمسة تريليونات دولار تعادل نحو 50% من الرهون العقارية في الولايات المتحدة، وبموجب الخطة تضمن إدارة الإسكان الفيدرالية زيادة سقف القروض التي تشتريها الشركتان إلى 625 ألف مليون دولار.
يرى البعض بأن الأزمة المالية سوف يتم تجاوزها ككل أزمة مرت بها الرأسمالية، بعد مصادقة الكونغرس الأمريكي على منح الحكومة 700 مليار دولار لشراء سندات الرهون العقارية، وبالتالي استعادة عنصر الثقة بين البنوك، وبين المستثمرين في البورصات العالمية، فى حين يرى البعض الآخر أن الأزمة في الواقع ليست مالية فقط بل هي ذات أبعاد متعددة اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، وقد شكلت الأزمة المالية احدى تجلياتها فقط، كما أن آثار الأزمة لا تنحصر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان حيث تفاقمت، بل الأزمة ذات أبعاد عالمية، وأن آثارها سوف تبرز تدريجيا في كل مكان.
وكما أوضحت فيما سبق فإن الأزمة المالية الحالية ترتبط بما يسمى بأزمة الرهن العقاري التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنة 2007، وتتمثل هذه الأزمة في عجز عدد هائل من المقترضين عن الوفاء بديونهم التي اقترضوها من أجل شراء عقارات للسكن، وقد جاء عجز المقترضين عن السداد نتيجة الزيادة التي حدثت في فوائد القروض، لأن عقود القروض تنص على أسعار فوائد متغيرة، فعلى أثر ارتفاع سعر الفائدة لم يقوى عشرات الآلاف من المقترضين على سداد ديونهم الرهنية، فقامت البنوك الدائنة بنزع ملكية العقارات، ومحاولة بيعها في السوق حيث بلغ عدد المساكن المنتزعة من أصحابها حوالي المليونين منذ سنة 2000، لكن العرض الكبير للعقارات للبيع أدى إلى تدهور أسعارها، مع عدم توافر الطلب الفعال، و بالتالي أدى هذا إلى عجز البنوك عن تدبير السيولة اللازمة لسداد مستحقاتها، مما قاد عدد منها نحو الإفلاس.
هذا النوع من القروض العقارية التى أدت إلى اشتعال الأزمة هو قرض السوبرايم، والذى يمنح للمقترض الذي لا يقدم ضمانات كافية للقرض، نظرا لضعف دخله، و هذه القروض تمنح لسنوات طويلة من 40 إلى 50 سنة، وذلك بمعدلات فائدة متغيرة وغير مرتفعة خلال السنتين الأولتين، وبعد ذلك تصبح مرتفعة جدا مما يدر أرباح كبيرة لصالح المقرضين، وخصوصا بأن سعر الفائدة يرتفع مع ارتفاع سعر العقار، وهذا أدى بالبنوك الأمريكية إلى تعميمها والتوسع فى الأخذ بها، وتعمل البنوك المقرضة على تقييم طالبى قروضها الذين يطلبون القرض بالسوبرايم، وفق نظام للنقط، فمخاطر عدم سداد القرض يتم تنقيطه حسب نظام يقيم سن المقترض ومهنته وعنوانه ودخله ووضعه العائلي ومجموع قروضه الجارية وتواريخ عجزه عن السداد، وفي بعض الأحيان نسخة من سجله الجنائى. ويقوم بهذا التنقيط مكاتب خاصة. وإذا ما ظهر بأن نقط طالب القرض غير كافية أي أقل من 620 نقطة، فإنه يوضع في خانة السوبرايم، أما فئة البرايم فتكون لطالبى القروض الذين تصل نسبة المخاطر لديهم إلى 650 نقطة. ثم هناك فئة غير البرايم و هم المرشحون الحائزون على قابلية مطلقة لسداد الديون، وبعبارة أخرى الأغنياء، فالسوبرايم تتوجه في المقام الأول للفقراء أو للعمال الفقراء. ويقدر عدد الأمريكيين الذين حصلوا على قروض ب 25 % من السكان.
"انتشرت الرهون العقارية في العالم، بهدف زيادة امكانية تقديم القروض، لتشجيع الاستهلاك هربا من حالة الركود التى تنتاب العالم منذ السبعينات، ثم لجأت البنوك الأمريكية إلى تحويل الرهون العقارية إلى سندات قابلة للتداول عالميا، وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر من الأرباح، وبالتالى فقد أخرجت البنوك هذه السندات من حساباتها السنوية كقروض واجبة السداد، وذلك ببيعها كسندات عبر العالم، لمستثمرين آخرين، وبنوك أخرى، و صناديق الاستثمار، وحتى صناديق التقاعد، سواء أمريكية أو غير أمريكية، نظرا للعائدات المرتفعة لتلك السندات، وقد تهافت المستثمرون فى العالم على شراء تلك القروض المحولة إلى سندات في سعيهم المحموم للربح، فالبنوك الأمريكية تمنح هذه القروض للمستهلكين الأمريكيين، وتعيد بيعها كسندات للمستثمرين فى العالم أجمع، و من اجل استرجاع السيولة النقدية التى تنفذ بسرعة فى هذا الاقراض السهل، فإن البنوك الأمريكية ظلت تمنح قروضا جديدة، وتعيد بيعها من جديد، ذلك إن البنك يعلم أنه إذا منح قرضا فإن هذا القرض يمكن بيعه مباشرة، والخروج من حسابه السنوي، وذلك عبر تحويل المخاطر من البنك المقرض إلى المستثمر مشتري السند، و ذلك يؤدي تلقائيا إلى أن هذا السند لا يستهدف سوى استخلاص قيم أكبر منه، وهذا يتم بتداوله أكثر من مرة فى أسواق المال والائتمان، ليتضاعف سعره، بالإضافة إلى أنها تتيح للبنوك تحمل مخاطر أكبر فى عملية الاقراض، وإن هذا هو الذى يفسر امكانية اقراض مقترضين لا يتمتعون بقدرة كبيرة على السداد، و بلا ضمانات كافية، أما إذا كان البنك مضطرا للحفاظ على هذه القروض في حساباته السنوية، دون تحويلها إلى سندات قابلة للبيع، فسوف يعمل على دراسة أعمق لقابلية المقترض على سداد القرض، و عدم اقراضه سوى بعد تقديمه ضمانات كافية" .
بدأت البنوك فى تحويل القروض إلى سندات في بداية الثمانينات ، من أجل انعاش الأسواق المالية والسلعية الراكدة، وقد وضعت حكومة ريغان في ذلك الوقت الاطار القانوني لهذه التقنية لكي تتيح للبنوك زيادة أرباحها.. ثم انتشرت هذه الطريقة فيما بعد في أوروبا، ثم تعممت انطلاقا من سنة 2000 فى كل القارات بشكل عام، ثم تلتها طريقة أخرى من أجل استيلاد أرباح خيالية للبنوك من تلك القروض المحولة إلى سندات، تتمثل في تقسيم الدين الواحد إلى أجزاء، تم تحويله إلى سندات قابلة للمساومة والتداول عبر الأسواق العالمية، بحيث تكون أجزاء من تلك الديون بمخاطر عليا وأخرى بمخاطر متوسطة وأخيرة بمخاطر دنيا ... الخ، وبهذه الطريقة جابت هذه السندات العالم بأسره، وأصبحت سلعة تنخفض أسعارها، وترتفع بالمضاربة عليها، وكأى سلعة يمكن أن تكسد بفعل فيض إنتاجها عن الطلب عليها.
نستنتج مما سبق أن الأزمة المالية ليست أزمة مالية فقط كما يدعى المهونين من شأنها، وأنما في حقيقتها أزمة فائض في الإنتاج السلعى، وفي تصريف هذا الانتاج السلعى المتمثل فى العقارات والسيارات والسلع المعمرة، أى أزمة اقتصادية عامة،من تلك التى تعترى النظام الرسمالى دوريا، وكان المطروح لتجاوزها بعد الصعوبات التى انتهت إليها الحلول الكينزية، هو تشجيع سياسة القروض البنكية وتسهيلها لزيادة الطلب على السلع والخدمات، وما يسمى بالسوبرايم ما هو إلا أداة لتشجيع الاستهلاك والاستثمار والحفاظ على مستوى النمو، كما كانت نتيجة عدم التوازن بين الرأسمال المضارب والرأسمال الانتاجي، ومحاولة الرأسمال المضارب الذي يشكل 90 % من الاستثمارات العالمية مقابل 10 % فقط للرأسمال الإنتاجي، أن يحقق أرباح دائمة من خلال التوظيفات المالية في المضاربة، لأنها تحقق نسب ربح مرتفعة (ما بين 20 و30 بالمائة) مقارنة بنسبة ربح المنشئات الإنتاجية (ما بين 8 و10 بالمائة) ، ولذلك تم ابتكار أشكال من القروض والأوراق البنكية التى يتم المضاربة عليها .
الدليل الآخر على الطبيعة الحقيقية للأزمة، هو امتداد الأزمة المالية، وتأثيرها على الاقتصاد الحقيقي نفسه ، وظهر ذلك جليا في قطاع السيارات، حيث أفلست عدة شركات كبرى لإنتاج وسائل النقل والمواصلات الأمريكية و الألمانية،منها جنرال موتورز وأوبل، وفي قطاع البناء والعقارات التى تدهورت أسعارها بعد الأزمة،. فالأزمة المالية تحولت إلى أزمة اقتصادية، تراجع فيها نمو الإنتاج الصناعي، وانخفض مستوى الاستهلاك، وانخفض بالتالي الطلب على البترول والغاز والمواد الأولية والمعادن، وقد أدى هذا الأثر إلى انخفاض أسعار النفط والغاز و المواد الأولية ومختلف المعادن. وتبقى الأزمة الحالية جزء من الأزمة الشاملة للنظام الرأسمالي، والتي تطول الطاقة والغذاء والتغيرات المناخية.
وقد توقعت منظمة العمل الدولية أن يتزايد عدد العاطلين عن العمل من 190 مليون إلى 210 مليون عامل، وهو رقم قياسي جديد في البطالة العالمية. الحقيقة أن العالم يتجه بقوة إلى الانقسام بحدة بين أربع أخماس من سكانه من المتعطلين عن العمل والمهمشين وهؤلاء لا فرص أمامهم إلا فى الاقتصاد السرى بشقيه القانونى وغير القانونى،أو الأعمل التافهة، أو القبول بأشكال من العمل الجبرى والعبودية الصريحة، وقد تنهشهم المجاعات والأوبئة والحروب الأهلية، وهناك أما الخمس المتبقى فسوف يحصل على جل الأرباح والفوائد والريوع والأجور، سواء أكانوا من ملاك الثروة أو العاملين بأجر، و لا يرى الاقتصاديون البرجوازيون حلاً لمشكلة البطالة إلا في اتجاهين أساسيين، الاتجاه الأول يرى للخروج من البطالة ضرورة رفع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل يمكن من خلق فرص عمل، بالرغم من أنه في ظل الرأسمالية الكوكبية يمكن تحقيق النمو دون خلق فرص عمل، عبر المضاربات، و خفض تكلفة العمل أي تخفيض الأجور الحقيقية بشكل يخفض تكلفة الإنتاج، ويرفع القدرة على المنافسة، و من ثم زيادة الأرباح، وتغيير شروط سوق العمل يعني المطالبة بحذف الحد الأدنى للأجور، و خفض تكاليف الضمان الاجتماعي والضرائب، وتقليص أو حذف التعويض عن البطالة، و تخفيض الأجور، و زيادة ساعات العمل.
أما الاتجاه ثاني فيرى للخروج من أزمة البطالة ضرورة تدخل الدولة لَضبط الفوضى الاقتصادية من أجل استعادة التوازن الاجتماعي، وقد عبرت عن هذا الاتجاه دولة الرفاهية الاجتماعية وفق السياسات الكينزية، و هذا الاتجاه أخذ يتوارى بعد أن تمت ممارسته لأكثر من نصف قرن، بفعل تصاعد سياسات الاتجاه الأول النيو ليبرالى أو الكوكبى، أما شرط العودة للكينزية فهو كبح جماح التضخم، الذى أدت إليه الكينزية، وهذا يعنى القضاء على الاستثمار المضارب.
أما الحل الجذري لقضية البطالة فيتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد على قاعدة التملك الجماعي لوسائل الإنتاج، وتلبية الحاجيات الأساسية لكل البشر خارج نطاق الربح الرأسمالي، أي بناء مجتمع آخر لا يكون فيه نجاح الأقلية في العيش المترف على حساب عجز الأغلبية في الوصول إلى الحد الأدنى من العيش الكريم.

الهوامش
من بيان د. بطرس غالى وزير المالية المصرية لمجلس الشعب المصرى الخاص بعرض مشرةوع الموازنة العامة 2009/ من بيان د. بطرس غالى وزير المالية المصرية لمجلس الشعب المصرى الخاص بعرض مشرةوع الموازنة العامة 2009/02010
عبد السلام أديب أزمة تدبير الأزمة العامة للنظام الرأسمالي الحوار المتمدن - العدد: 3130 - 2010 / 9 / 20



0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية