الأربعاء، 27 مايو 2015

مبادىء التعاون وقيمه وأهدافه

مبادىء التعاون  وقيمه وأهدافه
سامح سعيد عبود

تقوم التعاونيات عادة على مجموعة متماسكة من القيم التعاونية وهى "المساعدة الذاتية، والاعتماد علي النفس، والمسئولية الذاتية، والاستقلالية، والديمقراطية، والمساواة، والعدالة، والتضامن، والانفتاح،.. ووفقا للتقاليد التي أرساها مؤسسوا التعاونيات، فإن أعضاء التعاونيات يؤمنون ويتمسكون بمجموعة من القيم الأخلاقية مثل الأمانة والغيرية والصراحة والمسؤولية الاجتماعية، والعناية بالآخرين[1].
ويؤكد بعض الخبراء على أن التعاون "ليس نظاما وإنما هو أسلوب عمل يقوم على الترابط والتضامن بين مجموعة من الأفراد على أساس من الحقوق والواجبات المتساوية، بهدف رفع مستوى كفاءة ممارستهم لأنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية، والتغلب على ما قد يعترضهم من مشاكل ومصاعب أو يتعرضون له من استغلال يضر بمصالحهم كمنتجين أو كمستهلكين"، ومن ثم فهو تجمع طوعي لأفراد (لا تجمع أموال) يتكون نتيجة لحاجة المشاركين فيه، ويستوعب على قدم المساواة الفقراء والأغنياء في آن واحد، ويمكن الأخذ بهذا الأسلوب في ظل نظم اجتماعية مختلفة (رأسمالية أو اشتراكية أو مختلطة)[2].
ولكن التعاون لدى كثير من الكتاب، وفى الفهم العام للجمهور، ولدى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وخصوصا لدى الكتاب الذين يحاولون تطوير التعاونيات بالانحراف عن مبادئها الجوهرية، إما برسملتها أى جعلها رأسمالية أو دولنتها أى جعلها حكومية،(أنظر[3]) ما هو إلا وسيلة لحل بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية فى ظل النظام الرأسمالى القائم على التنافس والعمل المأجور سواء أكان عبر مشاريع خاصة أو مشاريع عامة مملوكة للدولة، فيما يسمى باشتراكية الدولة أو رأسمالية الدولة، ومن ثم يتناولون المسألة كما لو كان التعاون ترياق أو دواء لأزمات تلك النظم، وكأداة موصوفة للتنمية والتقدم الاجتماعى، ولكن هذا يمثل تجاوزا وتجاهلا للهدف الجوهرى للحركة التعاونية التى انطلقت منها تاريخيا وفكريا وعمليا وتنظيميا، حيث كان التعاون رد فعل على مساوىء الرأسمالية، ومحاولة تجاوزها كأسلوب فى الإنتاج والتوزيع والتبادل، وكرد فعل على قيم رأسمالية مثل أولوية الربح على البشر، وهيمنة رأسالمال على العمل، والربح على حساب تضحيات وخسائر الآخرين، وعلى التنافس المحموم  على حساب آلام الناس.
التعاون فى أصوله ومنطلقاته الفكرية والتاريخية هو أداة لتحرر العمال من العمل المأجور والجبرى والخاضع لسلطة رأسالمال والبيروقراطيين، بترسيخ مفاهيم ديمقراطية الاقتصاد، والإدارة الذاتية فى الإنتاج والخدمات، وبتوفير السلع والخدمات للمستهلكين بسعر التكلفة بعيدا عن ما يحصل عليه التجار والوسطاء والسماسرة، والائتمان بعيد عن فوائد المقرضين والبنوك، والريع الذى يحصل عليه ملاك العقارات، وقد عبر عن هذا الحلف التعاونى الدولى، بحسب ما جاء فى المادة الأولى من دستوره،"على التحالف الاستمرار فى الطريق الذى خطه رواد روتشديل، والذى يسعى مستقلا تمام الاستقلال وبوسائله الذاتية، على أن يحل محل المشروعات الخاصة القائمة على التنافس، نظاما تعاونيا يعمل من أجل خير الجماعة، ويرتكز على المجهودات والمساعدات المتبادلة بين المشتركين فى الحركة التعاونية[4].
إلا إنه فى الطريق للهدف النهائى، يمكن الحديث عن أهداف اجتماعية مرحلية مثل المساهمة فى التخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية، وتكوين كفاءات وهياكل إدارية وتنظيمية شعبية وديمقراطية، والتدريب الواسع على إدارة المشروعات، وتأمين حاجات الناس الاستهلاكية بأجود الخامات وأقل الأسعار ثم الاتجاه إلى إنتاج هذه الحاجات. وتنمية المجتمع المحيط بالجمعية ثقافيا واقتصاديا. وايجاد وتنمية شعور الاعتماد على النفس لدى الأعضاء. والقضاء على الممارسات الاحتكارية الملازمة للرأسمالية. وتعميق روح الديمقراطية خلال العمل.حيث تشير وثائق منظمة العمل الدولية للامكانيات الهائلة فى التعاونيات فيما يتصل بالخدمات الاجتماعية والاقتصادية التى تقدمها، والدور الأكبر الذى تستطيع التعاونيات القيام به فى مجالات تحقيق اللامركزية ونشر الديمقراطية ومنح المرأة القدرات الاقتصادية والاجتماعية لتمكينها من الاستقلالية.
فالتعاونيات بوصفها منظمات تعمل فى بيئة تنافسية لها دور مميز كمنشات اقتصادية ضمن المجتمع المدنى. وقد أظهرت مقدرة فائقة على العمل فى البلدان النامية والاقتصاديات التى تمر بمراحل انتقالية والبلدان الصناعية على السواء. مع بروز امكانياتها فى توليد فرص العمل واستمرارها ودعم روح المبادرة وتوفير الخدمات الملحة بل وتوليد الثروات. كل هذا فى مواجهة انخفاض قدرة الدول على القيام بذلك لانها نموذج خلاق من نماذج الحلول التى يرتكن إليها فى تأ كيد قيم التعاون فى الديمقراطية التشاركية.
ويمكن الحديث أيضا عن أهداف اقتصادية مثل تنظيم الجهود الفردية فى جهد جماعي، والاستفادة من الوفر الناتج عن الإنتاج الكبير، وامكانيات استخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة، والقضاء أو التخفيف من حدة النظام الرأسمالى والقضاء على الوسطاء، وزيادة الإنتاج كما ونوعا وايجاد قوى إنتاجية جديدة والقضاء على البطالة ومساعدة الدولة فى انجاز مشاريعها الاقتصادية والتنموية والاضطلاع بمشاريع التنمية المحلية[5].
كما يمكن للتعاونيات أن تلعب دورا مهما في المجالات التالية : توفير البيئة المناسبة لنمو وازدهار الاستثمارات المتوسطة والصغيرة. وتكوين وعاء جيد لتنفيذ برامج التنمية البشرية. وكأداة جيدة وفاعلة لمواجهة مشكلة البطالة.و الإحلال محل الدولة في ملكية الأصول الخاضعة للخصخصة. ودعم وتطوير أنشطة القطاعات غير الرسمية في الاقتصاد. والمساهمة في برامج محو الأمية.والمساهمة في برامج الإرشاد الزراعي الريفي، ويتوقف نجاح هذا الدور علي خطوات الأنشاء والـتأسيس الجيد للتعاونيات وفقا لأسس وقيم ومبادئ التعاون[6].
والجدير بالذكر أن مبادئ التعاون مثل باب العضوية المفتوح، والمساعدة الذاتية، والمسؤولية الذاتية، والإدارة الديمقراطية، والاستقلال الذاتى، والعائد على المعاملات، صحيحة كما فى أي وقت مضى. لكن فقط الأشكال التى يتم اعتمادها لكيفية وضع هذه المبادئ موضع التنفيذ قد تغيرت. فالتركيز المالى، والتصنيع، والتغيرات الهيكلية والعولمة أجبرت العديد من الأنشطة الاقتصادية التعاونية لتكيف الهياكل التنظيمية الخاصة بها من أجل أن تكون قادرة على مواجهة المنافسة، للوفاء بمهمة النهوض لصالح الأفراد بشكل أفضل[7].
و يمكن توضيح معالم التعاونية وقواعدها الجوهرية على النحو التالى:

باب العضوية الطوعية والمفتوحة :
إن العضوية فى التعاونية تقوم على أساس عدم التمييز الدينى والسياسى والقومى والثقافى والجنسى والعرقى والجهوى، وتتمتع التعاونيات بالحياد تجاه الجميع، فبابها مفتوح لكل إنسان بلا أى تمييز، بشرط أن يساهم فيها اقتصاديا بالمال والعمل، وهو ما ينزع الصفة التعاونية عن الكيبوتزات الإسرائيلية القائمة على أساس سرقة أرض الفلسطينيين بمساعدة الرأسماليين اليهود الصهاينة، والتى تقوم باستغلال العمالة الفلسطينية الرخيصة، والتى تفككت بالفعل الآن بعد أن أزالت آخر ملامحها التعاونية الزائفة.
العضوية الطوعية فى التعاونية تعنى إن العضو يدخل التعاونية بكامل إرادته الحرة دون أى شكل من أشكال الجبر والإرغام، وهذا ينزع الصفة التعاونية من التعاونيات الزراعية المصرية التى صنعتها الدولة الناصرية للتحكم فى الفلاحين بعد أن وزعت عليهم الأرض، ومن الكولوخوزات السوفيتية التى قامت على أساس التجميع القسرى للفلاحين فى الاتحاد السوفيتى، وأدت لمجاعات رهيبة فى العشرينيات من القرن العشرين، وأزمة مزمنة للزراعة السوفيتية حتى أفوله، وربما كانت أحد أسباب هذا الأفول.
لكن هذا لا يمنع طبعا أن تتخذ الدولة أو التعاونيات أو اتحاداتها نفسها اجراءات أو تشريعات أو تتخذ قرارات تشجع الناس لطلب عضوية التعاونيات بإرادتهم الحرة بحثا عن مصالحهم، عبر تقديمها مميزات تفوق ما يحصلون عليه من مميزات نتيجة نشاطهم الفردى، كالإعفاءات الضريبية والجمركية، وتسهيلات التسويق والتمويل، والحصول على الألات والمواد الخام والأراضى والسلع والخدمات المختلفة بأقل من ثمنها فى السوق، واعطائها الأولوية فى العطاءات والمناقصات والتوريدات الحكومية.
إن على التعاونية أن تسهل العضوية لكل من يطلبها، وذلك بتقليل قيمة السهم الواحد، وخفض الحد الأدنى للمساهمة، وإمكانية تقسيط سدادها، وفى النهاية أن تزيل العقبات أمام العضوية.
تشجيع العضوية والمساهمة الاقتصادية ممكن أن يأتى أيضا من عدم استخدام العمل المأجور أو الجبرى، فمن يرغب فى العمل فى التعاونية الإنتاجية فعلى التعاونية أن تساعده فى المساهمة الاقتصادية فيها لكى يصبح عضوا بها. وعدم بيع السلع والخدمات لغير أعضاء التعاونية، وعلى من يرغب فى شراء السلع والخدمات على التعاونية الاستهلاكية أن تساعده بالمساهمة الاقتصادية فيها لكى يصبح عضوا بها.
ونتيجة هذه القاعدة المقترحة والمستجدة هى توحد المنتجين للسلع والخدمات مع مستهلكيها فى تعاونيات مشتركة تنسق الإنتاج والتوزيع والتبادل فيما بينهم بعيدا عن تقلبات السوق، وبالتالى خلق سوق تعاونى بين المستهلكين والمنتجين بعيدا عن ضغوط السوق الرأسمالى.
حرية الانتساب والانسحاب. ويعني ذلك أن العضوية اختيارية، وأنها لا تمنع عن أحد تتوفر فيه شروط الانضمام، وأنه يتاح لكل عضو التخلي عن العضوية أو الانسحاب منها.

ثانيا : ديمقراطية الإدارة :
أن تكون السلطة العليا فى التعاونية للجمعية العمومية التى تضم كل أعضائها، المسددين لمساهماتهم الاقتصادية.
الجمعية العمومية هى التى تضع نظام الجمعية التعاونية الأساسى وقراراتها وسياستها ولوائح وقواعد عملها بنفسها، وهى من تحدد الانضمام لأى اتحادات تعاونية أو الانسحاب منها، دون تدخل من أى سلطات من خارجها طالما التزمت بالحفاظ على النظام العام والأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة والتزمت بمبادىء التعاون وأهدافه وقيمه.. ومن هنا فالتعاونيات التى تتدخل فى إداراتها أجهزة الدولة، وتعين موظفيها تفقدها الصفة التعاونية كما هو حادث فى مصر التى يشوب تعاونيتها الزيف والتشوه.
تحدد سياسة التعاونية وقراراتها الاجتماعات الدورية والاستثنائية لكافة الأعضاء، وذلك بالأغلبية المطلقة لأصوات الشركاء. وتفوض الاجتماعات الدورية والاستثنائية من تراه الأكفأ من بين الشركاء لأداء المهام الإدارية، فى فترات عدم انعقاد الاجتماعات الدورية والاستثنائية.
وهذا يستلزم استقلال التعاونيات الفعلى عن الدولة وعدم خضوعها لأشراف اجهزتها وتدخلها إلا فى اطار القوانين التى تضمن حريتها واستقلالها. فالتعاونيات تنتمي لأعضائها الملتزمون بها، وهى احدى مؤسسات المجتمع المدنى والأهلى، وليست فرعا من فروع الحكومة، ولا تشكل امتداد لها.
ومن هنا فلابد من فهم طبيعة الجمعيات التعاونية بأنها ليست من أدوات تحقيق الأهداف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للدولة كما يزعم البعض ويبشرون. وهى بحكم طبيعتها الاستقلالية لا تستطيع ولا تريد أن تحل محل الإجراءات والمؤسسات الحكومية، ولكنها تتوقع من الدولة ضمان فرص متساوية مع القطاعين الخاص والحكومى.
لكن التعاونيات تقوم فى نفس الوقت بوظائفها الاجتماعية من نفسها بشكل غير مباشر فقط عبر خدمة المجتمع باعتباره أحد مبادئها، وتوفر السلع والخدمات بسعر التكلفة، وتوفر فرص العمل. لأنها تسهم في تعزيز قدرات أعضائها على توليد الثروة. ولأنها تجسد المبادئ الديمقراطية، فإنها تعزز العمل والمسئولية  الذاتية الحرة للمواطنين عن أنفسهم بتحريرهم من التبعية للدولة ورأسالمال، وتؤكد على ضرورة المبادرة الشعبية  الحرة، وتضع الفرد في مركز عملها. فالتعاونيات هدفها التضامن الاجتماعى لا التنافس، لكنها تنكر وترفض التسلط البيروقراطى عليها والذى لا تتلائم معه.
وأنها تدرك  أهداف الصالح العام، وتسعى لتحقيقها بنفسها، دون اشراف أو وصاية أو تدخل من أى جهة، وليس لديها من هدف إلا ذلك، ولكنها تنهض  بالاقتصاد والدخل بواسطة جهود  أعضائها الأحرار والمستقلين سياسيا وإداريا عن الدولة[8].
 والقرارات تنقسم عموما لنوعين من القرارات :
قرارات فنية يتخذها المختصون، من محامين ومهندسين ومحاسبين وخلافه فى إطار اختصاصهم، وقرارات السياسة العامة للتعاونية وتلك ملك لكل أعضائها على قدم المساواة.
ولعل ما يتفق مع مبادىء التعاون وقيمه وأهدافه، ضرورة عدم قيام علاقات العمل فيها على الجبر أو الاضطرار، ومن ثم فيجب أن لا تسمح بالعمل المأجور أو بالعمل فى التعاونية لغير أعضاء التعاونية حيث أن أى مخالفة لذلك تحول التعاونية لمؤسسة رأسمالية تفقدها الصفة التعاونية، ويجوز أن يستثنى من ذلك الأعمال ذات الطبيعة المؤقتة، أو الثانوية، أو غير الدائمة المرتبطة بمهام تحتاجها التعاونية فى نشاطها.
 كل الأعضاء لهم الحق فى التصويت على كافة القرارات وتقديم الاقتراحات ومناقشتها، وحق الترشيح والانتخاب للتفويض بالإدارة، ويتم تفويض من يحوز منهم على أصوات أكبر عدد من الأعضاء. وعلى الأعضاء خلال اجتماعاتهم الدورية والاستثنائية سحب التفويض من المفوضين بالإدارة، أو إعادة تفويضهم، ومحاسبتهم على أعمالهم خلال الفترة ما بين الاجتماعات. ولكل الأعضاء الحق فى الإطلاع على الملفات والأوراق والدفاتر والميزانية المتعلقة بالتعاونية ومعرفة كل المعلومات المتعلقة بنشاطها.
يدير التعاونية مجلس إدارة تنتخبه الجمعية العمومية من بين الأعضاء بالاقتراع السري.
يمثل مجلس الإدارة االتعاونية أمام الغير ويمثله في ذلك رئيسه الذى ينتخبه مجلس الإدارة.
قد يحصل أعضاء مجلس الإدارة على مكآفاة مالية نظير تفرغهم للعمل تختصم من العائد وبنسبة مئوية يتفق على تحديدها وتعديلها الأعضاء، ويجوز الاتفاق على أن يكون عملهم تطوعيا بلا مقابل أو الاتفاق على أن يكون عملهم بأجر يتفقون عليه.

ثالثا : مساهمة العضو الاقتصادية فى رأسمال التعاونية :
جوهر المساهمة الاقتصادية فى التعاونية يختلف عن جوهر المساهمة الاقتصادية فى الشركات الرأسمالية، فالغرض من التعاونيات ليس استثمار الأموال والتربح منها، ولكن الغرض الأساسى دعم نشاط التعاونية الاقتصادى كى تستطيع ممارسة نشاطها، وكنوع من الاشتراك والخدمة، ويمكن طبعا للمساهمة أن تكون عينية أو نقدية، لكنها فى النهاية تحول لأسهم فى رأسالمال، ولهذه الأسهم طبيعة مختلفة من حيث ما يترتب عليها من حقوق والتزامات مقارنة بالسهم فى الشركة الرأسمالية.
عندما ينسحب العضو من التعاونية يحصل على قيمة ما دفعه من أسهم فقط، فالسهم لا يحقق تراكم أو زيادة أو نقصان فى قيمته من لحظة المساهمة به، ولا يتغير سعره ولا قيمته الأسمية، فالأسهم إسمية شخصية مرتبطة ولصيقة بشخص المساهم، وهى غير قابلة للتجزئة ولا للتداول. وكل هذا على عكس الأسهم والحصص فى الشركة الرأسمالية.
لكل عضو صوت واحد ونفس حقوق الترشيح والانتخاب مهما بلغ حجم مساهمته وقيمة أسهمه، والتى يوضع لها حد أقصى يمنع أى عضو أو مجموعة أعضاء من التحكم فى نشاط التعاونية.
السهم لا يستحق أى فوائد إلا فى حالة تحقيق التعاونية لعائد فقط.
يخصم من العائد نسبة مئوية يتفق على تحديدها وتعديلها الأعضاء، كى يوزع على المساهمين فى صورة فوائد سنوية محدودة بنسبة مئوية من قيمة السهم سنويا يتفق علي تحديدها وتعديلها الأعضاء.
كما يجوز لأعضاء التعاونية الاتفاق على عدم توزيع أى فوائد على الأسهم[9].
فائدة السهم هى مقابل خدمة رأسالمال، وليس وسيلة لتحقيق الربح.
سعر السهم ثابت، ولا يجوز بيعه سوقيا للغير، وإن كان يجوز التنازل عنه للغير.
مثال متخيل لو كان العائد 1000 جنية وتم الاتفاق على أن الأسهم حصتها عشرة فى المئة أى مائة جنية، توزع المائة جنية على قيمة الأسهم، فإذا كانت قيمة السهم جنية، واجمالى رأسالمال ألف جنية، وتم الاتفاق على أن فائدة السهم خمسة فى المئة من قيمته أى خمس قروش، يصبح اجمالى نصيب الأسهم 50 جنية أما الباقى أى الخمسين جنية الأخرى التى لم توزع لاستيفاء الفائدة فتعود مرة أخرى لحساب العائد.

رابعا : العائد على المعاملات :
أن معظم العائد من نشاط التعاونية الاقتصادى، يوزع على المعاملات، قيمة العمل فى حالة إنتاج السلعة أو تقديم الخدمة، وقيمة الاستهلاك فى حالة استهلاك السلعة أو الخدمة.
لأن التعاونيات يمكن أن تكون إنتاجية لسلع وخدمات، أو مستهلكة لسلع وخدمات، أو تكون استهلاكية وإنتاجية فى نفس الوقت، فإن العائد يوزع بشكل مختلف فى  حالة الإنتاج عنه فى حالة الاستهلاك، ومن البديهى، أن يوزع العائد من الإنتاج على المنتجين، والعائد من الاستهلاك على المستهلكين، كل وفق ما أنتجه أو استهلكه كل على حدى.

كيف يوزع العائد؟
تضع التعاونية نظاما لحصر معاملات الأعضاء الاستهلاكية والإنتاجية طوال السنة المالية تمهيدا لتوزيع العائد عليهم بنسبة معاملاتهم بالوسيلة التي تراها.علي ان تمسك حسابا مستقلا لمعاملات الأعضاء، وآخر لغير الأعضاء.
أ:- يتم خصم نصيب الأسهم فى حالة تحقيق عائد، وخصم مكافآت الإدارة على الأعمال الإدارية لصالح من تفرغوا لها، فى حالة الاتفاق على ذلك، وخصم نسبة الاحتياطى الذى يوسع رأسمال التعاونية، وهو غير قابل للتجزئة، ولا للتوزيع، وفى حالة انحلال الجمعية يؤول للجمعيات التعاونية المثيلة، وخصم النسب المقررة للتعليم والتدريب المستمر للأعضاء، وخدمة المجتمع المحلى، وهى نسب يتفق عليها أعضاء التعاونية عبر جمعياتهم العمومية حسب ظروف كل تعاونية، ومن نافل القول إن تنظيم القانون المصرى لتلك النسب ينفى حرية واستقلال التعاونية، ومن ثم يزيل الصفة التعاونية عن التعاونيات فى مصر، وينفر الناس من إنشاء التعاونيات حيث يستولى على نسب من العائد وفق القانون، الاتحادات التعاونية المندمجة مع جهاز الدولة البيروقراطى دون أن تستفيد منها الجمعيات التعاونية.
ب : يتم توزيع المتبقى على أساس المعاملات، فى حالة الإنتاج يتم التوزيع على أساس قيمة العمل المبذول، وطبعا تتحدد هذه القيمة بطرق عديدة، بوقت العمل، ومستوى المهارة، ودرجة الخبرة، ومستوى التعليم، ودرجة الكفاءة والجودة، ومستوى التعرض للمخاطر....وهذه كلها عوامل تختلف من تعاونية لأخرى، ومن طبيعة نشاط لآخر، وبالطبع يتفق عليها أعضاء التعاونية فيما بينهم، وهى تحتاج لأنواع متنوعة من المحاسبة بحيث يقسم العائد وفقا لها، كما يمكن للأعضاء الاتفاق على أن يقسم العائد بالتساوى فيما بينهم، فإذا كان من شاركوا فى الإنتاج مئة شخص، والعائد ألف جنية، يحصل كل منهم على عشرة جنية، أو من الممكن أن يتفقوا على أن يكون التوزيع حسب ساعات العمل الفعلى فقط، فيقسم العائد على عدد حسب ساعات العمل، ويأخذ كل عضو قيمة ما أنفقه من ساعات فى العمل، أو يوزع العائد كله أو بعضه بطرق أخرى غير شخصية ولا نقدية تحقق للأعضاء اشباع احتياجاتهم الاستعمالية المختلفة بشكل جماعى وتضامنى فى صورة استهلاك جماعى وخدمات جماعية، وقد يتفقوا على الحصول على أجور أسبوعية أو شهرية تخصم من حسابهم فى العائد، وهذه كلها طرق للتوزيع لا تتعارض مع مبادىء التعاونية فى حد ذاتها شريطة ألا تكون وليدة قسر وإجبار خارجى من الدولة، فهناك أنظمه متعددة لتوزيع العائد، وجذرها الأساسي  التوافق بين الأعضاء.
فى حالة الاستهلاك يتم التوزيع على أساس حجم الاستهلاك، فإذا كان الباقى من العائد بعد الخصومات سالفة الذكر 1000 جنية، وقيمة حجم الاستهلاك 1000 جنية، فكل جنية تم به شراء سلعة أو خدمة يحصل من دفعه على جنية من العائد.
يوزع ما تحققه التعاونية من فوائض بين أعضائها بنسبة مساهمة كل منهم في تحقيق هذه الفوائض، فالتعاونيات لا تهدف إلى المتاجرة، ولا إلى تحقيق أى أرباح من وراء أنشطتها، وإنما ينصب عملها في المقام الأول والأخير على تحقيق مصالح أعضائها بحمايتهم من استغلال الآخرين لهم عندما يشترون منهم أو يبيعون لهم، ومن ثم فإنها في المقابل تتنزه عن أن تستغل الآخرين، ويترتب على ذلك أن التعاونية، وهي تمارس نشاطاتها لخدمة أعضائها، تحقق فائضا يساهم كل عضو في تحقيقه بمقدار ما يساهم به في نشاطاتها، ويستحق منه بنفس القدر أيضا، وهذا ما يعبر عنه بالعائد على المعاملات. ويقترن بتلك القاعدة قاعدة أخرى فرعية تقصر التعامل مع التعاونية على أعضائها فقط إلا في حالات الضرورة.

خامسا : التدريب والتعليم المستمر للأعضاء :
تقدم التعاونيات التدريب والتعليم لأعضائها ليستطيعوا أن يساهموا بفعالية لتنمية تعاونياتهم. سواء فيما يتعلق بإدارة التعاونية، والعمل فيها، أو التثقيف والتعليم العام، وتنمية المهارات المختلفة للعضو، وتحسين قدراته، ومن أجل هذا يستقطع جزء من عائد التعاونية يتفق عليه الأعضاء لدعم التعليم والتدريب المستمر.. ويفهم من هذا أن للتعاونيات دور مهم فى رفع وعى الناس وثقافاتهم ومهاراتهم بما فى ذلك محو الأميات الأبجدية والسياسية والثقافية والتكنولوجية، وهى التى تدربهم على الممارسة الإدارية، بأموالهم وفى إطار مصلحتهم..ونشير إلي أن منظمة العمل الدولية قد أمنت علي ضرورات التعليم والتدريب التعاوني ورصدت لذلك أموال تهدف إلي المساعدات في مجالات إنشاء عدد من معاهد التدريب في الدول الفقيرة للتعليم والتدريب التعاوني[10].

سادسا : خدمة المجتمع المحلى :
تقدم التعاونية خدمات طوعية تتعلق طبعا بطبيعة نشاط التعاونية ومشكلات المجتمع المحلى الذى تعمل فيه، ومن أجل هذا يستقطع جزء من عائد التعاونية يتفق عليه الأعضاء لتقديم تلك الخدمات. حيث تعمل التعاونيات من أجل التنمية الإجتماعية المتواصلة فتقدم خدماتها في مجال الصحة والتعليم والثقافة. الخ لمجتمعاتها المحلية من خلال سياسات يوافق عليها الأعضاء.

سابعا : التعاون بين التعاونيات :
لهذا المبدأ  مجموعة من الأهداف والتداعيات الحالية والمستقبلية :
أولها أن تتحالف وتتحد وتتعاون التعاونيات فيما بينها من أجل الدخول فى أنشطة لا تستطيعها بمفردها، فتنشأ تعاونيات أكبر، واتحادات تعاونية أكبر حجما، وبالتالى أكثر قدرة على إدارة مشروعات مشتركة أو كبرى تخدم التعاونيات الداخلة فيها على نفس أسس التعاون بين الأفراد.
ثانيها إعطاء الأولوية فى التبادل بين التعاونيات، فيما يشبة سوق مشترك فيما بينها لتبادل السلع والخدمات يساعدها فى تحقيق الاستقلال تدريجيا عن السوق الرأسمالى وعن الدولة، والهدف النهائى المرجو من هذا هو سوق تعاونى مستقل عن الدولة ورأس المال.
كل تعاونية تنتج سلعة أو تقدم خدمة يمكن أن تخلق سوق توزيعها الخاص بمنتجاتها وخدماتها.بطريقتين أولها عبر التعاونيات التى تستهلك تلك الخدمات أو السلع سواء موجودة بالفعل، أو بمحاولة إنشائها وثانيها ضم من يريدون استهلاك السلع والخدمات للتعاونية كأعضاء مستهلكين للسلع والخدمات الخاصة بالتعاونية، وهذا يضمن خلق سوق مضمون للتعاونية، وتوسيع رأسمالها.
كل تعاونية تستهلك سلعة أو تقدم خدمة عليها أن تسعى لتلبية احتياجاتها أولا من التعاونيات الإنتاجية، وأن تعطيها الأولوية فى التعامل، وأن تشترط ألا تبيع إلا لأعضائها، مما يساعد على توسيع رأسمالها، كما يمكن للتعاونية الاستهلاكية أن تنشأ تعاونيات إنتاجية لبعض السلع والخدمات التى يحتاجها أعضائها.
الايضاح السابق للتعاونيات وقواعدها كافى جدا من وجه نظرى لكى يبدأ الناس فى تأسيس تعاونيات واقع، بعقود مدنية تقوم على تلك القواعد بعيدا عن الإلتزام بقوانين التعاون المشوهة، لأن ما قد يتصوره البعض تفاصيلا أخرى ضرورية هو محل اتفاق أعضاء التعاونية ويتم بالتوافق بينهم، وبما يتلائم ونشاط كل تعاونية على حدة وبما لا يخالف القواعد.
على أن نأخذ فى اعتبارنا أن التعاونيات تمارس أنشطتها فى ظل بيئات مختلفة فقد تتشوة وتتبرقط وتترسمل، ويتم احتواءها من قبل الدولة، وخضوعها لمتطلبات السوق الرأسمالى، وهذا طبيعى طالما كانت ضعيفة ومنعزلة عن بعضها، والمطلوب ليس التخلى عن الفكرة لما قد يواجهها من صعوبات، ولا احتمالات تشوهها، بل هو مقاومة تلك التشوهات التى من الممكن أن تحدث بل وتحدث بالفعل.
ومن ثم فأنى أرى إضافة مجموعة من الضوابط والمعايير تحمى التعاونية من التبقرط والدولنة والرسملة، وتحافظ على طبيعتها الخاصة بخلاف القواعد الدولية، فمن خبرة التعاونيات الاسكانية فى مصر، أرى انه لابد من وضع ضابط مهم هو إنه يجب عدم السماح بالمتاجرة والمضاربة فى العقارات المبيعة، التى تبيعها التعاونيات الإسكانية، ويستحسن عدم بيع كامل حقوق الملكية، والاقتصار على التأجير، وحقوق الإنتفاع طويل الأجل، لفترات معينة فقط على أن تحتفظ التعاونية بباقى حقوق الملكية على العقارات المملوكة لها.
وبالمجمل مقاومة كل أشكال المضاربة، وامكانيات المضاربة، وعدم المشاركة فيها، وعدم مساعدتها، وتسهيلها كما يحدث فى الوحدات العقارية التعاونية فى مصر، ومن ثم ضرورة وضع ظوابط لاستهلاك مثل هذا النوع من السلع العقارية التى يسهل المضاربة والمتاجرة فيها.
تعبر المبادئ التعاونية عن دستور الحركة التعاونية الدولية، حيث يشمل مضمون الدستور مجموعة من المبادئ التي تهتدي بها كل الجمعيات التعاونية في تحقيق أهدافها في العالم. وعدم مراعاة "الهوية التعاونية"و التقيد الدقيق بها والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلي عواقب وخيمة وضارة تذهب بالصفة التعاونية والشعبية والديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تؤدي إلي الفشل والإخفاق الذريع. وإن عدم إتباع المبادئ والأسس التعاونية التي أنشأت علي أساسها الكثير من المشاريع التعاونية، انعكس سلبا علي الأداء، ولقد أثبتت التجارب العالمية أن مراعاة التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلى الاحتفاظ بالصفة التعاونية والشعبية للتعاونيات، والحفاظ أيضا علي الديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تجنب التعاونيات الفشل والإخفاق في تحقيق أهدافها. لقد كان للالتزام بالمبادئ التعاونية وبخاصة الديمقراطية، الأثر الكبير في استمرار الحركة التعاونية الأوروبية وتقدمها عالميا.



[1] من موقع الأمم المتحدة: السنة الدولية للتعاونيات2012 
[2] إعداد د. مجدي سعيد نحو إصلاح الحركة التعاونية في مصر من أوراق المؤتمر المصري الأول للنهوض والتنمية والذي عقد في 16، 17يوليو 2012 نشر في محيط يوم 07 - 08 - 2012 مركز "محيط " للدراسات السياسة والإستراتيجية
[3] احمد سبح, نحو مفهوم وبناء جديد للاقتصاد التعاوني المصري. 31/10/2013
 http://alphabeta.argaam.com/article/detail/93365
[4] د. أحمد حسن البرعى, الحركة التعاونية من الوجهتين التشريعية والفكرية، دار الفكر العربى،ص 13،القاهرة
[5] / نشوى زين دراسة عن التعاونيات وماهى التعاونيات؟  لماذا التعاونيات الان؟
[6] محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي - التمويل التعاوني: الوعاء الأمثل لاستخدام التمويل الأصغر في التنمية البوابة العربية, الحوار المتمدن-العدد: 3119 - 2010 / 9 / 8
[7] الدكتور هانز ديتليف فولكير المبادئ التعاونية اجتماع مشترك IRU / ICA، رابوبنك، أوتريخت، هولندا6 أبريل 1995
[8]  هانز ديتليف فولكير المبادئ التعاونية مصدر سابق
[9] د. أحمد حسن البرعى مصدر سابق ص 120.
[10] محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبى مصدر سابق.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية