الثلاثاء، 2 يونيو 2015

كفاءة النظام التعاونى

كفاءة النظام التعاونى
سامح سعيد عبود

يشير تقرير رأس المال وفخ الديون إلى أن التعاونيات تميل  إلى أن تكون حياتها أطول من الأنواع الأخرى من المشاريع الفردية، وبالتالي فالمشاريع التعاونية لديها فرص أعلى فى الاستدامة من المشاريع الرأسمالية. وفى إحدى الدراسات الواردة فى التقرير كان معدل بقاء التعاونيات على قيد الحياة بعد ثلاث سنوات من تأسيسها 75 بالمئة، في حين كان المعدل  48  في المئة فقط بالنسبة لجميع المؤسسات الرأسمالية والفردية... وبعد عشر سنوات، كان 44 في المئة من التعاونيات لا يزال على قيد الحياة، دون إفلاس أو غلق، في حين كانت النسبة 20٪ فقط لجميع المشاريع الرأسمالية. " ذلك أن المصارف التعاونية تبنى احتياطيات هائلة لمواجهة التقلبات الدورية للسوق ومن ثم تعمل جيدا في حالة أى أزمة"، وبالتالى فهى الأقل احتمالا لتوريط نفسها وأعضاءها نحو فخ الديون. ويفسر ذلك بديمقراطية إدارة التعاونيات التى تقلل من خطر القرارات الضارة الناتجة عن السعى الجشع للربح، وبالتالى تؤدى إلى عدم انزلاق التعاونيات إلى الفقاعات الاقتصادية التى تنتج عن المضاربات والمساهمات الرأسمالية المتهورة وغير العقلانية[1].
 كما يشير التقرير إلى أن النموذج الاقتصادي النيوليبرالي الذي يبدو مسيطرا الآن على الاقتصاد العالمي، لا يخدم المصالح طويلة المدى للمجتمع، لأنه يعتمد على إنتاج الحوافز الضارة للاستثمار والفقاعات الاقتصادية التي كثيرا ما تدمر الثروة، على الأقل بالنسبة للغالبية العظمى من الناس. فى حين أن التعاونيات، من ناحية أخرى، برهنت على ان لديها آليات أكثر ثابتا واستقرارا لخلق الثروة لأعداد أكبر من الناس. و"تعاونيات الإسكان، سواء نظمت حول استئجار منزل أو ملكيته، تساهم بشكل كبير في تجنب فقاعات الإسكان، فقد كان الرهن العقاري الثانوي في "الولايات المتحدة الأمريكية مصدرا رئيسيا للأزمة الاقتصادية العالمية 2007-2012. " وقد اتضح إن أزمات الاسكان ضعيفة أو معدومة في البلدان التي يكون فيها النظام التعاوني السكني قوي بشكل خاص، مثل ألمانيا أو النرويج. (ص 217)[2].
و هو ما يؤكده تقرير الحلف التعاونى الدولى عن الثلائمئة تعاونية الأكبر نجاحا في جميع أنحاء العالم[3]، الذى ورد فيه
"فى السنة الدولية للتعاونيات 2012، يحتفل التعاونيون بطريقة مختلفة لممارسة الأعمال التجارية، حيث أعضاء التعاونيات يملكون ويحكمون ويديرون أعمالهم ويتمتعون جميعا بالعوائد الناتجة عنها بدلا من أن تذهب جميع الأرباح للمساهمين ماليا فقط. وكثير من الناس المعنيين يدركون أن الشركات تسعى بقوة للحصول على أكبر حصة ممكنة من السوق والأرباح للمساهمين، ويشعرون بالقلق من أن هذا له تأثير سلبي على استقرار عالمنا، فأهم مهام الحروب فى ظل الرأسمالية هو البحث عن الأسواق وفرص الاستثمار وإدارة عجلة الإنتاج من أجل المجهود الحربى، وغالبا ما يؤدى التنافس المحموم والجشع الدموى إلى تكون حفنة من الناس الأكثر ثراء على حساب الأكثرية التى تسقط فى البؤس. ويرون أن التعاونيات هي البديل العقلانى على ذلك. وما يفرقهم عن طرق أخرى لممارسة الأعمال التجارية هو الفلسفة الكامنة وراء الحركة التعاونية. والتعاونيات الناجحة كما يشير التقرير، تستند على القيم التي تركز على تقاسم المنافع بين الكثيرين، وليس حصرها فى ملاك الشركات. ويعتقد البعض أن هذا صحيحا فحسب فى التعاونيات المحلية الصغيرة، وفي كثير من الحالات. ولكن الحقيقة إن بعض التعاونيات تنافس الشركات الكبيرة العاملة على المستوى الوطني أو الإقليمي، والبعض الآخر يعتبر من عمالقة الاقتصاد العالمي التى تقدر قيمة أعمالهم بالمليارات من الدولارات. ويشارك حوالي 1 مليار شخص في التعاونيات. وهؤلاء قوة لا يستهان بها،  وهم متحدين وراء فلسفة عمل فريدة من نوعها. فبينما الشركات تحارب بعضها البعض للحصول على حصة من السوق، تستمر التعاونيات في النمو بشكل مطرد، ورفع مستوى الرفاه العام بين الناس في جميع أنحاء العالم بروح من التضامن بدلا من استغلالهم لأغراض أنانية لقلة من الملاك. طالما كانوا متمسكين بالممارسات التجارية السليمة، ويعملون بكفاءة وفعالية"[4].
وعند مقارنة البداية المتواضعة للغاية لجمعية رواد روتشديل التعاونية، التى تأسست في عام 1844، والتى عادة ما تعتبر أول مؤسسة تعاونية ناجحة، وتستخدم كنموذج للتعاونيات الحديثة، المؤسسة على أساس"مبادئ روتشديل. حيث قامت مجموعة من 28 من النساجين والحرفيين الآخرين في روتشديل،بانجلترا بتأسيس جمعية لفتح متجر لبيع الأغذية التي لا يقدروا على شرائها. وبعد عشر سنوات من تأسيسها كان هناك أكثر من ألف من الجمعيات التعاونية في المملكة المتحدة.  ونرى إنه فى عام 2008 أى بعد 164 سنة، إن أكبر 300 تعاونية في العالم تولد إيرادات تساوى 1.6 تريليون (مليار 1،600) دولار أمريكي، وهو رقم مماثل للناتج المحلي الإجمالي لتاسع أكبر اقتصاد فى العالم. فكيف سيكون حجم الاقتصاد التعاونى عام 2114 مثلا، لو استمر نمو التعاون بهذا المعدل إذن، والتقرير يشير إلى وجود التعاونيات الأكثر نجاحا في الاقتصادات الأكثر تنافسية في العالم. وتضم قائمة الثلاثمئة تعاونية الأكبر فى العالم تعاونيات من 25 دولة، تتركز فى أوروبا والأمريكتين واليابان والصين وكوريا واستراليا ونيوزيلاند، وعبر مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، وهو ما يجعلنا ندرك مدى النمو الهائل والسريع للتعاونيات، رغم كل العقبات التى واجهتها وتواجهها، واعتبار هذا معيار لكفائتها، وللامكانيات القائمة فيها لتحقيق هدفها النهائى بالانتصار على الرأسمالية والحلول محلها.
فوفقا ل تشوي بيونغ وون، رئيس الدولية  التعاونية الزراعية (ICAO)، "التعاونيات هى البديل الذي يمكن أن يخفف من الأثر السلبي لسياسة عدم التدخل الحكومى فى الاقتصاد"[5].
و وفقا ل جان لوي بانسيل، رئيس الرابطة المصرفية الدولية التعاونية "البنوك التعاونية تعتمد نظرة طويلة الأجل، ولا تعتمد على السوق المالية لرفع رؤوس أموالها. ويعتمد هذا النموذج على الإدارة الديمقراطية، ومشاركة الأعضاء،  وتلبية مصالح أعضائها ومصالح العملاء. ولذلك فأن الأزمة المالية الأخيرة أثبتت أن نموذج العمل المصرفي التعاوني أكثر ملائمة واستجابة إيجابية للوضع من أي وقت مضى"[6].
وأظهرت تعاونيات المستهلكين القدرة على التكيف مع الأزمة المالية الأخيرة، وذلك بفضل نموذج محدد من المشاريع. ومع ذلك، فإنها عانت من الانخفاض في الاستهلاك، ولكن ليس بقدر مشاريع تجارة التجزئة الأخرى. ففي أعقاب أزمة الغذاء في عام 2008 التي شهدت ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية عالميا، بدأ النقاش في أوروبا حول بناء سلسلة للإمدادات الغذائية أكثر عدلا وأكثر توازنا. وقدمت تعاونيات المستهلكين وجهات نظرها حول الحلول الممكنة لتحسين أداء سلسلة الإمدادات الغذائية، وأهمها مكافحة المضاربة[7].
ووفقا للدكتور خوسيه كارلوس جويسادو رئيس الاتحاد التعاونى الدولى للصحة، فإن "تكاليف الصحة العامة تشكل عبئا ماليا كبيرا للحكومات وفي بعض الحالات، فإن استدامة النظام الصحى بعيدة عن أن تكون مضمونة لكل الأفراد. وهذا الوضع يفتح الأبواب للتعاونيات الصحية لتكون بمثابة مكمل أو بديل، حسب الحالة، لتوفير الصحة العامة؛ ولكن هذا يتطلب تشريعات لتحفيز المواطنين على المشاركة في التعاونيات الصحية "[8].
أما السيد شون تاربك، الرئيس التنفيذي لICMIF، فيقرر "أنه في عام 2008 فإن قطاع التأمين المتبادل والتعاونيات التأمينية وصل إلى  أكثر من 1 تريليون دولار في أقساط التأمين للمرة الأولى، وزيادة حصتها من سوق التأمين العالمي إلى 24٪ (22 ٪ من التأمين على الحياة و27٪ من غير الحياة)"[9].
ويقول السيد برونو روليناتز، الأمين العام للCICOPA "، إن التعاونيات العمالية والإنتاجية أفضل تسليحا لمواجهة المجهول والظروف غير المتوقعة. فهيكل هذه التعاونيات مكنهم من اتخاذ القرارات اللازمة، والاستجابة بمرونة للبيئة المالية المتغيرة. ونتيجة لذلك، فإن التعاونيات الصناعية والخدمية في جميع أنحاء العالم كانت عادة أكثر مرونة من حيث استمرار المشاريع والوظائف من العديد من الشركات من نفس الحجم ونفس البلدان والمشاريع التى تنتمى للقطاعين العام والخاص"[10].
ويشير السيد جونج كو لي، رئيس ICFO، أن "التعاونيات ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة لمصايد الأسماك في العالم."[11].
كان للأزمة المالية العالمية الأخيرة تأثير قوي على أسواق الإسكان في جميع أنحاء العالم. وقد أثبتت تعاونيات الإسكان قدرتها لتكون مقاومة للأزمة، وفقا للسيد ديفيد رودجرز، رئيس ICA الإسكان. فإن انخفاض أسعار الفائدة ساعد البعض علىى الصمود في وجه العاصفة المالية العالمية[12].
فقد أدت الأزمة المالية الراهنة إلى زيادة إدراك دور المؤسسات المالية البديلة، وأوجه الضعف في الاعتماد على شكل واحد من أشكال المؤسسات الاقتصادية المالية. ففي أثناء الأزمة، شهد قطاع التعاونيات والاتحادات الائتمانية تدفقا في إيداعات أموال الأعضاء الملاك الباحثين عن مكان أكثر أمانا لحفظ مدخراﺗﻬم. وإضافة إلى ذلك، فقد استطاع هذا القطاع الاستمرار في الإقراض بحذر، في الوقت الذي قامت فيه المصارف الأخرى المملوكة للمستثمرين بتقليص الإقراض نتيجة ضعف رأس المال لديها. وقد أبدت التعاونيات المالية مرونة وفي واقع الأمر حققت نموا في حجم المدخرات والقروض.
وفى كل من أيرلندا والبرازيل وكندا تمكنت التعاونيات المالية من مواصلة مستويات الإقراض السابقة أو زيادﺗﻬا أيضا. وتبين هذه النتائج أهمية التنوع المؤسسي في تعزيز مرونة النظام المالي عبر نموذج التعاونيات الائتمانية التي يملكها الأعضاء.
والتعاونيات المالية نجحت في الصمود أمام الأزمة المالية الأخيرة نسبيا. وقد تبين أن التعاونيات الأولية والمحلية هي الجزء الأكثر ثباتا في شبكة التعاونيات المالية. فلم يحتاج أي من الاتحادات الائتمانية في أنحاء العالم حتى الآن إلى إعادة تمويله من قِبل الحكومة للإبقاء عليه لما تتسم به من أمان وسلامة، وهذه حقيقة تشهد على قدرﺗﻬا على تحمل الاضطرابات المالية،  ففي هولندا، تلقت المصارف الكبرى ﺑﻬا دعما من الحكومة لرأس المال وكان الاستثناء  من ذلك هو المصرف التعاوني. وقد اقتصرت الخسائر بدرجة كبيرة على المستوى الأعلى من الهيكل التعاونى المركزى والدولى، خاصة في البلدان متقدمة النمو حيث قامت بالاستثمار في منتجات ذات هياكل معقدة، وتضررت من الانخفاض الكبير في الأسعار [13].
ومن ناحية أخرى أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 47/50 تاريخ 19/12/1992 تحت عنوان " دور التعاونيات في ضوء الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة " الذي تضمن إعلان أول يوم سبت من يوليو عام 1995 يوما دوليا للتعاونيات احتفاء بالذكرى المئوية لتأسيس التحالف التعاوني الدولي، وإمكانية اعتباره يوما سنويا للتعاونيات, لأنها أدركت الدور الكبير للحركة التعاونية في العالم، وإمكانية مساهمتها في الخطط التنموية الاجتماعية والاقتصادية، وضرورة تشجيع الحكومات على إشراك التعاونيات في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واخذ ذلك بعين الاعتبار عند دراسة الاستراتجيات الإنمائية الوطنية وتعزيز دورها من خلال الوكالات الحكومية، والمنظمات الوطنية الممثلة للتعاونيات, وطلبت من الأمين العام أن يواصل في حدود الموارد المتاحة دعم الأمم المتحدة لبرامج وأهداف الحركة التعاونية الدولية، وزيادة هذا الدعم، وتقديم تقارير دورية للجمعية العامة عن مركز التعاونيات ودورها.
وبناء على ذلك تقدم الأمين العام بعدة تقارير ركز فيها على أهمية دور التعاونيات الواسع في معظم المجتمعات، وما لها من قدرة على الإسهام في حل المشاكل الرئيسية، وتأكيد دعم الجمعية العامة للتعاونيات لإيجاد البيئة المشجعة لتنميتها، وتوجيه اهتمام الحكومات في كافة بلدان العالم، وخصوصا التي تجري في دولها تغيرات هيكلية هامة لمغزى التعاونيات الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والانتقال لدعمها، والاستفادة منها في بناء مجتمعها, وحث الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة ذات الصلة بالتعاونيات مثل البنك الدولي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وغيرها من المنظمات الحكومية المعنية، والمنظمات التعاونية الدولية على الانتماء مبكرا للجنة تعزيز التعاونيات والنهوض بها وعلى ضمان فعاليتها وتقديم إسهاماتها من الموارد المناسبة كما فعل ذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي في قراره 1668 (د-53).
وقد اهتمت منظمة العمل الدولية بالتعاونيات حيث ورد في الوثيقة التي عرضت على الدورة التاسعة والثمانين لمؤتمر العمل الدولي عام 2001 إطارا عاما لمسيرة التعاونيات في القرن الحادي والعشرين تمهيدا لصدورها عن الأمم المتحدة.
وتؤكد هذه الوثيقة على ضرورة تحرير التعاونيات من سيطرة الحكومات، ومسايرة المتغيرات العالمية السريعة المتلاحقة التي سادت العالم في السنوات الأخيرة، حيث أصبح للتعاونيات دورا مهما جديدا في البلدان الصناعية وفي البلدان الشيوعية السابقة بالإضافة للبلدان النامية، وخصوصا في مواجهة عدد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الجارية كالبطالة والتنمية الاجتماعية، وخصوصا أنه لم يعد ينظر للتنمية على أنها تقليد للبلدان الصناعية، وأضافت الوثيقة أن التعاونيات في البلدان الشيوعية السابقة كانت جزءا لا يتجزأ من النظام السياسي، ووسيلة لتحقيق مركزية استغلال الأراضي، وتوظيف الأيدي العاملة الزراعية، وتوزيع السلع الاستهلاكية، ولكنها استطاعت استيعاب التغير الذي حصل وتحولت من تعاونيات حكومية إلى تعاونيات حقيقية، يمكن الاعتماد عليها في التغير مما يعزز دور التعاونيات على حد سواء في البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقال، وقيام العاملون فيهما بترسيخ النموذج التعاوني القائم على الملكية والإدارة المشتركتين من خلال شراء منشآتهم في قطاعات النقل والخدمات والتصنيع بوصف ذلك وسيلة لحماية الوظائف الموجودة، وتوليد وظائف جديدة في عصر يشهد استمرار تخفيض عدد العمال نتيجة العولمة والتغيرات التكنولوجية [14].
 وفى النهاية يمكنا القول بأن  التعاونية لن تنتصرعلى الرأسمالية، إلا إذا كانت أكثر كفاءة اقتصادية من المشروع الرأسمالى، وهذ يتضمن تلبية أفضل لاحتياجات الناس المادية من الرأسمالية، وهذا لا يتناقض مع أهداف التعاونية، فالربح ليس هو الهدف من النشاط الاقتصادى عموما، وإنما هو وسيلة من ضمن وسائل أخرى متنوعة لتلبية الاحتياجات المادية للبشر، فاقتصاديات الاكتفاء الذاتى والإنتاج الطبيعى لم تكن تسعى للربح، ولكن لتلبية الاحتياجات المادية، وهو عين ما يسعى له الربح. الذى يحقق نفس الحاجات الذى يحققها النشاط غير الهادف للربح، لكنه ليس الطريق الوحيد لها.
تقاس الفاعلية الخارجية للجمعية التعاونية بمدى تحقيق التعاونية لأهدافها العامة، أما الفاعلية الداخلية للتعاونية فتقاس بكيفية استخدام التعاونية لموارد الإنتاج المتاحة لتحقيق الأهداف المحددة التى وضعها أعضاء الجمعية ومجلس الإدارة والمديرين وغيرهم.
أما كفاءة التعاونية فتقاس بمقدار الهدف منسوباً إلى التكاليف، كما تقاس بالعلاقة بين النتائج وبين التكلفة، ويرتبط مستوى "الكفاءة" طرديا بمستوى الإنتاجية، فكلما إزدادت الإنتاجية إزدادت الكفاءة، وكلما نقصت الكفاءة قلت الإنتاجية، ويمكن أن تكون التعاونية ذات كفاءة عالية بأن تنجح اقتصادياً لكن بدون أن تكون ذات فاعلية، حين لا يستفيد منها سوى عدد قليل من الأعضاء، أو كما فى حالة المشروع التعاونى الذى تقيمه جهة حكومية، ودون أية مساندة من أعضائها، وبغير التفاف منهم حولها، لكن الجمعية الفعالة يجب أن تكون على كفاءة اقتصادية إذا أرادت أن تحقق أهدافها طويلة الأمد التى رسمها الأعضاء ومجلس الإدارة، أى أن الكفاءة الاقتصادية وسيلة لابد منها للوصول إلى الفاعلية الداخلية[15].
أتضح مما سبق ذكره أن أهداف التعاونية تختلف عن أهداف المشروع الخاص، مما يجعل من المستحيل معرفة مقدار فاعلية المشروع التعاونى بمقارنة نتائجه الاقتصادية بنتائج المشروعات الخاصة، ويرى البعض أن درجة فاعلية المشروع التعاونى لا تقاس إلا بمقارنة أدائه الفعلى بالأداء التخطيطى المقدر له، لكن الكفاءة الاقتصادية شيء آخر لأن الكفاءة الاقتصادية تعنى مقدرة أى مشروع على استخدام موارده المحدودة بطريقة تحقق له أفضل النتائج الممكنة فى ظل ظروف معينة، مثل خفض التكاليف الثابتة، وتفادى المخاطر غير الضرورية، ولا يمكن الوصول إلى هذا الهدف إلا عن طريق تطبيق المشروع التعاونى لمبادئ الإدارة العلمية فى ميادين التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه وإتخاذ القرار والرقابة والتنسيق والاتصال والموازنات، فالكفاءة فى هذا المعنى هى فى المقام الأول وليدة الإدارة العلمية الجيدة[16].
و من ناحية أخرى كثيرا ما يعزى فشل التعاونيات إلى الحالات التي يمنح فيها الأعضاء المنتخبين في المناصب الرسمية لأنفسهم قروضا كبيرة، على نحو مخالف للقواعد أو يتخذون قرارات تعسفية بشأن تعيين وفصل الموظفين أو يتخذون قرارات استراتيجية واضعين مصالحهم الخاصة في الاعتبار. ولمعالجة هذه المسألة، لا بد من إعمال الأنظمة حسب الأصول من خلال القيام بصورة فعالة بالإشراف وبتدريب الأعضاء ووضع مبادئ توجيهية بشأن الأخلاقيات للمديرين.
كما تواجه التعاونيات خطر زوال التضامن، مما يحول الجمعية إلى مؤسسة مملوكة للمستثمرين. ومن العوامل التي تفضي إلى زوال التضامن الضغط التنافسي للتوسع، الذي يتطلب جمع مبالغ كبيرة من رأس المال بسرعة أكبر في أسواق رأس المال، فضلا عن اهتمام الإدارة بالحصول على أجر أكبر. ولئن كان من الصعب تحديد آثار زوال التضامن على الرعاية الاجتماعية، كما هي الحال عندما تفضي زيادة أرباح المستثمرين وزيادة أجور المديرين بالضرورة إلى انخفاض الأسعار وتحسين المنتجات والخدمات الموفرة للمستهلكين، فإن الفشل الذي لحق مؤخرا بالمؤسسات التي تحولت عن التعاضد في المملكة المتحدة، وهي نورثرن روك وبرادفورد وبينجلي، قد دفع المستهلكين إلى إعادة أعمالهم إلى الجمعيات التي تعمل على بناء التضامن[17].
وثمة مسأ لة تتعلق بالرعاية الاجتماعية تثار عندما تتصرف تعاونيات المنتجين الكبيرة كاحتكارات في السوق. ولئن كان مثل هذا السلوك يفيد أعضاء التعاونيات، فإنه يفرض على المستهلكين تكاليف للحصول على الرعاية الاجتماعية. ومع ذلك لا تتسم هذه المسألة بكثير من الأهمية في التعاونيات الاستهلاكية، حيث يكون أعضاؤها من المستهلكين.
ويواجه الهيكل التعاوني، على أساس تضارب المصالح بين الأعضاء والإدارة، تحديا يتمثل في قابلية انحرافه وتشويهه بالإدارة الانتهازية. ويحدث ذلك عندما تكون قاعدة عضوية التعاونية كبيرة جدا، بحيث تصبح المصلحة الفردية لكل عضو غير ظاهرة بالنسبة لمصالح الإدارة وحوافزها.





[1] http://en.wikipedia.org/wiki/Cooperativ 
[2] http://en.wikipedia.org/wiki/Capital_and_the_Debt_Trap
[3] Global300 Report 2010 International Co-operative Alliance  The world’s major co-operatives and mutual businesses
[4] تشارلز جولد المدير العام Iللحلف التعاونى الدولى نظرة عامة 300 تعاونية الأكبر التعاونيات في العالم.
[5] global300@ica.coop:
[6] المصدر نفسه
[7] المصدر نفسه
[8] المصدر نفسه
[9] المصدر نفسه
[10] المصدر نفسه
[11] المصدر نفسه
[12] المصدر نفسه
[13] ورقة قدمت في اجتماع فريق الخبراء المعني بالتعاونيات، الأمم المتحدة، نيويورك، ،Y. Vies (٢٥) . ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠٠٩ -٢٨
[14] محمد عامر الشيشكلي مستقبل القطاع التعاونى فى سوريا
[17]   R. Char. Beroff and others, “A comparative analysis of member-based microfinance institutions in East
.and West Africa, Nairobi, Microsave, 2000

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية