الجمعة، 26 يونيو 2015

كيف تنجح التعاونية ؟

كيف تنجح التعاونية ؟
سامح سعيد عبود

التعاونيات إما أن تكون استهلاكية لاستهلاك سلعة أو خدمة، أو إنتاجية لإنتاج سلعة أو خدمة، وكلا المجالين لا يجب أن يخضعا لنفس القواعد التعاونية المتعارف عليها دوليا بشكل حرفى، حتى تتمكن التعاونيات من النجاح فى مهمتها.

التعاونية الاستهلاكية :
 التعاونية الاستهلاكية لن تكون جذابة للمواطن المصرى وفق لأحكام القانون المصرى للتعاون،  طالما اشترى من التعاونيات بسعر السوق، ولا جاذبة للمواطنين للاشتراك بالعضوية، طالما كان العائد بالنسبة للأعضاء يتم استنزافه، وهذا لا يجعل العضو يشعر بفائدة كبيرة وفورية من العضوية فى التعاونية.
التعاونية الاستهلاكية لن تكون جذابة إلا عندما يحصل المواطن على ما يحتاجه من سلع وخدمات بأسعار أدنى بكثير من سعر السوق، وبشكل غير مؤجل لنهاية العام، بل فورا كلما أمكن، والغريب إنه كان من قواعد التعاون الثانوية، فيما سبق، البيع بأسعار السوق، وكان التبرير المقدم لهذا المبدأ الغريب هو عدم استفزاز التعاونيات للتجار، برغم انهم هم من يستفزون المستهلك الراغب فى الحماية منهم، واللاجىء للتعاونيات طلبا لتلك الحماية، والقاعدة الغريبة والقديمة الأخرى للتعاونيات هى عدم البيع الآجل،  برغم إن البيع بالأقساط يسهل فى أحيان كثيرة عملية الاستهلاك للمستهلك، وعندما يكون هذا التقسيط بلا فوائد أو بفوائد محدودة، فإنه سوف يكون أكثر جذبا للمستهلك، ومن هنا لابد من الاستغناء عن تلك القواعد تماما، والتعامل بقدر من المرونة مع القواعد الأساسية، ليتحقق هدف التعاونية، وهو توفير السلعة أو الخدمة بسعر المنتج الأصلى للسلعة والخدمة مضافا إلي السعر مصاريف النقل والشحن والتخزين والمصاريف الإدارية اللازمة، أى بأقل كثيرا من سعر الجملة، وبشكل فورى غير مؤجل، وهو ما سوف يجذب المستهلك لعضوية التعاونية. وهو ما يمكن على النحو التالى:
أولا:- التقليل من مصاريف الإدارة، إلا فى حدود الضرورة، والاعتماد كلما أمكن على طوعية العمل الإدارى، أو توزيع أدوار الإدارة بين الأعضاء، مثل مهام البيع والشراء، ومسك الحسابات والدفاتر، فكل تلك العمليات ليست معضلات، ولا هى مهن تحتاج مهارات وتدريبات عالية أصلا، وباستخدام التكنولوجيا التى توفرها برامج الكومبيوتر للمحاسبة لن تحتاج إلا للقليل من الخبرات العملية، وبعض التعليم الأساسى.
ثانيا:- فى حالة التعاونيات الاستهلاكية لا قيمة كبيرة لرأسمال، ومن ثم يمكن الاستغناء عن فكرة الفائدة المحدودة على رأسالمال أو تقليلها قدر المستطاع، فعلى سبيل المثال، ما قيمة أن يأخذ العضو ستين جنية فى العام على ألف جنية دفعهم كقيمة للسهم فى حالة الربح، مقابل ما سوف يجنيه من فوائد خفض الأسعار الناتج عن عضويته فى التعاونية، ومن ثم يمكن اعتبار الأسهم نوع من أنواع الاشتراك فى الأندية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، أو تبرعات الجمعيات الخيرية لدعمها فى حالة تعدد الأسهم لتوسيع رأسالمال التعاونية، وتحسين خدماتها.
ثالثا:- الإلتزام بقاعدة مستحدثة، وهى عدم بيع السلع، ولا تقديم الخدمة إلا لأعضاء التعاونية، باستثناء حالات الضرورة الملحة، وهذه القاعدة سوف تؤدى إلى توسع مستمر لرأسمال التعاونية، وهى مشروطة وفق القواعد بضرورة المساهمة الاقتصادية للعضو من جانب، وتسهيلها من التعاونية من جانب آخر، لأن كل من يرغب فى الاستفادة من خدماتها وسلعها سوف ينضم إليها..ومن ناحية ثانية لن تضطر التعاونية لبيع سلعها وتقديم خدماتها بسعر أقل قليلا من سعر السوق، لغير الأعضاء إلا فى حالة الضرورة القصوى لتصريف الراكد من السلع مثلا،  بل سوف توفرها بسعر أعلى قليلا من سعر المنتج الأصلى بعد إضافة  حساب المصاريف الإدارية وفوائد الأسهم إن وجدت، ومن ثم سوف يصبح السعر أدنى بكثير من سعر السوق، وهذا سوف يؤدى لنتائج مهمة إنه لن يكون هناك عائد مؤجل يوزع على الأعضاء فى نهاية العام، ولن يكون هناك ضرورة لتكوين احتياطى كبير يخصم من قلب العائد، طالما تم تسهيل العضوية وتشجيعها، مما يضمن توسيع رأسالمال بشكل مستمر، فضلا عن توفير ما يخصم مقابل خدمة المجتمع المحلى طالما لن يتم البيع لغير الأعضاء أو على الأقل تقليل نسبته من العائد بشرط عدم البيع لغير الأعضاء.
رابعا:- هناك طبعا احتمال أن تشح سلع يزداد عليها الطلب، أو تتكدس سلع لا طلب عليها، ولتلافى تلك الخطورة، لا بد أن يتم الإلتزام بشراء السلع والخدمات لصالح التعاونية بناء على استطلاع رغبات الأعضاء حول نوعية وكمية السلع والخدمات التى يحتاجونها بالفعل، كنوع من الشراء بناء على الطلب المسبق، وهذا يقلل من خطر تكدس البضائع، واحتمال تلفها، وتخطيها تاريخ الصلاحية.
خامسا:- إعطاء الأولوية فى التعامل مع التعاونيات الإنتاجية لشراء السلع والخدمات التى تحتاجها، وهذا يمكن أن يكون بأسعار أقل كثيرا من أسعار السوق غير محملة بأعباء الإعلانات والتغليف ومصاريف التسويق.
سادسا:- أن تنبثق من داخل التعاونية الاستهلاكية تعاونيات إنتاجية توفر للأعضاء السلع والخدمات التى يحتاجونها، وهى تبدأ من أول التغليف والتعبئة، وبعض الصناعات الخفيفة كصناعات الألبان، وتجفيف وتجميد الفواكهة الخضروات، وإصلاح الأجهزة وتجميعها وصياناتها، ووسائل نقل للبضائع وتخزينها وتوصيلها للأعضاء، وهى سوف تحدث نوع من التكامل بين التعاون الإنتاجى والاستهلاكى، وسوف يحقق وفر فى الأسعار لصالح المستهلك.
النتيجة المتوقعة من توسع التعاونيات الاستهلاكية عبر السوق لو اتبعت تلك القواعد هى إفلاس الكثير من التجار والوسطاء والسماسرة نظرا لذلك، وهو ما لا يصح أن يكون محلا للشفقة فى ظل السوق المتوحش، وقواعده التى لا تعرف الرحمة أصلا، ولماذا نشفق عليهم أصلا وهم لا يشفقون على المستهلكين، ولماذا نحرص على وجودهم وإزدهارهم اجتماعيا واقتصاديا، ومهنهم مهن طفيلية يمكن الاستغناء عنها تماما فى المجتمع، فهم لا ينتجون أى قيمة أو ثروة، ولا يشاركون فى صنع الفائض الاجتماعى إلا فى نهبه من المنتجين والمستهلكين، ونحن لن نمنعهم من استثمار طاقاتهم وأموالهم فيما هو مفيد اجتماعيا فى الإنتاج والخدمات الضرورية.

التعاونيات الإنتاجية :
بالطبع حين تتحدث عن التعاونيات الإنتاجية، ينفجرون فى وجهك كيف تدخل التعاونيات عالم المصانع العملاقة، وشركات النقل والبترول الخ، وهى مجالات تحتكرها الرأسمالية والدولة بلا منازع، والكلام يبدو صحيحا على نحو صاعق للجهول، ويخرس لسان من لا يعلم، ولكن الحقيقة إنه عالميا تتدخل التعاونيات فى هذه الأنشطة بالفعل من مصانع السكر والنسيج، ومحطات توليد الطاقة وتحلية المياة ووسائط النقل الجماعى والجامعات وغيرها، عبر ما يعرف بنظام الريجى التعاونى وهو نوع من الاتحادات التعاونية العملاقة بين التعاونيات المختلفة، وهو موجود فى البلاد ذات الحركة التعاونية القوية، وهذا بالطبع غير مطروح على الحركة التعاونية المصرية الآن كهدف فى بدايتها فى بلد كمصر، ومتروك لتطورها فى المستقبل، كما أن تحويل المشاريع الرأسمالية إلى تعاونيات يمكن أن يتم عبر  تغيير سياسى وضغط عمالى واجتماعى فى المستقبل، فضلا عن إنه يحدث بالفعل فى المشاريع التى يتم إغلاقها عندما يستولى عليها العمال ويديرونها لصالحهم وفق قواعد التعاون، وهى تجربة تواترت فى العديد من البلدان فى الفترة الأخيرة ومنها مصر نظرا لأزمة الرأسمالية الأخيرة فيما يتعلق بالإنتاج السلعى تحديدا.
أولا:- الأهم والأجدى عمليا أن نبدأ من ما هو ممكن فى ظل شروط الواقع الحالى، وأن نترك الصعب للمستقبل عندما تتغير الظروف، بدلا من الاكتفاء بحلم الثورة ونضالات الثرثرة. وما هو ممكن للتعاونيات الآن يشمل كل الأنشطة الزراعية والصناعات القائمة عليها، وفى مجالات الطاقة الشمسية وتدوير المخلفات، وفى الملابس الجاهزة والبناء وتشغيل اليد العاملة، والكثير من الصناعات المغذية للصناعة كتشكيل المعادن وصناعة الزجاج، وصناعة المكونات البسيطة للأجهزة والآلات، وتجميعها، والصناعات الحرفية المختلفة، فضلا عن معظم الخدمات الضرورية من تعليم وعلاج ومواصلات..المهم أن نفهم أننا يمكن أن نبدأ من البسيط والأقل طلبا للتمويل ولرأسالمال، ولندع التراكم يتضخم لدى التعاونيات تدريجيا، وهو كفيل لها بالدخول إلى مجال المشاريع الأكثر احتياجا للتمويل ولرأسالمال، وخصوصا عند تفعيل مبدأ التعاون بين التعاونيات.
المشاريع الصغيرة فى مصر،  كلها مشاريع يمكن أن تحل محلها التعاونيات، وتشارك بـ 80 بالمئة من الفائض الاجتماعى، ويعمل بها 70 بالمئه من قوة العمل، وهى ليست مشاريع رأسمالية فى الحقيقة حتى لو استخدمت عمل مأجور، فالعمل المأجور غالبا لا يشارك منفردا بدور رئيسى فى إنتاج القيمة المضافة بعيدا عن صاحب العمل، وهى غالبا مشاريع فردية وعائلية وسلعية بسيطة أو رأسمالية بدائية، وهى نظرا لتشرذمها وتفككها ضعيفة الإنتاجية ومتخلفة تكنولوجيا، حيث لا تستفيد من امكانيات وفرص الإنتاج الكبير والتكنولوجيا المتطورة التى تحتكرها المنشئات الرأسمالية والدولة، ويمكن بتجمعها تعاونيا أن تستفيد من تلك الإمكانيات الهائلة، وأن تتطور تكنولوجيا، ومن ثم أن تزيد من إنتاجيتها.
ثانيا:- الفكرة الجوهرية فى التعاون الإنتاجى، هى إن يكون العضو عامل ومشارك اقتصاديا فى رأسالمال، ومنظم إداريا لمشروع يتحمل هو وشركاءه خسائره، ويستفيد هو وشركاءه من أرباحه، بعيدا عن ما ينهبه المالك الرأسمالى والمدير البيروقراطى، ومن ثم فعمل العامل التعاونى، لابد وأن يكون أكثر إنتاجية من العمل المأجور، الذى بدوره أكثر إنتاجية من العامل الجبرى، ومن العمل العبودى، ومن ثم فالتعاونية الإنتاجية لا يجب أن تستخدم العمل الجبرى أو العمل المأجور، حفاظا على تلك الميزة، ومن ثم أن تسهل العضوية على من يرغب بالعمل فيها، بتسهيل مشاركته الاقتصادية فيها، وهو ما يوسع من رأسمال التعاونية، ويحل جزئيا مشكلة التمويل.
ثالثا:- التسويق هو أخطر مشاكل المنتج للسلعة ومقدم الخدمة، ومن ثم على التعاونية الإنتاجية حتى تنجح، أن تحل هذه المشكلة بخلق سوقها التعاونى الذاتى مع بداية الإنتاج الفعلى، وهذا ممكن عبر دفعها لتكوين تعاونيات استهلاكية مقابلة تستهلك سلعها وخدماتها، التى سوف تحصل عليها التعاونيات الاستهلاكية، بأسعار غير محملة بتكلفة الإعلانات والتغلفة والتسويق، أى بأسعار أقل كثيرا من سعر السوق للمنتج الأصلى، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى التوجه لتسويق منتجاتها لدى التعاونيات التى تحتاج سلعها وخدماتها، وهذا يضمن تصريف منتجاتها بسرعة أعلى من المشروع الرأسمالى الذى يترك سلعه وخدماته ليد السوق العشوائية.
رابعا:- القواعد التعاونية لا تتنافى مع بيع خدمات التعاونيات وسلعها للمستهلك العادى عبر السوق الرأسمالى بالطبع، لكن يمكن لحل مشكلة التمويل الرأسمالى، وضمان تسويق السلع والخدمات، أن تشترط التعاونية الإنتاجية نوع من العضوية الاستهلاكية بها لمن يرغب فى استهلاك السلع أو الخدمات التى تنتجها أو تقدمها التعاونية، بحيث يستفيد العضو المستهلك بالسلعة والخدمة بسعر أقل كثيرا من سعر الجملة بالسوق لإنها غير محملة بكثير من تكلفتها كالإعلانات والتعبئة والتغليف والتسويق وأحيانا النقل والتخزين.
خامسا:- هناك طبعا احتمال أن  تتكدس سلع لا طلب عليها، ولتلافى تلك الخطورة، لا بد أن يتم الإلتزام بقدر الإمكان بإنتاج السلع والخدمات لصالح المستهلكين الثابتين بناء على استطلاع رغباتهم فى نوعية وكمية السلع والخدمات التى يحتاجونها بالفعل، كنوع من الإنتاج بناء على الطلب، وهو ما يقلل من خطر تكدس البضائع واحتمال تلفها وتخطيها تاريخ الصلاحية.
سادسا:- فوائد رأس المال ضرورية فى التعاونيات الإنتاجية لتشجيع التمويل وتوسيع رأسالمال وجمع مدخرات صغار المدخرين، كما أن تكوين الاحتياطى مهم وضرورى فى حالة الإنتاج على أن يكون تحت سيطرة التعاونية نفسها، كما إن خدمة المجتمع ضرورية مقابل الإعفاءات الضريبة والتسهيلات المختلفة التى تقدمها الدولة للتعاونيات على أن تضخ فعلا تلك الخدمة لصالح المجتمع المحلى، وبواسطة التعاونية نفسها.
سابعا :- لن تنتصر التعاونية على الرأسمالية إلا باستخدامها تكنولوجيات أكثر إنتاجية، ومن ثم فموضوع تشجيع البحث العلمى والتطوير التكنولوجى للعملية الإنتاجية، وتبنى البدائل التكنولوجية التى يتيحها العلم والتطوير التكنولوجى، والتى يقف حائلا دون الاستفادة منها الشركات الرأسمالية العملاقة، فى منتهى الأهمية لكى تحقق التعاونية كفاءة أعلى من المشروع الرأسمالى (راجع تجربة موندراجون فى التعليم التقنى والبحث العلمى والتطوير التكنولوجى).
التكنولوجيا البديلة يمكن أن تفتح الباب لسيادة التعاونيات كنمط إنتاج وتوزيع وتبادل أو العمل الفردى الحر وإنهاء العمل المأجور والأمل أن تستطيع تلك مثل التكنولوجيا البديلة أن تحطم النموذج الآلى الجمعى فى الإنتاج والتوزيع والتبادل الذى يمثله خط الإنتاج وأساسه تقسيم خطوات الإنتاج على مراحل كثيرة الذى أسفر عن استخدام العمل المأجور الموسع وهو جوهر الرأسمالية الصناعية والزراعية ودولتها الحديثة شديدة التدخل فى حياة مواطنيها، وأيضا الإنتاج الكبير من أجل الأسواق الواسعة والتبادل والربح، وبما تسببه تلك الطريقة من أزمات دورية، والذى أنتج مجتمع الاستهلاك وقيمه، تكنولوجيا خط الإنتاج هى التى حررت العبيد والأقنان من العمل الجبرى، وأفلست الحرفيين وحولتهم لعمال مأجورين، ولكن تكنولوجيا خط الإنتاج فى تطورها أصبحت تستغنى عن العمال المأجورين بالآلة التى احتاجتهم فاستعبدتهم، ثم تركتهم للتهميش والبطالة والأعمال التافهة والوضيعة بعد أن استغنت عنهم.
التكنولوجيا البديلة يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتى والاستقلال الذاتى للفرد وللجماعة التعاونية هى الحل، وهى موجودة بالفعل إلا ان معظمها غير منتشر اقتصاديا (البطاريات والسخانات الشمسية ) على سبيل المثال، ولا أعرف هل هذا لأسباب عملية أم لأسباب احتكارية فى الحقيقة لكنها الطريق الصحيح للتغيير الاجتماعى.
كفانا حديثا مستهلكا عن الأيديولوجيات والشعارات، نحن فى عالم مادى لا تغيره الأفكار والمثل، نحن فى عالم غاية فى التعقد لا تصلح معه تلك الهندسات الاجتماعية، ولا تلك الرؤى التبسيطية المخلة للواقع الاجتماعى، فلنبحث ولنفكر قليلا فى التكنولوجيا البديلة كيف نصل إليها وكيف نتملكها ونستخدمها فرديا وتعاونيا لتحقيق أقصى ما يمكن من الاستقلال الذاتى للأفراد والجماعات التعاونية.
   أرجوا أن أكون أجبت عن السؤال....نعم نستطيع أن ننتصر ولكن عبر طريق مختلف.


خـاتــمــة

إذا كنا نريد أن نصل إلي هدفنا الرامي لخلق جمعيات تعاونية حقيقية ونموذجية. علينا أن نأخذ فى اعتبارنا أن التعاونيات تمارس أنشطتها فى ظل بيئات مختلفة فقد تتشوه وتصبح مؤسسات رأسمالية تهدف للربح، أو مؤسسات بيروقراطية، ويتم احتواءها من قبل الدولة، وخضوعها لمتطلبات السوق الرأسمالى، وهذا طبيعى طالما كانت ضعيفة ومنعزلة عن بعضها، والمطلوب ليس التخلى عن الفكرة لما قد يواجهها من صعوبات، ولا احتمالات تشوهها، بل هو مقاومة تلك التشوهات التى من الممكن أن تحدث، بل وتحدث بالفعل، فالتطور الاجتماعى يحدث ببطء وتدريجيا، وخط سيره ليس فى خط مستقيم، ولا فى اتجاه واحد، ولا بسرعة ثابتة، بل بمعدلات  متفاوتة من السرعة، وهناك تراجع وتقدم، انتصارات وهزائم، التواءات وانحرافات، وهبوط وصعود، وانما يحدث التطورعبر تراكم من تغيرات بطيئة وضئيلة، وربما غير محسوسة هنا وهناك، حتى يحدث التغيير الكيفى فى المجتمع.
أن تاريخ التعاونيات  لم يبدأ بتشريعات من الدول والحكومات، بل بدء أولا بمبادارت شعبية تطوعية عفوية وضعت قواعد لعملها،دون انتظار رضا أو موافقة أحد، ثم تبلورت هذه القواعد فى عشرة قواعد عالمية، ثم دست الحكومات أنفها فى التشريع والتقنين. هذه القواعد المتفق عليها عالميا تميزها عن المشاريع المملوكة للدولة، لأنها نشاط مدنى حر كالمشاريع الرأسمالية، لكنه فى نفس الوقت مختلف عن الشركات الرأسمالية سواء أكانت شركات أشخاص أو شركات أموال، بقواعد متميزة.
التعاونية فى النهاية ونظرا لحرصها على الاستقلال عن الدولة وعن السلطة هى حركة اجتماعية اقتصادية ثقافية فى المقام الأول، وأى تعاونية ترتبط بالدولة أو بالسلطة السياسية، وأى تشابه لها بالرأسمالية يخرجها على الفور من جوهر الفكرة التعاونية.
التعاونية تتناقض مع العمل المأجور والجبرى لدى الغير، واستخدام التعاونية للعمل المأجور والجبرى يطردها خارج جوهر التعاون.
التعاونية حركة تحرر إنسانى، وليست أحد حلول مشاكل التنمية فقط.
وأخيرا تعونة كل أنشطة الخدمات والإنتاج هو هدف التعاونيين النهائى الذى يسعون إليه.
 ومن هنا تبرز معضلة العمل التعاونى فى اللحظة الراهنة فى مصر بين محورين
الأول كون التعاونية حلا سريعا وممكنا لمشاكل حالة وآنية وان يتم هذا من خلال تعاونية فى شكل شركة او تعاونية واقع فنتمكن من حل المشكلات.
ثانيا كونها اداة نضالية يمكن من خلال تراكم عملها وتوسيع شبكتها احداث التغيير االاجتماعى المنشود.
إلى أى من المحورين ننحاز هذا هو السؤال ؟


0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية