الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

استبيان رأى عن اللاسلطوية

استبيان رأى عن اللاسلطوية

سامح سعيد عبود

بمناسبة ذكرى مرور 11 عام على بدء استخدامى الأنترنت فى شرح الأفكار اللاسلطوية ، طرحت مجموعة من الأسئلة على قائمة بريدية تضم زملاء وأصدقاء ورفاق راجيا بالحاح الرد عليها معللا ذلك برغبتى فى تقييم تجربتى أولا لكى اطورها و أطور أفكارى نفسها،وكانت الأسئلة هى

هل أنت لاسلطوى أم لا ؟، و إلى أى من المدارس اللاسلطوية تنتمى مجالسى، نقابى ثورى، تعاونى، فردى؟، و ما هو الطريق الذى تتبناه لتحقيق اللاسلطوية، الثورة الاجتماعية/السياسية أم الإصلاح اللادولتى أم التحرر الذاتى؟، و ما هى تحفظاتك على اللاسلطوية؟، و هل تهتم بمعرفة اللاسلطوية أم لا ولماذا؟، و هل أنت ملم باللاسلطوية وما مصادر ومستوى هذا الإلمام؟، وهل تعتبره كافيا لاتخاذ موقف منها؟، وهل أفادتك المادة النادرة المنشورة بالعربية عن اللاسلطوية على الأنترنت؟، و هل ترى أن هناك امكانية لكى تصبح هذه الأفكار أيديولوجية جماهيرية بدلا من انحصارها فى أفراد ومجموعات قليلة؟ ، وفى النهاية لم يتفاعل إلا ثمانية من المرسل إليهم لم يجيبوا على كل هذه الأسئلة على النحو الذى أرغبه، و مازلت أرغب فى معرفة اجابة أكبر عدد ممكن لهذه الأسئلة التى هى على سبيل استبيان الرأى.

صدمتنى اجابات بعض المقربين الذين يبدوا أنهم لم يقرأوا ما كتبته حول فهمى للتغيير الاجتماعى نحو اللاسلطوية، وفق مفهوم التحرر الذاتى أو ما يسمى ثورة كل يوم، والذى يعنى بناء تدريجى تراكمى لمجتمع المستقبل اللاسلطوى من قلب ومن هامش المجتمع السلطوى القائم، وعلى أساس ما هو موجود فعلا فى هذا المجتمع من علاقات اجتماعية لا سلطوية هامشية كالتعاونيات وغيرها ، بعيدا عن خلق اليوتوبيات، و صنع البرامج، و وطرح الشعارات، باستثناء مقال الديمقراطية التى نريدها، و برنامج التيار اللاسلطوى ، أما عن مفهوم التحرر الذاتى فقد سبق و طرحته تفصيلا فى مقالات التحرر الذاتى، ثورة أم اصلاح كل يوم، الطريق إلى الحرية والمساواة ، معالم اليسار اللاسلطوى الجديد، التعاونيات أداة للتحرر الذاتى، و يبدوا أنهم لم يقرأوا المقالات التى تطرح حلولا لا سلطوية و عملية فى نفس الوقت لمشاكل واقعية ، أذكر منها على سبيل المثال كيف نقاوم ارتفاع الأسعار؟، ومقترحات عملية، وأى شرعية تلك التى يحترمون؟، والمهمشون وكيف تساعدهم التعاونيات، ، ومشروع شركات مدنية وفق قواعد التعاون، وغيرها من المقالات، وذلك دون تحريض منى على أى ثورات ، ودون التبشير بانتظار خلاص نهائى لكل البشرية بالضربة القاضية الفنية فى الدنيا أو فى الآخرة ، ذلك لأنى بت مقتنعا أن البشر بتركيبهم الحيوى والعقلى والنفسى الحالى، ولفترة طويلة سوف تتراوح علاقاتهم الاجتماعية ما بين التسلط والتحرر، والمساواة واللامساواة، ومن ثم قد يطول أمد النضال اليومى من أجل زيادة حجم التحرر والمساواة على حجم التسلط والامساواة فى تلك العلاقات.

وبناء على ما سبق فإن الأكثر عملية وجدوى من وجهة نظرى أن نبحث لأنفسنا أفرادا أو جماعات عن خلاصنا الفورى للتحرر من التسلط واللامساواة ، ، ذلك أن المستسلمين لعبوديتهم، والمستمتعين بدونيتهم عليهم النضال بأنفسهم كى يحرروا أنفسهم لو شاءوا، وعلينا أن نكون مثلا لهم وقدوة فى هذا النضال لا أكثر، مرشدين لهم دون أن نعين أنفسنا أوصياء عليهم، فكل أدرى بمصلحته، وهذا الحل هو ما أراه ممكن ومتاح وواقعى، إلا أنه سوف يكون نسبى بالطبع طالما نعيش فى مجتمع تسوده العلاقات الاجتماعية السلطوية، وربما أكون مخطئا فى ذلك، ولكن حتى الآن لم يناقشنى أحد قبولا أو رفضا فى الفكرة نفسها، الذى أعرف مدى صعوبة تحققها فى مجتمعات استبدادية ومحافظة مثل مجتمعاتنا تعيق استقلالية و تقيد حرية كل من الأفراد والجماعات المدنية على السواء، على عكس مجتمعات أكثر تحررا تشكل مناخا مواتيا أكثر لنجاح تلك العملية، لكن ذلك التكتيك برغم ما يشوبه من صعوبات أفضل من انتظار ما لا يأتى إلا نادرا فى التاريخ، وأفضل من استنزاف الجهد والطاقة فى أشكال من النضال التى لا جدوى منها، وأصدار أطنان من البرامج والبيانات والتقارير التى لا يقرأها أحد، و أفضل فى نفس الوقت من التكيف مع الواقع الراهن، وخفض سقف أهدافنا لمجرد تحسين أوضاع العبيد مع استمرار عبوديتهم، ورفع شعارات نخب لا تعنى قضاياها الجماهير، و من ثم عاجزة عن حشدهم من أجلها.

أعتقد أن استمرار تصاعد هذه العملية التحررية التى تحدث فعليا فى الواقع بمرور الوقت بصرف النظر عن إرادتنا، سوف يقرب المزيد من البشر يوم بعد يوم من الخلاص النهائى، عندما يتحول ما هو هامشى من علاقات لاسلطوية موجودة بالفعل أو يمكن انشاءها عمليا إلى وضع السيادة اجتماعيا، فى حين تتقلص العلاقات الاجتماعية السلطوية لصالح سيادة متنامية للعلاقات اللاسلطوية، و هذا يتطابق مع الرؤية العلمية التى يتبناها معظم اللاسلطويون للتطور الاجتماعى باعتباره عملية تطور تراكمى مستمر، لا يحدث فجأة ومرة واحدة وعلى نحو إرادى ، فهذه العملية التطورية كما فى البيولوجيا تماما تحكمها قواعد موضوعية، و العلاقات الاجتماعية يمكن أن تزيد أو تقل عبرها تسلطا أو تحررا حسب ظروف موضوعية لا دخل للبشر فيها من جانب، وحسب نضال البشر نحو مزيد من التحرر أو مزيد من التسلط من جانب آخر.

أما الثورات السياسية الكبرى فهى مجرد احداث استثنائية ونادرة فى التاريخ، قادها أفراد عاديون كانوا يحملون بمحض الصدفة أفكارا ثورية سبق وأنتجها لهم مفكرون انتقدوا الواقع الاجتماعى القائم، مبشرين بواقع اجتماعى جديد، والثورة بمثابة المشهد الدرامى الأكثر إثارة ولفتا للانتباه فى التاريخ ، لكن التغيير الاجتماعى نفسه يحدث بهدوء ودون ضجيج قبل هذا الحدث وبعده وفى أثناءه، يبدأ بهدوء من علاقات وقوى الإنتاج والتوزيع والتبادل بسبب تطور التكنولوجيا (الثورة الاجتماعية) ، لينتهى بالسياسة (الثورة السياسية) ، ثم تغيير الوعى الاجتماعى (الثورة الثقافية)، وليس العكس كما يصر على هذا الإرادويون والمثاليون والخياليون بالفعل، والثورة السياسية بشكلها التقليدى كما فى القرون الماضية نفسها أصبحت تتناقص احتمالات حدوثها باضطراد ، هذا إن لم تكن مستبعدة بالفعل فى المدى المنظور. وذلك لأن هناك تطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية وتكنولوجية وثقافية، طرأت مؤخرا على المجتمعات البشرية،جعلت الثورة السياسية بشكلها التقليدى أقل احتمالا عن ذى قبل.

لكن تلك التطورات لا ينبغى أن تدعونا للتشاؤم، و قد حدثت أمام أعيننا ثورة اقتصادية جديدة بالفعل. وذلك مع اختراع الكومبيوتر الشخصى ومعه الوندوز والأنترنت فى الثمانينات من القرن الماضى، مما أدى لجعل معظم الإنتاج والتوزيع والتبادل الإعلامى والثقافى والفنى والمعلوماتى أكثر تحررا من الرأسمال والدولة، فهناك ملايين متزايدة باطراد من البشر أصبحوا يحصلون على احتياجاتهم من المعلومات والتعليم والتثقيف والترفيه والتسلية مجانا، وهناك ملايين متزايدة باطراد من المنتجين لذلك النوع من السلع يضعون انتاجهم مجانا بعيدا عن وسطاء النشر والتوزيع الرأسماليين أو الدولة، ولا عزاء لحقوق الملكية الفكرية فى هذه المجالات، وبانتقال استخدام الأنترنت من نظام الكابل إلى اللاسلكى، وانتشار استخدام اللاب توب والنوت بوك بدلا من الكومبيوتر المكتبى، سوف يقترب هذا القطاع من أن يصبح لاسلطويا بالفعل، لولا استمرار أعداد متناقصة من المستهلكين بحكم عاداتهم المحافظة، وميلهم للتباهى الاستهلاكى، بشراء الكتب والصحف والمجلات الورقية والأسطوانات وشرائط الكاسيت والفيديو، و فى الذهاب لدور السينما والمسرح و الحفلات والملاعب الرياضية والمعارض الفنية. وفى مشاهدة التليفزيون، لعجزهم أحيانا أو عدم تعودهم أحيانا أخرى على استخدام الكومبيوتر والأنترنت فى إشباع احتياجاتهم فى تلك المجالات. لكن بعد عقود قليلة من الآن مع نشوء عادات جديدة واختفاء العادات القديمة، سوف يختفى هذا النوع من المستهلكين، لنقول وداعا للرأسمالية والدولة فى تلك القطاعات.

لا شك أن برامج نظام ليونكس مثل شهير على أن كثيرا من البرامج يصنعها أفراد لا يرغبون فى الربح ، و مع الوقت سوف يزداد استخدام نظام ليونكس المجانى، بعيدا عن استهلاك الوندوز والأوفس غير المجانيين. و لا شك أنه مع اختراعات واكتشافات أخرى ، مثلما هو متوقع بالفعل فى الهندسة الوراثية والعلاج الجينى، والطاقة البديلة من الرياح والشمس هذا من جانب قوى الإنتاج، و انتشار الاستهلاك والانتاج التعاونى، واثبات تفوقه على الإنتاج والاستهلاك الرأسمالى أو الدولتى فى اشباع أفضل لاحتياجات البشر هذا من جانب علاقات الإنتاج، سوف نقترب أكثر فأكثر من الخلاص النهائى، بعيدا عن الخيالية التى سوف يظل اللاسلطويين متهمين بها ، طالما هناك من لا يقرأ أو يتأمل الواقع.

1 تعليقات:

في 14 مايو 2010 في 6:38 ص , Anonymous http://sakurdistan.kurdblogger.com/ يقول...

الرفیق العزیز
بعد تحیاتنا الحارة

لقد وصلتنا قائمة الکترونیة و سجلنا اسمنا، وکن لم نآتی بهذن الاسئلة التی نشرت فی هذە مقالة
الیوم بعد قراءة الاسئلة لقد ارصلناها الی الرفاقنا فی منبر الانارکیین کوردستان
KAF

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية