النفس المريضة والقلقة والحائرة
كتاب تقدم علمى تأخر فكرى
سامح سعيد عبود
سامح سعيد عبود
النفس المريضة والقلقة والحائرة
نعرف أنه طالما ظل الإنسان يملئه الخوف من الأخطار المحيطة به ،سواء المجهولة له أو حتى المعلومة المصدر بالنسبة له ،وأنه طالما يدفعه الأمل فى مستقبل أفضل فى هذه الدنيا ماديا وروحيا،وحياة سعيدة خالية من أدنى الهموم ،وأنه طالما تحيره الدهشة مما لا يفهمه من ظواهر حوله ،فأنه سيظل يلجأ لكل هذه الدوافع أو بسبب بعضها للإيمان بما وراء الطبيعة وخارجها ،ليجد فيما يعتقد الأمان من الخوف والأمل فى الأفضل والتفسير لما يدهشه .حتى ولو كان ما يعتقد فيه بالغ السذاجة واللامعقولية ،وحتى ولو كان ما يؤمن به متناقضا كل التناقض مع ما وصل إليه العلم الحديث من حقائق لا تقبل الشك.
فطالما ظل الإنسان مقهورا من شتى المؤسسات فى المجتمع ،ومقيدا بعشرات القيود فى المجتمع الطبقى والسلطوى،فأن تحقيق الحد الأدنى من الأمان والسعادة والفهم الصحيح للواقع ،يصبح فى غاية الصعوبة حتى أن من يمكن أن يتحرروا من تأثير هذه القيود هم قلة نادرة بالنسبة للغالبية الساحقة من البشر.ومن هنا سيظل الإنسان إما راضيا عن حياته قانعا بها ،أو أنه يؤجل آماله لما بعد الموت فى حياة أخرى أفضل إذا كان مؤمنا بهذا ،أو أن يحلم بعالم من الخيال يخلوا من الشر والخطيئة يمكن تحقيقه على الأرض حيث تصبح الحياة الدنيا أفضل ماديا وروحيا،وعليه أن يسعى لتحقيقه ،وإن لم يستطع فعليه إذن أن يعتقد فيما يشاء من الأساطير والخرافات،التى تفسر ما يدهشه،وتعطيه ما يريده من أمان وآمال،وهو إذ يفعل كل هذا فهو يختار الحل السهل والمريح ،بدلا من مواجهة الظروف الشاقة والمرعبة،والنضال من أجل تغييرها ..وهو الأمر المشروط بفهم الواقع فهما صحيحا.
فالإنسان العاجز والمغترب فى المجتمع الطبقى ،بدلا من أن يبحث عن التفسير لكل ما يدهشه عبر العلم ف،ه يلجأ للتفسير الخرافى ،بالطبع فالعلم لا يعنى فهم نهائى هو مستحيل فى الحقيقة ،بحكم العجز البشرى الدائم على معرفة كل أسرار الواقع اللانهائى فى مداه و اللانهائى فى تغيره،وإنما من خلال فهم صحيح يتلخص فى النظرة العلمية الصحيحة للعالم ،أو بمعنى آخر تبنى المنهج العلمى فى فهم الواقع،مادام التفسير الشامل والمطلق هو وهم هزلى لا يمكن تحقيقه على مستوى العلوم المختلفة،وخصوصا فى ظل الظروف المشار إليها فيما سبق.
نعم سيظل الإنسان هكذا حتى يأمن من الخوف ،وتتحقق أحلامه فى الحياة الأفضل ،ويجد تفسيرا علميا صحيحا لكل ما حوله من ظواهر تدهشه،ولاشك أن مجابهة الخوف والأمل والدهشة بالعلم الذى هو فهم الواقع من خلال تغييره منهجا وحقائق،وبالعمل الذى هو تغيير الواقع عبر فهمه وسائلا وممارسة،سواء أكان هذا الواقع هو الطبيعة أو المجتمع .هو الحل والأمان والتفسير الصحيح،وكم هو حل رائع ،وروعته هذه تكمن فى أنه واقعى وعملى وممكن وفعال وحى،وإن كان لا يحوز روعة الخيالات المستحيلة والوهمية والمثالية والميتة وغير الفعالة.
إن الأزمات النفسية والاجتماعية تعتصر الإنسان فى المجتمعات الطبقية السلطوية وخصوصا المجتمع الرأسمالى،فتزداد مخاوفه وقلقه الدائم على مستقبله وحياته المعرضة للاهتزاز والضياع فى أى وقت ويزداد إحساسه بالغربة والتفرد والوحدة حتى ولو امتلأت حياته بالعلاقات الاجتماعية المشوهة،والتى فى حقيقتها لا تختلف عن علاقات السوق ،فالكل فيها يتحول إلى سلع تتصارع فيما بينها ،وبلا رحمة فى حمى مجنونة لاستهلاك سلع أخرى بشرية وغير بشرية ،وتلهب ظهورها رغبات لا تنتهى فى الاستهلاك فيما يتجاوز الضرورات الطبيعية له.ولأن أسلوب الإنتاج الرأسمالى خاصة يؤدى إلى بروز عدة ظواهر لا يستطيع لها فهما أو تفسيرا ،ويخاف من بعضها ويأمل فى بعضها ،مثل الركود والرواج ،الكسب والخسارة،النجاح والفشل،العمل والبطالة ،التآمر والتآمر المضاد.كل هذا فى عالم تتواتر أحداثه بسرعة واستمرار ،وناهيك أيضا عن أزمات العمل والدراسة والأسرة والشارع والتى يواجها إنسان مقهور زائف الوعى ومغترب ،وأمام كل هذا فليس له من خيار سوى بين طريقين مادام فردا فى تلك الغابة البشرية،هما إما أن يفهم قوانين الغابة ويتعامل معها فيصيب النجاح ويصبح أحد وحوشها،أو لا يستطيع التعامل معها سواء رفض أم قبل ،فيصبح أحد فرائسها.
كل هذه المظاهر تجد سببها فى أسلوب الإنتاج الرأسمالى نفسه سواء أكان تقليديا أم بيروقراطيا،وبالتالى فأن استمرار لجوء الإنسان فى العصر الحديث كما فى العصور التى سبقته لأشياء مقدسة فى زمن لا مقدس فيه واقعيا إلا المال آله المجتمع الرأسمالى بلا منازع.والهروب لأفكار وجماعات تعطيه الأمان والأمل والفهم حتى ولو كانت فاضحة الزيف ..لأوهام تعطيه تفسيرا للعالم من حوله حتى ولو كان تفسيرا غاية فى السذاجة برغم كل التطورات العلمية .مادامت كل هذه الخرافات تحقق إشباعه الروحى .
كما أن هناك أسباب أخرى لسيادة خرافية التفكير التى لا يمكن فصلها عن الممارسة البشرية جماعية كانت أو فردية ..فالحقيقة أن 12%من البشر مرضى نفسيين وعقليين يبلغ الفصاميون منهم النصف كما أشار تقرير منظمة الصحة العالمية سنة 1999،كما أن هناك 3%معاقون ذهنيا أى أن معدل ذكائهم العام دون ال70 ، وهناك بالطبع من يقتربون من هؤلاء سواء فيما يقترب من الخلل النفسى والعقلى والسلوكى فى الشخصية أو فى درجة الإعاقة الذهنية ، و إن لم يصلوا إلى حد المرض أو الإعاقة الذهنية .والمقياس الذى يقيس معدلات الذكاء العام لدى البشر لا يقيس معدل الذكاء الاجتماعى أو النفسى لديهم واللذان قد لا يتطابقان بالضرورة مع معدل الذكاء العام للفرد وهو ما يفسر تورط الأذكياء فى الإيمان بالخرافات أحيانا فضلا عن مدمنى الخمور والمخدرات والمكيفات عموما والتى تؤثر على قواهم العقلية.
وبجانب كل هؤلاء ينتشر منحطو الأخلاق الذين لا هم لهم إلا المكاسب الشخصية على حساب الآخرين وبأى وسيلة يستطيعوها ومنها بالطبع الخرافات سواء أكانوا دجالين بشكل مباشر أو مجرد مروجين للخرافات عبر وسائل الإعلام والثقافة .وعلى الجانب الآخر يوجد الضحايا من السذج من ضعاف العقول أو المضطربين نفسيا أو عقليا المندفعين بإرادتهم الحرة نحو هؤلاء ،والقادرين على الدفاع عن غفلتهم بشتى الحجج .
إن كل ما ذكرته من عوامل هى بعض عوامل انتشار الأوهام والخرافات والأساطير ،وعدم زوالها من المجتمع البشرى برغم التقدم العلمى الهائل ،وذلك لوجود فصل بين ما يطبقه الإنسان فى حياته العملية من منجزات العلوم والإيمان بحقائقها ،وبين ما يؤمن به من خرافات ،لا تتفق وروح العلم ،انطلاقا من نظرة نفعية وانتهازية لكل من العلم والأساطير.
نعرف أنه طالما ظل الإنسان يملئه الخوف من الأخطار المحيطة به ،سواء المجهولة له أو حتى المعلومة المصدر بالنسبة له ،وأنه طالما يدفعه الأمل فى مستقبل أفضل فى هذه الدنيا ماديا وروحيا،وحياة سعيدة خالية من أدنى الهموم ،وأنه طالما تحيره الدهشة مما لا يفهمه من ظواهر حوله ،فأنه سيظل يلجأ لكل هذه الدوافع أو بسبب بعضها للإيمان بما وراء الطبيعة وخارجها ،ليجد فيما يعتقد الأمان من الخوف والأمل فى الأفضل والتفسير لما يدهشه .حتى ولو كان ما يعتقد فيه بالغ السذاجة واللامعقولية ،وحتى ولو كان ما يؤمن به متناقضا كل التناقض مع ما وصل إليه العلم الحديث من حقائق لا تقبل الشك.
فطالما ظل الإنسان مقهورا من شتى المؤسسات فى المجتمع ،ومقيدا بعشرات القيود فى المجتمع الطبقى والسلطوى،فأن تحقيق الحد الأدنى من الأمان والسعادة والفهم الصحيح للواقع ،يصبح فى غاية الصعوبة حتى أن من يمكن أن يتحرروا من تأثير هذه القيود هم قلة نادرة بالنسبة للغالبية الساحقة من البشر.ومن هنا سيظل الإنسان إما راضيا عن حياته قانعا بها ،أو أنه يؤجل آماله لما بعد الموت فى حياة أخرى أفضل إذا كان مؤمنا بهذا ،أو أن يحلم بعالم من الخيال يخلوا من الشر والخطيئة يمكن تحقيقه على الأرض حيث تصبح الحياة الدنيا أفضل ماديا وروحيا،وعليه أن يسعى لتحقيقه ،وإن لم يستطع فعليه إذن أن يعتقد فيما يشاء من الأساطير والخرافات،التى تفسر ما يدهشه،وتعطيه ما يريده من أمان وآمال،وهو إذ يفعل كل هذا فهو يختار الحل السهل والمريح ،بدلا من مواجهة الظروف الشاقة والمرعبة،والنضال من أجل تغييرها ..وهو الأمر المشروط بفهم الواقع فهما صحيحا.
فالإنسان العاجز والمغترب فى المجتمع الطبقى ،بدلا من أن يبحث عن التفسير لكل ما يدهشه عبر العلم ف،ه يلجأ للتفسير الخرافى ،بالطبع فالعلم لا يعنى فهم نهائى هو مستحيل فى الحقيقة ،بحكم العجز البشرى الدائم على معرفة كل أسرار الواقع اللانهائى فى مداه و اللانهائى فى تغيره،وإنما من خلال فهم صحيح يتلخص فى النظرة العلمية الصحيحة للعالم ،أو بمعنى آخر تبنى المنهج العلمى فى فهم الواقع،مادام التفسير الشامل والمطلق هو وهم هزلى لا يمكن تحقيقه على مستوى العلوم المختلفة،وخصوصا فى ظل الظروف المشار إليها فيما سبق.
نعم سيظل الإنسان هكذا حتى يأمن من الخوف ،وتتحقق أحلامه فى الحياة الأفضل ،ويجد تفسيرا علميا صحيحا لكل ما حوله من ظواهر تدهشه،ولاشك أن مجابهة الخوف والأمل والدهشة بالعلم الذى هو فهم الواقع من خلال تغييره منهجا وحقائق،وبالعمل الذى هو تغيير الواقع عبر فهمه وسائلا وممارسة،سواء أكان هذا الواقع هو الطبيعة أو المجتمع .هو الحل والأمان والتفسير الصحيح،وكم هو حل رائع ،وروعته هذه تكمن فى أنه واقعى وعملى وممكن وفعال وحى،وإن كان لا يحوز روعة الخيالات المستحيلة والوهمية والمثالية والميتة وغير الفعالة.
إن الأزمات النفسية والاجتماعية تعتصر الإنسان فى المجتمعات الطبقية السلطوية وخصوصا المجتمع الرأسمالى،فتزداد مخاوفه وقلقه الدائم على مستقبله وحياته المعرضة للاهتزاز والضياع فى أى وقت ويزداد إحساسه بالغربة والتفرد والوحدة حتى ولو امتلأت حياته بالعلاقات الاجتماعية المشوهة،والتى فى حقيقتها لا تختلف عن علاقات السوق ،فالكل فيها يتحول إلى سلع تتصارع فيما بينها ،وبلا رحمة فى حمى مجنونة لاستهلاك سلع أخرى بشرية وغير بشرية ،وتلهب ظهورها رغبات لا تنتهى فى الاستهلاك فيما يتجاوز الضرورات الطبيعية له.ولأن أسلوب الإنتاج الرأسمالى خاصة يؤدى إلى بروز عدة ظواهر لا يستطيع لها فهما أو تفسيرا ،ويخاف من بعضها ويأمل فى بعضها ،مثل الركود والرواج ،الكسب والخسارة،النجاح والفشل،العمل والبطالة ،التآمر والتآمر المضاد.كل هذا فى عالم تتواتر أحداثه بسرعة واستمرار ،وناهيك أيضا عن أزمات العمل والدراسة والأسرة والشارع والتى يواجها إنسان مقهور زائف الوعى ومغترب ،وأمام كل هذا فليس له من خيار سوى بين طريقين مادام فردا فى تلك الغابة البشرية،هما إما أن يفهم قوانين الغابة ويتعامل معها فيصيب النجاح ويصبح أحد وحوشها،أو لا يستطيع التعامل معها سواء رفض أم قبل ،فيصبح أحد فرائسها.
كل هذه المظاهر تجد سببها فى أسلوب الإنتاج الرأسمالى نفسه سواء أكان تقليديا أم بيروقراطيا،وبالتالى فأن استمرار لجوء الإنسان فى العصر الحديث كما فى العصور التى سبقته لأشياء مقدسة فى زمن لا مقدس فيه واقعيا إلا المال آله المجتمع الرأسمالى بلا منازع.والهروب لأفكار وجماعات تعطيه الأمان والأمل والفهم حتى ولو كانت فاضحة الزيف ..لأوهام تعطيه تفسيرا للعالم من حوله حتى ولو كان تفسيرا غاية فى السذاجة برغم كل التطورات العلمية .مادامت كل هذه الخرافات تحقق إشباعه الروحى .
كما أن هناك أسباب أخرى لسيادة خرافية التفكير التى لا يمكن فصلها عن الممارسة البشرية جماعية كانت أو فردية ..فالحقيقة أن 12%من البشر مرضى نفسيين وعقليين يبلغ الفصاميون منهم النصف كما أشار تقرير منظمة الصحة العالمية سنة 1999،كما أن هناك 3%معاقون ذهنيا أى أن معدل ذكائهم العام دون ال70 ، وهناك بالطبع من يقتربون من هؤلاء سواء فيما يقترب من الخلل النفسى والعقلى والسلوكى فى الشخصية أو فى درجة الإعاقة الذهنية ، و إن لم يصلوا إلى حد المرض أو الإعاقة الذهنية .والمقياس الذى يقيس معدلات الذكاء العام لدى البشر لا يقيس معدل الذكاء الاجتماعى أو النفسى لديهم واللذان قد لا يتطابقان بالضرورة مع معدل الذكاء العام للفرد وهو ما يفسر تورط الأذكياء فى الإيمان بالخرافات أحيانا فضلا عن مدمنى الخمور والمخدرات والمكيفات عموما والتى تؤثر على قواهم العقلية.
وبجانب كل هؤلاء ينتشر منحطو الأخلاق الذين لا هم لهم إلا المكاسب الشخصية على حساب الآخرين وبأى وسيلة يستطيعوها ومنها بالطبع الخرافات سواء أكانوا دجالين بشكل مباشر أو مجرد مروجين للخرافات عبر وسائل الإعلام والثقافة .وعلى الجانب الآخر يوجد الضحايا من السذج من ضعاف العقول أو المضطربين نفسيا أو عقليا المندفعين بإرادتهم الحرة نحو هؤلاء ،والقادرين على الدفاع عن غفلتهم بشتى الحجج .
إن كل ما ذكرته من عوامل هى بعض عوامل انتشار الأوهام والخرافات والأساطير ،وعدم زوالها من المجتمع البشرى برغم التقدم العلمى الهائل ،وذلك لوجود فصل بين ما يطبقه الإنسان فى حياته العملية من منجزات العلوم والإيمان بحقائقها ،وبين ما يؤمن به من خرافات ،لا تتفق وروح العلم ،انطلاقا من نظرة نفعية وانتهازية لكل من العلم والأساطير.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية