السبت، 25 يونيو 2011

التمييزية البرجوازية ضد العمال وفيما بينهم

التمييزية البرجوازية ضد العمال وفيما بينهم

سامح سعيد عبود

يقولون أن الأقل سوادا فى الولايات المتحدة يتعالون على الأشد سوادا، ويحملون إزاءهم مشاعر كراهية عنصرية، ويمارسون ضدهم تمييزا عنصريا، وربما يكون هذا عين ما يفعله الأشد سوادا ضدهم أيضا، ويبدو أن الأولون هم أحفاد عبيد المنزل الذين كانوا الأكثر ولاءا لسادتهم، والأكثر اختلاطا بهم، والأشد رفضا لفكرة تحررهم من ذل الرق حتى من سادتهم، أما الآخرون فهم أحفاد عبيد المزرعة الذين كانوا الأكثر تمردا على سادتهم، والأقل اختلاطا بهم، والأشد شوقا ليتحرروا من عبوديتهم.

أتذكر هذا لأن الغالبية الساحقة من السكان لدينا هم من الأجراء الذين لا يملكون سوى قوت يومهم، ومضطرون لبيع حريتهم وجهدهم ووقتهم بأجر، أى أنهم فى النهاية عبيدا لمن يشتريهم سواء أكانوا متميزين للمنزل، أو غير متميزين للمزرعة، أما ملاك وسائل الإنتاج، ومن يملكون سلطة اتخاذ القرار ، فهم قلة من السكان، و بالرغم من ذلك تتعالى أصوات عبيد المنزل من الأجراء الموالين لسادتهم، والمتماهين معهم، والمختلطين بهم، والمستنكرين لانتمائهم الطبقى، ضد الاعتصامات والاضرابات العمالية، والذين يصرخون مع سادتهم فى عمال المزرعة، ليطلبوا منهم وقف تلك الاضرابات والاعتصامات لكيلا ينهار الاقتصاد، محذرين أنه لا وقت لتلك المطالبات الاقتصادية التى يصمونها بالفئوية، والتى يصفونها بالخادشة لجلال ثورة 25 يناير حسبما ما ذكرت صحفية كبيرة هى سكينة فؤاد على شاشة التليفزيون بطريقتها المتكلفة فى الحديث، ولعلك لاحظت نبرة التعالى التمييزى الطبقى الذى لا يريد أن يلوث نشيد الثورة الناصع بأصوات الرعاع القذرة، نفس النبرة التمييزية المتعالية تلاحظها حين يستنكر فنيون وحرفيون ومهنيون يعملون بأجر فى المصانع وصفهم بالعمال وكأنها لفظة نابية.

أتذكر هذه النزعة التمييزية الطبقية، حين تتعالى الأصوات من عمال المنزل كصدى لصوت سادتهم بالغاء نسبة الخمسين بالمئة المخصصة للعمال والفلاحين، استنادا على الجهل الطبيعى للعمال، وعدم صلاحيتهم لتشريع القوانين، ولا للرقابة على أعمال الحكومة، وليس استنادا على أن هذا التمثيل لم يكن يوما تمثيلا حقيقيا للعمال والفلاحيين، لأن العمال والفلاحيين الفقراء على اختلاف مستويات تحصيلهم الدراسى والتعليمى، لا يملكون عمليا القدرة على الترشيح لعضوية المجالس النيابية لفقرهم لا لجهلهم، فى حين أن البرجوازيون على اختلاف مستويات تحصيلهم الدراسى والتعليمى، ليسوا فقط قادرين على الترشح والفوز بمقاعد الوظائف العامة، بل شراء ولاء من يشغلونها، لثراءهم لا علمهم.

نفس النظرة التمييزية البرجوازية المعادية للعمال هى التى أدت إلى إعدام مصطفى خميس ومحمد البقرى فى أغسطس 1952 لقيادتهم اضراب سلمى لعمال غزل كفر الدوار، وتساهلت مع تمرد مسلح قاده عدلى لملوم وهو من كبار ملاك الأراضى فى الصعيد فى نفس العام احتجاجا على قانون الإصلاح الزراعى.

أتذكر هذه النظرة التمييزية الطبقية حين يلح البعض على تفعيل قوانين تجريم الاضرابات والاعتصام والتظاهر، وفى نفس الوقت يكتب احمد المسلمانى أحد الصحفيين، إن تحويل رجال الأعمال للنائب العام للتحقيق فى عقب الثورة سوف يضر بحركة الاستثمار، ومن ثم لابد من التغاضى عن جرائمهم حرصا على دوران عجلة الإنتاج، حتى لا تتحول بلادنا للشيوعية، الأمر الذى لم تتوان في تلبيته حكومة الثورة على الفور، فبحثت فى شأن اسقاط الشق الجنائى فى صفقات تخصيص أراضى الدولة لهم، بحجة أنهم ليسوا مسئولين عن فساد الجهاز الإدارى للدولة الذى منحهم تلك الأراضى برخص التراب، وكأنهم لم يكونوا يعلمون أنهم شركاء فى الجريمة، و كأن الراشون ليسوا شركاء للمرتشيين، بل واتجهت حكومة الثورة ليس فقط لتفعيل قانون تجريم الاعتصامات والاضرابات، بل تراجعت عن زيادة الضرائب على الأرباح الرأسمالية، وتراجعت عن الضريبة التصاعدية التى لم تزد عن خمسة بالمئة فى القانون الذى تم التراجع عنه وفقا لرقم الأعمال لا الأرباح، وفى نفس الوقت، طرحت حكومة الثورة قانون للحد الأدنى للأجور يقل عن ما قرره الحكم القضائى بهذا الخصوص، برغم أن من سوف يستفيد منه هم موظفى وعمال الحكومة فحسب، أما فيما يتعلق بالمقترحات المتعلقة بالفرق بين الحدين الأدنى والأقصى للأجور فقد تجاوزت 28 ومن ثم هى تفوق المعدلات السائدة فى العالم حسبما ذكر د. حازم الببلاوى الليبرالى الاتجاه فى حديث تليفزيونى له والذى أشار فيه أنها تتراوح ما بين 18 و25 .

فليعلم الجميع أن ما قلب موازين القوى فى هذه الثورة وحقق أولى أهدافها ليس اعتصام التحرير الذى شارك فيه ممثلون لكل الشرائح والفئات والطبقات الاجتماعية، بل هو دخول الطبقة العاملة المنظمة باعتبارها طبقة فيما يشبه عصيان مدنى شامل فى الثلاث أيام التى سبقت تنحى السلطان المملوكى المخلوع حسنى مبارك، وأنه لن يتاح لهذه الثورة الاكتمال لتحقيق أهدافها باسقاط النظام المملوكى، والتخلص من كل المماليك الذين يحكمونا ويسرقونا، إلا باستمرار هذا التدخل الثورى الطبقى للعمال، فالقوة الاجتماعية المرتبطة بالإنتاج هى القادرة فقط على إحداث التحول الاجتماعى، والعمال، ولأنهم يعلمون أنهم مستبعدون منطقيا وعمليا من ديمقراطية الصناديق الانتخابية، فأنها لا تعنيهم و لا تشكل منتهى مطالبهم، أنهم يطالبون بالعدالة الاجتماعية، وبانهاء التمييز السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى ضدهم.وإلا فانتظروا ثورتهم القادمة التى لن تبقى على البرجوازية التى تضطهدها و لا على عبيد المنزل من خدامها.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية