لماذا الحرية والمساواة معا؟
لماذا الحرية والمساواة معا؟
سامح سعيد عبود
الحرية دون مساواة استغلال ،والمساواة دون الحرية استعباد ، شعار هو من أثمن شعارات الحركة اللاسلطوية الشهيرة فى عالمنا العربى بالفوضوية التى هى بلا شك ترجمة مريبة وسيئة لكلمة لاحكمية أو لاسلطوية ، وهو الأكثر تعبيرا عن جوهر فلسفتها ونظرتها السياسية والاجتماعية ، فاللاسلطوية ترى أن الانفصال بين هدف تحرير الأفراد و بين هدف المساواة بينهم ، يعنى فى النهاية استمرار كل من قهرهم واستغلالهم بأشكال مختلفة ، إلا أنه يحدث مرة باسم الحرية ومرة أخرى باسم المساواة .
فلو منحنا الحرية للأفراد على إطلاقها مثلما هى للحيوانات فى الغابة ، لتحولوا لوحوش وفرائس كل وفق قدراته التى منحتها له الطبيعة ، ولو ساوينا بينهم دون اعتبار لفرديتهم لقمعنا حريتهم فى التميز .
انقسم العالم بعد الحرب العالمية الثانية لغرب يدعى التحررية ، وشرق يدعى الشيوعية ، والحقيقة أن ما كان فى الغرب لم يكن أبدا إلا تحررية الرأسماليين فى افتراس العمال وسائر المستغلين ، وأن ما كان فى الشرق لم يكن أبدا شيوعية بل عبودية المواطنين وفنائهم فى الدولة . فالشيوعية والتحررية مظهران لا ينفصلان للحلم البشرى المشروع بالخروج الفعلى من الغابة البشرية ، لعالم أكثر رقيا وعقلانية وحرية وعدالة ،عالم تختفى فيه كل تلك الحماقات الهمجية التى أورثت البشر كل هذه المآسى التى يصعب حصرها عبر التاريخ المكتوب.
فما هى تلك الحرية فى الرأسمالية الليبرالية ؟ ، لو أخذنا أحد مبادئها مثلا وليكن أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون ، وأن جميع المواطنين لهم الحق على قدم المساواة فى اللجوء للقضاء ، فلنرى إذن ماذا يحدث واقعيا لو نشب نزاع بين مواطنين غير متساوين فى قدراتهم الواقعية ، مالية كانت أو أدبية ، بالطبع لهم الحق فى اللجوء للقضاء ،إلا أن الطرف الأقوى هو الأقدر بما له من قدرات أن يستأجر أكفأ المحامين ، وأن يرشو القضاء لو استطاع أو أن يؤثر عليه بما له من قدرات أو نفوذ، وربما عجز الطرف الأضعف عن الدفاع عن نفسه ، وعن تكليف محامى كفء لشرح دعواه ، و إقناع القضاء بها ،فالقانون سيف مسلط على الضعفاء فحسب . وتعطى الليبرالية الرأسمالية جميع المواطنين حق الترشيح للمناصب العامة على قدم المساواة ، ولكن المواطن الأكثر قدرة مالية هو وحده القادر على الاستمتاع بهذا الحق عمليا ، وهو وحده القادر على تمويل حملته الانتخابية ، والمرشح المعبر سياسيا عن الأكثر قدرة مالية هو القادر على جذبهم لتمويل حملته ، ومن ثم ملزم بالتعبير عن مصالحهم ، وهو الأكثر فرصة فى النجاح فى الانتخابات .
وما هى الشيوعية على الطريقة التسلطية ؟ ، ألم تكن حكم المواطنين بأجهزة الأمن ،التى ساعدت البيروقراطيين فى استغلال العمال ، والاستمتاع بالامتيازات على حسابهم ،ألم تكن تلك الشيوعية التسلطية تعنى ألا ينتج العمال إلا ما يريد البيروقراطيين وبالكيفية التى يريدونها، بعيدا عن ما يحقق الرفاهية للعمال ،وبعيدا عن سيطرتهم على ظروف عملهم وحياتهم كما تبشر بذلك الشيوعية ،وما هو الفرق الحقيقى بين عامل يعمل لدى الدولة دون أى حقوق نقابية ، وبين عامل يعمل لدى الرأسمالى مع استمتاعه بالحقوق النقابية ؟، ألم تكن تلك الشيوعية التسلطية تعنى إهدار الموارد والبيئة فى سباق التسلح وغزو الفضاء فى حين كان منتجى الثروة لا تتوفر لهم الكثير من سبل الحياة الكريمة ؟، ألم تكن تلك الشيوعية تعنى استعباد ملايين العمال فى معسكرات للعمل ؟ ، فالشيوعية لا تعنى شيئا لو لم تكن الحق المطلق لمنتجى الثروة فى التحكم فى ظروف حياتهم وعملهم ،والاستمتاع بما ينتجوه . فلم تقدم الشيوعية التسلطية ما وعدت الناس به ،بل قدمت نموذجا كئيبا للحياة ،قولبت فيه الأفراد ونمطت حياتهم ،ولم تترك لهم فرصة الإبداع والمبادرة ،فما كان أسهل أن يخسروا ما روضتهم به من مكتسبات قليلة بالمقارنة بما كان يتمتع به العمال فى الغرب الرأسمالى.
ولم يكن ما حدث هنا أو هناك، أو ما تطورت إليه الأمور على جانبى المعسكرين مفاجأة للاسلطويون بل كان جزء من انتقاداتهم التقليدية وتنبؤاتهم الفكرية ، فالحرية الفردية لأفراد غير متساوين واقعيا تعنى خضوع الأطراف الضعيفة لإرادة الأطراف القوية ، ومن ثم إتاحة الفرصة للأقوياء فى استغلال الضعفاء وقهرهم ، والمساواة بين أفراد غير أحرار يعنى قدرة من سلبوهم تلك الحرية فى أن يستغلوهم فضلا عن قهرهم،وأن يتمتعوا بامتيازات لا يتمتع بها عبيدهم
فلو منحنا الحرية للأفراد على إطلاقها مثلما هى للحيوانات فى الغابة ، لتحولوا لوحوش وفرائس كل وفق قدراته التى منحتها له الطبيعة ، ولو ساوينا بينهم دون اعتبار لفرديتهم لقمعنا حريتهم فى التميز .
انقسم العالم بعد الحرب العالمية الثانية لغرب يدعى التحررية ، وشرق يدعى الشيوعية ، والحقيقة أن ما كان فى الغرب لم يكن أبدا إلا تحررية الرأسماليين فى افتراس العمال وسائر المستغلين ، وأن ما كان فى الشرق لم يكن أبدا شيوعية بل عبودية المواطنين وفنائهم فى الدولة . فالشيوعية والتحررية مظهران لا ينفصلان للحلم البشرى المشروع بالخروج الفعلى من الغابة البشرية ، لعالم أكثر رقيا وعقلانية وحرية وعدالة ،عالم تختفى فيه كل تلك الحماقات الهمجية التى أورثت البشر كل هذه المآسى التى يصعب حصرها عبر التاريخ المكتوب.
فما هى تلك الحرية فى الرأسمالية الليبرالية ؟ ، لو أخذنا أحد مبادئها مثلا وليكن أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون ، وأن جميع المواطنين لهم الحق على قدم المساواة فى اللجوء للقضاء ، فلنرى إذن ماذا يحدث واقعيا لو نشب نزاع بين مواطنين غير متساوين فى قدراتهم الواقعية ، مالية كانت أو أدبية ، بالطبع لهم الحق فى اللجوء للقضاء ،إلا أن الطرف الأقوى هو الأقدر بما له من قدرات أن يستأجر أكفأ المحامين ، وأن يرشو القضاء لو استطاع أو أن يؤثر عليه بما له من قدرات أو نفوذ، وربما عجز الطرف الأضعف عن الدفاع عن نفسه ، وعن تكليف محامى كفء لشرح دعواه ، و إقناع القضاء بها ،فالقانون سيف مسلط على الضعفاء فحسب . وتعطى الليبرالية الرأسمالية جميع المواطنين حق الترشيح للمناصب العامة على قدم المساواة ، ولكن المواطن الأكثر قدرة مالية هو وحده القادر على الاستمتاع بهذا الحق عمليا ، وهو وحده القادر على تمويل حملته الانتخابية ، والمرشح المعبر سياسيا عن الأكثر قدرة مالية هو القادر على جذبهم لتمويل حملته ، ومن ثم ملزم بالتعبير عن مصالحهم ، وهو الأكثر فرصة فى النجاح فى الانتخابات .
وما هى الشيوعية على الطريقة التسلطية ؟ ، ألم تكن حكم المواطنين بأجهزة الأمن ،التى ساعدت البيروقراطيين فى استغلال العمال ، والاستمتاع بالامتيازات على حسابهم ،ألم تكن تلك الشيوعية التسلطية تعنى ألا ينتج العمال إلا ما يريد البيروقراطيين وبالكيفية التى يريدونها، بعيدا عن ما يحقق الرفاهية للعمال ،وبعيدا عن سيطرتهم على ظروف عملهم وحياتهم كما تبشر بذلك الشيوعية ،وما هو الفرق الحقيقى بين عامل يعمل لدى الدولة دون أى حقوق نقابية ، وبين عامل يعمل لدى الرأسمالى مع استمتاعه بالحقوق النقابية ؟، ألم تكن تلك الشيوعية التسلطية تعنى إهدار الموارد والبيئة فى سباق التسلح وغزو الفضاء فى حين كان منتجى الثروة لا تتوفر لهم الكثير من سبل الحياة الكريمة ؟، ألم تكن تلك الشيوعية تعنى استعباد ملايين العمال فى معسكرات للعمل ؟ ، فالشيوعية لا تعنى شيئا لو لم تكن الحق المطلق لمنتجى الثروة فى التحكم فى ظروف حياتهم وعملهم ،والاستمتاع بما ينتجوه . فلم تقدم الشيوعية التسلطية ما وعدت الناس به ،بل قدمت نموذجا كئيبا للحياة ،قولبت فيه الأفراد ونمطت حياتهم ،ولم تترك لهم فرصة الإبداع والمبادرة ،فما كان أسهل أن يخسروا ما روضتهم به من مكتسبات قليلة بالمقارنة بما كان يتمتع به العمال فى الغرب الرأسمالى.
ولم يكن ما حدث هنا أو هناك، أو ما تطورت إليه الأمور على جانبى المعسكرين مفاجأة للاسلطويون بل كان جزء من انتقاداتهم التقليدية وتنبؤاتهم الفكرية ، فالحرية الفردية لأفراد غير متساوين واقعيا تعنى خضوع الأطراف الضعيفة لإرادة الأطراف القوية ، ومن ثم إتاحة الفرصة للأقوياء فى استغلال الضعفاء وقهرهم ، والمساواة بين أفراد غير أحرار يعنى قدرة من سلبوهم تلك الحرية فى أن يستغلوهم فضلا عن قهرهم،وأن يتمتعوا بامتيازات لا يتمتع بها عبيدهم
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية