موجز تاريخ المادة والوعى(7) قانون البنائية
موجز تاريخ المادة والوعى(7) قانون البنائية
سامح سعيد عبود
يبقى لنا معرفة تأثير شكل الذرات داخل الجزىء على طبيعة الجزىء وخصائصه ، وقبل هذا علينا أن نعرف أن الذرات تترتب داخل كل الجزىء، وفق شكل معين يفسره قانون البنائية.يتجلى لنا قانون البنائية فى عالم الجزيئات كما فى عالم الذرات، ففى الذرات نلاحظ ظاهرة مهمة هى ظاهرة الأيزوبارات ، وهى ذرات لها كتلة واحدة أى إنها متساوية فى مجموع البروتونات والنيوترونات ، ولكنها تختلف فى شحنة النواة أو العدد الذرى أى عدد البروتونات ، وهو الذى يحدد الخواص الطبيعية والكيمائية للعنصر ، ويميزه عن غيره من العناصر ، وبالتالى فان هذه العناصر تختلف فى الخواص الكيميائية ، على سبيل المثال البوتاسيوم الفلز النشط للتفاعل و الأرجون الغاز الخامل.وظاهرة الأيزومرية أو تساوى التركيب فى الجزئيات ، و هى ظاهرة يلاحظ فيها إنه بالرغم من تساوى عدد ذرات الجزىء ، وأنواع الذرات الداخلة فى تركيبه ، إلا إننا نجدها تختلف فى خواصها الكيميائية والطبيعية ، والسبب فى ذلك يرجع إلى عدم تساوى ترتيب بناء جزيئات هذه المركبات ، اى الطريقة الذى تترتب فيه الذرات داخل الجزىء ، وهذه الظاهرة هى أحد أسباب تعدد المركبات العضوية ، على سبيل المثال فأن كلا من جزىء هرمون التستستيرون وجزىء الكلوسترول مكونان من نفس عدد و أنواع الذرات ، الا ان تغييراً طفيفا فى ترتيب هذه الذرات داخل الجزيئين ، يؤدى لاختلاف خواصها .. وهذه الظاهرة موجودة أيضا فى عالم الجسيمات الأولية، فبالرغم من أن كلاً من البروتون و هو جسيم أساسى من جسيمات الذرة وهيبرون لامدا و هو جسيم آخر ، يتكونان من نفس عدد و أنواع الكواركات ، الا أن اختلاف بين طريقة ترتيب الكواركات داخل كل منهما أدى لاختلاف خواصهما.أما ظاهرة الأيزومرية الفراغية ، ففيها يلاحظ إنه بالرغم من أن جزيئات ذات تركيب واحد و بنية واحدة ، ولكنها تختلف فى وضع الذرات والمجموعات الذرية فى الفراغ بالنسبة لبعضها البعض ، يؤدى إلى إختلاف خواصها الكيميائية والطبيعية ، وهذه الأيزومرات منتشرة فى المركبات المعقدة سواء مركبات الكربون أو غيرها.قد يظن البعض أن الذرات تتجمع كيفما أتفق فى الجزئيات ، وعلى أى مسافات وبلا أدنى ترتيب محدد فيما بينها الا أن الواقع على العكس تماما ، فالذرات تتجمع على مسافات محددة حسب طاقة الترابط فيما بينها ، وبزاويا محددة ، ويأخذ كل جزىء شكلا معينا يميزه عن غيره من الجزيئات ، فالذرات والجزيئات ، هى بنى معقدة تأخذ أشكالا معقدة ، الا إننا مضطرون عند رسمها تبسيطها إلى أقصى حد مما يشوه صورها الخلابة . جزى ثانى أكسيد الكربون ، جزىء بسيط نجد ذراته الثلاثة ترتب فى خط مستقيم تتوسط فيه ذرة الكربون. وتوجد ذرة النتروجين فى جزىء النشادر على رأس هرم ثلاثى تشكل أركان قاعدته ثلاث ذرات هيدروجين, وفى جزىء الميثان توجد ذرة الكربون فى مركز الشكل الرابعى المنتظم ذى الأضلاع المتساوية الذى يسمى بالمعين، و التى تتواجد عند رؤوسه الأربعة أربع ذرات هيدروجين.و كل هذه الأشكال ما هى إلا لجزيئات بسيطة للغاية لا تتعدى ذراتها بضع ذرات ، فما بالك فى جزئيات معقدة تتكون من ألوف الذرات كالبروتينات والأحماض النووية ، والتى تأخذ أشكالاً غاية فى التعقد و الجمال ، والتى تعطيها فى نفس الوقت صفات غير عادية ، تختلف بها عن غيرها من الجزيئات ، وهو ما سوف ندرسه فيما بعد هذا التمهيد عن علاقة بنية الجزىء بخواصه ، وهو الضرورى لفهم مدى التنوع فى الجزيئات الكربونية ، وقبل الانتقال إلى الحديث عن تقسيماتها الشهيرة ، يجب أن نأخذ فكرة عن الجذر أو الشق ، وهو مجموعة من الذرات المترابطة فيما بينها ، والتى تنتقل أثناء التفاعلات الكيميائية من مركب إلى آخر دون أن يطرأ عليها أى تغيير ، وتعرف الجزيئات كلها ظاهرة الجذور كما تعرفها جزيئات الكربون ، الا إنه فيما يتعلق بها فهى تلعب دوراً أساسيا فى تكوينها ، وتحديد خواصها فضلاً عن تنوعها ، وقدرتها على الترابط فيما بينها فى سلاسل ، أو الربط بين جزيئات أخرى فى سلاسل وهو ما يساهم فى التنوع المذهل فى جزيئات الكربون . وإذا كانت مجموعة الهيدروكسيل "أيد" تشكل مجموعة هائلة من الجزيئات ، فان الجذور الهيدروكربونيه تشكل مجموعة هامة من جزيئات الكربون ، ومجموعه الهيدركسيل تتكون من ذرتى أكسجين وهيدروجين ، فان مجموعات الهيدو كربونات تتكون من ذرات الكربون والهيدروجين. والجذور تتميز وهى فى حالتها الحرة أى فى حالة كونها غير مرتبطة بأى جزىء آخر ، بتكافؤ حر يسببه إلكترون واحد ، ولذلك فأنها تكون ذات قدرة عالية جداً على التفاعل ، ومن هنا فهى لا تعيش مستقلة سوى فترة قصيرة جداً ،وهى لذلك تلعب دوراً هاما فى الكثير من التفاعلات الكيمائية التى تميز الجزئيات العضوية.إذا كانت جميع العناصر تتفق فى كونها تتكون من ذرات من نفس النوع ، أو من أنواع مختلفة ، فأن هاتين الصفتين هما ما يمكن أن نطلق عليه العام بين العناصر والعام بين الجزيئات ، حيث العام هو الخاصية المشتركة بين مجموعة من الظواهر المختلفة ، فتكون العناصر من ذرات من نفس النوع هو صفة عامة موجودة بكل العناصر ، وذلك بشكل موضوعى مستقل عن أى وعى ، وكذلك ما هو عام فى الجزيئات المكونة بدورها من ذرات متشابهة أو مختلفة.وهذه العمومية تحدد فى هذه الخاصية الواحدة التى تتمتع بها سائر العناصر أو سائر الجزيئات ، الا أن كل العناصر برغم إشتراكها فى صفة عامة فيما بينها فهى تختلف أيضا فيما بينها فى خواص أخرى .. فيتميز و ينفرد كل عنصر بخواص تميزه كعنصر على حدة ، فكل ظاهرة أوعملية أو شىء فى الواقع ، يتسم بخواص أو صفات تميزه عن غيره من الأشياء أو العمليات أو الظواهر ، وهو ما نطلق عليه الفرد، الا إننا فى نفس الوقت قد نطلق على مجموعة من الظواهر والعمليات والأشياء صفة الفرد إذا قارناها بأشياء أكثر شمولاً منها وتحتويها ، كما لو قارنا بين الفلزات كعناصر تتميز بخواص معينة ، وسائر العناصر الأخرى ، أو لو قارنا بين الأحماض كجزيئات لمركبات ، تتميز بخواص محددة و سائر الجزيئات للمركبات الأخرى وهو ما يمكن أن نطلق عليه الخاص ، والذى يشكل حلقة الوصل ما بين الفرد والعام ، فالخاص يبدو عاما بالنسبه للفرد، فالأحماض مثلاً عامة بالنسبة لحمض الكبريتيك، و بالنسبه للعام تبدو الأحماض فريدة بالنسبه لسائر الجزيئات، والفلزات مثلاً عامة بالنسبة للحديد الفرد ، وبالنسبة للعام تبدو الفلزات وحيدة بالنسبة لسائر العناصر.وفى الحقيقة إن كل من الفريد والخاص والعام موجودون بشكل موضوعى فى شتى الظواهر والعمليات والأشياء ، ولا يمكن أن ينفصل أى منهم عن الآخر ، فسيظل الحديد رغم فرديته يحتوى على صفات سائر الفلزات الخاصة من توصيل جيد للكهرباء والحرارة ، واللمعان .. الخ الخ ، وسيظل رغم فرديته يحتوى على صفات سائر العناصر الخاصة من حيث تكونه من ذرات.ومن ناحيه أخرى فأن العام يشمل كل الاشياء الفريدة ، فالعناصر أو العام تضم كل الـ107 عنصر المكتشف حتى الآن برغم خصائص كل منها الفريدة ، ولا يمكن الحديث عن العام فيها بدونها جميعا ، كما أن هذه العمومية موجودة فى كل عنصر على حدة ، كما ان الخصوصية الفلزية موجودة فى كل فلز على حدة ، إننا لا يمكن أن نفهم العنصر الفرد ، الحديد مثلاً ، دون الأخذ فى الاعتبار علاقاته بالعناصر الأخرى ، خصوصيته كفلز وعموميته كعنصر ، الا إن العمومية أى العنصريه لا تفسر لنا كل خواص الفلزات ، ولا خواص الحديد الفردية ، فليس كافيا أبداً أن نتحدث عن الحديد على أنه عنصر و كفى ، ولا على إنه فلز و حسب ، حيث إن له من الخواص ما يجمعه مع أشياء آخرى ،ومن الخواص ما يملكها منفرداً و تميزه عن غيره ، وفى نفس الوقت فنحن لا يمكن أن نفهم الفرد أو الخاص الا من خلال دراسة أعداد كبيرة من الظواهر لنعرف ما هو عام او خاص أو فريد بينها ، إن كل ما قد سبق ذكره ينطبق كذلك على الجزيئات كما ينطبق على سائر أنماط المادة من الجسيمات الأولية حتى المجتمع البشرى ، حيث يشكل الجزىء مفهوما عاما فى كل أنواع الجزئيات الخاصة ، من كربونية وغير كربونية ، من حمضية وقاعدية ، كما أن الملايين من أنواع الجزيئات تنفرد بخصائص تميز كلاً منها على حده ، الا ان كلاً منها يتميز بجانبها بخصائص الجزئيات العامة ، كما يتميز كذلك بصفاته الخاصة.المعرفة عملية تصل بنا إلى العام من خلال ملاحظة مجموعة من الظواهر الفريدة ، وذلك من خلال دراستها منفردة لنكتشف ما هو عام بينها ، وفى الطريق إلى العام ، نمر على الخاص باعتباره يخص مجموعة فرعية من تلك الظواهر ، مثلما نصل لتصور عام عن الأشجار بكونها تتكون من جذور وسوق و أوراق و أغصان و أزهار ، من خلال دراسة كافة الأشجار ، مارين فى ذلك على أشجار الفواكهة والزينة والأخشاب.فى الحقيقة أن الواقع عبر تطوره يتحول فيه الفريد إلى عام ، ففى البدايه لم يكن هناك سوى عنصر واحد هو الهيدروجين ، وهو فى هذه الحالة عام كعنصر بالنسبة للفريد الا وهو ذرات الهيدروجين ، ولا يجب أن ننسى نظائر الهيدروجين كخاص ، و خلال عملية التطور أصبح الهيدروجين العام سابقا إلى فريد بالنسبه لسائر العناصر ، وهكذا نخلص إلى أن ما هو فريد بالنسبه لما هو أكثر عمومية قد يكون خاصا أو عاما بالنسبة لمجموعة أخرى من الظواهر التى تتشابه معه ، كما أن ما هو عام بالنسبة لمجموعة من الظواهر قد يكون خاصا أو فريداً بالنسبه لمجموعة أشمل من الظواهر والأشياء والعمليات.هذه العلاقه المتبادلة بين العام والخاص والفريد ، والانتقال فيما بينهم فى كلا الاتجاهين تساعدنا كثيراً على فهم الواقع و من ثم السيطرة عليه و تغييره ، فعلينا عند دراسة أى ظاهرة الاقتصار على ما هو عام فيها ولا عن ما هو فريد بها ، فكل فريد يوحده مع غيره قانون عام يوجد بشكل موضوعى فى كل الظواهر التى ينطبق عليها ، ولابد لنا أن نفهمه ، كما أن كل عام أو خاص لا يتواجد مستقلاً عن الظواهر الفريدة ، التى يشملها ، فذرية العناصر عند معرفتها تجعلنا لا نتعامل معها على إنها أجسام أو جسيمات أولية ، كما أن فلزية الحديد لا تجعلنا نتعامل معه كما نتعامل مع اللافلزات ، كما لا يمكننا أن نقصر فهمنا و تعاملنا مع الحديد على أساس ذريته أو عنصريته ، و الا حرمنا أنفسنا من الكثير من المعلومات عنه فيما يتعلق بفرديته ، ولعجزنا بالتالى عن فهمه و من ثم الاستفادة منه بالتأثير عليه.فيما سبق قد ذكرت أن القانون يعكس ما هو عام فى الظواهر ، ولذلك تظل كل ظاهرة منفردة أثرى من أن يحتويها قانون بالكامل ، فالظواهر والأشياء والعمليات تتشابه و تختلف فى نفس الوقت ، وما تتشابه فيه بشكل دائم و قوى هو ما يمكن أن يعكسه القانون ، وبالطبع فأننا نستطيع دائما أن نلاحظ بين أى مجموعة من الظواهر ما هو مشترك فيها ليعكسه قانون ما بالرغم من التباين الشديد فى كل ظواهر الواقع التى لا تتشابه تماما، فالحديد أو أى عنصر آخر لا يتواجد فى صوره نقية متماثلة الا فى خيالنا ، إذا تختلف ذراته فيما بينها من كونها مشعه أم غير مشعه ، نظيره ، ومن كونها فى حالة إتحاد مع غيرها أم مع ذرات من نفس النوع أم فى صورة منفردة ، ومن كونها مستثارة أم هادئة ، من كونها ممغنطة أم غير ممغنطة و هكذا ، إلا إنه بالرغم من هذا التباين الا أن كل مجموعة من الظواهر لابد و أن تتشابه فى مجموعة من الخواص ، فذرات الحديد أينما كانت لابد وأن تتكون من 26 إلكترون و26 بروتون و26 نيوترونهل توجد مصادفات؟حتى هذه اللحظة كنا مازلنا على عتبة الذرة ، حيث القشرات التى تتواجد بها الإلكترونات ، وآن لنا أن نطرق باب أنوية الذرات ، و التى تتركز فيها كتلة الذرة ، وبمقارنة حجم النواة وحجم الذرة فان هذا سيكون أشبه بمقارنتنا عملة معدنية صغيرة بدائرة يبلغ قطرها كيلو متر ، ففى الحقيقة أن الوجود الذى نعرفه الآن شفافا جداً للاشعاعات ، فتكونه من ذرات تتركز كتلتها فى النوى الصغيرة بالنسبه للفراغ الشاسع للذرة ، التى تتواجد فيها الإلكترونات فى مستويات طاقاتها المختلفة، والمسافات الشاسعة بين النجوم و الكواكب والمجرات يؤكد هذة الحقيقة.ولعل أول ما سيقابلنا من حقائق حول النواة ، إنها تبدو لنا أحيانا ، كقطرة سائلة فى لحظات إستثارتها ، وأحيانا أخرى تبدو لنا كبناء معقد من القشرات شأنها شـأن الذرة ، وذلك فى لحظات هدوءها ، و لعلك لاحظت ان هذا ثانى إزدواج فى طبيعة كائن مادى قد عرفته خلال رحلتك عبر الطبيعة حتى الآن ، فقد كان الازدواج الأول هو الطابع (الجسمى /الموجى) للجسيم الأولى ، فالأزدواجية فى طبيعة الكثير من الكائنات المادية هى دليل على التركيب المعقد لهذه الكائنات المادية مهما صغرت ، مما يجعل جوهر هذه الكائنات المادية المعقدة ، يفصح عن نفسه فى مظاهر متنوعة ومتناقضة ، فطبيعة النواة فى كلتا حالتيها ، تتوقف على طبيعة العلاقات المتبادلة بين مكوناتها الداخلية والمؤثرات الخارجية عليها ، فلو كانت هذه المكونات تتمتع بعلاقات هادئة مستقرة فانها ستسلك سلوكا معينا ، يوحى لنا بأن مكوناتها تنتظم بشكل معين كما لو كانت قشرات تلى قشرات ، وفى كل قشره يتواجد 2 بروتون +2نيوترون ، وهو ما يشكل نواة ذرة هيليوم ، أما لو كانت هذه المكونات تعانى من عدم الاستقرار فيما بينها ، فأنها ستبدو كما لو كانت قطرة سائل من النيوترونات و البروتونات المستثارة.وكما تنتظم الإلكترونات فى قشرات حول النواة تتشبع بشكل معين ، فان مكونات الأنوية الأكثر تعقيداً تنتظم فى مجموعات رباعية من البروتونات والنيوترونات ، ولذلك تتمتع الذرات التى تقبل أعداد بروتوناتها القسمة على أربعة بدرجة إستقرار عالى فى الطبيعة ، و بالتالى تتواجد بانتشار أوسع ، وهذه الحقيقة تفسر لنا لماذا يصبح أحد نواتج النشاط الاشعاعى ، نواة ذرة الهيليوم ذات البروتونين والنيوترونين ، إذ إنه فى هذه الحالة تقذف النواة المشعة بمجموعة رباعية كاملة.وكما قد عرفنا من قبل كيف أن الجسيمات الأولية ، تتحول من أنواع معينة لأنواع أخرى مختلفة تماما ، وكيف تتحلل لمكوناتها الأولية ، وكيف تتركب من هذه المكونات ، فأننا لابد وأن نعرف أن الذرات بدورها تتحلل لمكوناتها الأولية وتتركب من هذه المكونات ، وتتحول من نوع لآخر سواء بفعل الطبيعة أو بتأثير الإنسان ، سواء من خلال عمليات النشاط الاشعاعى أو التفاعلات النووية سواء أكانت إنشطار لنوى الذرات أو إندماج فيما بينها ، كما تتحلل أيضا الجزيئات لمكوناتها الأولية من ذرات و تتركب من هذه الذرات بالتفاعلات الكيميائية المختلفة.كان حلم الكيميائيين القدامى هو إيجاد حجر الفلاسفة الذى يحول المعادن الرخيصة لمعادن نفيسة ، وقد ظل هذا لديهم مجرد حلم لم يتحقق بوسائلهم غير العلمية ، الا أن الانسان أخيراً استطاع معرفه سر تحولات العناصر ، والتحكم فيها عمليا، وليس ذلك فحسب بل وقد تأكد كذلك من أن حلم الكيميائيين القدامى كان يتحقق بالفعل فى الطبيعه من حولهم دون أن يشعروا به أو يفهموا سره ، تعالوا بنا نرى كيف يحدث هذا؟النشاط الاشعاعى هو تحول تلقائى أى يحدث دون تدخل الانسان ، وذلك لنظير غير ثابت لعنصر مشع إلى نظير عنصر آخر و يصاحب عملية التحول هذه انطلاق جسيمات أولية أو نوى ذرات .. فما هى عمليات النشاط الأشعاعى؟لا تخبرنا فقط عمليات النشاط الاشعاعى ، بمدى سخف قواعد المنطق الشكلى أو الصورى و كلها مترادفات بمعنى واحد ، وهى القاضية بأن الشىء أ لا يمكن أن يتحول لشىء آخر مثل ب ، وهى القاضية أيضا بأن الشىء أ يساوى نفسه أبداً، و بشكل تام، وكأنما هو ذو جوهر ثابت لا يتغير ، الا إننا نستخلص من دراسة التحولات التى تموج بها الطبيعة ، أن الكل متغير و متحول ومتحرك ، وأن طرق هذا التغير تتنوع ، و هى تغيرات لا تمس الظواهر البادية لحواس الإنسان من الأشياء فحسب ، وإنا تمس جوهرها نفسه ، وهذا الجوهر ليس شيئا ما ثابت أو نهائى او مطلق ، وإنما هو عملية ما، و بعبارة أخرى هو شكل من أشكال الحركة الداخلية داخل الأشياء ... واليكم الطرق المتنوعة لهذه التغيرات التى تحدث للذرات من خلال النشاط الاشعاعى.أولها فقد الجسيم ألفا و هو عباره عن نواة ذرة الهيليوم ، وبهذا الفقد تخسر النواة 2 بروتون و2 نيوترون، وتتحول بذلك نواة العنصر لنواة عنصر آخر ، يختلف فى كل خواصه عن العنصر الأصلى ، حيث يقل العدد الكتلى للعنصر الجديد ب 4عن العنصر الأصلى ، وكذلك وزنه الذرى بـ2مثال ذلك اليوارنيوم الذى يتحول إلى الثوريوم وذلك بفقد الجسيم الفا أو الهيليوموثانيها فقد النواة لجسيم بيتا وهو عبارة عن إلكترون ، وهذه العملية ناتجة عن تحول بروتون إلى النيوترون داخل نواة الذرة و هذا يعنى تحول العنصر لعنصر آخر أصغر منه فى الوزن الذرى مثال ذلك اليوارنيوم الذى يتحول إلى النبوتنيوم و ذلك بفقد الإلكترون أو جسيم بيتاوثالثهما فقد النواة لبوزيترون وهو ضد الإلكترون ، وهذا يحدث نتيجه لتحول النيوترون إلى بروتون داخل نواة الذرة ، وهذا يعنى تحول العنصر لعنصر آخر أكبر منه فى الوزن الذرى بمقدار (1). مثال ذلك البولونيوم يتحول إلى البزموتورابعهما إلتقاط النواة لإلكترون من الطبقة القريبة منها فيكون من نتيجة ذلك إنخفاض عدد البروتونات ، حيث يؤدى إندماج الالكترون بالبروتون إلى تحولهما إلى نيوترون ، وبالتالى تنقص نواة العنصر بروتونا واحداً ، مما يحولها لعنصر آخر أقل بمقدار (1) فى العدد الذرى.مثال ذلك البزموت يتحول إلى رصاصوأخيراً إنطلاق كمات الطاقة الكهر ومغناطيسية أو الفوتونات ، فى صورة أشعة ذات طول موجى قصير كأشعة جاما وأشعة إكس.تحدثت فيما سبق عن عمليات الاندماج النووى بين الذرات ، والتى تؤدى لوجود ذرات أعقد، وكل ما تحتاجه هذه العملية هو توافر طاقة تتغلب على القوى التى تربط بين مكونات هذه الذرات ، وهو ما يتم بالفعل بشكل طبيعى فى النجوم أو بواسطة الانسان .. و يبقى لنا أن نعرف عملية أخرى من عمليات التحول تحدث بواسطة الانسان سواء فى التفجيرات الذرية أو فى المفاعلات النووية ، و فيها يتم توجيه قذيفة من عنصر مشع إلى نواة عنصر ثقيل كاليوارنيوم، فيتم بذلك التغلب على الطاقة الهائلة التى تربط بين مكوناتها ، وتنشطر بذلك النواة لنواتى عنصرين أخف وزنا ، ذلك أن القذيفة التى تم توجيها تتغلب على طاقة الترابط بين مكونات النواة ، وهذه هى العملية التى تحدث فى الانفجارات الذرية ، والمفاعلات الذرية ، والتى تستخدم فيها عناصر ثقيلة كاليورانيوم والبلوتنيوم.ويحدث كذلك سواء بفعل قوى الطبيعة أو بتأثير الإنسان ما يعرف بالتفاعل المتسلسل ، حيث يظهر جسيم فعال هو النيوترون الذى يسبب تحولات متتابعة للنوى غير الفعالة ، فيحولها لنوى نشطة إشعاعيا ، مما يحدث بها تحولات نتيجة نشاطها الاشعاعى الذى اكتسبته نتيجة هذه العملية ، وتقوم النيوترونات بدور الجسيمات الفعالة لأنها لا تملك شحنة كهربية ، مما يجعلها تصطدم دون أى عائق مع نوى الذرات المشحونة ، وتسبب سلسلة من التفاعلات النووية الانشطارية.لذلك فان البروتون ، الذى يود إختراق النواة من الخارج و بالأخص إذا كانت النواة ثقيلة وكثيرة البروتونات، أن يمتلك طاقة هائلة تعادل مئات الملايين من الالكترون فولت .، بينما لا يحتاج النيوترون إلى أيه طاقة للقيام بذلك . ولهذا قد تدخل النيوترونات النواة حتى إذا ما كانت الطاقة التى تحملها صغيرة ، وتعادل أجزاء من المئة من وحدة الإلكترون فولت.طرق تكون وتحلل الجزيئاتبعد أن مررنا سريعا بالطرق المتنوعة لتحول الذرات من أنواع لأخرى ، وأن هذا كامن فى التغيرات التى تطرأ على الطاقة التى تربط مكونات النواة . فعلينا الآن المرور على طرق تكون وتحلل الجزيئات ، والتى تتم عبر عمليات تجرى فيما بينها و بين مكوناتها من ذرات ، والتى تحدث بتأثير الأشكال المختلفة للطاقة الكهرومغناطيسية من حرارية وضوئية وكهربية .. الخ الخ ، وان حدوث هذه التفاعلات الكيميائية التى هى عملية تحول مواد إلى مواد أخرى تختلف فى التركيب و الخواص ، وفيها تظل الذرات على حالها دون تغيير وإنما تنتقل فحسب من جزىء إلى آخر ، فكما أن الجسيمات الأولية بكل خواصها الفريدة تتحد مع بعضها لتكون كائن مادى متميز بخواصه هو الذرة ، فان الذرات بكل خواصها أيضا تتجاذب وتتنافر كهربيا حسب شحناتها ، لتكون جزئيات تختلف عن الذرات فى الخواص تماما.فملح الطعام الأبيض البللورى ذو الطعم المالح ، مكون من ذرة الصوديوم ذلك العنصر الفلزى اللامع ، وذرة الكلور ذلك العنصر اللافلزى الغازى و قد نتج من اتحادهما جزىء ملح الطعام الصلب الأبيض اللون ، وذلك من تفاعل مادتين تختلفان فى خواصها عنهما ، هما حمض الهيدروكلوريك السائل ذو الطعم اللاذع والحارق للجلد ، وهيدروكسيد الصوديوم ذو الطعم القابض ، وقد نشا من تفاعلهما الملح والماء .. فأين ذهب كلاً من الكلور والصوديوم بخواصها فى جزىء الملح الموجود أمامك على المائدة ؟ وهل لاحظت فيه أى خاصيه من خواصها ؟ بالطبع لا .. فما حدث هو إنتاج لشىء جديد تماما يختلف عن مكونيه ، الا إننا عند تحليل الجزىء كيميائيا فسنجد أمامنا كلا من الصوديوم والكلور المختلفان ، وإننا لو حللنا محلول الملح فى الماء فسنجد أمامنا الحمض والقلوى السابق الاشارة إليهما ..مرة أخرى نلاحظ العلاقة بين الجزء و الكل أو العنصر والبنية، فالطبيعة تبنى من كل مجموعة من العناصر التى تشكل نمط ما من أنماط المادة نمطا آخر من المادة أرقى وأعقد يكون له خصائص مختلفة عن خصائص المكونات الأدنى والأبسط ، ويحدد هذا العلاقات التى ترتبط بها هذه العناصر من حيث كميتها ونوعيتها وطريقه ترتيبها فيما بينها، والعمليات التى تجرى فيما بينها ، فالجزيئات أيضا تشكل الأجسام الغير حية و الحية التى تختلف عنها فى الخواص ، وتختلف فيما بينها حسب كمية ونوعية وطريقة انتظام الجزيئات والتفاعلات التى تجرى بينها ، كما أن المجتمع البشرى بكل خصائصه يختلف عن العناصر المادية التى تكونه ، ألا وهم البشر الواعين المنتجين لاحتياجاتهم المادية ، كما يؤثر المجتمع فى طبيعة هؤلاء البشر فيمنحهم وعيا إجتماعيا يميزهم عن سائر الكائنات المادية.والأن ما هى أنواع التفاعلات الكيميائية التى تؤدى إلى هذا التنوع الهائل فى المركبات الكيميائية؟أ- تفاعلات الضم و فيها يضم جزىء ما ذرة عنصر آخر إليه ليتكون جزىء جديد ، على سبيل المثال جزىء النحاس المكون من ذرتين فى القشرة الخارجية لكل منها إلكترون واحد ، وهما بالتالى فى حاجة لقشرة مشبعة بثمانى إلكترونات ، لاحداث التوازن الكهربى المطلوب ، فينضمان إلى ذرة الأكسجين ذات الستة إلكترونات فى مدارها الأخير ليكون الجميع أكسيد النحاس فى النهاية ذو اللون الأخضر .. ويلاحظ أن النحاس النقى ذو لون أصفر.ب- تفاعلات الإبدال وفيها يتم إبدال ذرة عنصر بذرة عنصر آخر متحداً فى جزىء آخر ، بحيث تطرد ذرة العنصر الجديد ذرة العنصر القديم ، ويصح طبعا إبدال شق بشق أو جزىء بجزىء ..الخ الخ ، مثال ذلك بتفاعل ذرة الحديد مع كبريتيك النحاس ، يتولد لنا جزىء كبريتات الحديد وذرة نحاس.ج- تفاعلات التفكك وفيها يتفكك الجزىء إلى مكوناته الأبسط نتيجة تأثره بمصدر للطاقة يتغلب على طاقة الترابط التى تربط بين هذه المكونات ، مثال ذلك تفكك ثانى أكسيد الزئبق إلى ذرتى أكسجين و ذرتى زئبق ، و بمعنى أدق جزىء أكسجين و جزىء زئبق.د- تفاعلات التبادل و فيها تتبادل الجزيئات شقوقها أو ذراتها ، فيتكون جزيئات جديدان ، مثال ملح كلوريد البوتاسيوم المتكون من ذرة بوتاسيوم وذرة كلور بتفاعله مع حمض الكبربتيك المعروف بماء النار و المتكون من ذرتى هيدروجين و ذرة كبريت و 4 ذرات أكسجين ، يتكون لدينا حمض الهيدروكلوريك المتكون من ذرتى هيدروجين و كلور ، و ملح كبريتات البوتاسيوم المتكون من ذرة بوتاسيوم و ذرة كبريت.هـ- تفاعلات الأكسدة و فيها تتخلى ذرات أو جزيئات المادة المتأكسدة عن الإلكترونات ، وانضمام هذه الإلكترونات إلى ذرة أو جزىء لمادة أخرى ، أما تفاعلات الاختزال فهو تفاعل كيميائى معاكس للأكسدة ، و فيه تضم الذرة أو الأيونات الإلكترونات من المادة المؤكسدة إليها باعتباره مادة مختزلة ، أى أن العمليتان مترابطتين ومتضادتين فى الاتجاه ، وأن هذا التناقض الجلى بينهما تجد جذوره الأعمق فى إختلاف الشحنات الكهربية و ما تسببه من تجاذب الأجسام التى تحملها ، أو تشابهها وما يسبب هذا من تنافر للأجسام التى تحملها ، ففى هاتين العمليتين تنتقل الإلكترونات من ذرة إلى أخرى ، مثال تفاعل ذرتى ماغنسيوم مع ذرة أكسجين .. يؤدى إلى إنتقال إلكترون من كل ذرة ماغنسيوم إلى القشرة الخارجية لذرة الأكسجين ذات الستة إلكترونات فى قشرتها الخارجية.. ليتكون لدينا جزىء أكسيد الماغنسيوم.فتحدث فى نفس اللحظة عملية أكسدة الماغنسيوم مضادة لعملية إختزال الأكسجين .. ففى كل هذه التفاعلات يحدث تغيير فى توزيع الشحنات بين الأيونات.و- تفاعلات ماصة للحرارة وهى التى يصاحبها إمتصاص للحرارة ، وتفاعلات ناشرة للحرارة ، والتى يصاحبها انتشار للحرارة ، الأولى مثالها التفاعل الكيميائى بواسطة الضوء فى النباتات ، ومن هنا نلاحظ الأثر الملطف لدرجة الحرارة عند وجود النباتات ، والثانية تفاعل احتراق الفحم وتأكسده و من هنا استخدامه للتدفئة.ز- تفاعلات متعاكسة تجرى فى إتجاهين متعاكسين كتفاعل الهيدروجين مع النتروجين لتتكون الأمونيا ، وتتحلل الأمونيا إلى النتروجين والهيدروجين، وتفاعلات لا متعاكسة و فيها تتحول المواد الأصلية إلى نواتج لا تتحلل لمكوناتها.ر- التفاعل الكيميائى الضوئى وهو ينشأ بفعل الضوء باعتباره أحد أنواع الطاقة الكهرومغناطيسية ، مثال ما يحدث فى النباتات ، و تفكك بروميد الفضة فى الضوء و هو ما يستخدم فى أفلام التصوير.ق- تفاعلات البلمرة وهو تفاعل كيميائى تتحد بموجبه جزيئات متساوية مع بعضها ، وتشكل جزئيات معقدة ذات كتلة جزيئية كبيرة ، و يتصف ناتج البلمرة أى ما يسمى بالبوليمر بأن تركيبه يماثل تماما تركيب المادة الاصلية أى الجزىء البسيط الذى شكل وحدة بناء البوليمر ، هذا الجزىء البسيط بتراكمه كميا أدى لجزىء من نوع آخر يختلف عنه فى الخواص ، ومع كل تراكم جزىء بسيط يضاف للبوليمر تنتج لنا مادة جديدة مختلفة فى خواصها عن سابقتها وهكذا ، وبالرغم من تعدد أفراد عائلة البوليمر الا إنه لا يوجد أثناء البلمرة مواد أخرى غير جزيئات البوليمر ... كما توجد كذلك بلمرة مشتركة يشترك فيها عدة أنواع مختلفة من الجزيئات ، وتتكون من نتيجة ذلك بوليمرات مشتركة ، وهى تسمح بالحصول على بوليمرات مختلفة ومتعددة الخواص.ى- التفاعلات المتسلسلة و هى كما تحدث فيما يتعلق بالتفاعلات النووية ، فأنها تحدث أيضا فى التفاعلات الكيميائية حيث يظهر جذر حر ، أو ذرة حرة تساعد على احداث سلسلة من التفاعلات المتوالية ، و بالتالى تحولات للجزيئات ، ذلك لأن إصطدام الجذر الحر مع الجزىء ، يسبب انقطاع أحد الروابط فى هذا الأخير ، وتتكون نتيجة لذلك رابطة كيميائية جديدة ، و جذر حر جديد يتفاعل بدوره مع جزىء آخر وهكذا.ك _ التفاعلات الأيونيه لأن التفاعل الكيميائى يتم بسبب الطاقة الكهرومغناطيسية ، فأننا لا يمكن فهمه إلا فى إطار الشحنات السالبة و الموجبة و العلاقة بينهما ، وهو ما يمكن فهمه فى اطار النظرية الأيونية و التى تفسر التفاعلات الأيونية ، وقد سبق ايضاح ماهيه الأيونات .. أما التفاعلات الأيونية فتتم بين الأيونات فى المحاليل ، فتفاعل نترات الفضة مع كلوريد الصوديوم ، وهو ما يؤدى إلى نترات الصوديوم و كلوريد الفضه ، يمكن أن يفهم بأن أيون الفضة الموجب الشحنة حيث يتواجد فى قشرة ذرة الفضة الخارجية إلكترون واحد ، و لسهولة انفصاله عن هذه القشرة يتكون الأيون الموجب حيث تزيد شحنات البروتونات الموجبة عن شحنات الإلكترونات السالبة بما مقداره (1) ، هو نفسه الإلكترون المنفصل عن ذرة الفضة ، هذا الأيون ينفصل عن أيونات النترات السالبة التكهرب ، حيث تزيد فيها الشحنات الكهربية السالبة للإلكترونات عن الشحنات الموجبة للبروتونات و فى نفس الوقت ينفصل أيون الصوديوم (الموجب) حيث ذرته ذات إلكترون واحد فى القشرة الخارجية ، عن أيون الكلور السالب الذى له ثمانى إلكترونات فى قشرته الخارجية ، وهو لذلك يكون أيون سالب باكتسابه إلكترون فى حين تكون ذرة الصوديوم أيون موجب لفقدها للإلكترون ... وتنفصل الأيونات بفعل طاقة أعلى من طاقة ترابطهم لتكون جزيئين جديدين ، بتفاعل أيون الفضة الموجب مع أيون الكلور السالب مكونين كلوريد الفضة ، وأيونات النترات مع أيون الصوديوم مكونين نترات الصوديوم.إن كل هذا التنوع فى التفاعلات الكيميائية بشكل عام ، وما يؤدى إليه من تنوع لا نهائى فى الجزيئات ، ومن ثم المركبات تحكمه فى النهاية ضرورات طبيعية سواء أكانت تتم بشكل تلقائى أو بتدخل من الانسان ، فالسبب الكامن وراء أى تفاعل كيميائى هو تغييرات فى الطاقة الكهرومغناطيسية فى أى صورة من صورها من حرارية أو ضوئية أو كهربية ، وهذه التفاعلات تحدث بشكل حتمى طالما وجدت المواد المتفاعلة ، والمواد الحافزة للتفاعل ، وشروط التفاعل ، وأهمها الطاقة المؤثرة لاحداث التفاعل .. الا أن فهم التفاعلات الكيميائية فى ضوء وجود سببية شرطية شاملة بالنسبة لجميع الأشياء والظواهر والعمليات بالرغم من صحته ، الا إنه ينقصه فهم العلاقة بين الضرورة والصدفة .. فبدون فهم هذه العلاقه لا يمكنا فهم كيف تعمل القوانين و كيف تحدث التفاعلات وما تؤدى إليه من تغيرات واقعية .. فمن الصحيح أن الواقع بكل ما فيه تربط بين أجزاءه علاقات موضوعية تجسيداً للضرورة الكامنة فى طبيعة هذا الواقع ، وهو ما يسبب حتمية القوانين التى تعبر عن هذة الضرورة ، تلك الضرورة التى تعبر عن جوهر الأشياء ، أى طابع العمليات الداخلية التى تكونها ، حيث أن جوهر أى شىء هو عملية بين أشياء أخرى تكونه كما و قد سبق إيضاحه ، والضرورة لذلك لابد و أن تفصح عن نفسها كلما توافرت لها شروط ذلك الافصاح ، بصرف النظر عن أى وعى أو هدف أو إرادة ، والضرورة ليست فرض ميتافيزيقى أى قادم من وراء الطبيعة ، وإنما هو فرض علمى دللت عليه ممارسات البشر العملية ، فتواتر حدوث ظاهرة ما بشكل موضوعى ، ثم الملاحظة المحايدة لهذا التواتر لابد وان تؤدى بنا إلى إستنتاج أن ضرورة ما تؤدى إلى هذه الظاهرة المتواترة.إذن فأنه فى مواجهة الضرورة توجد المصادفات ، والتى هى أحداث غير ثابتة و لا متواترة الحدوث ، وليس لها أى علاقة بجوهر الأشياء والعمليات والظواهر ، فالأحداث العرضية قد تحدث أو قد لا تحدث ، وعندما تحدث قد تحدث فى شكل ما مرة و مرة أخرى بشكل آخر ، كمصادفة نجاة إنسان من الموت من جراء سقوط حجر أمامه مباشرة إذ لو كان أسرع فى مشيته خطوة لكان قد لقى الموت حتما، وإذا كانت الضرورة كامنة فى طبيعة الأشياء ، فأن المصادفات لا تكمن فى طبيعتها.فالضرورة تعنى حتمية تكون ثانى أكسيد النتروجين عند تفاعل حمض النيتريك المركز مع اللافلزات أو الفلزات الضعيفة ، فتفاعل ذرة فوسفور مع خمس جزيئات من حمض النيتريك المركز تؤدى إلى تكون جزىء حمض أورثوفوسفوريك و خمس جزئيات ثانى أكسيد النتروجين وجزىء ماء ، هذا هو ما تفرضه ضرورة التوازن الكهرومغناطيسى بين أيونات الفوسفور الموجبة و أيونات الحمض السالبة ، و إنها بالتالى لابد و أن تحدث فى كل مرة، تتواجد فيها المواد المتفاعلة ، و توافر كافة شروط التفاعل مع عدم وجود العوامل المعيقة أو المحبطة للتفاعل .. أما المصادفة فهى أن تتفاعل ذرة بعينها من ذرات الفوسفور مع جزيئات بعينها من جزيئات حمض النيتريك ، و المصادفة أن تجد الذرات الداخلة فى التفاعل توافر شروط التفاعل لديها فيتم التفاعل فيما بينها ، و المصادفة هى عدم توافر شروط التفاعل ، أو وجود عوامل معيقة للتفاعل أو محبطة له فلا يتم التفاعل بينها .. فحدوث المصادفة خارج عن عملية التفاعل نفسها ، وعن الضرورة التى تسببها بشكل حتمى، فالتفاعل لن يتوقف لأن ذرة بعينها دخلت التفاعل أو لأن ذرة أخرى من ذرات الفوسفور لم تدخل فيه، وحمض النيتريك كما يتفاعل مع أى ذرة للفوسفور ، فأنه يمكنه كذلك التفاعل مع أى فلز آخر ، فلا توجد أدنى ضرورة ، ومن ثم أدنى حتمية فى أن تتفاعل ذرة معينة بجزىء معين.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية