موجز تاريخ المادة و الوعى(4) الكون ، أين توجد الأشياء؟
موجز تاريخ المادة و الوعى(4) الكون ، أين توجد الأشياء؟
سامح سعيد عبود
الكون ، هو الوجود الطبيعى بأسره، فهو كل ما هو موجود وما قد وجد و ما سوف يوجد، إلا أننا عند ما نتحدث عنه هنا، فإننا سنقصد المنظومة التى تربط مكوناته الداخلية من مجرات و نجوم و كواكب... الخ ، وهو مجال اهتمام علم الفلك .. البعض يفكرون في الكون، كمكان مغلق ذو حدود ما، و يمكن إدراك أبعاده عقليا، وهو وفق رؤيتهم آله بالغة الدقة و الإحكام كساعة ذرية .. بالغة الانتظام و التماثل كزخرفة شرقية، وهو فوق كل هذا ساكن بلا تاريخ ولا يشوبه أدنى تغيير، فهكذا وجد فى لحظة ما، وهو لابد منتهى فى لحظة أخرى. والحقيقة هى أن هذا التصور الطفولى أبعد ما يكون عن حقيقة الكون، الذى إن وجد و تحرك وفقا للضرورة المادية، إلا إنه أبعد ما يكون عن التماثل والحركة الدقيقة المحكمة، أو السكون أو المحدودية، فعلى سبيل المثال فإن حركة الأرض حول نفسها، وحول الشمس ليست حركة متسقة تماما، كما أن مكونات الكون لا يكف الكثير منها على التصادم والانفجار لتتولد فى تلك الحالة طاقات هائلة، تؤدى لتكون مكونات أخرى.و امتداد الكون اللا محدود بأى حدود، والخالى من أى مركز ما، و الشاسع إلى ما لانهاية، و ما لا يمكن أن يتخيله العقل العادى أو يتصوره.. هو أبلغ دليل على أن هذا الكائن الحى الواعى المسمى بالإنسان ليس له أى مكانة خاصة فى هذا الكون،.. فعمر الكون المرصود لنا حتى الآن قد سبق وجود الإنسان بمليارات السنين كما قد سبق وجود الأرض نشؤ و تطور ذلك الإنسان بمليارات أخرى من السنين، والتى لم يتواجد عليها البشر إلا منذ نحو يضع ملايين من السنين،أما الإنسان العاقل فلم يتجاوز وجوده عليها بضع عشرات الأوف من السنيين، ذلك الإنسان الذى لا يتجاوز فى الغالب الأعم السبعين عام عمرا.وما الأرض بكل ما عليها سوى كوكب متوسط الحجم نشأ منذ 4.5 مليار عام ككتلة نارية منفصلة عن الشمس، ذلك النجم المتوسط الحجم ذو الستة مليارات عام عمرا، و الموجود على أحد الحواف الخارجية لمجرة درب التبانة أو مجرة الطريق اللبنى ذات المئة مليار نجم، و المتفاوتين فى العمر والحجم والنشاط، تلك المجرة المشتركة فى مجموعة مجرات محلية تبلغ الأثنى عشر مجرة فى الكون المرصود لدينا حتى الآن، و الذى يتكون من 100 مليار مجرة، ويمتد حيزه المكانى إلى 16مليار سنة ضوئية، وتستطيع بالورقة والقلم حساب هذه المسافة، إذا عرفت أن الثانية الضوئية هى المسافة التى يقطعها الضوء فى الثانية، ومقدارها 300000 كيلو متر تقريبا، لتصل فى النهاية لمعرفة تلك المسافة الشاسعة التى تبلغ 1514 مليار مليار مليار كيلو متر . فمتى نتواضع سواء أكنا أفراد أو جماعات ونعرف مكانتنا الحقيقية فى الوجود؟.ففى الحقيقة أن الحياة قد أتت نتيجة تطور خاص جداً، وعلى ما يبدو إنه نادر جداً فى المادة، نتيجة ظروف مادية معينة من حرارة و ضوء و مناخ و... الخ، و قد توافرت فى مكان بالغ الضآلة فى الكون، و سينتهى كل هذا فى زمن بالغ الضآلة بالنسبة لعمر الكون المرصود، و المعروف لدينا حتى الآن، فشمسنا ستنفجر بعد خمسة ملايين عام مبتلعة كوكبنا الجميل، بعد أن تكون قد أنهت الحياة نفسها على الأرض قبل احتضارها الطويل بزمن طويل.و ربما فى أماكن أخرى فى هذا الكون اللانهائى، تتواجد كائنات حية أخرى لها ما للإنسان من وعى، و قد يظن بعضهم أن لهم مركزاً خاصا فى هذا الكون.. أو قد يكون البعض منهم قد توصل إلى الحقيقة، ويسخرون من الذين يظنون بأنفسهم هذا الظن .. فهناك مليار كوكب فى مجرتنا فقط من الممكن أن تتوافر فيها ظروف نشأه و تطور حياة وحضارة متقدمة مثل الحضارة البشرية، و بالطبع فأن هذا العدد يصبح أكبر بكثير لو كانت هذه الحياة بدائية، وربما تكون بعض إشكال الحياة الواعية والحضارات المتقدمة قد وصلت لمراحل أرقى من ما وصلت إليه البشرية، إلا أن المسافات الشاسعة و التى يصعب أو يستحيل اجتيازها تقف حجر عثرة فى الاتصال فيما بين هذه الحضارات، وذلك حتى مع توافر إمكانية الوصول، فأننا نحتاج للانتقال بين الكواكب الأخرى من خارج مجموعتنا الشمسية لسرعات تقترب من سرعة الضوء، وهى أقصى سرعة ممكنة لأى جسم لا يمكن أن يصل إليها إلا إذا تحول الجسم نفسه إلى ضوء.وكما أن للمادة تاريخ فإن للكون تاريخ أيضا، و ذلك مثلما هو الحال لسائر مكوناته، فلم يوجد الكون كما لم توجد مكوناته على نفس الحالة المرصودة لدينا الآن على نحو دائم، ولن تظل هذه الحالة بالنسبة للكون أو مكوناته كما هى الآن .. وليس ذلك فحسب بل إن كل مكونات الكون تتحرك سابحة عبر الفضاء اللانهائى بسرعات خيالية بالنسبة لمقاييسنا الأرضية البطيئة للغاية، فالكواكب تتحرك حول نفسها بسرعات متفاوتة، فأرضنا تتحرك مثلا حول محورها بسرعة نصف كيلو متر فى الثانية، كما تتحرك حول الشمس بسرعة 30 كيلو متر فى الثانية، و تتحرك النجوم حول نفسها أيضا بسرعات متفاوتة، وتتحرك حول مراكز المجرات جاذبة معها فى حركتها كل توابعها من كواكب وكويكبات و أقمار ومذنبات، فتتحرك مجموعتنا الشمسية حول مركز مجرتنا التى تبعد عنه بـ 30 ألف سنه ضوئية بسرعة 180 كيلو متر فى الثانية، و تتباعد وتتقارب المجرات بالنسبة لبعضها بسرعات كبيرة فتتحرك مجرتنا على سبيل المثال ونحن معها بسرعة 600 كيلو متر فى الثانية، كل هذا فى حين أن سرعة صاروخ الفضاء تبلغ 11 كيلو متر فى الثانية، و لا تتجاوز سرعة الطائرات النفاثة أو القطارات السريعة بضعة مئات من الكيلومترات فى الساعة، ونجرى نحن بسرعة بضع كيلومترات متر فى الساعة.و فى لوحه الكون المرصود لدينا تتفجر مجرات ونجوم و كواكب قديمة، و تتكون مجرات ونجوم جديدة و كواكب باستمرار، وفى شتى أرجاءه تتقلص نجوم كانت نشطة لتتحول لنجوم غير نشطة مثل الثقوب السوداء، أو نجوم نيوترون، أو نجوم الأقزام بيضاء، وهى كلها أنواع من الأجرام الفلكية المتحولة من النجوم، سيأتى على ذكرها فيما بعد، و مازلت تتكون من السحب الهائلة للغبار الذرى مجرات و نجوما وكواكب جديدة كل يوم. والكون لمن يمكن أن يشاهده من خارجه، سيبدو له كما لو كان فى حالة انفجار هائل .الكون تكوين مادى متجانس وهو ليس منبسطا كصفحة الكراس، حيث لا تتواجد أجرامه على مستوى واحد، و لا هو كرويا حيث أن الكتلة الكونية لا تتراكم فى مركز ما، ولكنه ذو طبيعة منحنية.. تتناثر مكوناته على منحنيات هندسية ، ليس هناك أذن أى مركز وحيد للكون أو حافة قابلة للتميز، ولو كان هناك مركز وحافة.. فلابد أن نتوقع رؤية تركيز للمادة فى اتجاه واحد صوب المركز، وترقيقا للمادة فى الاتجاه الآخر أى صوب الحافة ، فالكون فى حقيقته أشبه بمتوازى مستطيلات ذو تعرجات منحنية أشبه بسرج الفرس .بالرغم من العدد اللانهائى من الأجرام التى تكونه، وبالرغم من أحجامها البالغة الضخامة أحيانا.. إلا أنه يشبه صحراء قاحلة شبه خالية من الأجسام و إن لم تكن خالية من الجسيمات.. حيث تتناثر به الأجرام كما لو كانت واحات تتباعد فيما بينها لمسافات شاسعة عبر الفضاء اللانهائى. فالكون الذى نعرفه الآن شفافا للغاية للإشعاعات.. فتكون معظم أجسامه من ذرات تتركز كتلتها فى نوى صغير جدا بالنسبة للفراغ الشاسع الذى تتواجد فيه الإلكترونات فى مستويات طاقاتها المختلفة، والمسافات بين الذرات و الجزيئات فى الغازات والسوائل والمواد الصلبة والكائنات الحية، والمسافات الهائلة بين الأجرام الكونية، تؤكد لنا أن حجم الكون أكبر بما لا يقاس من حجم المادة التى تكونه، و يؤكد مدى شفافية الكون و نفاذيته الهائلة للاشعاعات.. فنحن نشعر بصلابة بعض الأجسام عندما لا تختلط بالأجسام الأخرى، ولكن الأجسام الصلبة تغوص فى السوائل لأن المسافات بين جزيئات السائل كبيرة بحيث يضعف تأثير التنافر مما يجعل السوائل تختلط فيما بينها بسهولة، وتغوص فيها المواد الصلبة الأكثر كثافة منها، و نشق طريقنا لنفس السبب وسط الغازات بسهولة، لان المسافات بين جزيئاتها أوسع ولذلك فهى أكثر شفافية وأقل كثافة . ونحن نرى المواد الصلبة معتمة ومصمتة على غير حقيقتها لان جزيئاتها تنتظم فى بلورات تمنع نفاذ الضوء من خلالها، إلا إننا نرى الزجاج شفاف بالرغم من صلابته الظاهرية، لأن جزيئاته لا تنتظم فى شكل بلورات، وكأنما هى فى حاله سيولة، بالرغم من تلك الصلابة الظاهرة، و لنفس هذا التركيب الجزيئى المتميز ينكسر الزجاج بسهولة.ونحن لو ضغطنا الشمس إلى نفس كثافة المادة بعد قليل من الانفجار الكبير لحصلنا على كره قطرها 3 كيلو متر من المادة شديدة الكثافة والصلابة والحرارة، أما أرضنا فستكون كرة قطرها 2سنتيمتر، أى فى حجم ثمرة المشمش، وبالتالى يصبح كل عالم البشر لا يتجاوز القشرة الخارجية لهذه الثمرة بكل مدنهم و بحارهم و جبالهم و كل تضاريس جغرافيه أرضهم والغلاف الجوى والأعماق السحيقة للقشرة الأرضية.فالكون الذى نعيش فيه وأمكنا رصده حيث يمكن أن تكون هناك أكوان متعدد، كان منذ حوالى 20 بليون سنة تقريبا حسب نظرية الانفجار الكبير، لم يكن مكونا من ذرات بل من أبسط الجسيمات الأولية، التى كونت فيما بعد الجسيمات الأعقد كالبروتونات والنيوترونات، ثم فيما بعد الذرات و هكذا.. و قد كانت درجه الكون فى ذلك الوقت حوالى عشره مليارات درجة مئوية، و لم يكن الكون فى ذلك الوقت شفافا بل مصمتا و معتما للغاية لكل أنواع الإشعاعات، والتى كانت تختلط بالكتلة تماما، وتصطدم بها، وكانت كثافة الكون تبلغ حوالى 3.8 مليون كيلو جرام فى سم3، و لك أن تتخيل لتر ماء يزن 3.8 ألف مليون كيلو جرام حيث أن لتر الماء 1000سم3 وهو يساوى كيلو جرام وزنا حسب المقاييس الأرضية، و فى ظروفها العادية، إلا أن الكون أخذ يتمدد و يبرد تدريجيا، و أخذت كثافته تقل و شفافيته تزداد وحرارته تقل.. وبعد فترة تكونت أنوية ذرات مستقرة، و ذلك عندما وصلت درجه الحرارة إلى 3000 مليون درجة مطلقة، وباستمرار مسيرة التبريد و التمدد و نقصان الكثافة وزيادة الشفافية، أصبحت الحرارة تسمح بتكوين ذرات ثابتة، وأصبحت الكتلة شفافة للإشعاعات، كما انفصلت كل من الكتلة والطاقة عن بعضها، و أخذت الكتل تتجمع فى شكل سحب هائلة من الغبار الذرى المكون أساسا من ذرات الهيدروجين وهذه السحب الهائلة هى أساس الوحدات الكبرى للكون المسماة بالمجرات.بنية الكونفيما يلى بعض ما عرفناه حتى الآن عن بنية الكون على المستوى الكبير فى مكوناته الأساسية.المجراتبصرف النظر عن المادة المظلمة التى لا تصدر أى إشعاع، وتبلغ درجه حرارتها 3 درجات حرارة مطلقة، وتشكل حيزاً ضخما من الكون، وبصرف النظر عن السحب الهائلة من الغبار الذرى السابحة فى الفضاء، وما لا نهاية له من جسيمات أولية يمتلأ بها الكون ... فان الوحدة الأساسية الكبرى للكون هى المجرات، فالكون المرصود لدينا حتى الآن يحتوى على 100 بليون مجرة، يبلغ قطر الحيز الموجود فيه هذه المجرات 16 مليار سنه ضوئية، وتنشأ المجرات من تكثف الغبار الذرى المكون أساسا من ذرات الهيدروجين و الهيليوم، وهى تتجمع فى مجموعات محلية تسمى عناقيد المجرات، وبالطبع فأن ما يتحكم أو تحكم أو سيتحكم فى تكوين المجرات هى الضرورة ذاتها التى تعبر عنها قوانين الفيزياء الأساسية. لأن هذه القوانين البسيطه فى الطبيعة كالجاذبية ، والمحافظة على القوة الدافعة الذاتيه هى ذاتها فى الكون كله، فالفيزياء التى تطبق على الأجسام الساقطة على الأرض ، وعلى دوران المتزحلقين على الجليد، هنا فى الكون المصغر على الأرض هى ذاتها مطبقة على المجرات هناك فى الكون الكبير.وتتواجد فى الكون عدة أنواع من المجرات ، فبعضها حلزونية ، والأخرى بيضاوية ، والثالثة دائرية ، والرابعة غير منتظمة، وفى الحقيقة إن المجرات تنفجر وتتصادم بمعدلات عالية جداً .. وبشكل يمتزج فيه النظام والجمال مع العنف والفوضى . على نطاق واسع لا يخطر على البال بما فى ذلك مجرتنا الهادئة نسبيا.إن تصورنا للمجرات أجساما صلبة ثقيلة هو إحساس خاطىء ، فهى بنى سيالة حيث تتكون كل مجرة من 100 مليار مكون نجمى، فالمجرة مثل الكائن البشرى تماما الذى يتكون من مجموعة من مئة تريليون خلية حية، والموجود فى حالة متواصلة من التشكل والتلاشى ، والذى هو أكبر من مجموع أجزائه.ويكون من نتائج هذه التحركات والتغيرات العنيفة تجمعات هائلة من سحب الغبار الذرى المكونة بشكل أساسى من الهيدروجين ، والتى تشكل المادة الخام لميلاد مجرات جديدة ، فضلاً عن تشكيلات مختلفة من المادة وإشعاعات هائلة .. وأعتقد أن أى كلمات بشريه تعجز عن التعبير عن الشعور الرهيب ، الذى يتولد لدى كل من يدرك حقيقة الكون، والذى يصعب تخيل مدى إتساعه وحركيته النشطة ، والتى تتدنى أمامها أكثر الاساطير روعة ، وأعظم الخرافات خيالاً بما لا يقاس ، حيث إنها فى النهاية مجرد بنات أفكار عقول بشرية كانت تظن حتى عهد قريب أن الكون كله هو تلك المجموعة الشمسية التى نعيش فيها ، وأن دخول كوكب من كواكب المجموعة الشمسية فى مدار ما لحظة ميلاده تحدد مصير ذلك المولود التافه وصفاته، وذلك فى أحسن الأحوال. وأن مبدعي تلك الأساطير والخرافات من البشر كانوا يظنون إنهم مركز الكون المخلوق لهم، و أن كوكبهم الأرض هو مركز هذا الكون الذى يدور حوله.من بين 100مليار مجرة رصدناها حتى الآن .. توجد مجرتنا التى نسكنها والتى تشكل مع 11 مجرة أخرى مجموعة محلية من المجرات فى عنقود من المجرات .. وتبلغ مجرتنا من العمر 10 بليون سنة، وهى حلزونية الشكل ، وتحتوى شأنها شان المجرات الأخرى على 100 بليون نجم تدور جميعها حول مركز المجرة ، كما تدور كل النجوم حول مراكز مجراتها ، وربما يكون مركز مجرتنا يحتوى على ثقب أسود هائل يربط كل هذه النجوم بقوه جاذبيته الهائلة ، وتحتوى المجرة على العديد من المجموعات النجمية ، فهناك مجموعات من نجمين أو ثلاث تدور حول بعضها أو حول مركز فرعى خاص ربما يكون ثقب أسود ، كما توجد نجوم منفردة كشمسنا وهكذا ، وأخيراً فأن المجرة تتناثر بها أعداد لا حصر لها من الأجسام الصخريه أو الجليديه تدور حول النجوم أو تسبح فى الفضاء ، كما توجد السحب الهائله من الغازات على أطرافها الحلزونية التى تدور حول مركز المجرة مرة كل ربع مليار سنة (250 مليون سنة)النجومتتشكل النجوم باستمرار من سحب الغبار الكونى المكون أساسا من غاز الهيدروجين مع قليل من الهليوم ، وذلك بفعل قوى الجاذبية بين الغازات ، وهو ما يجعلها تحتك بشدة ، وهو ما يؤدى بدوره لتولد طاقة حرارية هائلة ، تؤدى إلى إندماج نوى ذرات الهيدرجين لتكون نوى ذرات الهيليوم ، وهذا يؤدى بدوره لتولد طاقة حرارية وإشعاعية هائلة ، وهو ما يشكل العملية التى تشكل جوهر النجوم ، وبالتالى فأن هناك قوتان تتنازعان فى النجم ، طاقة الجاذبية بين الذرات والطاقة الحرارية الناتجة عن إحتكاك وإندماج الذرات ، وتفاعل هاتان الطاقتان يرتبط بحجم كتلة الغاز التى تكون النجم ، فإن كان حجم الغاز المكون للنجم صغير ، فأن النجم لا يستهلك كل الغاز المكون له سريعا ويصبح مستقراً لفترة أطول بعكس النجوم المكونة من كتل أكبر من الغاز ، والذى يتم إستهلاكه بسرعة أكبر ، وتتحول النجوم البالغة الضخامة إلى ثقوب سوداء و هى كتلة شديدة الكثافة حتى أن ملىء ملعقة شاى من كتلتها يزن ملايين الأطنان ، وهى ذات مجال جاذبية شديد جداً ، أما النجوم الأصغر قليلاً فتتحول لنجوم نيوترون حيث تنسحق ذرات النجم بفعل طاقة الجاذبية ، لتتعادل كل من بروتوناتها والكتروناتها متحولة إلى نيوترونات ، كما تتحول النجوم الأصغر بعد فترة من النشاط ، و بعد أن تفقد الكثير من طاقتها إلى أقزام بيضاء باردة نسبيا ، وهكذا .فكما تتفاوت النجوم فى أحجامها وأعمارها ومصائرها ، فأنها تتفاوت فى درجة نشاطها فالزرقاء فتية ونشطة للغاية ، والصفراء متوسطة العمر والنشاط ، أما الحمراء فأنها بلغت درجة كبيرة من الشيخوخة وتعانى من الفتور و اللا نشاط ، فالنجوم كما المجرات ليست مجرد أجسام ساكنة تشع الدفء والضياء ، بل إنها ناتج تفاعلات هائلة بين ذرات الغازات التى تكونها ، تؤدى لخلق كل عناصر الأجسام من ذرات مختلفة ، نتيجة عمليات الاندماج بين أنوية هذه الذرات .. فالنجوم تشبه الكائنات الحية فى كثير من الوجوه ، فهى نتاج عمليات إمتصاص ما فى الطبيعة من مواد خام هى ذرات الغبار الذرى و أنويته و جسيماته ، وهى تبنى من هذه المواد الخام مختلف العناصر من دمج هذه المواد ، وإنها لتخرج فائض هذه العملية فى صورة طاقة هائلة تخرج فى صورة إشعاعات كهرمغناطيسية سواء أكانت حرارية أو ضوئية أو .. الخ ، فضلاً عن المقذوفات المادية من العناصر الثقيلة نسبيا ، وهى تعرف الميلاد والصبى والشباب والنضج والشيخوخة ثم الموت.والكون المرصود لدينا حتى الآن يحوى مليارات التريلونات من النجوم ، يتفاوتون فى كل شىء تقريبا ، وقد عبد الكثير من أجدادنا أحدهم وهو الشمس باعتبارها اله الكون ، بالرغم من كونه متوسط الحجم و فى منتصف عمره ، الا إنهم رؤوه من كوكبهم الارض ، أعظم ما فى الوجود و الأكثر بهاءاً من بين كل الكائنات التى يمكنهم رؤيتها، فضلاً على إنه مصدر الضياء والدفء لهم .. وقد عبد بعضهم أيضا بعض هذه النجوم الذى كانت تنير لهم ليلاً كنجم الشعرى اليمانية ، و يعتقد الكثير من البشر إن مواقع النجوم ثابتة على صفحة السماء ، ونسبوا لمواقعها التأثير فى حياة البشر ، الا إن مواقع النجوم ليست ثابتة اطلاقا ، فكل ما فى الكون من أجرام يتحرك بسرعات خيالية ويغير من مواقعه .. فبعض هذه النجوم نرى ضوءها الشاحب الواصل إلينا بعد العشرات أو الملايين من السنين الضوئية ، ولذلك فأن بعضها قد يكون مازال موجوداً ، والبعض الآخر قد يكون أنفجر منذ زمن بعيد ، فما يمكن للعين المجردة أن تشاهده فى ليلة صافية من أى غيوم هو ثلاث آلاف نجم ، وهو عدد قليل للغاية بالنسبه للحجم الهائل من النجوم الذى لا يمكن مشاهدته الا بالأجهزة العملية من تلسكوبات مختلفة ، وإذا كان المصريون القدماء قد ظنوا أن النجوم هى فوانيس الآلهة مدلاة من نوافذ السماء ، فأن طاليس ظن أن النجوم هى ما نشاهده من ثقوب أسطوانة السماء المحيطة بالأرض الأسطوانية الشكل ، حيث تبدو النيران المستقره فيما وراء هذه الثقوب ، عند غياب الشمس.فى كثير من النجوم يحدث إنفجار يسمى السوبرنوفا ، وفيه يحدث أن تتقلص المناطق المركزية فى النجم إلى حالة كثيفة جداً مثل نجم النيوترون أو القزم الأبيض أو العملاق الأحمر أو الثقب الاسود .. أما المناطق الخارجية من النجم ، فأنها تتوهج وتتمدد منفصلة عن المركز ، لتتحول هذه الهالة إلى كتل من الذرات الأكثر ثقلاً ، مكونه كتل صخريه أو جليديه هى الكواكب ، وشمسنا ذات الخمسه بليون عام قد نتجت عن إنفجار سوبرنوفا لنجم أكبر، و كأنما شمسنا هى إبنته ، وهى تعتبر الجيل الثانى أو الثالث لنجم آخر هو الجد الأعظم لشمسنا الناتج عن الانفجار الكبير. وقد أنفصلت كتلته الغازية عن سحابة الغبار الكونى التى كونت مجرة درب التبانة ، حيث تعقب مثل هذه الانفجارات تجمعات لكميات صغيرة من العناصر الأثقل ، وتنفصل عن النجوم لتشكل الكواكب وغيرها بعد ان تفقد الكثير من حرارتها لتتحول إلى كتل صخرية أو جليدية متفاوتة الأحجام تدور حول النجوم الجديدة الناتجة عن هذه الانفجارات وهكذا ، والأرض التى نعيش عليها لا تختلف فى قصة نشوءها عن هذا السيناريو وقد كانت أصلاً ساخنة جداً و بلا أى غلاف جوى ، و أخذت قشرتها فى البرودة ، و إكتساب الغلاف الجوى المميز لها ، وسينتهى ، مصير كوكبنا الجميل متوسط الحجم فى إنفجار شبية بانفجار السوبر نوفا الذى كون شمسنا، وذلك بعد 5 بليون سنه حيث ستبتلع الشمس كوكبنا فى انفجارها المنتظر لتتكون كواكب ونجوم جديدة، و إن كان هذا الحدث غير عادى بالنسبه لنا ، فهو إعتيادى جداً عبر الكون كله ، فإذا قدر لأحفاد الإنسان الأبعدين الانتقال لكوكب آخر قبل هذا الحدث المشئوم ، فسيكون هذا مما يدعو للتفاءول لأنهم سوف يشاهدون نهاية موطن أجدادهم الأبعدين الأصلى، أما إذا لم يقدر لهم الانتقال فسوف نتلاشى تماما مع كوكبنا لكوكب وكائنات أخرى دون أدنى أثر.إنه فيما يبدو أن حياة على كوكب ما من العدد اللانهائى من الكواكب المتناثرة فى الكون هى أمر تافه بائس للغاية بالنسبة لحجم الكون اللانهائى ،إلا أنه أمر لا يوجد ما هو أهم منه بالنسبة لنا نحن سكان هذا الكوكب العاقلين.بالإضافة إلى النجوم الطبيعية يوجد بالكون العديد من الأجسام التى تسمى بالنوف أو السوبر نوفا ، وهى عبارة عن أجسام كونية تتمدد بصورة سريعة ، وفى فترة قصيرة من الزمن حتى يصل حجمها النهائى إلى حوالى 15 ضعف حجمها الأصلى ، وفى خلال هذا التمدد فانها تطلق كميات هائلة من الطاقة إلى الفراغ الكونى .والسيفيد عبارة عن نجوم محاطة بطبقة خارجية من غاز الهيليوم ، وكثافة هذا الغاز تتغير وبصورة دورية منتظمة ، نتيجة تحرر الإلكترونات من الطبقة الخارجية لهذا الغاز ، و السبادروف هى عبارة عن مجموعات من النجوم التى تتحرك فى الفراغ الكونى بسرعات عالية مقارنة بسرعة الشمس.الكواكب وغيرها من الأجسام :.يمتلىء الكون بأعداد لا يمكن حصرها من الأجسام الصلبه التى تدور حول نفسها ، وحول النجوم بفعل جذب النجوم لها ، وقد اعتدنا على تسميتها الكواكب ، وتتفاوت الكواكب فى كل شىء تقريبا ، الحجم والتركيب الكيميائى للصخور ودرجة حرارة السطح ، والغلاف الجوى وجوداً وعدما ، وخصائص المناخ المختلفة من رطوبة وحرارة و ضغط و جفاف ، وتضاريس السطح من جبال وهضاب و وديان ، ومن حيث وجود توابع لها تسمى الأقمار أو عدم وجودها ، كما يمتلىء الكون بالكوكيبات والمذنبات و سائر شظايا إنفجارات الكواكب و النجوم ، والتى تصطدم بالكواكب محدثة بها التدمير تلو التدمير لقشرتها و يسقط القليل جداً منها على الارض فيما يعرف بالنيازك.ومن بين كل تلك الكواكب يوجد عدد قليل منها يصلح لحياة شبيهة بحياة الأرض ، وربما كانت توجد أشكال أخرى من الحياة ،بعضها بدائى وبعضها لا يملك ما يملك البشر من وعى وحضارة، والبعض الآخر قد يملك مثل هذا الوعى أو أعظم و تلك الحضارة أو أرقى وهكذا ، فمن بين كل الكواكب التى لا حصر لها ، فأننا لا نعرف سوى القليل للغاية عن بعض تلك الكواكب التى تدور حول الشمس فيما يعرف بالمجموعة الشمسية ، ولا نعرف سوى القليل عن ذلك الكواكب الجميل للغاية و سعيد الحظ جداً المسمى بالأرض ، والذى يبلغ عمره 4.5 بليون سنه ، وهو منزلنا الرائع والمناسب جداً لنا وسط صحراء الكون القاحله ، والذى ندمره نحن سكانه من البشر بكل بساطة برغم ندرة أمثاله الشديدة عبر الكون ، وندرة أمثالنا الأشد ، فى حين إنه لا يوجد أى وطن آخر قريب فى مجموعتنا الشمسيه يصلح لنا و له ما لهذا الكوكب من ظروف طبيعية مناسبة للحياة.كانت هذه جولة سريعة للغاية لنعرف الأجسام غير الحية فى الكون ، والتى تسير بسرعات هائلة للغاية سواء بالدوران حول نفسها ، أو حول مراكز لها من أجسام أكبر وأكثر قوة فى مجالها الجاذبى ، سواء أكانت للنجوم أو المجرات .. وقد عرفنا أن هذه الحركة تحكمها قوى الجاذبية التى تحملها جسيمات أولية تسمى الجرافيتونات لينتج عن تبادلها هذه الحركة ، وينتج عنها أيضا ترابط الكون كله فى وحدة متماسكة مترابطة تنقسم لوحدات فرعيه تنقسم بدورها لوحدات أكثر تفرعا. وقد عرفنا إن لكل هذه الأجسام تاريخ ، وإنها لا تعرف الثبات والخلود كما لا تعرف النهاية أو الحدود ، كما لا تعرف الأزلية ولا الأبدية.وها نحن نهبط على الأرض ، التى مرت بتاريخ طويل من التشكل ، حيث مرت بأكثر من 18 عصر جيولوجى منذ أن بردت قشرتها الخارجية ، وتصلبت فى صورة صخور تكون قشره صلبة رقيقة عمقها 48 كيلو متر تحوى داخلها كتل الصخور المنصهرة ، فكوكبنا شان كل الكواكب كان كتلة من الغاز المشتعل شأنه شأن النجم الذى انفصل عنه ، الا أن هذه الكتلة التى أخذت و ضعا وسطيا بالنسبة لمتبوعها أخذت تفقد حرارتها تدريجيا ، لتتقارب جزيئاتها وتتلاحم مكونة ذلك الكوكب البارد السطح نسبيا ، و شكل تاريخ الأرض الطويل عبر العصور الجيولوجيه المختلفة ، الذى يصل زمن أكبرها إلى حوالى 850 مليون سنة وأصغرها حوالى مليون سنة ، وها نحن نعيش فى آخر تلك العصور الذى بدأ منذ حوالى مليون سنة .. وقد كانت الأرض فى كل عصر من هذه العصور تتميز بمناخ مميز من حرارة و رطوبة و جفاف ، وتركيب كيميائى لصخور قشرتها ، وتركيب كيميائى آخر لغلافها الجوى ، كما تمتعت عبر كل تاريخها بتغيرات حادة فى تضاريسها ، حيث تهبط أجزاء من القشرة و تصعد أخرى ، تلتحم أجزاء و تنفصل أجزاء ، تأكل منها الرياح و الأمطار ببطء وتفتت تربتها ، تملئها المياه وتجف ، وتتغير بحارها ويابستها وسهولها وجبالها ووديانها ومنخفضاتها ومرتفعاتها ، نتيجة حركة قشرة الأرض ، و ما يحدث فى باطنها من تفاعلات تؤدى إلى الزلازل والبراكين التى تحدث تغيرات هائله فى التضاريس فضلاً على الزوار الخارجين للأرض من نيازك و مذنبات و خلافه ، ونتيجة لكل ذلك ولعوامل أخرى سنذكرها فيما بعد ، تمتع كل عصر بكائنات حية مختلفة منذ أن بدأت الحياة على الأرض منذ ثلاث آلاف ملايين سنة ونصف على الأقل ، ولا شك أن الأرض سوف تمر بعصور جيولوجية أخرى تتميز هى الأخرى بمناخ وتضاريس وأغلفة غازية و كائنات حية أخرى حتى ينتهى عمر الأرض ككائن مادى متميز بكل ما عليه من كائنات هى جزء لا يتجزأ منه ، تتأثر ببعضها البعض ، وبكل ما على الكوكب من كائنات مادية ، وكأنما هى وحدة واحدة ، تتأثر فى نفس الوقت بالعالم الذى تعتبر أحد أجزاءه ، فهى تمر بكل ما عليها مع مجموعتها الشمسية كل 250 مليون سنة بمنطقة معينة فى المجرة تتكاثر بها سحب الغبار الذرى مما يؤثر على سطحها وما عليه من كائنات مادية حية وغير حية .و إنبعاج الكرة الأرضية ناتج عن القوة الطاردة المركزية الناتجة عن دورانها حول الشمس ، وهى تؤثر على كل جزء من أجزاء الأرض ، ففى غابر الأزمنة شكلت القوة الطاردة المركزية كوكبنا و اعطته شكل البيضة .. وترتبط الأجسام الحية وغير الحية المحيطة بنا على الأرض بمجال جاذبية الأرض كما تتميز هذه الأجسام بالبطء الشديد فى الحركة بالنسبة لحركة أجرام الكون .
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية