موجز تاريخ المادة والوعى (9) الخلية الحية و أصل الحياة
موجز تاريخ المادة والوعى (9) الخلية الحية و أصل الحياة
سامج سعيد عبود
فى ظل توافر شروط للتفاعل الكيميائى وهى أنواع مختلفة من الطاقة الكهرومغناطيسية، و توافر عناصر طبيعية غازية وسائلة وصلبة ، و توافر عوامل مساعدة على التفاعل الكيميائى من حرارة ورطوبة، نشأت أبسط مركبات الكربون من جزيئات كيميائية يشترك فى تكوينها الكربون كعامل مشترك فيها مع الأكسجين والهيدروجين والنتروجين والفوسفور كعناصر رئيسية، فضلا عن عناصر ومركبات بسيطة لعبت أدوارا ثانوية ، أخذت تلتصق مع بعضها البعض، عبر تفاعلات البلمرة وغيرها من التفاعلات الكيميائية السابق الإشارة إليها، لتكون جزيئات أكثر تعقداً ، فى ظل شروط معينة للتفاعل كانت متوافرة على الأرض منذ نحو أربع بلايين من السنين، مما أعطاها صفات نوعية جديدة أكثر تعقدا من الجزيئات الأبسط التى كونتها، ومنها التفاعل مع العناصر والمواد الموجودة فى البيئة المحيطة لبناء جزيئات أخرى مماثلة لها أو مختلفة عنها مثلما سبقت الإشارة إلى ذلك عند تناول الحمض النووى الريبوزى ، مما اكسب هذه الجزيئات قدرات متميزة عن الجزيئات الكيميائية الأخرى، وأخذت تتجمع هذه الجزيئات التى يقودها الحمض النووى الريبوزى المعروف إختصارا بـ ح.ن.ر و هو جزىء الحياة المكون من 10 آلاف ذرة تقريبا ، والذى يملك القدرة على السيطرة على تفاعلات الجزئيات المختلفة ، والتحكم فيها لإعادة نسخ نفسه ،و من مثل هذه التجمعات من الجزيئات العضوية وعلى رأسها الأحماض النووية المكونة من جزيئات للسكر والفوسفات ومركبات النتروجين وغيرها والبروتينات المكونة من الأحماض الأمينية عبر تفاعلات البلمرة ، وهى أسلاف الخلايا البدائية النوى البكتريا والجراثيم ، وبعد فترة طويلة استغرقت ملايين السنين أخذت تتشكل أبسط أشكال الخلايا الحية الكاملة حقيقة النوى، والذى يقود العمل فيها ح.ن.ر، والتى اخذت تمتص ما فى الطبيعة من جزئيات كربونية بروتينية ودهنية ونشوية وسكرية، من الفتحات الموجودة بين جزيئات جدار الخلية، وتهدمها لعناصرها الأولى ثم تبنى باستخدام هذه العناصر، جزيئات البروتينات والدهون والسكريات والنشويات، وهى فى كل هذا تمتص أنواع من الطاقة الكهرومغناطيسية، و تولد فى نفس الوقت أنواع من الطاقة الكهرومغناطيسية، فضلا عن إخراج ما لا تحتاجه من نواتج تلك التفاعلات الكيميائية التى تحدث بينها، فى صور غازات أو مواد صلبة وسائلة تخرج من الفتحات الموجودة بين جزيئات جدار الخلية، و تنمو نتيجة هذا الامتصاص لما فى الطبيعة من مواد تقوم بواسطتها عمليات الهدم والبناء داخلها ، ثم تنقسم نتيجة النمو الداخلى ، وذلك نتيجة عجز جدار الخلية على الاحاطة بالجسم النامى بسبب صغره، و أما عن نقل الصفات الوراثية، فقد ظل يتم من خلال انقسام نواة الخلية ، مقر حكم الحمض النووي الديبوزى المسئول عن حمل العوامل الوراثية .. و ظل هذا الانقسام الخلوى هو الوسيلة الأساسية للتكاثر ، واعادة إنتاج النوع ، ثم أخذت هذه المواد الحية و بعد فترة طويلة استغرقت ملايين السنين تأخذ شكل خلايا أكثر تطوراً ثم تطورت بدورها تدريجيا ، بحيث تفنى المادة الحية غير القادرة على البقاء ، وأداء وظائفها فى ظل شروط البيئة المتغيرة، وتبقى المادة الحية القادرة على البقاء ، وأداء وظائفها فى ظل تلك الظروف، و التى اكتسبت صفات أخرى نتيجة تعقدها تركيبيا ، وهو ما أهلها للبقاء و التطور بشكل أفضل ، وبعد فترة طويلة استغرقت ملايين السنين تكونت كائنات حية متعددة الخلايا نتيجة ترابط عدد من الخلايا الحية، و كان ذلك نتيجة لانقسامها مع استمرارها ملتصقة مع بعضها فى نفس الوقت فى شكل مستعمرات من الخلايا ، ثم أخذت هذه الخلايا تتخصص فيما بينها فى نوع من تقسيم العمل فيما بينها، فأصبح لكل منها وظيفة معينة تؤديها لصالحها ولصالح الكائن الحى ككل ، وأخذت بالتالى تتواجد وسائل أخرى نتيجة هذا التخصص للتكاثر والحركة و إمتصاص الطعام والنمو و الاخراج بالإضافة إلى أن كل خلية حية بمفردها مازالت تمتص وتخرج وتبنى وتهدم وتنمو وتنقسم كما لو كانت كائن حى وحيد الخلية ، فكل ما تصنعه أجهزة الكائن الحى المختلفة ما هو إلا مساعدة كل خلايا الكائن الحى على ممارسة هذه الوظائف بمساعدة أنسجة وأعضاء الأجهزة المختلفة لهذا الكائن من حركية وعصبية وهضمية وتناسلية.الخلية الحيةتعرف المادة الحية التي تكون الخلايا باسم "بروتوبلازم" . وقد قسم العلماء الكائنات الحية إلى مجموعتين كبيرتين هما :* أوليات النواة وهي الكائنات التي (لا) تتشكل المادة الوراثية في داخل خلاياها على هيئة جسم محدد يحيط به غلاف غشائي ، وذلك كما في حالة البكتريا * حقيقيات النواة وهي الكائنات التي توجد المادة الوراثية داخل خلاياها على هيئة جسم محدد محاط بغلاف غشائي . وقد تكون هذه الكائنات وحيدة الخلية مثل الأميبا ، أو قد يكون جسمها من عدد كبير من الخلايا مثل الهيدرا ، أو الإنسان .الخلية الحية هى كائن حى قائم بذاته فى الكائنات الحية وحيدة الخلية، و هى وحدة البناء الرئيسية فى الكائنات الحية متعددة الخلايا، و الخلية معقدة للغاية ، وتتكون الخلية من العديد من الأجزاء، و كل واحدة من هذه الأجزاء تشبه مصنع الكيماويات ينتج ويصنع ويؤدى وظائف مختلفة فى الخلية، ويتراوح حجم الخلايا فى حقيقيات النواة بين 200، 15000 ميكرو متر مكعب . ويبلغ قطر أصغر الخلايا الحيوانية حوالى 4 ميكرومتر . ويبلغ عدد خلايا جسم الانسان حوالى (10) 14 خليه ، أى 100 بليون خلية.و تعوم مكونات الخلية من جزئيات عضوية معقدة فى بحر من المياة ، حيث تعتمد كثير من هذه المكونات فى إداء وظائفها على تكونها من نوعين من الجزئيات العضوية، جزيئات جاذبة للماء تجمع جزئياته حولها ، و جزيئات منفره للماء تطرد جزيئاته عنها ، وهذا التنافر والتجاذب بين الجزيئات المختلفة و الماء، يفسر أشكال كثيرة من الحركة الحيوية، كما أنه يفسر أن الحياة نشأت أول ما نشأت فى وسط مائى، و إننا لو تعمقنا فى سر هذا التنافر والتجاذب لوجدناه فى اختلاف الشحنات الكهربية داخل الذرات والجزيئات المختلفة.جدار الخليةإننا نلاحظ فى حياتنا اليومية أن الكثير من المركبات العضوية لا تمتزج بالماء ، مثل الشمع والدهون ، و جزيئات أخرى تمتزج بالماء بسهولة مثل خيوط الغزل كالصوف والقطن والكتان ، .. وإذا نحن حاولنا إختراق الخلية فأننا سنجدها مسورة بجدار مكون من صفين من الجزيئات المترابطة ، الصف الداخلى المتجة لداخل الخلية مكون من جزيئات عضوية جاذبة للماء ، والصف الخارجى المتجة لخارج الخلية مكون من جزئيات منفرة للماء ، و تدخل من بين الفراغات التى بين جزئيات الجدار المواد العضوية والغذائية إلى داخل الخلية ، و يتم اخراج الفضلات الزائدة عن حاجة الخلية من نفس الفراغات. يفصل غشاء الخلية محتويات الخلية عن البيئة المحيطة ، وغشاء الخلية يحتوى على فتحات صغيرة للغاية وهذه الفتحات تسمح بمرور الجزيئات الصغيرة جدا بجانب وظيفة الحماية . الأنزيمات ويتم هضم هذه المواد أو بمعنى آخر تحطيمها لجزئيات أبسط من خلال عمليات هدم المواد الغذائية التى تقوم بها جزيئات معقدة هى الأنزيمات ، وهى جزئيات عضوية معقدة للغاية تتشكل على هيئة تلافيف ككرة الخيط المعقدة .. الا إن هذه التلافيف تحتوى داخلها على فراغ ذو شكل محدد ، يحدد طبيعة عمل الأنزيم ، وبحيث تتجه الجزئيات النافرة مع الماء للداخل و الجاذبة للماء إلى الخارج ، ويحدث التفاعل الكيميائى ما بين جزئيات جدار الأنزيم الداخلى و المواد العضوية المكونة للغذاء ، حيث يتم تحليلها لمواد أبسط تخرج من الفراغ داخل الأنزيم.السيتوبلازمتعرف المنطقة الممتدة بين النواة وغشاء الخلية باسم سيتوبلازم ، و هو سائل هلامى ، و هو مادة حية سائلة هلامية تملأ الخلية وهي تدعم بخيوط دقيقة وأنيبيبات دقيقة تكون معا الهيكل الخلوي ، و هو موضع أغلب أنشطة الخلية لذلك يمكن أن تعتبره مكان الصنع ، و يوجد داخل السيتوبلازم كل أعضاء الخلية الآتى ذكرها.و السيتوبلازم لا تنقطع به عمليات النشاط الكيميائى من بين ذرات عناصر و جزيئات عضوية وغير عضوية ، وتتحلل جزيئات عضوية وغير عضوية لذرات وجزيئات أبسط، ولا تنقطع بهذا السائل الحركة المستمرة للمكونات التى تسبح بداخله ، وهى مئات الألوف من الجزيئات العضوية وغير العضوية و التى تؤدى أدوراً مختلفة فى العمليات الحيوية ، تعتمد فى ذلك على تركيبها ، وما يعطيه لها هذا التركيب من خصائص معينة ، ولعل أبرز هذه العوامل هو ازدواجية الجزيئات التى يكون بعضها جاذبة للماء وبعضها منفرة للماءالليسوسوماتيوجد فى السيتوبلازم أكياس صغيرة تعرف باسم" الليسوسومات " وهذة الأكياس لها جدار من غشاء واحد وتحتوى فى داخلها على إنزيمات هاضمة .بيرأوكسيسوماتوتحتوى منطقة السيتوبلازم أيضا على طراز آخر من أكياس صغيرة تعرف باسم " بيرأوكسى سومات "وهى تحتوى على إنزيمات معينة . الرايبوسوماتوتوجد في أرضية السيتوبلازم حبيبات تعرف باسم "رايبوسومات" ، وتتكون كل ريبوسومة من (الحمض النووي الريبوزي) الذي يعرف اختصاراً باسم (رنا) RNA بالاضافة إلى البروتين . وقد توجد الريبوسومات على السطح الخارجي لأغشية الشبكة الإندوبلازمية ، فتوصف الشبكة عندئذ بانها شبكة إندوبلازمية خشنة . أما في حالة عدم وجود الريبوسومات عليها تعرف باسم (شبكة إندوبلازمية ناعمة) .و هى مكان جزيئات البروتين وكذلك تصنيع المواد الحيوية ، وهى عبارة عن خطوط إنتاج حيث يحدث التصنيع الحقيقى للبروتين وهذا البروتين أساس للحياة والعلماء يعتقدون أنه إذا عرفنا بالتفصيل الدقيق ما يحدث فى الرايبوسومات سوف نكون قد وصلنا إلى سر الحياة .فعند خروج بعض هذه الجزئيات البسيطة من الأنزيم ... تتلقاها جزئيات عضوية أخرى تسمى الرايبوسومات لتصنع منها البروتينات المختلفة والمكونة أساسا من الأحماض الأمينية وهى مركبات أبسط من البروتينات، و تتكون البروتينات من الكربون والأكسجين والهيدروجين والنتروجين كعناصر رئيسية فى كل جزىء بروتين، اما الجزئيات الأخرى كالنشويات و السكريات و الدهون فهى مكونة من الكربون والهيدروجين والأكسجين، ،وكل هذه الجزئيات العضوية بدورها تخزن فى سائل السيتوبلازم الذى يملىء الخلية حتى تستفيد منها الميتوكوندريا .الميتوكوندريا هى محطات الطاقة فى الخلايا الحية .. وهى المسئولة عن توفير الطاقة اللازمة لعمل الخلية عن طريق تكسير المواد الغذائية بواسطة الأكسجين وينتج من ذلك طاقة تختزن فى مركب ATP ولذلك تسمى الميتوكندريا ( بيت طاقة الخلية ) . وهى جزئيات عضوية بدورها تتجمع لتكون تركيب معين من غشائين رقيقين يفصل بينها فراغ صغير ، وينثنى الغشاء الداخلى ليصنع بروزاً داخل الميتوكوندريا .. وتعتمد الميتوكوندريا فى توليد الطاقة و تخزينها على دورة كيميائية تتفاعل فيها المواد الغذائية مع مركب كيميائى يسمى أدينوسين ثلاثى الفوسفات، و هو جزىء عالى الطاقة والذى بفقده مجموعة فوسفات يعطى مركب كيميائى آخر يسمى أدينوسين ثنائى الفوسفات و طاقة عالية .. هذا فى توليد الطاقة .. أما لتخزينها فتحدث العملية فى الاتجاه العكسى.ويذكرنا ترتيب الجزيئات فى جدار الميتوكوندريا بترتيب الجزيئات فى جدار الخلية الحية بصفة عامة ، و نلاحظ إنه فى هذه الحالة أيضا تترتب الجزيئات طبقا لخواصها الطبيعيه ، فسلاسل البروتين التى تحتوى على مجموعات محبه للماء ، تمتد على طول السطح الخارجى فى مواجهة الماء المحيط بهذه الجسيمات ، كما تمتد على طول الجدار الداخلى ملامسة للماء الموجود داخلها ، وفى حين أن السلاسل الهيدروكربونية لجزئيات الدهن ، والتى تعتبر كارهة للماء - لأنها تتركب من الكربون والهيدروجين فقط مثل الشمع تبتعد عن الماء ، ولذلك فهى تشغل وسط الجدار بين سلسلتى البروتين ، وهكذا تتفاعل مع هذه الجزئيات الدهنية والسكرية والكربوهيدراتية المخزونة ، وبحرقها باستخدام الأكسجين، تتولد الطاقة التى تحتاجها الخلية لاداء وظائفها الحيوية المختلفة، وأهمها الحفاظ على توازن بيئتها الداخلية.جهاز جولجى أنابيب وانتفخات موجودة قريباً من النواة تقوم بوظيفة الإفراز كما فى إنتاج الأنزيمات المخاطية الهاضمة بواسطة البنكرياس .شبكة الاندوبلازمية هى قنوات أو أنابيب ملتوية خلال سيتوبلازم الخلية ، وهى تعمل كأنها دورة دموية مصغرة داخل الخلية وذلك لأنها مزودة بشبكة من القنوات تنتقل خلالها المواد مثل البروتين من جزء الى أخر .السنتريول ( الجسم المركزى ) ويوجد بالقرب من النواة منطقة رائقة من السيتوبلازم تعرف باسم "سنتروسوم" ، وهذه يوجد فيها جسمان اسطوانيان يعرف كلا منهما باسم "سنتريول" . ويتكون جدار كل سنتريول من مجموعة من "الأنيبيبات الدقيقة" . ويلعب السنتريول دوراً هاما في مراحل الانقسام الخلوي .نواة الخليةتوجد فى كل خلية نواة هى المسئولة عن حياة الخلية و انقسامها و تكاثرها و نقل الصفات الوارثية والخصائص الحيوية الأخرى ، فنواة الخلية هى مركز التحكم الرئيسى فى الخلية التى تتحكم فى نشاط الخلية والنواة ضرورية لتكاثر الخلية وداخل النواة نرى الكروموسومات والجينات وهما المسئولان عن تحديد الصفات الوراثية التى تتكون من DNA الذى هو موضع التعليمات الموجهة لجزيئات البروتين فى الخلية، وتحمل جزيئات DNA كل خصائص الأفراد والجينات تحدد إذا كان الشخص يكتب باليد ( اليمنى أو اليسرى ولون العين ولون الشعر …. الخ ) . وفي الواقع فإن نواة الخلية تحتوي على بروتينات معينة تعرف باسم هستونات ، كما توجد بالنواة أيضا بروتينات غير هستونية . وتحتوي النواة على جسم داكن غير منتظم الشكل يعرف باسم "النويه"... فهى باختصار عاصمة الخلية و مقر حكمها الاستبدادى الشديد المركزية ، حيث إننا لو قسمنا الخلية إلى نصفين .. فأن النصف الذى يكون من نصيبه النواة هو فقط الذى سوف يستمر فى الحياة .. والنواة تملئها جزيئات عضوية هى المسئولة عن كل عمليات الحياة وهى جزئيات الحمض النووى الريبوزى الذى يتكون من سلسله مزدوجة حلزونية أى ملتفة حول نفسها .. وهى مكونة من جزئيات متوالية من الفوسفات والسكر و يربط بين السلستين أربع جزئيات عضوية أخرى هى السايتوزين والثايمين والجوانين والأدينين و هذه الجزيئات تشكل حروف لغه الوراثة التى تنقل التعليمات إلى جزيئات الخلية و تتحكم فى تفاعلاتها ويتشابه الحمض النووى الديبوزى مع الحمض الريبوزى الا إنه منقوص الأكسجين وهو مسئول معه على نقل تعليمات الوراثة و التحكم فى صنع بروتينات الخلية.الكروموسوماتتكون جزيئات الحمض النووى أجسام صغيرة تسمى الكروموسومات التى تحمل الصفات الوراثية للكائن الحى ، فكل كروموسوم هو جسم عضوى معقد يحمل شفرة خاصة تتحكم فى الصفات الوراثية للكائن الحى ، وهى عملية معقدة للغاية ، و يوجد بخلية الإنسان ستة و أربعون كروموسوما أو ثلاثة وعشرون زوجا من الكروموسومات التى تحمل ما يربو عن الثلاثبن الف جين تحمل الشفرة الوراثية التى تحدد معظم خصائص الإنسان الجسدية والنفسية، و تحدد فرادته عن باقى أفراد جنسه، وأن كان العلم الحديث قد توصل لأسرارها ، وأستخدم هذه الأسرار فيما يسمى بالهندسة الوراثية .. و هى العلم الحديث الذى يقوم على التحكم فى صفات الكائن الحى من خلال التدخل فى تشكيل وتركيب الكروموسومات وما تحمله من جينات، بالاقتطاع والمزج والإحلال والتبديل .. الخ الخ .الجيناتهى جزيئات كيميائية معقدة للغاية فى ترتيب ذراتها وأشكالها ، وهو ما يعطيها قدرات التروس والسيور و العجلات فى نقل الحركة الميكانيكية ، والمكثفات والمقاومات والأسلاك فى نقل الاشارات الكهربية .. فهى بهذه الأشكال تنقل الصفات الوراثية ، وتجعل الكائن الحى قادر على نسخ نفسه مرة أخرى ، وتنقل صفات بعضها للأجيال الجديدة باعتبارها نسخا من الأجيال القديمة ، وقد تمكن العلماء من تحضير الأحماض النوويه معمليا ، وتحضير الجينات صناعيا ، وإستخدامها فى الهندسة الوراثية ، والقائمة على اقتطاع الجينات وزراعتها وتركيبها لاحداث صفات مرغوبة فى الأجيال الجديدة ، والتمكن بذلك من تخليق كائنات حية جديدة معمليا ، أو تهجين كائنات حية مع كائنات حية أخرى ، لتخليق نوعيات معينة من الكائنات الحية... فكل ما يكتسبه الكائن الحى من صفات و خبرات و معلومات يخزن فى شكل جزئيات عضوية تعمل كحروف اللغة مرتبة بشكل معين يجعلها تشكل كلمات وجمل، مما يجعلها تعمل كشفرة خاصة تتحكم فى تركيب الكائن الحى و سلوكه ، بالضبط كبرامج الكومبيوتر التى تتحكم فى خطوط الإنتاج و هكذا تتكون الخلايا الحية من مئات الأنواع من الجزئيات الحيوية العضوية ذات التركيب والوظائف الخاصة ، وتقوم الخلية الوحيدة بكافة العمليات الحيوية الا إنها تصبح متخصصة فى الكائنات متعددة الخلايا ، والتى تتجمع فى أنسجة وأعضاء تؤدى كافة الوظائف الحيوية من خلال فعل القوى الكهرومغناطيسية ، وهى أحد القوى المادية فى الطبيعة و التى تربط هذه الخلايا وجزئياتها ببعضها البعض.وهكذا فأن كل خلية حية فى الجسد الحى تعتبر عالما قائما بذاته له شخصيته ، وله وظيفته الخاصة فى بعض الأحيان، و تعج كل خلية من خلايا الكائن الحى بالنشاط والضجيج الكيميائى ، وتقوم كل هذه الخلايا بدورها المرسوم بكل دقة وعناية و يتشكل من مجموع نشاطها فى نهاية الأمر الشكل النهائى للكائن الحى .فكل العمليات الحيوية فى الكائن الحى ، تعتمد على تفاعل مجموعات محددة من الجزيئات العضوية ، فالأنزيمات كما وقد سبق وأشرت ، وظيفتها هدم المواد الغذائية و تحليلها لعناصر أبسط ، وتعتمد فى أداءها لوظائفها على شكل التجويف التى تصنعه إنحناءات سلسلة الجزىء ، والذى يتم داخله الفعل الكيميائى بين الأنزيم والمواد الغذائية .. وهناك المنظمات الحيوية المسئولة عن تنظيم حركة العضلات اللإرادية فى الجسم كالقلب و المعدة والأمعاء . ومنظمات النمو التى تدفع خلايا البويضة المخصبة إلى الانقسام و تنظم نمو الكائن الحى .. والهورمونات و التى هى غالبا ما تكون جزيئات بروتينية صغيرة الحجم نسبيا . (و أهم ما يميز الهرومونات ، إن لكل منها أثراً محدداً، و وظيفة ثابتة لا يتعداها أبداً فالهرمون الواحد قد يؤثر تأثيراً خاصا فى نوع ما من الخلايا .. فيدفعها إلى الدخول فى تفاعلات بعينها ، ولكنه لا يؤثر بتاتا على بقية الخلايا الأخرى المحيطة بها ، فتستمر هذه الخلايا فى عملها المعتاد و كأنها لا تحس به على الاطلاق ، وكأن كلا منها له لغته الخاصة به . ومن أمثلة الهرومونات ، هرمون الأنسولين الذى يفرزه البنكرياس ، والذى يتحكم فى عمليات التمثيل الغذائى للسكريات .و الفيتامينات التى تؤدى أدوراً غاية فى الأهمية والتنوع والحيوية فى الجسم كفيتامين أ،ب،ج،ه ـ.. وتعتمد عملية الاحساس وانتقال الرسائل و ردود الأفعال وتخزين المعلومات، لدى الكائن الحى على تفاعلات كهروكيمائية لجزيئات الخلايا العصبية فى الكائن الحى متعدد الخلايا، و تجمعات هذه الخلايا فى شكل أنسجة وأعضاء وأجهزة عصبية، وحيث أن تبادل الفعل بين جزيئات المادة الحيه لابد وأن يعتمد على تبادل لكمات الطاقة الكهرومغناطيسية، فأن مولدات الطاقة الكهرومغناطيسية فى الخلايا الحية موجودة بسائل السيتوبلازم والتى أسمها الميتوكوندريا ، والتى تعتمد على مركبات كيمائية معينة ، تساعد على توليد الطاقة الكهرومغناطيسية اللازمة .. وأخيراً توجد الجزئيات الحيوية التى تتولى مهام الدفاع والأمن فى الكائن الحى.الانقسام الخلويفى الكائنات عديدة الخلايا تتكاثر الخلايا بغرض نمو الكائن الحي ، وتعويض الخلايا التي تموت . وعلى سبيل المثال فإن الإنسان يحتاج إلى حوالي 2.5 مليون خلية دم حمراء جديدة كل ثانية لتعويض خلايا الدم التي تتلف. ويتم إكثار خلايا الجسم عن طريق حدوث انقسامات متتالية للخلايا ، و الانقسام الخلوي عملية معقدة يتم من خلالها انقسام مادة الخلية بالتساوي بين الخلايا الناتجة عنه.الانقسام غير المباشر (الفتيلي)الانقسام غير المباشر هو وسيلة التكاثر في كثير من الكائنات الحية وحيدة الخلية . أما في متعددة الخلايا فهدفه إكثار خلايا الجسم ، ولذا فهو ضروري لنمو الجنين والفرد الصغير، وكذلك لتعويض التالف من الخلايا الجسمية . ومن الجدير بالذكر أن عدد الكروموسومات فى الخلية يظل ثابتا، رغم توالي دورات الانقسام الخلوي بهذه الطريقة . فالمادة الوراثية في الخلية- ممثلة في الكروموسومات- تتضاعف حيث نجد أن الكروموسوم المكون من صبغية واحدة تتضاعف مادته ليصبح مكونا من صبغيتين حتى إذا حدث الانقسام فإن كل خلية تأخذ أحد الصبغيتين من كل كروموسوم . مراحل الانقسام غير المباشر الطور التمهيدي وفيه تبدأ خيوط الصبغيتين في الطي والتكثيف لتكون الكروموسومات التي تبدأ في الظهور على هيئة خيوط رفيعة طويلة ، ومن ثم يوصف الانقسام باللفظ "فتيلي" " ، ويبدو كل كروموسوم مكونا من صبغيتين . ومع مرور الوقت تقصر الكروموسومات وتزداد في السمك ، ويظهر على كل منها الاختناق الأولى وكذلك تظهر الاختناقات الثانوية على البعض منها ، ويقل حجم النوية تمهيدا لإختفائها ، حيث تتبعثر مكوناتها في بلازما النواة . يبدأ الغلاف النووي في الإختفاء عند بعض المواقع تمهيدا لإختفائه كلياً ، وبذا تنطلق محتويات النواه إلى السيتوبلازم . تبدأ خيوط المغزل في الظهور في السيتوبلازم ويبتعد زوجي السنتريولات عن بعضهما البعض بالتدريج بينما يزداد نمو خيوط المغزل التي تمتد بينهما حتى يستقر كل زوج من السنتريولات عند أحد قطبي الخلية . ومن الجدير بالذكر أن خيوط المغزل هي عبارة عن أنيبيبات دقيقة يتم تخليقها مع بداية مراحل الانقسام الخلوي وفق نسق معين ، ولذلك علاقة وثيقة بحركة الكروموسومات خلال عملية الانقسام الخلوي ، وتختفي خيوط المغزل مع نهاية عملية الانقسام الخلوي . ويطلق على المغزل والنجم والسنتريولات معا إسم الجهاز الفتيلي . ويوصف الانقسام الخلوي عندئذ بأنه انقسام "غير نجمي" ، أما في باقي الكائنات الحية التي يوجد بها الجهاز الفتيلي كاملا فإن الانقسام الخلوي يوصف بإنه "نجمي" أو مزدوج النجم ". الطور الإستوائي وفيه تبدأ الكروموسومات -التي تبدو سميكة وقصيرة- في الانتظام عند الخط المنصف للخلية لتكوين ما يسمى"الصفيحة الإستوائية" وتتصل بعض خيوط المغزل بالكروموسومات عند موقع معين ، وبذا يكون كل كروموسوم مرتبطا بهذه الخيوط الممتدة على جانبيه ، وذلك عند قرص ذو طبيعة بروتينية - على سطح كل صبغية - يسمى المرفأ الحركي والذي يقع في السنترومير الذي يربط بين صبغيتي الكروموسوم عند الاختناق الاولي وتسمى خيوط المغزل التي تتصل بالكروماسومات باسم "الألياف الكروموسومية" " ، ويلاحظ وجود خيوط مغزل تمتد مستمرة بين قطبي الخلية يطلق عليها اسم الألياف المستمرة ". وخلال الطور الاستوائي تزداد لزوجة السيتوبلازم . الطور الانفصالي وفيه تنكسر السنتروميرات الأخوية الرابطة بين صبغيتي كل كروموسوم ، ويحدث ذلك لجميع الكروموسومات في الوقت نفسه ، وبذلك تنفصل صبغيتي كل كروموسوم بعد انفصالهما ، ويطلق على هذه الخيوط إسم "ألياف بين نطاقية" ". وتنجذب كل مجموعة من الصبغيات - التي تسمى منذ ذلك الحين باسم الكروموسومات البنوية " - ناحية قطب الخلية القريب منها ، ويبدو كل كروموسوم بنوى من تلك التي توصف بأنها متساوية الذراعين " وكذلك تلك غير متساوية الذراعين " - منثنيا عند موقع السنترومير حيث يرتبط بخيوط المغزل . الطور الإنتهائي : وفيه يقوم صبغتى الكروموسومات بعملية عكسية لما قام به في المرحلة التمهيدية ، حيث تتفكك خيوطه وتنبسط وبذلك تختفي الكروموسومات بشكلها التقليدي المعروف . وفي الوقت نفسه تختفي خيوط المغزل وتقل لزوجة السيتوبلازم ، وتبدأ أجزاء الكروموسومات في النشاط وبذا تبدأ النوية في التكوين . ومن ناحية أخرى يبدأ الغلاف النووي في الظهور - حول مادة النواة- بصورة متقطعة في بادئ الأمر ثم يكتمل بالتدريج ، وبذا نرى نواتين متقابلتين وسرعان ما يتخصر السيتوبلازم بينهما تمهيدا لإنقسام الخلية إلى خليتين تحوى كل منهما نواة ، وتسمى هذه العملية باسم التفلج الخلوي .. ويساعد حدوث انقباضات في الطبقة الخارجية من السيتوبلازم عن طريق الخييطات الدقيقة على إتمام هذا التفلج الذي ينتهي بالحصول على خليتين بكل منهما عدد الكروموسومات نفسه الذي كان موجودا في الخلية الأصلية ، وتدخل كل خلية ناتجة في المرحلة G1 من الدورة الخلوية وفيها كل كروموسوم يتكون من صبغى واحد . الآنقسام الاختزالييعتبر الانقسام الاختزالي ضروريا في المخلوقات التي تتكاثر جنسيا ، وهو يحدث في الكائنات حقيقيات النواة التي تحوي خلاياها العدد الضعفي للكروموسومات ، ويقصد بكلمة العدد الضعفي أن المعلومات الوراثية الموجودة على أي كروموسوم تتكرر على كروموسوم آخر في النواة نفسها وإن كان أحيانا بشكل محور. ويوصف الكروموسومان بأنهما متشابهان . . ويضمن الانقسام الاختزالي إقتسام هذا العدد الضعفي لتكوين خلايا تناسلية - جاميطات - يحتوي كل منها على نسخة واحدة من الكروموسومات . ويطلق على عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية التناسلية اسم العدد النصفي . وعلى سبيل المثال فإن عدد الكروموسومات في الخلية الجسمية في الإنسان 46 كروموسوما ، أما عددها في الحيوان المنوي أو البويضة فهو 23 كروموسوما .ومن ناحية أخرى فإن الانقسام الاختزالي يضمن تحقيق التنوع الوراثي بطرق متعددة منها ما يحدث في الطور التمهيدي في الانقسام الاختزالي الأول حيث تتبادل الكروموسومات المتشابهة أجزاء منها ، وكذلك التوزيع العشوائي للكروموسومات المتشابهة في الطور الاستوائي .ومن الجدير بالذكر أن الانقسام الاختزالي يشمل على انقسامين متتاليين لينتج في النهاية أربع خلايا - كل منها تحتوي على العدد النصفي من الكروموسومات - وفي الانقسام الاختزالي الأول تتوزع الكروموسومات بين خليتين ، وبذا تحوي كل خلية ناتجة على نصف عدد الكروموسومات ، وكل كروموسوم منها يتكون من صبعيتين . وتدخل الخليتان الناتجتان الانقسام الاختزالي الثاني وفيه تنكسر السنتروميرات التي تربط بين صبغيتى كل كروموسوم ، وبذا ينفصل الصبغيتان عن بعضهما البعض لتتوزع الصبغيات بالتساوي على الخلايا الناتجة من الانقسام الاختزالي الثاني . وبذا ينتج لدينا في النهاية أربع خلايا كل منها يحتوي على العدد النصفي من الكروموسومات ، وكل كروموسوم منها يتكون من صبغى واحد . ومن الواضح أن سلوك الكروموسومات في الانقسام الاختزالي الثاني يشبه سلوكها في الانقسام غير المباشر فيما عدا أن الخلايا التي تدخل الانقسام الاختزالي الثاني تحوي العدد النصفي من الكروموسومات . ومن الجدير بالذكر أنه في ذكور الفقاريات تتحور الخلايا الأربع الناتجة عن الانقسام الاختزالي إلى حيوانات منوية ، أما في الإناث فإن واحدة من الخلايا الأربع الناتجة تكون أكبر حجما لتصبح بويضة ، أما الثلاث خلايا الباقية فهي تكون صغيرة الحجم ويطلق عليها اسم "أجسام قطبية" وهي لا دور لها في عملية الإخصاب وتكوين الجنين ، وتتحلل بعد ذلك . وتحدث خطوات الانقسام الاختزالي في خصي الذكور ، أما في الإناث فإن معظم مراحله الأولى تحدث في المبايض .
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية