الأحد، 22 يونيو 2008

الأجور والأسعار فى عهد حكم الحزب الوطنى

الأجور والأسعار فى عهد حكم الحزب الوطنى
سامح سعيد عبود
مجموع ما يحصل عليه المواطنون من دخول فى أى دولة يطلق عليه الناتج المحلي الإجمالي، وهو بنقسم فى أى مجتمع رأسمالى إلى قسمين كبيرين أحدهما يطلق عليه عوائد التملك، و هو الذى يحصل عليه ملاك الثروة فى شكل فوائد على أموالهم أو أرباح من مشاريعهم أو ريع من عقاراتهم ، والقسم الثانى ويطلق عليه عوائد العمل وهى الأجور التى يحصل عليها العاملين بأجر ، فحتي عام 1989 كان أصحاب حقوق العمل يحصلون علي 48.5% من الناتج المحلي الإجمالي، والنسبة الباقية كانت تذهب للفئة الأخرى، أي حوالي 51.5%، وفي منتصف التسعينيات تغير الوضع وأصبح أصحاب حقوق العمل يحصلون علي 28.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 71.4 % للفئة الأخرى. وهكذا فالاحصائيات تشير إلى أنه منذ تولى مبارك الحكم تضخم حجم عوائد التملك بشكل متزايد حيث أرتفعت من 62% عام 1986 إلى 71% عام 1993، وهى الآن فى عام 2005 تقترب من 80% ، لو ارتفعت بنفس المعدل فأنها ستصل عام 2011 إلى 86%، و فى نفس الوقت تضاءل حجم عائد العمل أى الأجور حبث انخفضت من 38% إلى 29%خلال نفس الفترة، و قد وصلت الآن عام 2005 إلى 20% لو انخفضت بنفس المعدل فأنها ستصل عام 2011 إلى 14%.
نستنتج من كل تلك الاحصائيات أن نظام مبارك وسياسات الحزب الوطنى الحاكم منحازة لملاك الثروة ضد العاملين بأجر ، ففى عهد مبارك تزايد تركز الثروة الاجتماعية و الدخل على نحو مطرد فى يد القلة الرأسمالية المتضائلة حجما باستمرار، فى حين تزايد على نحو مطرد إفقار الغالبية العمالية من تلك الثروة و تضاءل نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي، و هى المتضخمة حجما باستمرار، إلا أن سوء توزيع الناتج المحلي الإجمالي لا يتوقف عند هذا الحد فمبلاحظة توزيع الأجور بين العاملين بأجر سنجد أن كبار رجال الإدارة فى فطاع الأعمال العام وكبار رجال الدولة يحوزون على النسبة الأكبر من عائد العمل (الأجور) ، فالفرق بين الحد الأدنى للأجور والحد الأقصى للأجور قد تضخم جدا فى عهد مبارك، ففى حين تحصل غالبية العاملين بأجر على أجور لا تتجاوز 300 جنية شهريا، فإن يوسف عبد الرحمن وكيل وزارة الزراعة كان يحصل بمفرده على ربع مليون جنيه شهريا بشكل رسمى،و فى حين بسدد العاملين بأجر نصيبهم من الضرائب من المنبع ، يتهرب ملاك الثروة من إلتزاماتهم الضريبية يشتى الطرق.
و إذا كان العامل يحصل على دخله بالأجر فأنه يستهلكه وفق الأسعار فى السوق، ونلاحظ جميعا كمستهلكين الخلل القائم بين الأجور والأسعار، ففى حين تنمو الأجور بمعدلات بطيئة ترتفع الأسعار بمعدلات صاروخية، وهذا معناه انخفاض الأجر الحقيقى للعامل، فجنيه أول الثمانينات الذى كان يمكنه توفير وجبة فقيرة للعامل وأسرته، أصبح لا يكفى لشراء وجبة فقيرة لفرد واحد، و هذا ما نلاحظه جميعا، إلا أن الاحصائيات تشير إلى تراجع معدل النمو في الأجور الحقيقية خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة حينما بدء هذا المعدل في التراجع، فبعد أن كان 5.9% بالقطاع الحكومي في الفترة من 86 وحتى 1991، ثم أصبح بالسالب ( - 1 % ) في الفترة من 1997 وحتى 1998، ثم ( - 2.3 % ) في 98/1999. فقد انفلت عيار التضخم أى المتوسط فى ارتفاع الأسعار فى السوق بكل المقاييس وأصبحت الأسعار ترتفع من يوم إلى آخر وليس بالأسبوع أو الشهر ، و فى حين تعلن الحكومة أن التضخم لا يتجاوز 6 % ، يقول صندوق النقد الدولى أنه بحدود 10% ،و لاشك أننا نلاحظ أن تكاليف المعيشة في تصاعد مستمر، فقد ارتفعت في المناطق الحضرية من عام 84/85 وحتى عام 2000/2001 بنسبة 12.5% سنوياً وفى الريف بنسبة 11.7% سنوياً وهذا يعنى أن السلع والخدمات التى كانت قيمتها 100 جنيه أصبحت قيمتها 657 جنيه في الحضر و583 جنيه في الريف، و إذا كان التضخم وهو متوسط الارتفاع فى الأسعار يصل إلىما بين 6% إلى 10% سنويا، فإن متوسطات الأجور لا ترتفع بنفس النسبة، هذا ما تؤكده الاحصائيات، وهذا معناه إفقار متزايد للعاملين بأجر وانخفاض فى مستوى معيشتهم فى عهد مبارك وحزبه الوطنى الذى لا يرعى مصالح محدودى الدخل كما تدعى أجهزة إعلامه.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية