نحو نواة اتحاد عمالى حر و مستقل؟
نحو نواة اتحاد عمالى حر و مستقل؟
سامح سعيد عبود
* القضية المركزية لدى كل يسارى مصرى حقيقى الآن، هى كيف تنتظم الطبقة العاملة المصرية على نحو مستقل تماما عن كل من الدولة و رأسالمال، و السؤال هو كيف يمكن أن نصل لنواة اتحاد عمالى مصرى حر ومستقل بديلا عن الاتحاد الرسمى الوحيد، وهذه بضع ملاحظات منهجية و اقتراحات عملية أرى أنها ضرورية من أجل تحقيق الهدف الذى لا نختلف حوله.
ملاحظات منهجية
* إن انتظام الطبقة العاملة المصرية على نحو مستقل تماما عن كل من الدولة و رأسالمال مشروط بامتلاك غالبية أفرادها الوعى بكونها طبقة ذات مصالح مشتركة وهوية متميزة ومنفصلة فى مواجهة كل من الدولة والبرجوازية فى نفس الوقت . ولاشك أن ما يمنح الطبقة العاملة قوتها المستقلة والحرة هو انتظامها على أساس الصراع الطبقى ضد كل من أرباب العمل والدولة لا على أساس التعاون الطبقى مع أى طرف منهما، وإدراك غالبية أفرادها أن الصراع الطبقى هو الصراع الجوهرى بالنسبة لها، وأنه صراع وجود مصيرى لا يجب أن يتقدمه أو يعلوه أى صراع آخر، وذلك لتلبية لمصالحها القريبة أو البعيدة على السواء.
* منذ أكثر من خمسين عاما نجحت البرجوازية المصرية الحاكمة فى ترويض الطبقة العاملة المصرية، وتقليم أظافرها وخلع أنيابها، بالقمع الدموى مرات، وإلقاء بعض الفتات إليها مرات أخرى، وتضليلها وتشويه وعيها الطبقى دوما، و تم وضع الكتلة الرئيسية منها فى قفص الوظيفة الحكومية مما شوه طبيعتها و زيف وعيها الطبقى، وقد آن الأوان لكى تسترد الطبقة العاملة وعيها الطبقى وتنظيماتها الحرة المستقلة، فى ظل ظروف لاشك أنها بالغة الصعوبة،مستفيدة من تجربتها التاريخية فى أن لا يتم استخدامها مرة أخرى بطمس الصراع الطبقى أو تشويهه أو تقييده أو تأجيله لصالح أى صراع آخر قومى أو دينى أو ثقافى أو عرقى.
* أن النجاح فى هذه المعركة المصيرية يتطلب أن تتركز جهود اليسار العمالى من أجلها دون تشتيت هذه الجهود فى معارك أخرى صغرت أم كبرت ، كما يحدث عادة حيث نجد بضع عشرات من المناضلين النشطاء مبعثرين فى العشرات من الأنشطة واللجان، مصرين على التواجد فى نفس الوقت فى كل مكان، والاشتباك فى كل حديث، وإطلاق البيانات فى كل قضية، والاشتراك فى كل مظاهرة و فى كل عمل احتجاجى، مهدرين طاقتهم بلا طائل، فلا هم قادرين على متابعة التطورات النظرية، ولا هم قادرين على رؤية الواقع كما هو من كثرة ما يحدث حولهم من ضجيج وجلبة يساهمون فى إحداثها هم أنفسهم، وينجرون لمعارك جانبية وثانوية بلا مبرر، والنتيجة أنه لن يمكنهم بأى حال من الأحوال إحداث أى تراكم أولى للقوة، تماما كما يعجز من يبعثر نقوده عن تكوين تراكم أولى لرأسالمال، أما ما يمكن أن يؤدى للتراكم الأولى للقوة فهو الجهد المركز والمكثف والدءوب فى الاتجاه الصحيح، وهو فى حالتنا هذه أن تملك الطبقة العاملة وعيها الطبقى ومنظماتها المستقلة والحرة ، ومن ثم فعلى من يسعون لذلك أن يرشدوا بذل جهودهم بتركيزها فى هذا الطريق.
* أن أهم العوامل التى تعرقل عمل اللجنة التنسيقية هو أنها تضم عناصر ذات خلفيات ورؤى أيديولوجية وسياسية مختلفة ومتناقضة، ليس فقط لأن معظمهم جاءوا من أصول ماركسية وقومية وليبرالية وإسلامية، بل لأنها تضم فى صفوفها من يكافحون من أجل دولة تدخلية تحقق بعض المصالح الاجتماعية والاقتصادية للعمال بطريق المنح والمنع، وهناك من يناضلون من أجل تصفية تلك الدولة التدخلية ذاتها وتحجميها لتتحقق مصالح العمال الاجتماعية والاقتصادية عبر منظمات مدنية عمالية تتميز بالحرية و الاستقلال عن كل من الدولة و رأسالمال، ولا شك أن هذه العناصر المختلفة جوهريا فيما بينها تحاول أن تدفع باللجنة وفق هذه الرؤى المختلفة مما يؤدى إلى التنافر بين أعضاءها، ومن ثم فأنه من المهم أن نحدد بوضوح نقاط الاختلاف النظرية والعملية، و أن نعلنها للكافة، وأن ننظم حوار جاد حولها، فضلا عن الاتفاق المبدأى بأن لا يتم الزج باسم اللجنة وراء موقف ما يكون محل خلاف بين سائر أعضاءها الذين لا يتفقون على موقف واحد بالضرورة فى معظم القضايا النظرية والعملية.
* تواجه الطبقة العاملة ظروف جديدة منها التزايد المضطرد فى حجم العمالة غير المنظمة و غير المستقرة فى نفس وقت التقلص المضطرد فى حجم العمالة المنظمة والمستقرة، والاتجاه نحو التقلص المضطرد فى كثافة العمالة فى المنشئات،مما يستدعى تنظيم العمال على نحو مختلف،فإذا كان الوضع السابق تلائمه نقابة العاملين بالمنشأة على أساس أنها الوحدة النقابية الأساسية ،فإن الوضع الجديد قد تناسبه أشكال أخرى من التنظيم النقابى تقوم على أساس جغرافى أو قطاعى أو مهنى.
اقتراحات عملية
* أن كثير من أعمال الاحتجاج العمالية العفوية غير المنظمة تحدث فى كثير من مواقع العمل والتى لا يدرى بها أحد مما يحرم ممارسيها من فرص التضامن معهم من العمال الآخرين، ويحرمهم من اكتساب خبرة من هم أكثر خبرة، و إمكانية التطور لأشكال تنظيمية دائمة، كما أنه مما لاشك فيه أن هناك أشكال تنظيمية جنينية عفوية تتكون فى كثير من أماكن العمل ، وهى أشكال بسيطة لا يدرى بها أحد مما يحرم المنضمين إليها أيضا من التضامن والخبرة والتطور، ومن ثم أرى أننا فى أمس الحاجة لعملية رصد لتلك الأعمال الاحتجاجية والأشكال التنظيمية الجنينية، ومحاولة الارتباط بها بالتضامن معها وتوفير الخبرة لها والمساعدة على تطويرها. وبعيدا عن العفوية والعشوائية فى تلك العملية الحيوية، فمن الضرورى أن تتم ممارسة عملية الرصد عبر مسح بحثى ميدانى مخطط و منظم لكل أماكن العمل، والإعلان عن هذا المرصد ودوره بكل أشكال الإعلان المتاحة بين العاملين بأجر، وضم القائمين بأعمال الاحتجاج ومنظماتهم الجنينية لعضوية اللجنة عبر مندوبين لهم.
* عند توافر عدد كاف من العضوية فى كل موقع عمل كبير أو منطقة أو حى عمالى يتم تشكيل فرع للجنة يمارس نفس أنشطتها، على أن يكون تنظيمها قائم على أساس النشاط والانضمام الطوعى للأعضاء، و تفويض ذوى الاختصاص والخبرة لأداء المهام العملية التى يكلفوا بها، وتقسيم العمل بين الأعضاء وفق المهام العملية المطروحة فضلا عن توافر الخبرة والإمكانية، و المحاسبة الجماعية والديمقراطية على الأداء، والديمقراطية المباشرة فى اتخاذ القرارات، التعليم المستمر وتبادل الخبرات والمعارف، مقاومة كل الأشكال والممارسات والميول العصبوية والشللية والاستبدادية والبيروقراطية، يمكن لهذه اللجان بعد فترة من الممارسة أن تتحول للجان نقابية عمالية تكون أساس للاتحاد العمالى الديمقراطى الحر والمستقل.
* إعداد مجموعة وثائق تشكل الإطار الدعائى والنظرى للاتحاد العمالى ، يتم نشرها على أوسع نطاق وبكل طرق النشر الممكنة بين العاملين بأجر،على أن تغطى عدة مجالات ومحاور هى:
أولا رؤية نظرية عمالية مبسطة توضح العناصر الأساسية فى الوعى الطبقى العمالى النقابى والسياسى .
ثانيا برنامج مطلبى عمالى يتضمن المطالب الإصلاحية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة فى إطار المجتمع البرجوازى القائم.
ثالثا الخبرات التنظيمية المختلفة فى مجال العمل النقابى والسياسى.
رابعا تاريخ نضال الطبقة العاملة النقابى والسياسى فى مصر والعالم.
طرح هذه الوثائق للنقاش العام بين المهتمين عبر سلاسل من الندوات وحلقات النقاش، وتنظيم حلقات لدراستها لأعضاء اللجنة، والاستفادة من إمكانيات الانترنت بما تتيحه من فرص إنشاء مواقع مجانية توضع فيها تلك الأعمال والوثائق ليتاح الإطلاع الواسع عليها ، فضلا عن تنظيم مجموعات للحوار لمناقشتها مع ملاحظة أن ما ينشر على الانترنت يمكن إعادة نشره بالوسائل المطبوعة لمن لا يتاح لهم استخدام الانترنت التى فى سبيلها أن تكون الوسيلة الإعلامية و الثقافية الأكثر ديمقراطية وشعبية وانتشارا خلال السنوات القليلة القادمة مع بعض التطور التكنولوجى و ليست وسيلة للمثقفين وميسورى الحال فحسب بل للجماهير ومحدودى الدخل أيضا.
* غالبا ما تبدأ الحركات الاجتماعية والسياسية الكبرى ومنها حركة الطبقة العاملة نفسها من معارك لتحقيق مطلب معين، فالحركة الميثاقية فى بريطانيا فى بداية الثورة الصناعية تركزت فى مطلب تحديد عدد ساعات العمل بثمانى ساعات، لتتحول لأعرق حركة عمالية نقابية فى العالم، ومن ثم فإن ما ينقص اللجنة أو أى لجنة أخرى لتصبح نواة لاتحاد عمالى حر ومستقل أن تتبنى مطلب واحد محدد أو بضع مطالب محددة تتركز جهودها من أجل تحقيقه شرط أن تكون مطالبا تلبى احتياجات الغالبية الساحقة من العمالة المأجورة.
* تنظيم العمال سياسيا للنضال من أجل هذه الأهداف تحديدا. و لا معنى لطرح أى أهداف أو أى مهام نضالية أخرى ، إلا بعد إنجاز هذه الأهداف. فيمكنهم عندئذ إنجاز أهداف أخرى.باعتبار أن التنظيم السياسى ليس قاصرا على شكل الحزب فأى مجموعة بشرية منظمة تستهدف تغيير سياسى ما هى مجموعة سياسية،مثل مجموعات الضغط المختلفة.
مطالب مقترحة
* تحرير النقابات و الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية والجمعيات التعاونية و وسائر منظمات الطبقة العاملة من الارتباط بكل من الدولة و رأسالمال ، وذلك بإسقاط كافة القوانين والقيود التى تعيق حرية تكوين وعمل النقابات ومؤسسات المجتمع المدنى المختلفة، و بإسقاط حق الدولة تماما فى وضع القواعد والقوانين المنظمة لتلك المنظمات ليصبح حقا مطلقا لأعضائها، وبالطبع يقع على عاتق العمال أنفسهم مهمة إسقاط تلك القوانين التى تحوى الكثير من المواد غير الدستورية والمتعارضة مع مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان، سواء عبر الطرق القانونية للطعن بعدم دستورية تلك القوانين و موادها ، أو عبر المؤسسة التشريعية ممثلة فى مجلس الشعب أو عبر ضغوط العمال الفعالة للتأثير على صانعى القرار لتعود لهم أسلحتهم النضالية بعد أن تم انتزاعها منهم .
* لأن الحقوق العمالية تتحقق وفق عقد إذعان بين أرباب العمل والعاملين بأجر فى كل القطاعات المنظمة سواء الخاصة أو العامة أو الحكومية حيث تغيب حرية المساومة الجماعية بين طرفى علاقة العمل،مما يجعل غالبية العاملين بأجر لدينا فى وضع أقرب للقنانة بما تعنيه من العمل الجبرى، فأن المطلب الأهم للتخلص من هذا الوضع هو تنظيم حملة من أجل إقرار مبدأ " تحديد جميع حقوق العاملين بأجر بما فيها الأجور النقدية والعينية و كافة شروط وظروف العمل على أساس المساومة الجماعية بين العاملين بأجر و ممثليهم من جهة و بين الجهات التى يعملون لحسابها فى كافة القطاعات الحكومية وغير الحكومية من جهة أخرى".
* الاستقلال الكامل لكل مؤسسات وصناديق التأمين الاجتماعي عن أجهزة الدولة ما يضمن إدارة المؤمن عليهم لتلك الصناديق ديمقراطيا.
وختاما أرجوا أن أكون ساهمت مساهمة مفيدة ، ولنفتح حوارا بناءا ومثمرا من أجل هذا الهدف.
* القضية المركزية لدى كل يسارى مصرى حقيقى الآن، هى كيف تنتظم الطبقة العاملة المصرية على نحو مستقل تماما عن كل من الدولة و رأسالمال، و السؤال هو كيف يمكن أن نصل لنواة اتحاد عمالى مصرى حر ومستقل بديلا عن الاتحاد الرسمى الوحيد، وهذه بضع ملاحظات منهجية و اقتراحات عملية أرى أنها ضرورية من أجل تحقيق الهدف الذى لا نختلف حوله.
ملاحظات منهجية
* إن انتظام الطبقة العاملة المصرية على نحو مستقل تماما عن كل من الدولة و رأسالمال مشروط بامتلاك غالبية أفرادها الوعى بكونها طبقة ذات مصالح مشتركة وهوية متميزة ومنفصلة فى مواجهة كل من الدولة والبرجوازية فى نفس الوقت . ولاشك أن ما يمنح الطبقة العاملة قوتها المستقلة والحرة هو انتظامها على أساس الصراع الطبقى ضد كل من أرباب العمل والدولة لا على أساس التعاون الطبقى مع أى طرف منهما، وإدراك غالبية أفرادها أن الصراع الطبقى هو الصراع الجوهرى بالنسبة لها، وأنه صراع وجود مصيرى لا يجب أن يتقدمه أو يعلوه أى صراع آخر، وذلك لتلبية لمصالحها القريبة أو البعيدة على السواء.
* منذ أكثر من خمسين عاما نجحت البرجوازية المصرية الحاكمة فى ترويض الطبقة العاملة المصرية، وتقليم أظافرها وخلع أنيابها، بالقمع الدموى مرات، وإلقاء بعض الفتات إليها مرات أخرى، وتضليلها وتشويه وعيها الطبقى دوما، و تم وضع الكتلة الرئيسية منها فى قفص الوظيفة الحكومية مما شوه طبيعتها و زيف وعيها الطبقى، وقد آن الأوان لكى تسترد الطبقة العاملة وعيها الطبقى وتنظيماتها الحرة المستقلة، فى ظل ظروف لاشك أنها بالغة الصعوبة،مستفيدة من تجربتها التاريخية فى أن لا يتم استخدامها مرة أخرى بطمس الصراع الطبقى أو تشويهه أو تقييده أو تأجيله لصالح أى صراع آخر قومى أو دينى أو ثقافى أو عرقى.
* أن النجاح فى هذه المعركة المصيرية يتطلب أن تتركز جهود اليسار العمالى من أجلها دون تشتيت هذه الجهود فى معارك أخرى صغرت أم كبرت ، كما يحدث عادة حيث نجد بضع عشرات من المناضلين النشطاء مبعثرين فى العشرات من الأنشطة واللجان، مصرين على التواجد فى نفس الوقت فى كل مكان، والاشتباك فى كل حديث، وإطلاق البيانات فى كل قضية، والاشتراك فى كل مظاهرة و فى كل عمل احتجاجى، مهدرين طاقتهم بلا طائل، فلا هم قادرين على متابعة التطورات النظرية، ولا هم قادرين على رؤية الواقع كما هو من كثرة ما يحدث حولهم من ضجيج وجلبة يساهمون فى إحداثها هم أنفسهم، وينجرون لمعارك جانبية وثانوية بلا مبرر، والنتيجة أنه لن يمكنهم بأى حال من الأحوال إحداث أى تراكم أولى للقوة، تماما كما يعجز من يبعثر نقوده عن تكوين تراكم أولى لرأسالمال، أما ما يمكن أن يؤدى للتراكم الأولى للقوة فهو الجهد المركز والمكثف والدءوب فى الاتجاه الصحيح، وهو فى حالتنا هذه أن تملك الطبقة العاملة وعيها الطبقى ومنظماتها المستقلة والحرة ، ومن ثم فعلى من يسعون لذلك أن يرشدوا بذل جهودهم بتركيزها فى هذا الطريق.
* أن أهم العوامل التى تعرقل عمل اللجنة التنسيقية هو أنها تضم عناصر ذات خلفيات ورؤى أيديولوجية وسياسية مختلفة ومتناقضة، ليس فقط لأن معظمهم جاءوا من أصول ماركسية وقومية وليبرالية وإسلامية، بل لأنها تضم فى صفوفها من يكافحون من أجل دولة تدخلية تحقق بعض المصالح الاجتماعية والاقتصادية للعمال بطريق المنح والمنع، وهناك من يناضلون من أجل تصفية تلك الدولة التدخلية ذاتها وتحجميها لتتحقق مصالح العمال الاجتماعية والاقتصادية عبر منظمات مدنية عمالية تتميز بالحرية و الاستقلال عن كل من الدولة و رأسالمال، ولا شك أن هذه العناصر المختلفة جوهريا فيما بينها تحاول أن تدفع باللجنة وفق هذه الرؤى المختلفة مما يؤدى إلى التنافر بين أعضاءها، ومن ثم فأنه من المهم أن نحدد بوضوح نقاط الاختلاف النظرية والعملية، و أن نعلنها للكافة، وأن ننظم حوار جاد حولها، فضلا عن الاتفاق المبدأى بأن لا يتم الزج باسم اللجنة وراء موقف ما يكون محل خلاف بين سائر أعضاءها الذين لا يتفقون على موقف واحد بالضرورة فى معظم القضايا النظرية والعملية.
* تواجه الطبقة العاملة ظروف جديدة منها التزايد المضطرد فى حجم العمالة غير المنظمة و غير المستقرة فى نفس وقت التقلص المضطرد فى حجم العمالة المنظمة والمستقرة، والاتجاه نحو التقلص المضطرد فى كثافة العمالة فى المنشئات،مما يستدعى تنظيم العمال على نحو مختلف،فإذا كان الوضع السابق تلائمه نقابة العاملين بالمنشأة على أساس أنها الوحدة النقابية الأساسية ،فإن الوضع الجديد قد تناسبه أشكال أخرى من التنظيم النقابى تقوم على أساس جغرافى أو قطاعى أو مهنى.
اقتراحات عملية
* أن كثير من أعمال الاحتجاج العمالية العفوية غير المنظمة تحدث فى كثير من مواقع العمل والتى لا يدرى بها أحد مما يحرم ممارسيها من فرص التضامن معهم من العمال الآخرين، ويحرمهم من اكتساب خبرة من هم أكثر خبرة، و إمكانية التطور لأشكال تنظيمية دائمة، كما أنه مما لاشك فيه أن هناك أشكال تنظيمية جنينية عفوية تتكون فى كثير من أماكن العمل ، وهى أشكال بسيطة لا يدرى بها أحد مما يحرم المنضمين إليها أيضا من التضامن والخبرة والتطور، ومن ثم أرى أننا فى أمس الحاجة لعملية رصد لتلك الأعمال الاحتجاجية والأشكال التنظيمية الجنينية، ومحاولة الارتباط بها بالتضامن معها وتوفير الخبرة لها والمساعدة على تطويرها. وبعيدا عن العفوية والعشوائية فى تلك العملية الحيوية، فمن الضرورى أن تتم ممارسة عملية الرصد عبر مسح بحثى ميدانى مخطط و منظم لكل أماكن العمل، والإعلان عن هذا المرصد ودوره بكل أشكال الإعلان المتاحة بين العاملين بأجر، وضم القائمين بأعمال الاحتجاج ومنظماتهم الجنينية لعضوية اللجنة عبر مندوبين لهم.
* عند توافر عدد كاف من العضوية فى كل موقع عمل كبير أو منطقة أو حى عمالى يتم تشكيل فرع للجنة يمارس نفس أنشطتها، على أن يكون تنظيمها قائم على أساس النشاط والانضمام الطوعى للأعضاء، و تفويض ذوى الاختصاص والخبرة لأداء المهام العملية التى يكلفوا بها، وتقسيم العمل بين الأعضاء وفق المهام العملية المطروحة فضلا عن توافر الخبرة والإمكانية، و المحاسبة الجماعية والديمقراطية على الأداء، والديمقراطية المباشرة فى اتخاذ القرارات، التعليم المستمر وتبادل الخبرات والمعارف، مقاومة كل الأشكال والممارسات والميول العصبوية والشللية والاستبدادية والبيروقراطية، يمكن لهذه اللجان بعد فترة من الممارسة أن تتحول للجان نقابية عمالية تكون أساس للاتحاد العمالى الديمقراطى الحر والمستقل.
* إعداد مجموعة وثائق تشكل الإطار الدعائى والنظرى للاتحاد العمالى ، يتم نشرها على أوسع نطاق وبكل طرق النشر الممكنة بين العاملين بأجر،على أن تغطى عدة مجالات ومحاور هى:
أولا رؤية نظرية عمالية مبسطة توضح العناصر الأساسية فى الوعى الطبقى العمالى النقابى والسياسى .
ثانيا برنامج مطلبى عمالى يتضمن المطالب الإصلاحية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة فى إطار المجتمع البرجوازى القائم.
ثالثا الخبرات التنظيمية المختلفة فى مجال العمل النقابى والسياسى.
رابعا تاريخ نضال الطبقة العاملة النقابى والسياسى فى مصر والعالم.
طرح هذه الوثائق للنقاش العام بين المهتمين عبر سلاسل من الندوات وحلقات النقاش، وتنظيم حلقات لدراستها لأعضاء اللجنة، والاستفادة من إمكانيات الانترنت بما تتيحه من فرص إنشاء مواقع مجانية توضع فيها تلك الأعمال والوثائق ليتاح الإطلاع الواسع عليها ، فضلا عن تنظيم مجموعات للحوار لمناقشتها مع ملاحظة أن ما ينشر على الانترنت يمكن إعادة نشره بالوسائل المطبوعة لمن لا يتاح لهم استخدام الانترنت التى فى سبيلها أن تكون الوسيلة الإعلامية و الثقافية الأكثر ديمقراطية وشعبية وانتشارا خلال السنوات القليلة القادمة مع بعض التطور التكنولوجى و ليست وسيلة للمثقفين وميسورى الحال فحسب بل للجماهير ومحدودى الدخل أيضا.
* غالبا ما تبدأ الحركات الاجتماعية والسياسية الكبرى ومنها حركة الطبقة العاملة نفسها من معارك لتحقيق مطلب معين، فالحركة الميثاقية فى بريطانيا فى بداية الثورة الصناعية تركزت فى مطلب تحديد عدد ساعات العمل بثمانى ساعات، لتتحول لأعرق حركة عمالية نقابية فى العالم، ومن ثم فإن ما ينقص اللجنة أو أى لجنة أخرى لتصبح نواة لاتحاد عمالى حر ومستقل أن تتبنى مطلب واحد محدد أو بضع مطالب محددة تتركز جهودها من أجل تحقيقه شرط أن تكون مطالبا تلبى احتياجات الغالبية الساحقة من العمالة المأجورة.
* تنظيم العمال سياسيا للنضال من أجل هذه الأهداف تحديدا. و لا معنى لطرح أى أهداف أو أى مهام نضالية أخرى ، إلا بعد إنجاز هذه الأهداف. فيمكنهم عندئذ إنجاز أهداف أخرى.باعتبار أن التنظيم السياسى ليس قاصرا على شكل الحزب فأى مجموعة بشرية منظمة تستهدف تغيير سياسى ما هى مجموعة سياسية،مثل مجموعات الضغط المختلفة.
مطالب مقترحة
* تحرير النقابات و الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية والجمعيات التعاونية و وسائر منظمات الطبقة العاملة من الارتباط بكل من الدولة و رأسالمال ، وذلك بإسقاط كافة القوانين والقيود التى تعيق حرية تكوين وعمل النقابات ومؤسسات المجتمع المدنى المختلفة، و بإسقاط حق الدولة تماما فى وضع القواعد والقوانين المنظمة لتلك المنظمات ليصبح حقا مطلقا لأعضائها، وبالطبع يقع على عاتق العمال أنفسهم مهمة إسقاط تلك القوانين التى تحوى الكثير من المواد غير الدستورية والمتعارضة مع مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان، سواء عبر الطرق القانونية للطعن بعدم دستورية تلك القوانين و موادها ، أو عبر المؤسسة التشريعية ممثلة فى مجلس الشعب أو عبر ضغوط العمال الفعالة للتأثير على صانعى القرار لتعود لهم أسلحتهم النضالية بعد أن تم انتزاعها منهم .
* لأن الحقوق العمالية تتحقق وفق عقد إذعان بين أرباب العمل والعاملين بأجر فى كل القطاعات المنظمة سواء الخاصة أو العامة أو الحكومية حيث تغيب حرية المساومة الجماعية بين طرفى علاقة العمل،مما يجعل غالبية العاملين بأجر لدينا فى وضع أقرب للقنانة بما تعنيه من العمل الجبرى، فأن المطلب الأهم للتخلص من هذا الوضع هو تنظيم حملة من أجل إقرار مبدأ " تحديد جميع حقوق العاملين بأجر بما فيها الأجور النقدية والعينية و كافة شروط وظروف العمل على أساس المساومة الجماعية بين العاملين بأجر و ممثليهم من جهة و بين الجهات التى يعملون لحسابها فى كافة القطاعات الحكومية وغير الحكومية من جهة أخرى".
* الاستقلال الكامل لكل مؤسسات وصناديق التأمين الاجتماعي عن أجهزة الدولة ما يضمن إدارة المؤمن عليهم لتلك الصناديق ديمقراطيا.
وختاما أرجوا أن أكون ساهمت مساهمة مفيدة ، ولنفتح حوارا بناءا ومثمرا من أجل هذا الهدف.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية