الخميس، 17 يوليو 2008

هل هناك حقا يسار عمالى عربى !! ؟

هل هناك حقا يسار عمالى عربى !! ؟
سامح سعيد عبود
بمناسبة عيد العمال العالمى، أردت أن أشترك فى الملف الشهرى الذى نظمته نشرة الحوار المتمدين بهذه المناسبة، فكتبت مقال "العمال يؤكدون أفضلية إداراتهم للمصانع"عن تجربة عمال مصنع المصابيح الكهربية بمدينة العاشر من رمضان مستندا فى معلوماتى على حضورى الندوة التى عرضوا فيها تجربتهم بمركز الدراسات الاشتراكية يوم الخميس 22 إبريل، فضلا عن تحقيق عن الموضوع نشر فى العدد الخامس من مجلة أوراق اشتراكية الصادرة عن نفس المركز، وتم نشر المقال فى عدة مواقع هى :
الموقع الخاص بى على الحوار المتمدين http://rezgar.com/m.asp?i=12
التحررية الجماعية http://www.geocities.com/sameh562001
المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى http://www.geocities.com/sdegc
التقدم الحوارية http://www.takadom.tk
شباب مصر http://www.shbabmisr.com
صوت بلادى http://www.voiceofbelady.com
والأخيرين موقعين لا يوجد لهما انتماء سياسى واضح و محدد " ، فضلا عن توزيع المقال عبر قائمتى البريدية الخاصة التى تتجاوز ال 400 عنوان بريدى من المهتمين بقضايا اليسار عموما، فضلا عن مسئولى العديد من المواقع المصرية اليسارية الأخرى التى لم يسبق لها النشر لى أو التفاعل معى على أى نحو برغم مراسلتى لهم دائما مثل كفاية http://www.kefaya.org
لام ألف http://www.lamalef.net
ولم يحظ المقال برغم كل هذا بأى تعليق واهتمام و لم تصلنى بشأنه أى ردود من أى نوع إلا من الزميل والصديق العزيز إلهامى الميرغنى الذى كتب:
"أخى العزيز سامح
تحية طيبة وبعد
الله ينور عليك مقال عمال المصابيح جميل جدا ولكن لم توضح كيف يمكن ان نتضامن معهم ونساعدهم والموضوع محتاج شوية تفكير والناس تحط رأسها فى رأس بعض لإيجاد مقترحات .
ثانيا انت مقلتش كيفية الاتصال بيهم هل ممكن تعملهم صفحة على الانترنت ، ام نضع بيان تضامن معهم على الحوار المتمدن لجمع توقيعات تأييد لهم .أم نتصل بهم هاتفيا.عموما اهو عيد العمال فرصة للتضامن مع عمال المصابيح وتجربتهم الرائعة . وتعيش وتكتب مقالات مهمة
الهامى"
وتورطت بناء على هذا الرد المشجع من الزميل إلهامى ، فأخبرت ممثلى هؤلاء العمال يوم احتفال عيد العمال بميدان التحرير، بأن هناك فرصة للتضامن معهم عبر الانترنت، ولكن للأسف كانت تلك الفرصة وهما كبيرا على عكس ما كنت أظن ، فيسارنا المصرى لديه قضايا كبرى أهم هى مواجهة الإمبريالية الأمريكية فى العراق والصهيونية فى فلسطين، محتفظا بلعناته المستمرة للزمن الرديء الذى عزله عن جماهيره، التى ليست الطبقة العاملة المصرية بالتأكيد ،و التى لها رب أسمه الكريم.
وبعد أيام كتب الزميل والقيادة العمالية حمدى حسين مقالا بعنوان "لجنة التنسيق للحقوق و الحريات النقابية .. هل يمكن أن تكون النواة لاتحاد عمالى حر و مستقل ؟ ) تم نشره فى المواقع التالية :الحوار المتمدين والمركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى ومجموعة التقدم الحوارية،السابق الإشارة إليهم، فكتبت مقالا متضمنا اقتراحات عملية لتطوير فكرته ووضعها على طريق التنفيذ باسم "كيف نصنع نواة اتحاد عمالى حر و مستقل؟" وحاز أيضا على نفس فرص النشر والتوزيع كالمقال السابق تماما عدا موقعى شباب مصر وصوت بلادى لأسباب لا أعرفها.
مرة أخرى تكرر نفس رد الفعل المتمثل فى الصمت والتجاهل التام ، وكأنى أصرخ فى البرية، وهو أمر مثير للإحباط بلا شك، فقد كنت أبرر لنفسى عدم التفاعل مع مقالاتى النظرية السابقة بضيق وقت الزملاء وصعوبة ظروفهم المعيشية، ولكن لماذا لم يتفاعلوا مع مقالات ذات طابع عملى مثل تلك المقالات، حتى الزميل حمدى حسين نفسه الذى كتبت المقال الأخير تعقيبا على مقاله، ومرة أخرى لم يرد أو يعقب سوى الزميل إلهامى الميرغنى الذى كتب:
" أخى العزيز سامح
تحية طيبة وبعد
الله ينور عليك قريت مقالك بتاع الرد على حمدى حسين واعتبر مداخلتك فى غاية الأهمية وانا لسه امبارح باعت رسالة لخالد على مستغرب ان محدش اشتبك مع الفكرة رغم اهميتها ومش فاهم امال الناس مشغولة بايه .اجمل ما فى الموضوع انك لسه ماسك دماغك وبتبدع كلام جميل نحن محتاجين اليه رغم انف كل مناهضى النت . يوجد فى كلامك عدة افكار مهمة منها تشتيت الجهد فى عشرة الاف لجنة واستنزاف الناس والجهد فى اجتماعات بلاميطى وتخيل عامل زى حمدى حسين علشان يجى من المحلة يحضر اجتماع فى القاهرة يصرف 20 او 25 جنيه مواصلات كل مرة شوف بيجى القاهرة كام مرة فى الشهر وكيف يكون ذلك على حساب اسرته .تكوين انوية محلية وقطاعية ونقل الخبرات والوعى هو الخطوة الأولى على طريق توفير المقومات. مرة اخرى احييك واشكرك واقولك انى فخور بانك صاحبى
الهامى"
المشكلة بالتأكيد ليست فى ضيق وقت الزملاء وصعوبة ظروفهم المعيشية، بل تكمن فى حقيقة انتماءهم السياسى والطبقى برغم كل ما يدعونه عن أنفسهم ، وفى ما يشغلهم حقا من قضايا، وفى ما تعودوا على الانغماس فيه من مناقشات ونضالات ، وليس أدل على ذلك من أنه فى نفس وقت نشر مقالاتى أرسل الزميل والصديق العزيز منير مجاهد عبر قائمته البريدية المحدودة بالنسبة لقائمتى البريدية، ومجموعة التقدم الحوارية صور زائفة عن اغتصاب النساء فى العراق، ثم سرعان ما اعتذر عن إرسالها لشكوك حامت حول مصدرها نبهه إليها عدد من الزملاء والزميلات، وذلك لأنه و كما أعرفه جيدا يحترم نفسه ويحترم من يراسلهم ومن ثم يستحق منا كل احترام وتقدير، وهاج الكثير من أعضاء مجموعة التقدم الحوارية وقائمته البريدية الخاصة، وانقسموا لفريقين أحدهم معارض للاعتذار ومؤيد لنشر الصور بشدة على رغم ثبوت زيفها، و الثانى مؤيد للاعتذار عن النشر لأننا لسنا فى حاجة لتلك الصور لإثبات وحشية الاحتلال ، و أخذت تتوالى رسائلهم التى زادت عن الخمس عشر رسالة خلال أيام ،كاشفة عن حقيقة بعض من ينتمون لمعسكر اليسار المصري والعربى.
أعتقد أن هناك يسار عمالى عربى حقا إلا أنه محدود القوة والانتشار، فأنا أعتبر أن تيار الشيوعية العمالية فى العراق بمنظمتيه (الحزب الشيوعى العمالى العراقى وحركة انبثاق حزب العمال الشيوعيين العراقيين ) يقدم نموذج لنضال اليسار العمالى الحقيقى، فهو تيار لا يسمح لنفسه بالتورط فى الخيار السخيف، إما مع الرأسمالية العالمية التى يمثلها الاحتلال الأمريكى وحلفاءه أو مع بعض قطاعات البرجوازية المحلية العراقية المعادية لتلك الرأسمالية التى تمثلها ما تسمى بالمقاومة العراقية المسلحة، بكل ما فيها من قوى قومية ودينية وبكل ممارستها الفاشية والطائفية والإرهابية ضد المدنيين، و لا يسمح لخطابه الطبقى الواضح و المعبر عن البروليتاريا بأن يختلط بخطابات برجوازية سواء كانت قومية أو وطنية أو دينية أو طائفية ، ولا يسمح لنفسه بالانشغال عن الدفاع عن قضايا المضطهدين والمقهورين والمستغلين فى العراق فى مواجهة مضطهديهم وقاهريهم ومستغليهم أيما كانوا، وبرغم كل تلك الظروف الصعبة التى يسهل فيها ابتزازه باسم التناقض الرئيسى والتناقض الثانوى ، وباسم أولوية القضايا الوطنية والقومية على القضايا الطبقية والاجتماعية، نجده يطرح وبقوة وجراءة يحسد عليها البديل البروليتارى بأبعاده الإنسانية والأممية فى مواجهة البرجوازية ككل محلية كانت أو عالمية، ويعلى من الصراع الاجتماعى والطبقى فوق كل صراع، وتنعكس تلك الرؤية فى أشكال المقاومة الفعالة التى يمارسها هذا التيار الآن ضد النظام القائم فى العراق، و ضد العدو البرجوازى بكل معسكراته العالمية والمحلية المتصارعة التى لا يسمح لنفسه بالانحياز أو التعاطف أو التحالف مع بعضها ضد بعضها الآخر، برغم التعتيم على نشاطه وتجاهله.
ولكن ذلك النوع من المقاومة للأسف لا يحظى باهتمام اليسار البرجوازى وأجهزة الإعلام، فمنذ اللحظة الأولى بعد سقوط النظام البعثى الفاشى فى العراق ، قاد هذا التيار تشكيل اتحاد العاطلين العراقيين ، وتشكيل مجالس ونقابات عمالية فى العديد من المصانع والمدن العراقية ، وقاد تحركات جماهيرية سلمية من أجل تحقيق بعض المطالب الجماهيرية، وساهم فى حملة قانون الأحوال الشخصية والدفاع عن حقوق المرأة العراقية على سبيل المثال لا الحصر، وغيرها من قضايا الصراع الاجتماعى والطبقى الفعلية، ومازال هذا التيار يعارض وبقوة مجلس الحكم الانتقالى بتركيبته الطائفية، ويعارض الاحتلال كما يعارض المقاومة القومية والدينية سواء بسواء، وهو لهذه الأسباب وليس لغيرها حقق وجودا متميزا حتى ولو كان محدودا حتى الآن على الساحة السياسية العراقية الراهنة رغم كل الصعوبات الواقعية التى تواجهه .
فياليت يسارنا الذى يحصر اهتمامه فى القضايا العظمى فى فلسطين والعراق و التى لا يملك إزاءها إلا المظاهرات والهتافات والبيانات التى لا تقدم ولا تؤخر طالما ظل بعيدا عن ميدان المعركة، والذى يتماهى مع الوطنية والوطن والوطنيين، دون تفرد أو تميز، أن يتعلم من هذا النموذج.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية