السبت، 25 يونيو 2011

ستالينى وأفتخر !!! و لا سلطوى وإن أنكرتم !!!

ستالينى وأفتخر !!! و لا سلطوى وإن أنكرتم !!!

سامح سعيد عبود

فى نهاية الثمانينات من القرن الماضى بدأت رحلتى فى التمرد الفكرى على اللينينية، بما يعنيه ذلك منطقيا من الخروج عن كل ما تفرع عنها من مدارس فرعية أخرى كالتروتسكية والستالينية والماوية وغيرها، وبكل ما يعنيه ذلك بديهيا، من رفضى لاشتراكية الدولة، والحزب الطليعى، والمركزية الديمقراطية، وديكتاتورية البروليتاريا، وفكرة الدولة نفسها، وما تمثله من سلطة متعالية على البشر، ومنفصلة عن إرادتهم الحرة المشتركة، وإدانتى لكل ما تمخضت عنه هذه الأفكار اللينينية عمليا من إنتاج نموذج الدولة الشمولية البيروقراطية البوليسية، المعروف فى القرن العشرين، و بكل ما أدت إليه اللينينية من ارتكاب جرائم شوهت نبل الفكرة الاشتراكية، وبكل ما أدت إليه من نموذج فى التنظيم السياسى مزج النظام الكهنوتي الديني والعسكرى، مع الفكرة الثورية التحررية، خالقا حالة من الفصام بين الهدف المعلن، والممارسة العملية، و هو ما سحق حرية الأفراد والأعضاء العاديين فى تلك الأحزاب، والشعوب التى حكمتها، وأخل بالمساواة بينهم، و رفضى اللينينية بكل ما تعنيه من ظواهر تأليه الرموز والأشخاص والنصوص، وعبادة الزعامة والقيادة والسلطة، وقد تجسد هذا الخروج بإنتاج العديد من المقالات التى عبرت فيها عن أفكارى الجديدة، ومع منتصف التسعينات أصبحت اشتراكيا تحرريا، وهو ما جعلنى أعلن انتمائى للأناركية على أساس أن الاشتراكية التحررية هى التيار الرئيسى فيها، وقد ترجمت الأناركية إلى اللاسلطوية، بدلا من ترجمتها الشائعة الفوضوية بكل ما تحمله الكلمة من التباس.

ولأن هذا الخروج والتمرد استند على نقد موضوعى للأفكار السائدة، وتأمل نقدى للواقع الملموس، فإنه لم ينسحب على إيجابيات أخرى فى التراث الإنسانى عموما، والتراث الماركسى خصوصا، ولا شك أنى ما زلت متمسكا بهذه الايجابيات، برغم أن هناك تيارت أناركية عديدة تنكرها نتيجة فهمها الخاص للأناركية التى أصبحت للأسف مظلة تضم أطياف متناقضة ومتصارعة من البشر، يحملون جميعا نفس اللافتة، ويتجادلون عن من منهم أحق بحملها، فهناك أناركيون رأسماليون، و أناركيون فرديون، و أناركيون بدائيون، و أناركيون عدميون، و أناركيون بوهيميون، وهلمجرا من الصرعات التى تظهر على سطح الحياة السياسية والاجتماعية، وتختفى باسم الأناركية، مثل البلاك بلوك، و الهوليغانز، والآلتراس، والسكينهيد، وفرق البنك وغيرهم، والذين يطلقون على أنفسهم أناركيين، ويتهمون المنظمات الأناركية (الاشتراكية التحررية) بالسلطوية، وهؤلاء جميعا لاعلاقة لهم بالاشتراكيين التحرريين كتيار ثورى، و هم يصفون أنفسهم بالأناركية أيضا للأسف ليتحملوا أوزار الأناركيين الآخرين، فهم يعنيهم فعلا تغيير العالم لا مجرد الرغبة فى التمرد الفردى العدمى، والتحلل من القيود الاجتماعية التى تقيد حريتهم الشخصية، فالاشتراكيون التحرريون يعنيهم الممارسات النضالية ضد السلطة لإجبارها على تحقيق مطالب أو من أجل إزالتها، وبكل ما يترتب على ذلك من آثار والتزامات، و لايعنيهم الممارسات الاحتفالية والاستعراضية التى ظاهرها التمرد ضد السلطة، وباطنها دعم استمرار السلطة، سواء فردية كانت أو جماعية، و التى هى جزء لا يتجزأ من الثقافة البرجوازية الاستهلاكية.

والملفت للنظر أنى طوال هذه السنوات تم اتهامى سواء من يساريين سلطويين أو ديمقراطيين أو أناركيين بأنى ستالينى فى الحقيقة، و أنه لا يمكن أن أكون أناركيا، و لا شك أن هذه الاتهامات والانكارات نتيجة إما عدم فهم لمعنى الأناركية كما افهمه أو بسبب أنها كلمة تعبر عن اتجاهات متناقضة يتوقف معناها على ما يقصده المتحدث من ذكرها، وبسبب ربطهم عموما الأناركية بالفوضوية بكل ما تحمله الكلمة من معانى عدم الالتزام، ورفض كل أشكال التنظيم والنظام، باعتبار أن أى شكل للتنظيم هو ستالينية، وأن أى انضباط سلوكى وأخلاقى هو ستالينية، وكأنى بهم يمدحون الرجل ومنهجه، وهو ما لا يستحقه.

جوهر الاتهام والإنكار يكمن فى أنى رغم أناركيتى عموما أؤمن بحقيقة أننا نحيا فى عالم مادى تحكمه قوى مادية، وأن المثل والأفكار لا تؤثر فيه أدنى تأثير، و لأن البرجوازية فى عالمنا الواقعى تستند فى تسلطها على سيطرتها على مؤسسات الإنتاج والثروات ومؤسسات العنف المسلح وغير المسلح، و مؤسسات خلق الوعى الاجتماعى، وكلها مؤسسات منظمة تستمد قوتها من هذا النظام تحديدا فإنه لا خلاص من تسلطها إلا عندما تمتلك البروليتاريا المجردة من تلك الوسائل قوة مادية أخرى أشد بأسا، هذه القوى تكمن ببساطة فى تنظيمات البروليتاريا، وتحررها من تأثير مؤسسات خلق الوعى الاجتماعى التى تجعلهم يتماهون مع وعى سادتهم طول الوقت، وإن كانوا يتحررون منه فى لحظات استثنائية نادرة.

هذه العملية التى تكسب البروليتاريا قواها المادية، لابد وأن تساعد فى إنشائها تنظيمات ثورية، مكونة من مناضلين استطاعوا التحرر من الوعى السائد، واختاروا لأنفسهم دور محدد فى مقاومة تأثير آلة الوعى البرجوازية، والمساعدة فى انتظام البروليتاريا فى منظماتها المختلفة كالتعاونيات والنقابات.

و لا شك أن للتنظيم الاجتماعى شروطه ، والممارسة النضالية قواعدها، وإن أى علاقة اجتماعية من أى نوع تقيد حريتك فعلا، لأنك لابد وأن تلتزم بقواعدها، والعمل العام يفرض على من يمارسه التزامات وقيود، و على من يشعر بحساسية شديدة ترفض تقييد حريته الشخصية فعليه التخلى عن العمل العام، و بناء على هذا المنطق، اعطيت لنفسى دائما الحق فى نقد سلوكيات تتناقض وتلك الشروط والقواعد، والتحفظ عليها، واعتبارها سببا فى قطع العلاقة التنظيمية، فالإنسان الذى لا ينضبط فى مواعيده يعتدى على حرية ووقت الذين ينتظرونه دائما،ـ ولن يستمتع الطرفين بحريتهما فى استخدام وقتهما طالما كان أحدهما غير منضبط فى الحضور فى موعده، بلا شك أن الطرف غير المنضبط حر، لكن على الطرف الآخر أن يقطع علاقته به، لو تضرر من عدم الانضباط، طبعا هناك سوء فهم سوف يدافع عن عدم الانضباط بحجة الحرية الشخصية، وهو فهم يدافع عن طغيان المنفلتين والمتحللين وغير المنضبطين على الآخرين والإضرار بهم باسم الحرية، وقس على هذا المثا

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية