مطلوب لجنة لمناصرة المقهورين فى مصر
مطلوب لجنة لمناصرة المقهورين فى مصر
سامح سعيد عبود
ما إن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية ، ثم اشتعلت الحرب فى العراق من بعدها، حتى تكون مناخ سياسى مختلف فى مصر ، دفع بعض فلول النخب اليسارية والقومية والليبرالية المصرية على ضآلتها وعزلتها اجتماعيا للخروج من بياتها الشتوى الطويل الذى استمر طوال الثمانينات و التسعينات ، فخرج السياسيون سابقا من شرانق عوالم المقاهى ، والعمل الأكاديمى والبحثى ، والتجارة والأعمال ، ومراكز حقوق الإنسان ، والبحث المضنى عن لقمة العيش و تربية الأبناء ، وسائر تلك الخيارات الشخصية التى اختار كل منهم إحداها أو بعضها لتعويض فشله فى العمل السياسى ، كانت تلك الأحداث فرصة أخيرة ليمارسوا هوايتهم العتيدة فى النضال القومى والوطنى ، وكأن الدبابات الأمريكية والإسرائيلية ترتع فى شوارع القاهرة ، فشكلوا عشرات اللجان لمناصرة الشعبين الفلسطينى والعراقى ومقاومة الصهيونية والاستعمار والتطبيع ومقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية ومناهضة العولمة والحرب وخلافه .
واستطاعت تلك اللجان خلال تلك السنوات الثلاث ، أن تعقد قليل من الندوات والمؤتمرات ، و أن تنشر بعض المطبوعات المحدودة الانتشار ، وأن تنظم خروج بضع مئات و أحيانا بضع ألوف فى مظاهرات إلى الشوارع فى القاهرة ، وذلك فى مجتمع يبلغ عدد سكانه 69مليون وفى مدينة يبلغ عدد سكانها 17 مليون ، فاعتبرها بعضهم مدا ثوريا لابد من استثماره والتمادى فيه بلا مبرر سوى الهوس بهذا اللون من النضال ، إلا أن النجاح الوحيد المهم الذى يحسب لتلك اللجان هو تدبير بعض قوافل الإغاثة للانتفاضة الفلسطينية ،أما ما دون ذلك من نشاط فهو مجرد زبد ذهب جفاء طالما لم يكن له مردود خارج إطار النخب المسيسة ، فقد نتج فقط حين تململ مستنقع نفس الدائرة المغلقة للسياسيين مما أدى لقمع بعضهم أمنيا بلا ثمن.
إلا أن هذا العام شهد تطور نوعى فى تلك الحالة التى انتابت تلك الطوائف المعزولة اجتماعيا ، فتعددت المراكز السياسية كمنافذ شرعية لتوجهات سياسية محددة ، كمراكز الدراسات الاشتراكية والعدالة و المصرى الاجتماعى الديمقراطى ، و تعددت مشاريعها السياسية ، مثل مبادرة المشروع الوطنى وحركة عشرين مارس باعتبارها حركات جبهوية تضم ماركسيين وقوميين و ليبراليين ، وتكاثرت البيانات التى لا يقرأها أحد من خارج دائرة النخب المسيسة ، و التى أصدرتها مجموعات ولجان و وتنظيمات مختلفة ، و التى أكدت أن بعض هؤلاء لا يتعلمون لأنهم لا يقرأون جيدا لا الواقع ولا النظرية ، و من ثم فهم يكررون نفس الرطانة القديمة بلا وعى و لا إدراك لمأسوية الأخطاء التى سبق ووقعوا فيها ، حتى أن أحد هذه البيانات التى صدرت موجهه للمصريين عام 2003 ، تحدثت عن ضرورة حرب التحرير الشعبية لمقاومة الهجمة الإمبريالية الجديدة ، رغم أن آخر جندى صهيونى غادر سيناء أوائل الثمانينات من القرن الماضى .
و تكاثر الحديث كتابه وشفاهه عن ضرورة الإصلاح الدستورى والديمقراطى ،الذى تجلى فى العديد من المقالات المنشورة أخيرا فى الحوار المتمدين بأقلام زملاء ورفاق مصريين ، إلا أنه إذا كان هناك من ربط بين الإصلاح الديمقراطى والاجتماعى والقضايا القومية والوطنية ، فهناك من تحدثوا عن رفض الديمقراطية و تأجيل المطالبة بها طالما هى مطلب العدو الأمريكى الإمبريالي ، بالضبط كسلوك المراهق الذى يرفض نصائح الكبار لمجرد إثبات استقلاله عنهم ، وتحدث آخرون أنه فى ظل تعرض الوطن للخطر فإن القضية الوطنية والقومية تعلو جميع المطالب وتؤجلها ، ومن ثم كان تعاطف بعضهم مع النظام الفاشى البعثى فى العراق ضد مصالح وآمال المقهورين فى العراق فى زوال هذا النظام .
وظل هؤلاء جميعا يعانون العزلة الخانقة فخطاباتهم ونشاطهم لا يحرك أحد من خارج دوائرهم المحدودة ، و لا يربطهم عضويا بمجتمعهم وقضاياه برغم تضحيات الكثيرين منهم بالوقت والجهد والمال ، فتكون النتيجة الطبيعية لكل ذلك إذن هى الإحباطات المتزايدة ،وانتعاش الاتهامات المتبادلة والتشرذم والنميمة والخلافات البيزنطية التى لا ترتكز على قواعد خلافات قائمة فى الواقع ، والصراعات الشللية التافهة ، و شخصنة الخلافات والرؤى والمواقف ، و المهاترات المدمرة ، والسلوكيات الغبية ، ومن ثم يضيع جهد المناضلون المخلصون ، ولذلك فسرعان ما سيفضل الأكثر صدقا منهم مع الذات الرجوع للخيارات الفردية بين المقهى والأسرة وقاعات الدرس والبحث العلمى والعمل .
والحقيقة التى يتغافل عنها الجميع أنه لكى تملك تلك النخب أى قدرة على التأثير فى الواقع الاجتماعى سواء عن طريق التغيير الثورى أو عن طريق الإصلاح ، و سواء من أجل التحرر الوطنى أو الإصلاح الديمقراطى والدستورى ، فلا بد أن تستند تلك النخب السياسية على قوى اجتماعية ما فى مجتمعاتها ، طبقات أو شرائح طبقية أو جماعات تربط أفرادها مصالح معينه غير محققة أو مهددة ، و أن ترى تلك الجماعات بوضوح أن هذه المصالح لن تتحقق إلا بالديمقراطية أو بالتحرر الوطنى ، فهل هناك فى الواقع المصرى مثل تلك الجماعات والشرائح والطبقات ،أما أن ما تطرحه النخب السياسية من مشاريع هو مجرد تصورات نظرية ،أو أوهام خيالية ، عن ما يظنونه تعبيرا عن أحلام ومصالح وآمال تلك الكتل من الجماهير التى لا تأبه لهم ،لأنه لم يسألها أبدا أحد عن همومها وقضاياها ومصالحها ،ولم يهتم أحد من تلك النخب بما تعانيه من مشكلات .
فالتحرر الوطنى لن يحرك في تلك الجماعات ساكنا طالما لا تتعرض مصالحها للتضرر بسبب من احتلال أجنبى أو عدوان خارجى ، وقضايا فلسطين والعراق وغيرها من القضايا القومية والعالمية تكتسب تعاطف تلك الجماهير لأسباب إنسانية أو دينية أو قومية ،إلا أنها لن تكون على سلم أولوياتها ولن تخرجها من سلبيتها ، ولن تدفعها لتحرك فعال يشملها بمعظم أفرادها مثلما تفكر وتسلك تلك النخب السياسية .
أما عن الديمقراطية التى تحولت لأسطوانة مشروخة يرددها الجميع باعتبارها مطلبهم العاجل ، فأنها مطلب غامض فى أذهان وكتابات النخب كما فى أذهان الجماهير ، وقد تحولت لأيقونة مقدسة كالشريعة الإسلامية لدى الإسلاميين مطلوبة لذاتها وبذاتها بصرف النظر عن نتائج وشروط تطبيقها .
لم يحدثنا أحد بالتفصيل عن أى ديمقراطية يريد ، مباشرة أم غير مباشرة أم شبه مباشرة أم خليط بينهم ، ولم يحدثنا عما يفضله من علاقة بين السلطات المختلفة وطرق تشكيل الهيئات التى ستمارس تلك السلطات ، وخصوصا نظام الانتخابات و ظوابطه وعلاقة الناخب بمن انتخبه ،وطبيعة هذه العلاقة ، هل ستكون هناك سلطة فعلية للناخب على المنتخب أم سينتهى دور الناخب بمجرد الانتخاب ، ومن ثم أى نظام يريد تحقيقه ذلك المطالب بالديمقراطية ، برلمانى أم رئاسى أم مختلط بينهما أم نظام الجمعية سواء فى شكله السويسرى أو شكله المجالسى ، هل هو مع المركزية الإدارية أم مع اللامركزية الإدارية وبأى درجة ، هل يريد ديمقراطية مع حقوق الإنسان أم بدونها وهذا وارد وموجود ، هل يريد الانتقاص من حقوق الإنسان أم تحقيق المزيد من تلك الحقوق ، فوارد جدا أن تتوفر بعض حقوق الإنسان بدرجات متفاوته بدون ديمقراطية والعكس صحيح ، هل هو مع فصل الدين عن الدولة والتعليم أم لا ، وإذا كان مع هذا الفصل فبأى درجة ونوع منه ، وهل هو فقط مع فصل الدين عن الدولة والتعليم أم مع فصل كل مسببات التمييز بين البشر من عرق وقومية وجنس وخلافه عن تلك السلطة .
لم يجيب أحد عن كيف سنطبق الديمقراطية سواء أكانت كاملة أم منقوصة فى مجتمع متخلف تم تحويل أفراده منذ أن سيطرت علينا حكومات العسكر ، لجزر معزولة عن بعضها ، يتكلس كل فرد منهم حول ذاته غير عابئ بالآخرين سواء أكانوا زملاءه فى العمل أو جيرانه فى السكن الذين يشاركونه نفس المصالح والمشاكل مفضلا الحل الفردى عن الحل الجماعى ، وقد أرتد وعيهم جميعا لما قبل الحداثة إذ يفتقدون الوعى الاجتماعى بانتماءاتهم الطبقية ، وعاجزون من ثم عن ربط هذا الانتماء بمواقفهم السياسية،.
و لم يجبنا أحد عن كيف ستتحقق الديمقراطية و الجهاز البيروقراطى للدولة يتحكم بأيد من حديد فى كل عناصر المجتمع المدنى مبقيا خارج سيطرته الصارمة الانتماء العائلى فقط ،هل نريد الديمقراطية والجهاز البيروقراطى بهذا القدر من التحكم فى كل كبيرة وصغيرة فى شئون الحياة أم لابد أن نقلص من سيطرة هذا الجهاز لأقصى حد ممكن ، هل سنطبق الديمقراطية بدرجة أعلى و أكثر راديكالية ، تواجه و من ثم تقضى على معرقلات تطبيق الديمقراطية فى ذلك المجتمع المتخلف ، أم سنكتفى بديمقراطية شكلية تتعايش مع هذه المعرقلات ، وتحافظ عليها كالديمقراطية الطائفية فى لبنان .
يظن البعض أنه فى ظل انتخابات حرة نزيهة فى مصر سينهزم الحزب الوطنى أمام الإسلام السياسى ، وهذا وهم كبير يقع فيه الكثيرين ،لأن لعبة الانتخابات فى مصر تقوم على العصبية والتربيطات العائلية التى يملك مفاتيحها بدرجة كبيرة الحزب الوطنى دون القوى السياسية الأخرى ، لا البرامج السياسية التى ينظمها هؤلاء الساسة المعزولون عن الواقع والحياة ، و إلا كان حزب التجمع هو حزب الأغلبية فى البرلمان منذ زمن بعيد ، إلا أن الواقع أن أعضاءه لا يصلون لعضوية البرلمان إلا بناء على عصبيتهم العائلية و موافقة أجهزة الأمن ، لا باقتناع الجماهير ببرنامجهم الذى لا يقرأه أحد ، فهل المشكلة فى انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح ، وتداول السلطة بين نخب غير ديمقراطية فى حقيقتها وممارستها ، هى غاية مراد المطالبون بالإصلاح الديمقراطى والدستورى، و التى يعولون عليها فى حل مشكلات غالبية السكان من المقهورين ،هذا ما لا تعتقده الغالبية و هذا ما لن يدفع تلك القوى الاجتماعية للتحرك على نحو فعال لتحقيق تلك الغايات المحدودة دون ربط تلك الغايات بتحقق مصالحها المباشرة وغير المباشرة .
لا أعتقد أنى بحديثى السابق قد أعدت اكتشاف العجلة ، واعتقد أنى لم أتى بجديد لا تدركه تلك النخب من الساسة ، فالمشكلة ليست فى إدراكهم من عدمه ، وإنما المشكلة تكمن فى الأوهام التى تملأ عقولهم حول أنفسهم وحول القوى الاجتماعية ، واستسهالهم النضال النخبوى و القومى والوطنى واستصعابهم النضال الطبقى والاجتماعى ، فما أسهل أن يشحذوا أسلحتهم الحنجورية من أجل أطفال فلسطين والعراق ،إلا أنهم أعجز من أن يفعلوا شيئا من أجل ملايين الأطفال المصريين المتسربين من التعليم والمشردين والعاملين فى سن الطفولة ، لا شك أنهم قادرين على إصدار بيانات ضد ما تدمره القوات الأمريكية والإسرائيلية من منازل للعراقيين والفلسطينيين ، ولكنهم أعجز من يفعلوا شيئا للملايين من المصريين الفاقدين للمأوى الصحى والآمن ، استطاعوا أن ينظموا قوافل لإغاثة الفلسطينين والعراقيين وأحيانا البوسنة والهرسك وبلاد تركب الأفيال بالغذاء والدواء والملبس ، ولكنهم لا يحركون ساكنا لإغاثة المصريين فى العشوائيات والمقابر وسكان الأرصفة ، والمصريين الذين لا يتناولون إلا الأطعمة الفاسدة ولا يشربون سوى الماء الملوث و لا يجدون ثمن الدواء ، تحركوا لصالح ضحايا الحصار فى العراق ولم يتحركوا لصالح ضحايا حمى الوادى المتصدع ، استنفرهم اغتصاب النساء فى البوسنة والهرسك ولم تتحرك لهم شعرة لوقف سوق الرقيق التى تقع فى حبائله بنات الأسر الفقيرة والجاهلة فى الريف والأحياء الشعبية تحت ستار الزواج من أغنياء الخليج .
ماذا فعلوا مع ملايين المتعطلين عن العمل وهل حاولوا تنظيمهم كما فعل أعضاء الحزب الشيوعى العمالى فى العراق بمجرد سقوط النظام فى بغداد ، وهل حاولوا الارتباط بالحركات الاحتجاجية العفوية التى تحدث دون أن يشعر بها أحد و محاولة تطويرها لاحتجاج مطلبى منظم فعال ، أخبرنى أحد القيادات العمالية حين قرأ مقالى عن وضع البروليتاريا المصرية عن توقعه بقرب انهيار اتحاد العمال الذى تسيطر عليه الحكومة بسبب تقلص عضويته المتصاعد ، فى حين يكون العمال وعلى نحو عفوى أشكال تنظيمية مصنعية و إن كانت محدودة تفتقد الخبرة ، فهل حاول هؤلاء الرفاق الذين يصدعون رؤوسنا عن الطبقة العاملة ،بالخروج من دائرة القضايا النخبوية والقومية التى تستغرقهم تماما ، وتركيز جهدهم من أجل رصد مثل هذه التحركات والتنظيمات والمشاركة فى تطويرها بدلا من استنزاف طاقتهم فى مظاهرات وندوات ومؤتمرات وبيانات النخب وقضاياها .
والغريب أن تلك النخب السياسية التى تطالب بديمقراطية ليبرالية محدودة ،لا تدرك أن تلك الغالبية الساحقة من الناخبين المتروكين لجهلهم وفقرهم المدقع ولعزلتهم عن أى تنظيم اجتماعى حديث ، وغير المنخرطين فى صراع طبقى ، ولا المنظمين على أساس الصراع الاجتماعى ، ستمنح أصواتها فى أى انتخابات حرة نزيهة ،إما لمن يدغدغون عواطفهم الدينية من الإسلاميين أو القومية من القوميين أو العائلية أو الإقليمية كما يفعل حزب السلطة ، أو لمن سيدفعون لهم أكثر من اللصوص ، وفى كل الأحوال فلن تأتى تلك الديمقراطية الشكلية والمحدودة للمجالس النيابية و السلطة التنفيذية بمن يعبر عن مصالحهم الحقيقية ، ومن ثم لن تنحل مشاكلهم مع القهر والاستغلال بتلك الديمقراطية على الطراز الفرنسى أو الانجليزى أو الأمريكى أو السويسرى .
تنتاب النخب السياسية فوبيا القوة الظاهرية للإسلام السياسى ، وفى الحقيقة فإن الإسلام السياسى هو إما إن يكون عملاقا من الصلب طالما كانت المعركة ضده بعيدة عن الصراع الاجتماعى والطبقى ، وإما سيكون عملاقا من القش سرعان ما ستذروه الرياح طالما فرض عليه منطق الصراع الاجتماعى والطبقى ، و للتبسيط والشرح ، لو أن هناك عاملا يساريا فى مصنع حاول أن ينظم العمال من أجل زيادة الأجر فلا شك أنه سيفوز بتأييدهم فى مواجهه أنصار الإسلام السياسى فى نفس المصنع ، إلا أنهم قادرين على سحقه لو تم الصراع بعيدا عن هذا الصراع الطبقى ، وبعيدا عن هذا النضال المطلبى ، ولن يحقق أنصار الاستنارة والعلمانية والتحرر والتقدم والحداثة أى شعبية فى مجتمع غارق فى الجهالة والفقر كمجتمعنا فى مواجهة الظلامية والفاشية الدينية والقومية والتخلف ، إلا أن أى حركة اجتماعية مطلبية تحقق مصالح المقهورين وتحل مشاكلهم قادرة على سحق قوة الفاشية والظلامية والتخلف .
المطلوب إذن للخروج من المأزق الغارقة فيه النخبة السياسية اليسارية والتحررية ، هو الشروع فى بناء حركة لمناصرة المقهورين من المصريين ، كل هؤلاء المحرومين من السلطة بسبب من عدم سيطرتهم على مصادرها المادية (الثروة والقوة والمعرفة )، حركة تقوم على أساس من مطالب متصاعدة من أجل تحسين شروط الحياة لكل هؤلاء المقهورين ، وفى نفس الوقت لا تهمل المطالب الديمقراطية فى صورتها الأكثر جذرية باعتبارها مرتبطة بتحقيق تلك المطالب كوسيلة وكضمان .
ختاما و لأني تعودت أن يقرأ البعض المقالات بطريقة مجتزئة ،فليعلم الجميع أنى لا أنطلق فى هذا المقال من رؤى قطرية ضيقة ،على اعتبار أمميتى الجذرية ، وأنى لست مع عدم التضامن مع كل المقهورين والمضطهدين فى العالم ، ولا عدم الاهتمام بقضاياهم ،ولكن علينا أن نحقق نجاحا فى موقعنا أولا سيكون سندا للرفاق الآخرين فى مواقعهم أم فشلنا هنا محليا فلا يعنى سوى ضعف الرفاق فى المواقع الأخرى .
واستطاعت تلك اللجان خلال تلك السنوات الثلاث ، أن تعقد قليل من الندوات والمؤتمرات ، و أن تنشر بعض المطبوعات المحدودة الانتشار ، وأن تنظم خروج بضع مئات و أحيانا بضع ألوف فى مظاهرات إلى الشوارع فى القاهرة ، وذلك فى مجتمع يبلغ عدد سكانه 69مليون وفى مدينة يبلغ عدد سكانها 17 مليون ، فاعتبرها بعضهم مدا ثوريا لابد من استثماره والتمادى فيه بلا مبرر سوى الهوس بهذا اللون من النضال ، إلا أن النجاح الوحيد المهم الذى يحسب لتلك اللجان هو تدبير بعض قوافل الإغاثة للانتفاضة الفلسطينية ،أما ما دون ذلك من نشاط فهو مجرد زبد ذهب جفاء طالما لم يكن له مردود خارج إطار النخب المسيسة ، فقد نتج فقط حين تململ مستنقع نفس الدائرة المغلقة للسياسيين مما أدى لقمع بعضهم أمنيا بلا ثمن.
إلا أن هذا العام شهد تطور نوعى فى تلك الحالة التى انتابت تلك الطوائف المعزولة اجتماعيا ، فتعددت المراكز السياسية كمنافذ شرعية لتوجهات سياسية محددة ، كمراكز الدراسات الاشتراكية والعدالة و المصرى الاجتماعى الديمقراطى ، و تعددت مشاريعها السياسية ، مثل مبادرة المشروع الوطنى وحركة عشرين مارس باعتبارها حركات جبهوية تضم ماركسيين وقوميين و ليبراليين ، وتكاثرت البيانات التى لا يقرأها أحد من خارج دائرة النخب المسيسة ، و التى أصدرتها مجموعات ولجان و وتنظيمات مختلفة ، و التى أكدت أن بعض هؤلاء لا يتعلمون لأنهم لا يقرأون جيدا لا الواقع ولا النظرية ، و من ثم فهم يكررون نفس الرطانة القديمة بلا وعى و لا إدراك لمأسوية الأخطاء التى سبق ووقعوا فيها ، حتى أن أحد هذه البيانات التى صدرت موجهه للمصريين عام 2003 ، تحدثت عن ضرورة حرب التحرير الشعبية لمقاومة الهجمة الإمبريالية الجديدة ، رغم أن آخر جندى صهيونى غادر سيناء أوائل الثمانينات من القرن الماضى .
و تكاثر الحديث كتابه وشفاهه عن ضرورة الإصلاح الدستورى والديمقراطى ،الذى تجلى فى العديد من المقالات المنشورة أخيرا فى الحوار المتمدين بأقلام زملاء ورفاق مصريين ، إلا أنه إذا كان هناك من ربط بين الإصلاح الديمقراطى والاجتماعى والقضايا القومية والوطنية ، فهناك من تحدثوا عن رفض الديمقراطية و تأجيل المطالبة بها طالما هى مطلب العدو الأمريكى الإمبريالي ، بالضبط كسلوك المراهق الذى يرفض نصائح الكبار لمجرد إثبات استقلاله عنهم ، وتحدث آخرون أنه فى ظل تعرض الوطن للخطر فإن القضية الوطنية والقومية تعلو جميع المطالب وتؤجلها ، ومن ثم كان تعاطف بعضهم مع النظام الفاشى البعثى فى العراق ضد مصالح وآمال المقهورين فى العراق فى زوال هذا النظام .
وظل هؤلاء جميعا يعانون العزلة الخانقة فخطاباتهم ونشاطهم لا يحرك أحد من خارج دوائرهم المحدودة ، و لا يربطهم عضويا بمجتمعهم وقضاياه برغم تضحيات الكثيرين منهم بالوقت والجهد والمال ، فتكون النتيجة الطبيعية لكل ذلك إذن هى الإحباطات المتزايدة ،وانتعاش الاتهامات المتبادلة والتشرذم والنميمة والخلافات البيزنطية التى لا ترتكز على قواعد خلافات قائمة فى الواقع ، والصراعات الشللية التافهة ، و شخصنة الخلافات والرؤى والمواقف ، و المهاترات المدمرة ، والسلوكيات الغبية ، ومن ثم يضيع جهد المناضلون المخلصون ، ولذلك فسرعان ما سيفضل الأكثر صدقا منهم مع الذات الرجوع للخيارات الفردية بين المقهى والأسرة وقاعات الدرس والبحث العلمى والعمل .
والحقيقة التى يتغافل عنها الجميع أنه لكى تملك تلك النخب أى قدرة على التأثير فى الواقع الاجتماعى سواء عن طريق التغيير الثورى أو عن طريق الإصلاح ، و سواء من أجل التحرر الوطنى أو الإصلاح الديمقراطى والدستورى ، فلا بد أن تستند تلك النخب السياسية على قوى اجتماعية ما فى مجتمعاتها ، طبقات أو شرائح طبقية أو جماعات تربط أفرادها مصالح معينه غير محققة أو مهددة ، و أن ترى تلك الجماعات بوضوح أن هذه المصالح لن تتحقق إلا بالديمقراطية أو بالتحرر الوطنى ، فهل هناك فى الواقع المصرى مثل تلك الجماعات والشرائح والطبقات ،أما أن ما تطرحه النخب السياسية من مشاريع هو مجرد تصورات نظرية ،أو أوهام خيالية ، عن ما يظنونه تعبيرا عن أحلام ومصالح وآمال تلك الكتل من الجماهير التى لا تأبه لهم ،لأنه لم يسألها أبدا أحد عن همومها وقضاياها ومصالحها ،ولم يهتم أحد من تلك النخب بما تعانيه من مشكلات .
فالتحرر الوطنى لن يحرك في تلك الجماعات ساكنا طالما لا تتعرض مصالحها للتضرر بسبب من احتلال أجنبى أو عدوان خارجى ، وقضايا فلسطين والعراق وغيرها من القضايا القومية والعالمية تكتسب تعاطف تلك الجماهير لأسباب إنسانية أو دينية أو قومية ،إلا أنها لن تكون على سلم أولوياتها ولن تخرجها من سلبيتها ، ولن تدفعها لتحرك فعال يشملها بمعظم أفرادها مثلما تفكر وتسلك تلك النخب السياسية .
أما عن الديمقراطية التى تحولت لأسطوانة مشروخة يرددها الجميع باعتبارها مطلبهم العاجل ، فأنها مطلب غامض فى أذهان وكتابات النخب كما فى أذهان الجماهير ، وقد تحولت لأيقونة مقدسة كالشريعة الإسلامية لدى الإسلاميين مطلوبة لذاتها وبذاتها بصرف النظر عن نتائج وشروط تطبيقها .
لم يحدثنا أحد بالتفصيل عن أى ديمقراطية يريد ، مباشرة أم غير مباشرة أم شبه مباشرة أم خليط بينهم ، ولم يحدثنا عما يفضله من علاقة بين السلطات المختلفة وطرق تشكيل الهيئات التى ستمارس تلك السلطات ، وخصوصا نظام الانتخابات و ظوابطه وعلاقة الناخب بمن انتخبه ،وطبيعة هذه العلاقة ، هل ستكون هناك سلطة فعلية للناخب على المنتخب أم سينتهى دور الناخب بمجرد الانتخاب ، ومن ثم أى نظام يريد تحقيقه ذلك المطالب بالديمقراطية ، برلمانى أم رئاسى أم مختلط بينهما أم نظام الجمعية سواء فى شكله السويسرى أو شكله المجالسى ، هل هو مع المركزية الإدارية أم مع اللامركزية الإدارية وبأى درجة ، هل يريد ديمقراطية مع حقوق الإنسان أم بدونها وهذا وارد وموجود ، هل يريد الانتقاص من حقوق الإنسان أم تحقيق المزيد من تلك الحقوق ، فوارد جدا أن تتوفر بعض حقوق الإنسان بدرجات متفاوته بدون ديمقراطية والعكس صحيح ، هل هو مع فصل الدين عن الدولة والتعليم أم لا ، وإذا كان مع هذا الفصل فبأى درجة ونوع منه ، وهل هو فقط مع فصل الدين عن الدولة والتعليم أم مع فصل كل مسببات التمييز بين البشر من عرق وقومية وجنس وخلافه عن تلك السلطة .
لم يجيب أحد عن كيف سنطبق الديمقراطية سواء أكانت كاملة أم منقوصة فى مجتمع متخلف تم تحويل أفراده منذ أن سيطرت علينا حكومات العسكر ، لجزر معزولة عن بعضها ، يتكلس كل فرد منهم حول ذاته غير عابئ بالآخرين سواء أكانوا زملاءه فى العمل أو جيرانه فى السكن الذين يشاركونه نفس المصالح والمشاكل مفضلا الحل الفردى عن الحل الجماعى ، وقد أرتد وعيهم جميعا لما قبل الحداثة إذ يفتقدون الوعى الاجتماعى بانتماءاتهم الطبقية ، وعاجزون من ثم عن ربط هذا الانتماء بمواقفهم السياسية،.
و لم يجبنا أحد عن كيف ستتحقق الديمقراطية و الجهاز البيروقراطى للدولة يتحكم بأيد من حديد فى كل عناصر المجتمع المدنى مبقيا خارج سيطرته الصارمة الانتماء العائلى فقط ،هل نريد الديمقراطية والجهاز البيروقراطى بهذا القدر من التحكم فى كل كبيرة وصغيرة فى شئون الحياة أم لابد أن نقلص من سيطرة هذا الجهاز لأقصى حد ممكن ، هل سنطبق الديمقراطية بدرجة أعلى و أكثر راديكالية ، تواجه و من ثم تقضى على معرقلات تطبيق الديمقراطية فى ذلك المجتمع المتخلف ، أم سنكتفى بديمقراطية شكلية تتعايش مع هذه المعرقلات ، وتحافظ عليها كالديمقراطية الطائفية فى لبنان .
يظن البعض أنه فى ظل انتخابات حرة نزيهة فى مصر سينهزم الحزب الوطنى أمام الإسلام السياسى ، وهذا وهم كبير يقع فيه الكثيرين ،لأن لعبة الانتخابات فى مصر تقوم على العصبية والتربيطات العائلية التى يملك مفاتيحها بدرجة كبيرة الحزب الوطنى دون القوى السياسية الأخرى ، لا البرامج السياسية التى ينظمها هؤلاء الساسة المعزولون عن الواقع والحياة ، و إلا كان حزب التجمع هو حزب الأغلبية فى البرلمان منذ زمن بعيد ، إلا أن الواقع أن أعضاءه لا يصلون لعضوية البرلمان إلا بناء على عصبيتهم العائلية و موافقة أجهزة الأمن ، لا باقتناع الجماهير ببرنامجهم الذى لا يقرأه أحد ، فهل المشكلة فى انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح ، وتداول السلطة بين نخب غير ديمقراطية فى حقيقتها وممارستها ، هى غاية مراد المطالبون بالإصلاح الديمقراطى والدستورى، و التى يعولون عليها فى حل مشكلات غالبية السكان من المقهورين ،هذا ما لا تعتقده الغالبية و هذا ما لن يدفع تلك القوى الاجتماعية للتحرك على نحو فعال لتحقيق تلك الغايات المحدودة دون ربط تلك الغايات بتحقق مصالحها المباشرة وغير المباشرة .
لا أعتقد أنى بحديثى السابق قد أعدت اكتشاف العجلة ، واعتقد أنى لم أتى بجديد لا تدركه تلك النخب من الساسة ، فالمشكلة ليست فى إدراكهم من عدمه ، وإنما المشكلة تكمن فى الأوهام التى تملأ عقولهم حول أنفسهم وحول القوى الاجتماعية ، واستسهالهم النضال النخبوى و القومى والوطنى واستصعابهم النضال الطبقى والاجتماعى ، فما أسهل أن يشحذوا أسلحتهم الحنجورية من أجل أطفال فلسطين والعراق ،إلا أنهم أعجز من أن يفعلوا شيئا من أجل ملايين الأطفال المصريين المتسربين من التعليم والمشردين والعاملين فى سن الطفولة ، لا شك أنهم قادرين على إصدار بيانات ضد ما تدمره القوات الأمريكية والإسرائيلية من منازل للعراقيين والفلسطينيين ، ولكنهم أعجز من يفعلوا شيئا للملايين من المصريين الفاقدين للمأوى الصحى والآمن ، استطاعوا أن ينظموا قوافل لإغاثة الفلسطينين والعراقيين وأحيانا البوسنة والهرسك وبلاد تركب الأفيال بالغذاء والدواء والملبس ، ولكنهم لا يحركون ساكنا لإغاثة المصريين فى العشوائيات والمقابر وسكان الأرصفة ، والمصريين الذين لا يتناولون إلا الأطعمة الفاسدة ولا يشربون سوى الماء الملوث و لا يجدون ثمن الدواء ، تحركوا لصالح ضحايا الحصار فى العراق ولم يتحركوا لصالح ضحايا حمى الوادى المتصدع ، استنفرهم اغتصاب النساء فى البوسنة والهرسك ولم تتحرك لهم شعرة لوقف سوق الرقيق التى تقع فى حبائله بنات الأسر الفقيرة والجاهلة فى الريف والأحياء الشعبية تحت ستار الزواج من أغنياء الخليج .
ماذا فعلوا مع ملايين المتعطلين عن العمل وهل حاولوا تنظيمهم كما فعل أعضاء الحزب الشيوعى العمالى فى العراق بمجرد سقوط النظام فى بغداد ، وهل حاولوا الارتباط بالحركات الاحتجاجية العفوية التى تحدث دون أن يشعر بها أحد و محاولة تطويرها لاحتجاج مطلبى منظم فعال ، أخبرنى أحد القيادات العمالية حين قرأ مقالى عن وضع البروليتاريا المصرية عن توقعه بقرب انهيار اتحاد العمال الذى تسيطر عليه الحكومة بسبب تقلص عضويته المتصاعد ، فى حين يكون العمال وعلى نحو عفوى أشكال تنظيمية مصنعية و إن كانت محدودة تفتقد الخبرة ، فهل حاول هؤلاء الرفاق الذين يصدعون رؤوسنا عن الطبقة العاملة ،بالخروج من دائرة القضايا النخبوية والقومية التى تستغرقهم تماما ، وتركيز جهدهم من أجل رصد مثل هذه التحركات والتنظيمات والمشاركة فى تطويرها بدلا من استنزاف طاقتهم فى مظاهرات وندوات ومؤتمرات وبيانات النخب وقضاياها .
والغريب أن تلك النخب السياسية التى تطالب بديمقراطية ليبرالية محدودة ،لا تدرك أن تلك الغالبية الساحقة من الناخبين المتروكين لجهلهم وفقرهم المدقع ولعزلتهم عن أى تنظيم اجتماعى حديث ، وغير المنخرطين فى صراع طبقى ، ولا المنظمين على أساس الصراع الاجتماعى ، ستمنح أصواتها فى أى انتخابات حرة نزيهة ،إما لمن يدغدغون عواطفهم الدينية من الإسلاميين أو القومية من القوميين أو العائلية أو الإقليمية كما يفعل حزب السلطة ، أو لمن سيدفعون لهم أكثر من اللصوص ، وفى كل الأحوال فلن تأتى تلك الديمقراطية الشكلية والمحدودة للمجالس النيابية و السلطة التنفيذية بمن يعبر عن مصالحهم الحقيقية ، ومن ثم لن تنحل مشاكلهم مع القهر والاستغلال بتلك الديمقراطية على الطراز الفرنسى أو الانجليزى أو الأمريكى أو السويسرى .
تنتاب النخب السياسية فوبيا القوة الظاهرية للإسلام السياسى ، وفى الحقيقة فإن الإسلام السياسى هو إما إن يكون عملاقا من الصلب طالما كانت المعركة ضده بعيدة عن الصراع الاجتماعى والطبقى ، وإما سيكون عملاقا من القش سرعان ما ستذروه الرياح طالما فرض عليه منطق الصراع الاجتماعى والطبقى ، و للتبسيط والشرح ، لو أن هناك عاملا يساريا فى مصنع حاول أن ينظم العمال من أجل زيادة الأجر فلا شك أنه سيفوز بتأييدهم فى مواجهه أنصار الإسلام السياسى فى نفس المصنع ، إلا أنهم قادرين على سحقه لو تم الصراع بعيدا عن هذا الصراع الطبقى ، وبعيدا عن هذا النضال المطلبى ، ولن يحقق أنصار الاستنارة والعلمانية والتحرر والتقدم والحداثة أى شعبية فى مجتمع غارق فى الجهالة والفقر كمجتمعنا فى مواجهة الظلامية والفاشية الدينية والقومية والتخلف ، إلا أن أى حركة اجتماعية مطلبية تحقق مصالح المقهورين وتحل مشاكلهم قادرة على سحق قوة الفاشية والظلامية والتخلف .
المطلوب إذن للخروج من المأزق الغارقة فيه النخبة السياسية اليسارية والتحررية ، هو الشروع فى بناء حركة لمناصرة المقهورين من المصريين ، كل هؤلاء المحرومين من السلطة بسبب من عدم سيطرتهم على مصادرها المادية (الثروة والقوة والمعرفة )، حركة تقوم على أساس من مطالب متصاعدة من أجل تحسين شروط الحياة لكل هؤلاء المقهورين ، وفى نفس الوقت لا تهمل المطالب الديمقراطية فى صورتها الأكثر جذرية باعتبارها مرتبطة بتحقيق تلك المطالب كوسيلة وكضمان .
ختاما و لأني تعودت أن يقرأ البعض المقالات بطريقة مجتزئة ،فليعلم الجميع أنى لا أنطلق فى هذا المقال من رؤى قطرية ضيقة ،على اعتبار أمميتى الجذرية ، وأنى لست مع عدم التضامن مع كل المقهورين والمضطهدين فى العالم ، ولا عدم الاهتمام بقضاياهم ،ولكن علينا أن نحقق نجاحا فى موقعنا أولا سيكون سندا للرفاق الآخرين فى مواقعهم أم فشلنا هنا محليا فلا يعنى سوى ضعف الرفاق فى المواقع الأخرى .
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية