الأحد، 27 يوليو 2008

الديمقراطية التى نريدها

الديمقراطية التى نريدها
سامح سعيد عبود

(1)
فجأة امتلأ السوق السياسى فى مصر وسائر بلاد المنطقة العربية بالضجيج، فبدلا من دعوات الخلافة الإسلامية وتحالف قوى الشعب العامل وديكتاتورية البروليتاريا، أصبح جميع السياسيين ينادون على نوع واحد من السلع بعد ما كانوا يختلفون سابقا فيما يبيعون، والبضاعة الجديدة التى ينادى عليها الجميع كما لا يخفى عليكم هى "الديمقراطية" لما تلاقيه من رواج تلك الأيام فيما يشبه الموضة، و قد دخل فى ضجيج البيع والشراء لا ديمقراطيون أصلاء بحكم انتمائهم الفكرى وتاريخهم السياسى المنافى للديمقراطية برغم أنهم لم يعتذروا عنه، وخصوصا بعد أن أصبح المستهلكون يعزفون عن شراء سلعهم القديمة.
البعض من هؤلاء الباعة يعلنون عن نوعيات مغشوشة من الديمقراطية، والبعض الآخر يحاولون بيع نوعيات تالفة منها، وآخرون يعرضون نوعيات غير صالحة، أو منتهية الصلاحية. و بجولة فى السوق السياسى نكتشف أن النوعيات المعروضة لدى معظم الدكاكين السياسية تبيع ديمقراطيات غير صالحة لاستخدام المواطن المجرد من وسائل الثروة والعنف المادى والمعنوى والمعرفة ، و من ثم فقد رأيت أنه من الواجب علي تحذير أمثال ذلك المواطن، وأول خطوة فى ذلك أن أحدد المواصفات القياسية للديمقراطية الصالحة لاستخدام هذا المواطن، بمعنى قدرتها على أن تشبع احتياجاته الملحة، فى أن يملك تحديد مصيره بنفسه.
لأن الديمقراطية بالتعريف هى حكم الشعب لنفسه، يفرق الفقه الدستورى بين الشعب صاحب السيادة فى النظام الديمقراطى، وبين الدولة برغم أنها نابعة من تلك السيادة على وجه الحصر فى ذلك النظام، فالدولة هى السلطة العامة التى يمكن أن نحلل عناصرها لمواطنين يمارسون السلطة العامة عمليا نيابة عن الشعب كالوزراء والقضاة و ونواب الشعب وغيرهم، وهيئات تضم هؤلاء المواطنين كالوزارات والمحاكم والبرلمانات، و الذين يمارسون وظائف السلطة العامة مثل التنفيذ والقضاء و التشريع.
الشعب باعتباره صاحب السيادة فى الدولة، والمتميز فى نفس الوقت عن السلطة العامة، قد يضم مواطنين مختلفين فى الدين أو الطائفة أو القومية أو العنصر أو الثقافة أو اللون أو الجنس أو العرق أو النوع أو اللغة الأم أو الأصل الاجتماعى، و ذلك يفترض بالضرورة إن سلمنا أن تكون السيادة للشعب، أن تكون كل السلطات العامة سواء كأفراد أو كهيئات أو كوظائف، منفصلة ومستقلة تماما عن كل ما يفرق بين هؤلاء المواطنين مثل الدين أو الطائفة أو القومية أو العنصر أو الثقافة أو اللون أو الجنس أو العرق أو النوع أو اللغة الأم أو الأصل الاجتماعى ، لتلتصق السلطات العامة بكل عناصرها الأولية سالفة الذكر، بالعنصر الوحيد المشترك فيما بين سائر المواطنين ، وهو المواطنة.
أى ديمقراطية تميز بين المواطنين على أساس الدين والطائفة والقومية والجنس وغيرها، هى ديمقراطية مغشوشة كونها تنزع إلى عدم المساواة بين المواطنين فى ممارستهم لحقهم فى السيادة، إذ تسلب بعضهم هذا الحق أو تقلص حدوده للبعض الآخر، أما المواطنة فهى مجرد وضع قانونى يكتسب بالجنسية، و هو يكسب المتجنس الاشتراك فى حقوق السيادة الكاملة على قدم المساواة مع المواطنين الآخرين الذين يحملون نفس الجنسية بمجرد الحصول عليها بصرف النظر عن أى اعتبارات أخرى.
وبتطبيق تلك الخاصية القياسية من خصائص الديمقراطية فلابد أن لا نلتفت لباعة الديمقراطية الجدد الذين يميزون بين المواطنين على أساس من الدين أو القومية أو الجنس وغيرها، و لا يمكنا حتى أن نعتبرهم حلفاء لنا فى المعركة الدائرة فى بلادنا الآن من أجل الديمقراطية ، إذ أن مثل هؤلاء يحرمون الأقليات الدينية أو القومية أو المرأة من ممارسة الانتخاب والترشيح لمناصب السلطات العامة، كما أنهم ينتقصون من السيادة الشعبية للمواطنين، لصالح سيادة أخرى باسم المرجعية الدينية أو الحضارية أو الثقافية، ومن ثم لا يمكن اعتبارهم ديمقراطيون على أى نحو، كما لا يمكن أن تعتبر الديمقراطية الطائفية القائمة فى لبنان والعراق والقائمة على نظام الحصص الطائفية ديمقراطية حقيقية لأنها تنتقص من حقوق المواطنة لحساب الانتماء الطائفى . كما لا يمكن اعتبار الديمقراطية الإيرانية المقيدة بولاية الفقيه ديموقراطية بدورها، كما لا يمكن اعتبار أن دستورا معينا ينص على أن دينا معينا هو الدين الرسمى للدولة أو أنه مصدر تشريعاتها كما ينص الدستور المصرى فى مادته الثانية دستورا ديمقراطيا، أو أن دستورا يستند على ثقافة بعينها أو قومية بذاتها هو دستورا ديمقراطيا على أى نحو.
يمارس الشعب سيادته عبر حقين ينبعان من تلك السيادة:
الحق الأول هو المشاركة الشعبية من كل المواطنين البالغين العاقلين على قدم المساواة فى السلطات العامة عبر شكلين من الممارسة الديمقراطية:
الديمقراطية المباشرة و هى المثل الأعلى للديمقراطية ذلك لأنها الوحيدة التى تتيح لكل المواطنين حقوق المشاركة فى السلطات العامة بشكل مباشر بعيدا عن أن يمثلهم أحد ما فى ممارسة السلطة العامة، الذى فى حقيقته انتقاص من حرية المواطنين وسيادتهم، إلا أن الديمقراطية المباشرة يعيبها أنها لا تتناسب سوى مع المجتمعات قليلة السكان عمليا برغم تميزها نظريا، إلا أننا نلاحظ أنه مع التطور التكنولوجى الهائل فى ثورة الاتصالات أصبحت ممارسة الديمقراطية المباشرة على نطاق أوسع فى المجتمعات كثيرة السكان أكثر يسرا وسهولة، ولكن هذه الممارسة مشروطة بإتاحة استخدام هذه الإمكانيات لجميع المواطنين فضلا عن ضرورة وضع ضوابط لعدم إساءة استخدامها.
عندما تتعذر ممارسة الديمقراطية المباشرة فى الجماعات الكثيرة السكان تمارس الديمقراطية شبه المباشرة التى تتيح لكل المواطنين حقوق المشاركة المباشرة فى السلطات العامة بالطرق التالية:
* الاستفتاء الشعبى على القوانين والقرارات.
* الاقتراح الشعبى بمشاريع لقوانين أو لقرارات و الذى تقدمه نسبة معينة من مجموع المواطنين و فى هذه الحالة يعرض الاقتراح على الاستفتاء الشعبى.
* التحقيق الشعبى مع النواب والمسئولين التنفيذيين المنتخبين عبر لجان شعبية مستقلة.
* تكليف نائب الدائرة ومحاسبته ومراقبته و إقالته قبل انتهاء مدة عضويته بالمجلس النيابى.من قبل المواطنين بالدائرة الانتخابية التى ينوب عنها.
* محاسبة و مراقبة المسئولين التنفيذيين و إقالتهم قبل انتهاء فترة توليهم المسئولية التنفيذية.
* وجوب موافقة غالبية المواطنين على ما يتلقاه المسئولين التنفيذيين و أعضاء المجالس النيابية والقضاة من أجور نقدية وعينية و امتيازات مقابل تفرغهم لأداء أعمالهم.
* علنية كل المحاكمات، واعتماد نظام المحلفين فى المحاكم، الذين يتم اختيارهم من بين قوائم من المواطنين ليراقبوا أداء القضاء ويساعدوهم فى اتخاذ القرار.
إلا أننا نلاحظ فى معظم الديمقراطيات السائدة فى العالم، أنه يتم اهمال ممارسة حقوق المشاركة الشعبية فى السلطة العامة، و الذى بدونه تصبح الديمقراطية مجرد أعطاء الناس الحق الدورى فى اختيار من يحكمونهم كل عدة سنوات من ممثلى النخب السياسية الحاكمة، و فى هذا إهدار للسيادة الشعبية واغتصاب لحق الناس الأصيل فى إدارة شئونهم بأنفسهم، ومن ثم تصبح ممارسة حقوق المشاركة الشعبية سواء بالديمقراطية المباشرة أو غير المباشرة هى ما يعطى للديمقراطية معناها الأصيل ، فبغير المشاركة الشعبية تصبح الديمقراطية بلا معنى، و مجرد ثرثرة برلمانية فارغة، ولعبة انتخابات يمارسها محترفو الانتخابات والدعاية والسياسة، و يسيطر علي نتائجها القلة من ملاك الثروة والبيروقراطيين ورجال الإعلام، دون الغالبية من المجردين من وسائل الثروة والعنف والمعرفة.
الحق الثانى النابع من السيادة الشعبية هو أن الشعب هو صاحب الحق الوحيد فى اختيار من ينوبون عنه فى ممارسة وظائف السلطات العامة بانتخابهم انتخابا حرا مباشرا. فهو من يمنحهم شرعية ممارسة السيادة بالنيابة عنه وهو من يسلبهم هذه الشرعية، و يلاحظ أن بعض الديمقراطيات تقصر هذا الحق على الانتخاب المباشر لأعضاء الهيئات التشريعية فقط كما فى كل النظم البرلمانية، وبعضها قد يضيف إلى ذلك الحق فى الانتخاب المباشر لأعضاء الهيئات التنفيذية كرؤساء الدول والمحافظين والعمد كما فى النظم الرئاسية، والقليل جدا من يتوسع فى استخدام هذا الحق ليشمل الانتخاب المباشر أو غير المباشر لكل أعضاء هيئات السلطات العامة بما فيها القضاء. و الحالة الأخيرة معناها ممارسة كاملة لهذا الحق بعكس الحالتين الأوليتين البرلمانية والرئاسية التى تنتقص من ممارسته.
تفترض الممارسة الديمقراطية الفصل بين السلطات العامة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) كى لا تجور سلطة عامة على اختصاصات سلطة عامة أخرى، وكلما كان الفصل بين السلطات أكثر اكتمالا كلما ضمنا توازنا بين السلطات،و منعا أكثر للطغيان ، ودرجة أعلى من الديمقراطية.
تتفاوت الديمقراطيات فيما بينها فى درجة الفصل بين السلطات، فبعضها يفصل فصلا مرنا يسمح باشتراك هيئة من هيئات السلطة العامة فى ممارسة وظائف سلطة عامة أخرى ، فيشارك بعض رؤساء الدول فى تشريع القوانين، وبعض هذه النظم يفصل فصلا جامدا بين تلك الهيئات فى أداءها لوظائفها فلا يسمح بأن تمارس السلطة التنفيذية سوى تنفيذ تشريعات السلطة التشريعية.
بعض الأنظمة تضع السلطة التشريعية فى مكانة أعلى من السلطة التنفيذية باعتبارها هى الأكثر تعبيرا عن السيادة الشعبية لكونها الوحيدة المنتخبة من الشعب ، كما فى النظم البرلمانية، و بعض النظم تساوى فى المكانة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كما فى النظم الرئاسية لكون كلتا السلطتين منتخبتين شعبيا.
أما الديمقراطيات المغشوشة السائدة فى منطقتنا فهى التى تعطى السلطة التنفيذية مكانة أعلى فوق السلطة التشريعية برغم أنها غالبا غير منتخبة شعبيا، فضلا عن أن السلطة التنفيذية فى بلادنا تحتكر لنفسها معظم اختصاصات السلطة التشريعية أصلا فى التشريع والمراقبة،كما يمكنها حل هيئات السلطة التشريعية والتحكم فى سير عملها فهى التى تدعوها للانعقاد وهى التى تفض دوراتها، كما أنها تسيطر أيضا على السلطة القضائية حيث أنها هى التى تعين القضاة وتحدد لوائح عمل السلطة القضائية وموازنتها، بمعنى أن ما يميز هذه الأنظمة الاستبدادية هو غياب أى فصل بين السلطات مرنا كان أو جامدا، و فى هذه الأنظمة تتوحد السلطات العامة عمليا فى شخص رئيس الدولة الذى تتركز فى يديه كل السلطات، و مؤسسة واحدة هى مؤسسة الرئاسة، ومن ثم تصبح عملية انتخابه من عدمها عملية غير ذات أهمية، فما الفرق بين ديكتاتور يفرضه انقلاب عسكرى، وديكتاتور يأتى بالاستفتاء الشعبى على مرشح وحيد ، و ديكتاتور يأتى بالانتخاب من بين أكثر من مرشح.
فبدون إرساء مبدأ الفصل الكامل بين هيئات السلطة العامة ووظائفها والأشخاص الذين ينوبون عن الشعب فيها لا يمكن أن توجد الديمقراطية.
بناء على ذلك يمكن تحديد مواصفات قياسية للديمقراطية التى نريدها فيما يتعلق بالسلطات العامة كالتالى:
السلطة التشريعية تمارسها المجالس النيابية التى تتكون من نواب منتخبين بالاقتراع الحر السرى المباشر .و يحق لهؤلاء سن التشريعات المختلفة و محاسبة و مراقبة المسئولين التنفيذيين و ممارسة التحقيق معهم والتوصية بإقالتهم وسحب الثقة منهم . كما يجب التصديق من قبل المجلس النيابى على كل قرارات المسئولين التنفيذيين حتى تصبح واجبة النفاذ .
السلطة التنفيذية يمارسها المسئولون التنفيذيون الذين يتم انتخابهم بالاقتراع الحر السرى المباشر،على أن لا يتولى المسئولون التنفيذيون أى مهام تشريعية أو قضائية فى الأحوال العادية، أما فى أحوال الضرورة كالحرب والكوارث الطبيعية فقط، وعلى سبيل الاستثناء فيمكن أن يتولى المسئولين التنفيذيين بعض السلطات التشريعية التى يجب أن تخضع لتصديق المجلس النيابى عند زوال حالة الضرورة ، و لا يجب أن يمارس المسئولون التنفيذيون أى سلطات على السلطتين التشريعية والقضائية.
السلطة القضائية:- يتم انتخاب القضاء بكافة درجاته بالاقتراع السرى المباشر بواسطة هيئة شعبية ناخبة و منتخبة شعبيا، على أن يكون المرشحين من بين الحاصلين على شهادات دراسية قانونية عليا باعتبارهم مختصين بتطبيق القانون على المنازعات نظرا للخصوصية المطلوبة فى ممارسى تلك السلطة. و الهيئة القضائية بكاملها يجب أن تكون مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما أنها مستقلة بالكامل بوضع موازنتها ولوائح عملها.
تنقسم نظم الحكم إلى نظم أحادية ونظم اتحادية، كما تنقسم أيضا لنظم مركزية الإدارة ونظم لامركزية الإدارة، والنظم الاتحادية و النظم اللامركزية الإدارة تضمن عدم تركز السلطات العامة فى يد قلة من الأشخاص فى مركز الدولة وانفرادهم بها كما فى النظم المركزية، بل يتم توزيع السلطات العامة بين المركز والمحليات لتصبح ممارسة السلطات العامة فى يد عدد أوسع الناس، و من ثم تضمن كل من الاتحادية و اللامركزية الإدارية المشاركة الشعبية فى السلطة العامة على نحو أكثر اتساعا ، ومن هنا فاللامركزية الإدارية أكثر تحقيقا للديمقراطية وتجسيدا للسيادة الأصلية للشعب عن الأنظمة مركزية الإدارة ، وفي اللامركزية الإدارية تتولى الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية المحلية كل مسئوليات التشريع والتنفيذ و القضاء فى حدودها الإقليمية والجغرافية.فى حين تقتصر السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فى المركز على المجالات السيادية كالدفاع و الخارجية و الشرطة و الأحوال المدنية و المالية والقضاء الأعلى ( محكمتى النقض والدستورية) ، فضلا عن المجالات ذات الطابع المركزى مثل المرافق العامة المركزية والخدمات المركزية.
لتصبح ممارسة السيادة الشعبية بعيدة عن الفساد والعنف ومنزهه عن تزوير إرادة الناخبين وتضليلهم و شراء أصواتهم، وحتى لا يصبح كل من الترشيح وتولى مناصب السلطات العامة مقصورين عمليا على القلة المسيطرة على وسائل الثروة والعنف والمعرفة، فلا بد للعملية السياسية من ضوابط فى الانتخاب و الترشيح لعضوية هيئات السلطة العامة النيابية والتنفيذية و القضائية منها.
*الإشراف الكامل على مباشرة كل حقوق السيادة الشعبية من قبل هيئة شعبية مستقلة تماما فى تكوينها و تمويلها و نشاطها عن الأجهزة التنفيذية و الإدارية،و مكونة من ممثلى منظمات حقوق الإنسان، و ممثلى منظمات المجتمع المدنى المختلفة، و ممثلى الأحزاب السياسية، و الشخصيات المدنية العامة و المتطوعين . بحيث تتم كل وقائع العملية الانتخابية بدءا من فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخابات تحت إشرافها الكامل وبالاستقلال الكامل عن السلطة التنفيذية وموظفيها لمنع تأثير النفوذ الإدارى على الناخبين.
* توحيد ميزانية الحملة الانتخابية لكل المرشحين، و ضمان شفافية موارد تلك الحملات ومصروفاتها و ضبط طرق إنفاقها و توجيهها تحت إشراف الهيئة الشعبية المستقلة للممارسة السياسية بهدف شرح البرنامج الانتخابى لكل مرشح على قدم المساواة مع باقى المرشحين لضمان عدم تأثير المال و محترفى الانتخابات ووسائل الإعلام على اختيارات الناخبين وفرص المرشحين فى النجاح.
* لأن الجيش والشرطة هما أخطر جهازين من أجهزة السلطة العامة التنفيذية على سلامة ممارسة السيادة الشعبية، ذلك لأنهما يحتكران وسائل العنف المادى، فلابد من خضوعهما للقواعد التالية :الحياد السياسى التام للمؤسسات العسكرية ومنع العاملين فيها من الممارسة السياسية طالما كانوا فى الخدمة. و قصر الأمن السياسى الداخلى فى حدود مكافحة الجاسوسية والإرهاب. و خضوع كبار قادة الجيش أو الشرطة ككل المسئولين التنفيذيين والإداريين للمراقبة الشعبية. و منع استخدام المجندين فى الجيش فى أعمال الشرطة. كما يحظر على الجيش أداء أى عمل من أعمال الشرطة. و إلغاء أى امتيازات لكل من رجال الجيش والشرطة تميزهم عن باقى المواطنين إلا ما تفرضه ممارستهم لوظائفهم.
هذه هى المواصفات القياسية للديمقراطية كى تكون صالحة لاستخدامنا، و لذلك لا يمكن لنا أن نقبل بديمقراطية مغشوشة غير مطابقة لتلك المواصفات، فالديمقراطية التى نريدها الآن وليس غدا لا تحتمل مجرد تغير الدستور القائم قطعة قطعة، فهلهته لا تحتمل المزيد من الترقيع، فإلغاء هذا الدستور نهائيا وليس مجرد تعديله ووضع دستور جديد مطابق للمواصفات القياسية للديمقراطية هو المطلب الذى يجب أن تصر عليه القوى الديمقراطية،.وإصرار القوى الديمقراطية على هذه المواصفات سيحدث انقسام فى معسكر المطالبين بالديمقراطية ،فالبعض سيكون مع ديمقراطية غير مطابقة للمواصفات،والبعض مع ديمقراطية مطابقة للمواصفات،وهذا الانقسام مفيد لتحقيق الديمقراطية ،لأنه سيفضح الغشاشين والانتهازيين والدجالين،و يكفينا تماما هذا القدر من الديمقراطية الزائفة التى عشنا فى ظلالها طوال القرن الماضى.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية