الأحد، 31 مايو 2015

أثر الأيديولوجيات والأنظمة على التعاونيات

أثر الأيديولوجيات
والأنظمة على التعاونيات
سامح سعيد عبود

يمكن أن نرجع جذور الحركة التعاونية إلى آثار متعددة ممتدة في جميع أنحاء العالم، مثل الزراعة المشاعية فى المير الروسى، ومصانع منتجات الألبان التعاونية المنتشرة فى مرتفعات الجورا فى فرنسا التى تستمد مبادئها وتنظيمها من" مزارع الفواكة الجماعية" التى عرفتها هذه المناطق من القرن الثالث عشر الميلادى، وبالمثل فإن لفظ"زادروجا" فى يوجوسلافيا السابقة يستخدم للدلالة على الجمعيات التعاونية، ويطلق أيضا على الأسرة الكبيرة فى بلاد الصرب، وقد كان هذا الأسم يطلق على جماعة يتساوى فيها الجميع، تملك أرضا غير مقسمة تزرعها بطريق المشاع، وتنتخب لنفسها قائدا، من بين أهلها ،[1]  أما فى النطاق البريطانى، فقد ظهرت أشكال ما بعد الاقطاعية فى التعاون بين العمال واصحاب العمل الذي يتم التعبير عنها اليوم ب "تقاسم الأرباح" وترتيبات "تقاسم الفائض"، وكانت موجودة بقدر ما فى زمن  يعود إلى عام 1795 [2].
 كان التأثير الأيديولوجي الرئيسي على الفرع البريطانى فى الحركة التعاونية، هو رفض المبادئ الخيرية التي ترتكز عليها إصلاحات وسياسات البر والإحسان للدولة والكنيسة والأثرياء الخيرين، حين تراجعت الحكومة البريطانية جذريا عن القوانين الخاصة بالفقراء والمتسولين والمعدمين في 1834. كما بدأت كل من مؤسسات الدولة والكنيسة التمييز بشكل روتيني بين "من يستحقون" ومن "لا يستحقون" من الفقراء، فنمت حركة الجمعيات الودية  التعاونية في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية على أساس مبدأ التبادلية، ملتزمة فى ذلك  بالمساعدة الذاتية في رفاهية الشعب العامل.
أنشأت الجمعيات الودية التعاونية على أساس إن لكل عضو واحد، صوت واحد في اتخاذ القرارات المنظمة لأعمال الجمعية. وتحدت بذلك فكرة ديمقراطية النخبة المالكة والحاكمة، القائمة على أن الفرد ينبغي أن يكون مالك للثروة أو من رجال الدين أو من كبار الموظفين ورجال الدولة أولا حتى يتم منحه الحقوق السياسية التى كانت سائدة فى البلاد الديمقراطية فى ذلك الوقت، حيث لم يتم الاعتراف بحق الاقتراع العام إلا بعد ذلك، ونتيجة نضال سياسى طويل حتى أقر فى أواخر القرن التاسع عشر، بعد أن كانت القاعدة هى حرمان غير الملاك من الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية[3].
و طوال النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان هناك تزايد في عدد المنظمات التعاونية، سواء في الممارسة التجارية وفى المجتمع المدني وفى التشغيل ولتعزيز الديمقراطية حتى تم انتزاع حق الاقتراع العام كمبدأ سياسي[4].
أصبحت الجمعيات الودية والتعاونيات الاستهلاكية الشكل السائد للمنظمات بين العاملين في المجتمعات الصناعية البريطانية قبل ظهور النقابات الصناعية فى المصانع. وفى تقارير وينبرن ذكر أنه بحلول نهاية القرن التاسع عشر، كان أكثر من 80٪ من الرجال البريطانيين في سن العمل و90٪ من الرجال الاستراليين في سن العمل أعضاء جمعية ودية واحدة أو أكثر[5].
من منتصف القرن التاسع عشر، تبنت المنظمات التعاونية التبادلية، الديمقراطية الاقتصادية، أولا بين تعاونيات تجار التجزئة، وفيما بعد في الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، والمعاهد التعليمية والمؤسسات المالية والشركات الصناعية. وكان  الخيط المشترك بينها (الذى شرع بطرق مختلفة، وخضع لقيود النظم والقوانين الوطنية المختلفة) هو المبدأ القائل بأن أى مؤسسة يجب أن يمتلكها ويديرها ديمقراطيا وعلى نحو مستقل، الذين يعملون فيها أوالتى تخدمهم بأنفسهم، وتوزيع أي فوائض اقتصادية بينهم على أساس مساهمة كل عضو فيها سواء بالعمل فيها أو باستهلاك منتجاتها وخدماتها. بدلا من توزيعها على أساس امتلاك رأس المال[6].
وقد تغذت الحركة التعاونية عالميا بتلك الأفكار المسماه بالديمقراطية الاقتصادية. وهي فلسفة اجتماعية واقتصادية تشير إلى ضرورة التوسع في سلطة صنع القرار، فبدلا من سيطرة الأقلية الصغيرة من المساهمين فى الشركات، فمن الأفضل سيطرة الأغلبية الكبيرة من العمال، ومن أصحاب المصلحة العامة. وهناك العديد من الأساليب المختلفة للتفكير فى بناء الديمقراطية الاقتصادية سواء بالإدارة الذاتية أو ديمقراطية الإدارة التعاونية أو اللامركزية الإدارية، أوالديمقراطية المباشرة، أو ديمقراطية المشاركة.
كل من الماركسية والاشتراكية التحررية، تأثرتا بالاشتراكية الخيالية، التي تقوم على فكرة التعاون الطوعي. ولكن الملتزمون بالاشتراكية التحررية، يركزون على التنظيم المحلي من أسفل، بما في ذلك التعاونيات المدارة محليا، والمرتبطة فيما بينها عبر اتحادات النقابات واتحادات التعاونيات والكوميونات. أما الماركسيون كاشتراكيين دولتين ومركزيين فقد تمسكوا أيضا وعملوا لهدف ديمقراطية العلاقات الإنتاجية وغيرها، ولكنهم غالبا ما وضعوا استراتيجيات تركز بشكل أكبر على العمل فى مقاييس أكبر من المقاييس المحلية والصغيرة،  لتنظيم البشر، كالدولة والعالم بأسره. كما نظروا إلى الطبقة الرأسمالية باعتبارها تحشد جهودها سياسيا وعسكريا وثقافيا بغرض الحفاظ على الطبقة العاملة خاضعة للاستغلال، وهو ما لا يمكن مواجهته إلا بتحطيم جهاز الدولة الرأسمالية ليس محليا فحسب وانما عبر العالم، وبناء الدولة العمالية لتحل محلها، وقاتلوا في القرن العشرين من أجل انتزاع  السلطة السياسية من أيدى الطبقة الرأسمالية على المجتمع في شكل الدولة الرأسمالية، سواء من خلال الاشتراكية الديمقراطية الإصلاحية التدريجية، أو من خلال ما أصبح يعرف باسم الشيوعية الثورية ومدارسها المختلفة، التى تخلت فى الممارسة العملية برغم الكتابات النظرية عن مبادىء الديمقراطية الاقتصادية، وكذلك عن الديمقراطية السياسية، باستثناء تجربة الإدارة الذاتية فى يوجوسلافيا تحت حكم تيتو، وفى الجزائر فى ظل هوارى بومدين، وعلى الرغم من أن الماركسية فى أصولها الفكرية مثلها مثل الاشتراكية التحررية تماما، تعتبر الدولة مؤسسة قمعية دون داع أو مبرر، وإن مآلها الحتمى إلى الزوال فى النهاية، فقد نظر الماركسيون إلى أهمية مصادرة المؤسسات والموارد الرأسمالية على الصعيد الدولي والوطني (مثل الدولة) لتكون الركيزة الأولى في خلق الظروف المواتية للانتقال للاقتصادات التضامنية والتعاونية[7] فى مستقبل لم يتحقق أبدا على أيديهم.
وعلى الرغم من انحدار نفوذ الاتحاد السوفياتي، واستراتيجيات وأيديولوجيات اشتراكية الدولة للجناحين الثورى الشيوعى فى شرق أوروبا، والإصلاحى الاشتراكى الديمقراطى فى غرب أوروبا، بعد ستينات القرن العشرين، فإن أنصار الديمقراطية الاقتصادية لم يشكلو بعد أى تحدي أساسي لهيمنة السياسات الرأسمالية النيو ليبرالية فى العالم.
وثمة نقاشات تاريخية كبرى في الاقتصاد التعاوني بين التعاونية الاتحادية والتعاونية الفردية، فلو افترضنا وجود قرية تعاونية أو كوميون تعاونى، من المنتجين والمستهلكين لمنتجاتها. وبالتالى، أصبحت لدينا مجموعتين مختلفتين من الناس مستهلكين ومنتجين، فلمن يجب أن تكون الأولوية والسيطرة؟ ومن هنا ظهر الاتجاهان الاتحادى والفردى فى الحركة التعاونية. ونتيجة للإجابة، سوف يمكننا تحديد وضعين مختلفين من التنظيم التعاوني: تعاونية المستهلكين، حيث تتكون من المستهلكين للسلع والخدمات التى تقدمها التعاونية، وتعاونية المنتجين، والتي تنتج السلع والخدمات للتعاونيات الاستهلاكية. (يعتبر البعض التعاونيات العمالية، التي يملكها ويديرها حصرا مالكيها من العمال نوعا ثالثا، والبعض الآخر يعتبرها تعاونية منتجين).
وهذا بدوره أدى إلى نقاش بين أولئك الذين يدعمون أولوية وسيطرة تعاونيات المستهلكين (المعروفين باسم التعاونيين الاتحاديين) وأولئك الذين يفضلون  سيطرة وأولوية التعاونيات الإنتاجية (المعروفين باسم التعاونيين الفرديين)[8].
الاتحادية التعاونية هي مدرسة الفكر التعاونى التى تنحاز لصالح أولوية وسيطرة الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.. ويؤكد الاتحاديون التعاونيون على أن المستهلكين المنضمين للتعاونيات الاستهلاكية ينبغي عليهم  أن يشكلوا جمعيات تعاونية استهلاكية للجملة أو الاتحادات التعاونية بين الجمعيات التعاونية، وأفضل مثال تاريخي لذلك النوع في المملكة المتحدة، تعاونية (cws ) لتجارة الجملة، وأن هذه التعاونية الاستهلاكية للجملة أنشأت المزارع أو المصانع التى تستهلك منتجاتها. وهم يرون بأن الأرباح (أو فائض) هذه الجمعيات التعاونية ينبغي أن يدفع للأعضاء المتعاونين المستهلكين، بدلا من عمال التعاونيات[9].
أما التعاونية الفردية فهي مدرسة فكرية تفضل أولوية الجمعيات التعاونية العمالية.التى تنشأ سوق استهلاكها بنفسها من التعاونيات الاستهلاكية، والأنصار الأبرز لهذا الكيان الأخير، في بريطانيا، الاشتراكيون، الذين تناولوا هذه الفكرة باعتبارها الطريق إلى الدولة الاشتراكية لاحقا[10].
وتعاونيات موندراجون فى أسبانيا هي نموذج للتعاونية الإنتاجية، التى أسست لاحقا سوقها الاستهلاكى التعاونى، ويستشهد بها عادة من قبل الفرديين التعاونيين. ويرجى ملاحظة أن هاتين المدرستين من الفكر التعاونى ليستا بالضرورة في معارضة تامة مع بعضهما البعض، فالمواقف الهجينة بينهما ممكنة[11]. فبالإضافة إلى تعاونيات المستهلكين وتعاونيات تجار التجزئة يمكن أيضا الاستفادة من المنظمات التعاونية التى تشكل بالفعل من المنتجين جماعيا.
ومن ناحية أخرى فالاشتراكيون التحرريون يعرضون تصور للمجتمع كتعاونية واحدة كبيرة، ويرون أن التعاونيات التي تنتج  كل شيء يجب أن توزع منتجاتها بشكل عادل على جميع أفراد المجتمع، وليس بالضرورة من خلال السوق. ويعتبرون إن جميع أفراد المجتمع يجب أن يكونوا من المنتجين والمستهلكين. أما الاشتراكيون الدولتيون فيميلون إلى تفضيل إدارة الحكومة للاقتصاد عبر ملكية الدولة لوسائل الإنتاج، وأن يظل القطاع التعاونى إن وجد مجرد امتداد لجهاز الدولة، في حين أن الاشتراكيون التحرريون يفضلون التنسيق غير الحكومي بين التعاونيات، إما محليا أو من خلال النقابات العمالية والاتحادات التعاونية.
الاشتراكيون الخياليون يرون إنه يمكن تحقيق الاشتراكية دون الانغماس فى الصراع الطبقي على نطاق المجتمع بأسره، والاكتفاء  ببناء التعاونيات والكوميونات فقط من قلب وعلى هامش المجتمع، وأولئك الذين يختارون طوعا المشاركة فيها. وهؤلاء هم المشاركين في حركة الكوميونات العالمية (أنظر أنواع التعاونيات).
في بعض أدبيات الاقتصاد التعاوني، يكون الهدف من تعاون التعاونيات واتحاداتها هو التوصل إلى الكومنولث التعاوني.  وهو مجتمع قائم بالكامل على المبادئ والقيم التعاونية. ويقدمون  هذا النموذج الاقتصادي كهدف لهم يتوسع تدريجيا من أسفل لأعلى. وفى أوائل القرن العشرين تم تأييد هذا النموذج على نطاق واسع فى الأوساط اليسارية فى الولايات المتحدة وكندا. وكان هذا المثل الأعلى، وراء تشكيل اتحاد الكومنولث المركزي التعاوني في عام 1935، والذي أصبح أكبر حزب سياسي يساري في كندا، والمستمر حتى يومنا هذا باسم الحزب الديمقراطي الجديد. وشكلوا إلهاما للمبادئ الاقتصادية لحزب المزارعين والعمال في الولايات المتحدة، ولا سيما في ولاية مينيسوتا، حيث كانت الدعوة للكومنولث التعاوني قد شكلت الموضوع الرئيسي لبرنامج الحزب منذ عام 1934.
وقد صاغ وليام موريس أفكار الكومنولث التعاونى أيضا في بريطانيا العظمى وأيرلندا من ثمانينات القرن التاسع عشر الذي ألهم أيضا الحركة الاشتراكية الديمقراطية النقابية.
وقد أنشأت العديد من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية علاقات وثيقة مع التعاونيات التي ساعدت في تعزيز موقف الحركة العمالية على نطاق أوسع. وساعدت التعاونيات تلك الأحزاب على تلقي عدد متزايد من الأصوات في الانتخابات البرلمانية والبلدية. وتحت تأثير التعاونيات تم تقديم مساعدات مادية هائلة للعمال عند الإضرابات، وإغلاق المنشئات والطرد من العمل[12]  وشكلت التعاونيات وصناديق الإضراب والزمالة الأساس المادى والتمويلى الذى استندت عليه حركة الطبقة العاملة، وأكسبها نفوذها السياسى والاجتماعى من نهاية القرن التاسع عشر، وحتى السبعينات من القرن العشرين.
وفيما يتعلق بالماركسيين فقد كتب كارل ماركس : " ان التعاون اداة يجب استخدامها لتغيير المجتمع الرأسمالي القائم على الصراع بين الطبقات، ويجب أن ينظم على أساس قومي يشمل كافة أفراد الأمة، ويستخدم كافة مواردها[13] أما لينين فيعتبر التعاون الوسيلة الوحيدة التي يمكن ان تدفع بالفلاحين إلى الانضمام إلى الاقتصاد الجماعي[14]
يقوم نمط الإنتاج الرأسمالى على تحقيق الربح على حساب كل من العامل والمستهلك والمقترض والمستأجر لصالح مالك رأسالمال الذى لا يكتفى بذلك فحسب، بل يستند على ملكيته للثروة، لاحتكار سلطة اتخاذ القرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى حارما من لا يملكون من السلطة والثروة والحرية على السواء، كما يهمل الناحية الاجتماعية، مسببا البطالة والفقر والبؤس للغالبية، ويؤدي إلى زيادة أرباح الأقلية على حساب الأكثرية، ويركز رؤوس الأموال في أيدي الأقلية، ويقود إلى الاحتكارات. ومن جراء هذه السيطرة والتحكم، عانت الأكثرية دائما فى ظل الرأسمالية كما فى ظل الاقطاع، من الحرمان من الملكية والحرية والسلطة، وشهدت مآسى مروعة من القمع والبؤس والاضطهاد عبر عصور التاريخ الرأسمالى، وعبر العالم، ودفعت بنفسها ثمن التنافس الدموى على الأسواق العالمية بين الرأسماليين وحكوماتهم الاستعمارية، باعتبارهم يشكلون الجنود فى الجيوش المتحاربة. اما التنظيم التعاوني للإنتاج والاستهلاك فيختلف عن ذلك لأنه يأخذ بعين الاعتبار الناحية الاجتماعية، فالبشر فى الفكر التعاونى لهم الأولوية على الأرباح، ومن ثم يهدف التعاون  إلى سيطرة البشر الفعلية على وسائل الإنتاج،و ظروف حياتهم وعملهم، التى يتحكم فيها الرأسماليون، والحد من سيادة أفكار وقيم الجشع المادي، ومن التنافس الدموى، ومن الروح الفردية الأنانية، ومن الرغبة في الاستغلال والاحتكار، ومن النزعات الاستهلاكية المهدرة للموارد، والمدمرة للبيئة، ويسعى لسيادة  قيم التعاون القائمة على المساواة والديمقراطية والتضامن والتكافل الخ.
ولما كانت الجمعية التعاونية شكلاً من أشكال التنظيم الجماعي، نشأ تمشيا مع العصر الحديث المستند على الإنتاج الآلى الذى أدى لتكتيل جهود المنتجين والحرفيين الأفراد، أو إفقارهم وتحولهم لعمال مأجورين، فهى تتبع في تكوينها وتطورها قوالب النظام السائد الذي تعيش فيه. لهذا نرى الأسلوب التعاوني المطبق في البلدان الرأسمالية التقليدية يختلف عن الأسلوب التعاوني في بلاد اشتراكية الدولة، وكليهما يشوه التعاون إما فى اتجاه الرسملة أو فى اتجاه الدولنة.
فالأسلوب التعاوني قائم بالفعل في المجتمعات الرأسمالية للحد من المساوئ الاقتصادية والاجتماعية التي تخلقها الرأسمالية. وفي هذه الحالة تكون الجمعية التعاونية اما لشراء وبيع المواد الاستهلاكية للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار، والتخفيف من سيطرة المحتكرين، أو لتأمين المواد الضرورية للإنتاج الزراعي وللحرف اليدوية وتصريف منتجاتها لتأمين سعر عادل للمنتجين ثمناً لمنتوجاتهم، او لجمع مدخرات الأفراد في سبيل تحقيق أغراض معينة كبناء المساكن والمستشفيات والمدارس وشراء وسائط النقل وغيرها من الخدمات. وفي كل هذه الأحوال تدخل المنشآت التعاونية في ميدان المنافسة مع باقي المنظمات الاقتصادية، كالشركات والاحتكارات التجارية والمصانع. مما يؤثر على طبيعتها فى اتجاه الرسملة، ولهذا يبقى تأثيرها محدوداً ضمن قطاع معين، على حد تعبير الدكتور فوكيه. فهي لا يمكنها ان تسيطر كليا على الحياة الاقتصادية او تعدِل من شكل النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي القائم، أي النظام الرأسمالي[15] .
أما في اشتراكية الدولة، فان التعاون والجمعيات التعاونية صالحة بقدر ما تخدم مخطط الاقتصاد الاشتراكي، وتكون عادة موجهة من قبل الدولة توجيهاً كاملاً كغيرها من المنشآت الحكومية مما يفقدها ديمقراطيتها واستقلاليتها، ومن ثم لا تسير وفق الأسس والقواعد التعاونية التي خطتها لنفسها الجمعيات التعاونية في البلدان الرأسمالية.  فقد تركز التنظيم التعاوني في الريف السوفياتي على أساس الكولخوزات، وهي عبارة عن مزارع تعاونية تجمع المزارعين في وحدات زراعية مختلفة الحجم، حيث يعملون بشكل مشترك في زراعة قطع الأرض التي تمنحها الدولة إلى الكولخوز، وفقاً للمخطط الزراعي الذي ترسمه الدولة في ميدان العمل والإنتاج الزراعي. كما يقوم التنظيم التعاوني في المدن على أساس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية التي أوكل إليها أمر تصريف فائض حاصلات الكولخوزات، وتوزيع السلع الاستهلاكية حيث كانت نسبة أعمال الجمعيات التعاونية الاستهلاكية عام 1922 تعادل 10.3 % من الرقم الكلي للتجارة الداخلية في الاتحاد السوفياتي، وكانت نسبة مخازن الدولة 14.4 % ونسبة التجارة الخاصة 75.3 %.  وفي عام 1931 استطاعت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية ان تقضي على التجارة الخاصة، وحصلت على 72.3 % من رقم التجارة الداخلية. عندئذ شعرت الدولة بخطر هذه الجمعيات وقوتها فعملت على اضعافها وتقوية المخازن الحكومية، فألغت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في المدن وأحلت محلها مخازن الدولة، واقتصر نشاط الجمعيات التعاونية الاستهلاكية على الريف فقط، فهبطت نسبة ارقام أعمالها في عام 1940 الى 45.6 %. غير أن الدولة سمحت في سنين الحرب العالمية الثانية لبعض الجمعيات الاستهلاكية باعادة فتح مخازنها في المدن لمساعدة المخازن الحكومية في التوزيع والتموين[16].
يرى البعض أن الجمعيات التعاونية هي وسيلة تسهم في النهوض بالمجتمع اقتصادياً واجتماعياً وثقافيا. غير انها لا تكفي وحدها لتحقيق العدالة الاجتماعية والتحرر الإنسانى والقضاء على الاستغلال والاحتكار وبناء مجتمع يتمتع أفراده بالحرية والمساواة. فقد خفف تطبيق الأسلوب التعاوني في البلدان الرأسمالية من مساوىء النظام الرأسمالي من دون إحداث تغيير جذري في طبيعة هذا النظام. اما في البلدان الاشتراكية  فبقي الأسلوب التعاوني أداة من أدوات الدولة. ولذلك إذا أردنا ان يكون للأسلوب التعاوني أكثر فعالية فى تغيير الواقع، فعلينا ان نستكمل العمل التعاوني بمستلزمات اخرى تسير جنبا الى جنب مع المنظمات التعاونية، فلابد من إحداث تطوير فى مبادئها، وفى ممارساتها اليومية، وأهدافها الاستراتيجية، ومقاومة عوامل تشويهها وانحرافها، ومقاومة رسملتها أو دولنتها، من أجل أن تتحول من مجرد بديل مأمول عن الرأسمالية لبديل ممكن بالفعل، ولعل أهم شروط نجاح التعاونيات، هو أن تصان الحريات العامة والخاصة،وكامل الحقوق الإنسانية، وخاصة حريات التجمع والتنظيم والمبادرة الشعبية المستقلة، وأن تحد الدولة من تدخليتها الاقتصادية والاجتماعية لتصبح مجرد دولة حارسة لا دولة تدخلية، وأن تدار التعاونيات، وفق منهج علمي سليم، بحيث يستعمل الأسلوب التعاوني لتنظيم الإنتاج والخدمات للقضاء على أسلوب الإنتاج والتوزيع الرأسمالى الذي يتيح للأقلية استغلال الضعفاء في المجتمع واحتكار مواردهم. عندئذ، وفي مثل هذا المناخ، سوف يساعد الأسلوب التعاوني بفاعلية أكثر في بناء مجتمع تعاونى تسوده العدالة والحرية والديمقراطية[17].





[1] د. أحمد حسن البرعى مصدر سابق ص 41
[2] Gates, J. (1998) The Ownership Solution, London: Penguin
[3] Rothschild, J., Allen-Whitt, J. (1986) The Cooperative Workplace, Cambridge University Press
[4] Weinbren, D. & James, B. (2005) “Getting a Grip: the Roles of Friendly Societies in Australia and Britain Reappraised”, Labour History, Vol. 88
[5] Ridley-Duff, R. J. (2008) “Social Enterprise as a Socially Rational Business”, International Journal of Entrepreneurial Behaviour and Research, 14(5): 291-312
[6] Cliff, T., Cluckstein, D. (1988) The Labour Party: A Marxist History, London: Bookmarks
[7] http://www.uk.coop/what-co-operative. Co-operatives UK what is co-operative
[8] Lewis, p. 244
This analysis is based on a discussion by Gide, Charles; as translated from French by the Co-operative Reference Library, Dublin, "Consumers' CoOperative Societies", Manchester: The Cooperative Union Limited, 1921, pp. 192-203.
[9] a b c This analysis is based on a discussion by Gide, Charles, pp. 192-203.
[10] Reeves, Joseph, “A Century of Rochdale Cooperation 1844-1944”, London: Lawrence & Wishart, 1944
[11]: a b c This analysis is based on a discussion by Gide, Charles, pp. 192-203.
[12] كراشينكوف الموسوعة السوفيتية الكبرى من الأنترنت ترجمة جوجل ترجمة عن الروسية بتصرف من الباحث.
[13] "  التعاون في روسيا السوفياتية، مكتب العمل الدولي، سلسلة مستندات، ص. 3، التعاون، جنيف 1925.
[14] جابر جاد عبد الرحمن، اقتصاديات التعاون، ص.  94ديسمبر.2011
[15] Dr. G. Fauquet , The Cooperative Sector K tr. From the French by L.P. Weaver Cooperative Union LTD. Holyoake House , Hanover Street. Manchester 4. 1951 , P 12.
[16] د. عدنان شومان، مصدر سابق.
[17] د. عدنان شومان، التعاون والتعاونية بين المذهب والاسلوب نشر المقال في تموز / يوليو 1961، العدد التاسع، الرائد العربي http://al-hakawati.net/arabic/civilizations/raedindexb40.asp  

الجمعة، 29 مايو 2015

اتجاهات الحركة التعاونية

اتجاهات الحركة التعاونية
سامح سعيد عبود 
هناك اتجاهات مختلفة لفهم مبادىء وأهداف وممارسات الحركة التعاونية، فهناك من ينظرون لها من زاوية تنموية فقط، أو من زاوية إصلاحية لعيوب الرأسمالية وآثارها الضارة فحسب، ولكن هناك من ينظرون لها من زاوية تحررية بالدرجة الأولى، تسعى لتجاوز الرأسمالية، وهناك من يجمعون بين الفكرتين على أساس إنه لا انفصال بين التقدم والتحرر فكل منهما يؤدى إلى الآخر، فكلما تقدم البشر زادت فرص تحررهم، وكلما تحرر البشر زادت فرص تقدمهم، فمقارنة إنتاجية العبد، بإنتاجية القن، بإنتاجية العامل المأجور، بإنتاجية المنتج الحر، تؤكد على أن هناك تناسب طردى بين التقدم والتحرر لا شك فيها.
وسوف نتعرف على بعض الاتجاهات فى الحركة التعاونية فيما يلى:
الاتجاه التجارى الرأسمالى، القائم على مبدأ دعه يعمل، دعه يمر التنافسى، وعلى حرية العملاء فى اختيار الخدمات التى يحتاجونها، وفى السعى للربح بالطريقة التى يرونها، والسعى نحو تشجيع مبادرات رجال الأعمال المحليين بهدف وصول المجتمعات التقليدية للاقتصاد الخارجى، وتحديث قطاعاتها، ويسمى هذا الاتجاه من الخارج إلى الداخل [1].. ولهذا الاتجاه انصاره ومؤيديه ففى  مجموعة حوار على ياهو تسمى قائمة "عمال يملكون التعاونيات"، فإن بعض أعضاء هذه المجموعة غضبوا جدا لأن البعض في القائمة رغبوا في مناقشة إمكانية قيادة التعاونيات الطريق إلى الاشتراكية. وأكد أحد الأعضاء أنه يرى أن مشاركته في التعاونية مجرد مشاركة في النظام الرأسمالي، وليس من  شأنها أن تتحدى أو  تهدد الرأسمالية[2].
ويرى البعض أن القطاع التعاونى له من الأهمية ما يقتضى أن تبادر كافة الجهات لتفعيل دوره فمنظمات رجال الاعمال على سبيل المثال تجد فى التعاونيات أنسب المداخل لتأمين بيئة مناسبة للعمال للإنتاج بكامل طاقاتهم والتفرغ لمهامهم الإنتاجية، كما أن التعاونيات تظل الملاذ أمام شرائح واسعة من أصحاب الأعمال لمواجهة الآثار السلبية لسياسات الإصلاح الاقتصادى فى ظل تقلص دور الدولة فى تنظيم الحياة الاقتصادية[3].
الاتجاه البيروقراطى الدولتى، ينظر للتعاون من مفهوم فوقى تنموى مستندا على مركزية الدولة فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم فالتنمية باعتبارها هدف التعاونيات وفق تلك الرؤية، تدار من المركز، وتعد الدولة فى هذا الاتجاه، بمثابة العامل الرئيسى المتحكم فى عملية التنمية عبر التعاون، وفى التعاون عبر التنمية، فالدولة هى التى تخطط وتراجع وتنظم وتنشط وتشرع وتراقب وتؤسس وتحل، ويعد نقص رؤوس الأموال، وغياب الخبرات اللازمة، وتبعية التعاونيات للدولة، وتحولها لامتدادات لأجهزة الحكومة مما يفقدها الاستقلالية والديمقراطية، من أهم المشكلات التى تواجه هذا الاتجاه أو يخلقها والمسمى من أعلى إلى أسفل.
ومن أمثلة الكتابات التى تعبر عن تلك الاتجاهات التى تخالف المبادىء الجوهرية للتعاونيات والتى تحولها لتعاونيات زائفة غير حقيقية لا تحقق قيم التعاون وأهدافه ولا تلتزم بمبادئه،  ما كتبه أحمد سبح"أن "بناء منظومة انتاجية متطورة من الاقتصاد التعاوني الحر الجديد يتطلب بناء منظومة ديموقراطية من الاختيار الحر السليم من قبل المواطن لممثليه في المجلس المحلي للمدينة أو القرية الذين يختارون من بينهم رئيس المجلس، الذي يقوم بدوره أى (الرئيس) باختيار أعضاء ورئيس مجلس ادارة الجمعية التعاونية القابضة من المشهود لهم بالكفاءة والتخصص العملي الواقعي والنزاهة، ويقوم هذا المجلس بدوره وعلى ذات المعايير باختيار مجالس إدارات كل شركة من الشركات التعاونية التابعة، الذين يقومون بالتالي وبذات المعايير باختيار الهيكل الوظيفي والإداري في كل شركة"[4].
"وتخصص نسبة 25% من الأرباح التي تحققها كل شركة توزع على العاملين بها، ونسبة 5% من الأرباح توزع على أعضاء مجالس الإدارات المختلفة، مما يدفع برفع الإنتاجية والتطور ومكافحة الفساد قدمآ الى الأمام، فيما توزع بقية الأرباح (70%) على حملة الأسهم، مع وضع حد أقصى لنسبة المساهمة ب2% للمواطن و5% للمؤسسة مع الاستثناء في حدود الضعف حال عدم توافر التمويل بعد استنفاذ كل المحاولات والطرق لتنويع ملكية رأس المال مع حق حامل السهم في بيع أسهمه عبر البورصة بالنسبة للمؤسسات أما بالنسبة للمواطن فيتم بيع الأسهم الى مواطنين من نفس القرية أو المدينة التي تتبعها الجمعية وفقآ لسعر السهم في البورصة، وهو بالطبع في النهاية ما سيساهم في زيادة حجم وعمق سوق رأس المال[5]. ولعل القارىء سوف يلاحظ بنفسه مناقضة ومخالفة كل هذه الاقتراحات لمبادىء التعاون وأهدافه وقيمه جملة وتفصيلا بما لا يحتاج لتعليق، ولا أدرى لماذا أطلق الكاتب على هذا النظام تعاونيات أصلا.
ويكتب محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي  "أما في ما يتعلق بمكانة التعاون في التركيب الهيكلي لأجهزة الدولة يعتبر التعاون قسماً تابعاً لإدارة قطاع الخدمات."[6] وهذا نفى لاستقلالية التعاونيات عن الدولة واعتبارها ملحق من ملحقات أجهزة الدولة الإدارية.
ويكتب خضر حمود "تكون هذه التعاونيات مستقلة في البداية بعضها عن بعض رغم حاجة كل تعاونية منها للأخرى، وبحيث أن كل تعاونية هي رأسمال خاص، ويكون للدولة دور المشرف والمنظم للعلاقات التجارية بين هذه التعاونيات، وهنا لابد أن يبرز بعض التفاوت في الدخل بين هذه التعاونيات، وهنا يأتي دور الدولة في تقليص هذه الفوارق عبر النظام الضريبي العادل الذي يأخذ من القوي ليساند الضعيف آخذا بيده الى مستويات القوة، والتي تعني بشكل دقيق تمكين التعاونية من تحقيق كافة متطلباتها الحضارية والانسانية، وذلك بتمكينها من الحصول على كافة الاختصاصات العلمية والعملية المطلوبة"[7] وهذا تكرار لنفس فكرة دور الدولة الاشرافى على التعاونيات مما يفقدها استقلالها وديمقراطية إدارتها.
ويرى البعض أن التعاونيات الإنتاجية شأنها شأن غيرها من هيئات الدولة تخضع لرقابة الدولة على النحو المحقق لضمان سيادة القانون 0 واستنادا إلى الأساس الديمقراطى الذى تقوم عليه الإدارة من الرقابة التعاونية فإن الحركة التعاونية الإنتاجية إنما تراقب نفسها ذاتيا فضلا عما تخضع له وحداتها من رقابة الدولة فى أشكالها المختلفة 0 فهنا نجد أن الرقابة تكون رقابة ذاتية ورقابة الدولة[8].
وعن الاتجاهات الإسلامية فيما يتعلق بالتعاونيات أوضحت دراسة  عن الإعلام التعاونى فى العالم العربى، سيطرة التيار الإسلامي على بعض المنظمات التعاونية، وتحويل مسارها بطرق غير مباشرة إلى الفكر الإسلامي السياسى السائد، والغير منسجم مع الفكرة التعاونية. والتى انعكست أفكاره على قانون التعاون الإماراتى الذى يسمح مثلا بتوريث الأسهم المملوكة للعضو لورثته الشرعين، وإحلال أحد ورثته محله فى العضوية،[9]  والمادة الخامسة من قانون التعاون السعودى التى تنص. "وفي حالة الوفاة يحل الورثة أو بعضهم محل مورثهم أو يتفقون على إحلال أحدهم محله على أن تتوافر شروط العضوية في الوارث، وإلا ردت إليهم قيمة الأسهم بعد إضافة ماحققته من أرباح أو خصم مالحق بها من خسائر" ( والأسهم فى التعاونيات كما علم القارىء مما سبق عرضه لا تحقق أرباح ولا تلحق بها خسائر، وانما هى تغل فائدة محدودة بشروط محددة). وهو ما قد يحول طبيعة المساهمة من شخصية إلى محض مساهمة مالية، وقد لوحظ أن هناك انقسام داخل ذلك التيار الإسلامي بين متشدد يرى الفكر التعاوني فكرا غربيا خبيثا يسعى للسيطرة على الأمة الإسلامية، والآخر معتدل يرى إمكان استقطاب ذلك الفكر لصالح الإسلام تحت مسمى جديد هو الإسلام التعاوني الخيرى، وهو ما يتناقض مع الفكرة التعاونية المخالفة للعمل الخيرى ومنطقه وأسلوبه[10] فالتعاونيات ليست منظمات خيرية تقوم بدور اليد العليا التى تحسن على اليد السفلى، ولا هى منظمات تستهدف الربح، وهى محايدة سياسيا ودينيا.
الاتجاه التحررى، ويستمد هذا الاتجاه محتواه من الاتجاهات التحررية والاشتراكية،الهادفة لتجاوز نمط الإنتاج الرأسمالى، والتى ترى إن وضع العمال وفقراء المنتجين، صناعيين أو زراعيين، والمستهلكين والمقترضين، لا يمكنهم من منافسة الآخرين فى ظل الاقتصاد الرأسمالى، ومن ثم فهى تقوم على رفع الوعى الجماهيرى، وبناء أشكال تضامن يحمى مصالح الطبقات العاملة، بالعمل داخل النظام، من خلال خلق نماذج لمجتمع المستقبل التعاونى من قلب وهامش المجتمع الرأسمالى نفسه، وهو الاتجاه المسمى من الداخل للخارج.
وتعبيرا عن هذا يكتب طونى صبغينى " تكون الحالة الفضلى لتنظيم المجتمع البشري، برأينا المتواضع طبعا، هي تحويل المجتمعات من مجتمعات هرمية قمعية قائمة على “ضرورة الردع”، إلى مجتمعات تعاونية، ناضجة، والمجتمع التعاوني هو مجتمع يقوم على غياب الإكراه والقمع والسلطوية في العلاقات البشرية، لا على غياب التنظيم![11]
كما يكتب سكوت والاس مجتمع المستقبل سوف يقوم على أساس التعاونيات؟ ولكن الأمر يتوقف على كيفية معرفة شروطه، والتعاونيات لن تنافس أبدا الرأسمالية وتزيلها من الوجود. في الواقع، هى فقط سوف تشكل فجوات معينة فى مناطق فى الاقتصاد تكون فيها المنافسة ليست شديدة للغاية، وحيث يمكن أن توجد فيها على أى حال. ونأمل أن الجمعيات التعاونية يمكن أن تبني نموذج لما بعد الاقتصاد الرأسمالي مثل اليد في قفاز، ولكن الغالبية من الاقتصاد ستكون بالضرورة قطاع رأسمالى سابق، وسوف توضع أخيرا تحت الإدارة الذاتية العمالية الديمقراطية. ويبدو من المنطقي أن تكون أماكن العمل متكاملة من خلال العمل التعاوني والتي سوف ينظم وينسق نفسه ديمقراطيا، والواقع انها ستتخذ مثل هذه الحركة من أجل كنس العلاقات الاجتماعية الرأسمالية في المقام الأول بعيدا"[12].



[1] د.يحى على زهران، الحركة التعاونية المصرية"بين تنمية المطالب ومطالب التنمية"، من كتاب الجمعيات التعاونية كمنظمات شعبية تنموية،الناشر مركز المحروسة، القاهرة، ط1، يناير 2002الجزء الأول ص 122 وما بعدها،
[2] Scott Wallace A Case For Revolutionary Cooperatives
http://www.wiiu.org/index.php?option=com_content&view=article&id=118:a-case-for-revolutionary-cooperativism&catid=35:iu-news&Itemid=18
[3] د 0 محمود منصور – التعاون والبناء المؤسسى فى المجتمع – ندوة عن دور الدولة فى تطوير التعاونيات 2007
[4] احمد سبح, مصدر سابق.
[5] المصدر نفسه
[6] محمد الفاتح العتيبى، مصدر سابق
[7] ناجح خضر الحمود - الاقتصاد التعاوني- جريدة قاسيون
http://factjo.com/pages/MemberDetails.aspx?id=5980 August 11, 2012 
[8] شمس الدين خفاجى – تشريعات تعاونية قانون التعاون الانتاجى – مكتبة عين شمس – القاهرة 2000 صـ 131
[9] الامارات العربية المتحدة قانون 13 لسنة 1976 في شأن الجمعيات التعاونية
[10] حسين علي محمد حسنين من دراسة الإعلام التعاوني في العالم العربي
[11] طوني صغبيني. من الدولة القمعيّة إلى المجتمعات التعاونيّة
[12] Scott Wallace   مصدر سابق

الأربعاء، 27 مايو 2015

مبادىء التعاون وقيمه وأهدافه

مبادىء التعاون  وقيمه وأهدافه
سامح سعيد عبود

تقوم التعاونيات عادة على مجموعة متماسكة من القيم التعاونية وهى "المساعدة الذاتية، والاعتماد علي النفس، والمسئولية الذاتية، والاستقلالية، والديمقراطية، والمساواة، والعدالة، والتضامن، والانفتاح،.. ووفقا للتقاليد التي أرساها مؤسسوا التعاونيات، فإن أعضاء التعاونيات يؤمنون ويتمسكون بمجموعة من القيم الأخلاقية مثل الأمانة والغيرية والصراحة والمسؤولية الاجتماعية، والعناية بالآخرين[1].
ويؤكد بعض الخبراء على أن التعاون "ليس نظاما وإنما هو أسلوب عمل يقوم على الترابط والتضامن بين مجموعة من الأفراد على أساس من الحقوق والواجبات المتساوية، بهدف رفع مستوى كفاءة ممارستهم لأنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية، والتغلب على ما قد يعترضهم من مشاكل ومصاعب أو يتعرضون له من استغلال يضر بمصالحهم كمنتجين أو كمستهلكين"، ومن ثم فهو تجمع طوعي لأفراد (لا تجمع أموال) يتكون نتيجة لحاجة المشاركين فيه، ويستوعب على قدم المساواة الفقراء والأغنياء في آن واحد، ويمكن الأخذ بهذا الأسلوب في ظل نظم اجتماعية مختلفة (رأسمالية أو اشتراكية أو مختلطة)[2].
ولكن التعاون لدى كثير من الكتاب، وفى الفهم العام للجمهور، ولدى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وخصوصا لدى الكتاب الذين يحاولون تطوير التعاونيات بالانحراف عن مبادئها الجوهرية، إما برسملتها أى جعلها رأسمالية أو دولنتها أى جعلها حكومية،(أنظر[3]) ما هو إلا وسيلة لحل بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية فى ظل النظام الرأسمالى القائم على التنافس والعمل المأجور سواء أكان عبر مشاريع خاصة أو مشاريع عامة مملوكة للدولة، فيما يسمى باشتراكية الدولة أو رأسمالية الدولة، ومن ثم يتناولون المسألة كما لو كان التعاون ترياق أو دواء لأزمات تلك النظم، وكأداة موصوفة للتنمية والتقدم الاجتماعى، ولكن هذا يمثل تجاوزا وتجاهلا للهدف الجوهرى للحركة التعاونية التى انطلقت منها تاريخيا وفكريا وعمليا وتنظيميا، حيث كان التعاون رد فعل على مساوىء الرأسمالية، ومحاولة تجاوزها كأسلوب فى الإنتاج والتوزيع والتبادل، وكرد فعل على قيم رأسمالية مثل أولوية الربح على البشر، وهيمنة رأسالمال على العمل، والربح على حساب تضحيات وخسائر الآخرين، وعلى التنافس المحموم  على حساب آلام الناس.
التعاون فى أصوله ومنطلقاته الفكرية والتاريخية هو أداة لتحرر العمال من العمل المأجور والجبرى والخاضع لسلطة رأسالمال والبيروقراطيين، بترسيخ مفاهيم ديمقراطية الاقتصاد، والإدارة الذاتية فى الإنتاج والخدمات، وبتوفير السلع والخدمات للمستهلكين بسعر التكلفة بعيدا عن ما يحصل عليه التجار والوسطاء والسماسرة، والائتمان بعيد عن فوائد المقرضين والبنوك، والريع الذى يحصل عليه ملاك العقارات، وقد عبر عن هذا الحلف التعاونى الدولى، بحسب ما جاء فى المادة الأولى من دستوره،"على التحالف الاستمرار فى الطريق الذى خطه رواد روتشديل، والذى يسعى مستقلا تمام الاستقلال وبوسائله الذاتية، على أن يحل محل المشروعات الخاصة القائمة على التنافس، نظاما تعاونيا يعمل من أجل خير الجماعة، ويرتكز على المجهودات والمساعدات المتبادلة بين المشتركين فى الحركة التعاونية[4].
إلا إنه فى الطريق للهدف النهائى، يمكن الحديث عن أهداف اجتماعية مرحلية مثل المساهمة فى التخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية، وتكوين كفاءات وهياكل إدارية وتنظيمية شعبية وديمقراطية، والتدريب الواسع على إدارة المشروعات، وتأمين حاجات الناس الاستهلاكية بأجود الخامات وأقل الأسعار ثم الاتجاه إلى إنتاج هذه الحاجات. وتنمية المجتمع المحيط بالجمعية ثقافيا واقتصاديا. وايجاد وتنمية شعور الاعتماد على النفس لدى الأعضاء. والقضاء على الممارسات الاحتكارية الملازمة للرأسمالية. وتعميق روح الديمقراطية خلال العمل.حيث تشير وثائق منظمة العمل الدولية للامكانيات الهائلة فى التعاونيات فيما يتصل بالخدمات الاجتماعية والاقتصادية التى تقدمها، والدور الأكبر الذى تستطيع التعاونيات القيام به فى مجالات تحقيق اللامركزية ونشر الديمقراطية ومنح المرأة القدرات الاقتصادية والاجتماعية لتمكينها من الاستقلالية.
فالتعاونيات بوصفها منظمات تعمل فى بيئة تنافسية لها دور مميز كمنشات اقتصادية ضمن المجتمع المدنى. وقد أظهرت مقدرة فائقة على العمل فى البلدان النامية والاقتصاديات التى تمر بمراحل انتقالية والبلدان الصناعية على السواء. مع بروز امكانياتها فى توليد فرص العمل واستمرارها ودعم روح المبادرة وتوفير الخدمات الملحة بل وتوليد الثروات. كل هذا فى مواجهة انخفاض قدرة الدول على القيام بذلك لانها نموذج خلاق من نماذج الحلول التى يرتكن إليها فى تأ كيد قيم التعاون فى الديمقراطية التشاركية.
ويمكن الحديث أيضا عن أهداف اقتصادية مثل تنظيم الجهود الفردية فى جهد جماعي، والاستفادة من الوفر الناتج عن الإنتاج الكبير، وامكانيات استخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة، والقضاء أو التخفيف من حدة النظام الرأسمالى والقضاء على الوسطاء، وزيادة الإنتاج كما ونوعا وايجاد قوى إنتاجية جديدة والقضاء على البطالة ومساعدة الدولة فى انجاز مشاريعها الاقتصادية والتنموية والاضطلاع بمشاريع التنمية المحلية[5].
كما يمكن للتعاونيات أن تلعب دورا مهما في المجالات التالية : توفير البيئة المناسبة لنمو وازدهار الاستثمارات المتوسطة والصغيرة. وتكوين وعاء جيد لتنفيذ برامج التنمية البشرية. وكأداة جيدة وفاعلة لمواجهة مشكلة البطالة.و الإحلال محل الدولة في ملكية الأصول الخاضعة للخصخصة. ودعم وتطوير أنشطة القطاعات غير الرسمية في الاقتصاد. والمساهمة في برامج محو الأمية.والمساهمة في برامج الإرشاد الزراعي الريفي، ويتوقف نجاح هذا الدور علي خطوات الأنشاء والـتأسيس الجيد للتعاونيات وفقا لأسس وقيم ومبادئ التعاون[6].
والجدير بالذكر أن مبادئ التعاون مثل باب العضوية المفتوح، والمساعدة الذاتية، والمسؤولية الذاتية، والإدارة الديمقراطية، والاستقلال الذاتى، والعائد على المعاملات، صحيحة كما فى أي وقت مضى. لكن فقط الأشكال التى يتم اعتمادها لكيفية وضع هذه المبادئ موضع التنفيذ قد تغيرت. فالتركيز المالى، والتصنيع، والتغيرات الهيكلية والعولمة أجبرت العديد من الأنشطة الاقتصادية التعاونية لتكيف الهياكل التنظيمية الخاصة بها من أجل أن تكون قادرة على مواجهة المنافسة، للوفاء بمهمة النهوض لصالح الأفراد بشكل أفضل[7].
و يمكن توضيح معالم التعاونية وقواعدها الجوهرية على النحو التالى:

باب العضوية الطوعية والمفتوحة :
إن العضوية فى التعاونية تقوم على أساس عدم التمييز الدينى والسياسى والقومى والثقافى والجنسى والعرقى والجهوى، وتتمتع التعاونيات بالحياد تجاه الجميع، فبابها مفتوح لكل إنسان بلا أى تمييز، بشرط أن يساهم فيها اقتصاديا بالمال والعمل، وهو ما ينزع الصفة التعاونية عن الكيبوتزات الإسرائيلية القائمة على أساس سرقة أرض الفلسطينيين بمساعدة الرأسماليين اليهود الصهاينة، والتى تقوم باستغلال العمالة الفلسطينية الرخيصة، والتى تفككت بالفعل الآن بعد أن أزالت آخر ملامحها التعاونية الزائفة.
العضوية الطوعية فى التعاونية تعنى إن العضو يدخل التعاونية بكامل إرادته الحرة دون أى شكل من أشكال الجبر والإرغام، وهذا ينزع الصفة التعاونية من التعاونيات الزراعية المصرية التى صنعتها الدولة الناصرية للتحكم فى الفلاحين بعد أن وزعت عليهم الأرض، ومن الكولوخوزات السوفيتية التى قامت على أساس التجميع القسرى للفلاحين فى الاتحاد السوفيتى، وأدت لمجاعات رهيبة فى العشرينيات من القرن العشرين، وأزمة مزمنة للزراعة السوفيتية حتى أفوله، وربما كانت أحد أسباب هذا الأفول.
لكن هذا لا يمنع طبعا أن تتخذ الدولة أو التعاونيات أو اتحاداتها نفسها اجراءات أو تشريعات أو تتخذ قرارات تشجع الناس لطلب عضوية التعاونيات بإرادتهم الحرة بحثا عن مصالحهم، عبر تقديمها مميزات تفوق ما يحصلون عليه من مميزات نتيجة نشاطهم الفردى، كالإعفاءات الضريبية والجمركية، وتسهيلات التسويق والتمويل، والحصول على الألات والمواد الخام والأراضى والسلع والخدمات المختلفة بأقل من ثمنها فى السوق، واعطائها الأولوية فى العطاءات والمناقصات والتوريدات الحكومية.
إن على التعاونية أن تسهل العضوية لكل من يطلبها، وذلك بتقليل قيمة السهم الواحد، وخفض الحد الأدنى للمساهمة، وإمكانية تقسيط سدادها، وفى النهاية أن تزيل العقبات أمام العضوية.
تشجيع العضوية والمساهمة الاقتصادية ممكن أن يأتى أيضا من عدم استخدام العمل المأجور أو الجبرى، فمن يرغب فى العمل فى التعاونية الإنتاجية فعلى التعاونية أن تساعده فى المساهمة الاقتصادية فيها لكى يصبح عضوا بها. وعدم بيع السلع والخدمات لغير أعضاء التعاونية، وعلى من يرغب فى شراء السلع والخدمات على التعاونية الاستهلاكية أن تساعده بالمساهمة الاقتصادية فيها لكى يصبح عضوا بها.
ونتيجة هذه القاعدة المقترحة والمستجدة هى توحد المنتجين للسلع والخدمات مع مستهلكيها فى تعاونيات مشتركة تنسق الإنتاج والتوزيع والتبادل فيما بينهم بعيدا عن تقلبات السوق، وبالتالى خلق سوق تعاونى بين المستهلكين والمنتجين بعيدا عن ضغوط السوق الرأسمالى.
حرية الانتساب والانسحاب. ويعني ذلك أن العضوية اختيارية، وأنها لا تمنع عن أحد تتوفر فيه شروط الانضمام، وأنه يتاح لكل عضو التخلي عن العضوية أو الانسحاب منها.

ثانيا : ديمقراطية الإدارة :
أن تكون السلطة العليا فى التعاونية للجمعية العمومية التى تضم كل أعضائها، المسددين لمساهماتهم الاقتصادية.
الجمعية العمومية هى التى تضع نظام الجمعية التعاونية الأساسى وقراراتها وسياستها ولوائح وقواعد عملها بنفسها، وهى من تحدد الانضمام لأى اتحادات تعاونية أو الانسحاب منها، دون تدخل من أى سلطات من خارجها طالما التزمت بالحفاظ على النظام العام والأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة والتزمت بمبادىء التعاون وأهدافه وقيمه.. ومن هنا فالتعاونيات التى تتدخل فى إداراتها أجهزة الدولة، وتعين موظفيها تفقدها الصفة التعاونية كما هو حادث فى مصر التى يشوب تعاونيتها الزيف والتشوه.
تحدد سياسة التعاونية وقراراتها الاجتماعات الدورية والاستثنائية لكافة الأعضاء، وذلك بالأغلبية المطلقة لأصوات الشركاء. وتفوض الاجتماعات الدورية والاستثنائية من تراه الأكفأ من بين الشركاء لأداء المهام الإدارية، فى فترات عدم انعقاد الاجتماعات الدورية والاستثنائية.
وهذا يستلزم استقلال التعاونيات الفعلى عن الدولة وعدم خضوعها لأشراف اجهزتها وتدخلها إلا فى اطار القوانين التى تضمن حريتها واستقلالها. فالتعاونيات تنتمي لأعضائها الملتزمون بها، وهى احدى مؤسسات المجتمع المدنى والأهلى، وليست فرعا من فروع الحكومة، ولا تشكل امتداد لها.
ومن هنا فلابد من فهم طبيعة الجمعيات التعاونية بأنها ليست من أدوات تحقيق الأهداف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للدولة كما يزعم البعض ويبشرون. وهى بحكم طبيعتها الاستقلالية لا تستطيع ولا تريد أن تحل محل الإجراءات والمؤسسات الحكومية، ولكنها تتوقع من الدولة ضمان فرص متساوية مع القطاعين الخاص والحكومى.
لكن التعاونيات تقوم فى نفس الوقت بوظائفها الاجتماعية من نفسها بشكل غير مباشر فقط عبر خدمة المجتمع باعتباره أحد مبادئها، وتوفر السلع والخدمات بسعر التكلفة، وتوفر فرص العمل. لأنها تسهم في تعزيز قدرات أعضائها على توليد الثروة. ولأنها تجسد المبادئ الديمقراطية، فإنها تعزز العمل والمسئولية  الذاتية الحرة للمواطنين عن أنفسهم بتحريرهم من التبعية للدولة ورأسالمال، وتؤكد على ضرورة المبادرة الشعبية  الحرة، وتضع الفرد في مركز عملها. فالتعاونيات هدفها التضامن الاجتماعى لا التنافس، لكنها تنكر وترفض التسلط البيروقراطى عليها والذى لا تتلائم معه.
وأنها تدرك  أهداف الصالح العام، وتسعى لتحقيقها بنفسها، دون اشراف أو وصاية أو تدخل من أى جهة، وليس لديها من هدف إلا ذلك، ولكنها تنهض  بالاقتصاد والدخل بواسطة جهود  أعضائها الأحرار والمستقلين سياسيا وإداريا عن الدولة[8].
 والقرارات تنقسم عموما لنوعين من القرارات :
قرارات فنية يتخذها المختصون، من محامين ومهندسين ومحاسبين وخلافه فى إطار اختصاصهم، وقرارات السياسة العامة للتعاونية وتلك ملك لكل أعضائها على قدم المساواة.
ولعل ما يتفق مع مبادىء التعاون وقيمه وأهدافه، ضرورة عدم قيام علاقات العمل فيها على الجبر أو الاضطرار، ومن ثم فيجب أن لا تسمح بالعمل المأجور أو بالعمل فى التعاونية لغير أعضاء التعاونية حيث أن أى مخالفة لذلك تحول التعاونية لمؤسسة رأسمالية تفقدها الصفة التعاونية، ويجوز أن يستثنى من ذلك الأعمال ذات الطبيعة المؤقتة، أو الثانوية، أو غير الدائمة المرتبطة بمهام تحتاجها التعاونية فى نشاطها.
 كل الأعضاء لهم الحق فى التصويت على كافة القرارات وتقديم الاقتراحات ومناقشتها، وحق الترشيح والانتخاب للتفويض بالإدارة، ويتم تفويض من يحوز منهم على أصوات أكبر عدد من الأعضاء. وعلى الأعضاء خلال اجتماعاتهم الدورية والاستثنائية سحب التفويض من المفوضين بالإدارة، أو إعادة تفويضهم، ومحاسبتهم على أعمالهم خلال الفترة ما بين الاجتماعات. ولكل الأعضاء الحق فى الإطلاع على الملفات والأوراق والدفاتر والميزانية المتعلقة بالتعاونية ومعرفة كل المعلومات المتعلقة بنشاطها.
يدير التعاونية مجلس إدارة تنتخبه الجمعية العمومية من بين الأعضاء بالاقتراع السري.
يمثل مجلس الإدارة االتعاونية أمام الغير ويمثله في ذلك رئيسه الذى ينتخبه مجلس الإدارة.
قد يحصل أعضاء مجلس الإدارة على مكآفاة مالية نظير تفرغهم للعمل تختصم من العائد وبنسبة مئوية يتفق على تحديدها وتعديلها الأعضاء، ويجوز الاتفاق على أن يكون عملهم تطوعيا بلا مقابل أو الاتفاق على أن يكون عملهم بأجر يتفقون عليه.

ثالثا : مساهمة العضو الاقتصادية فى رأسمال التعاونية :
جوهر المساهمة الاقتصادية فى التعاونية يختلف عن جوهر المساهمة الاقتصادية فى الشركات الرأسمالية، فالغرض من التعاونيات ليس استثمار الأموال والتربح منها، ولكن الغرض الأساسى دعم نشاط التعاونية الاقتصادى كى تستطيع ممارسة نشاطها، وكنوع من الاشتراك والخدمة، ويمكن طبعا للمساهمة أن تكون عينية أو نقدية، لكنها فى النهاية تحول لأسهم فى رأسالمال، ولهذه الأسهم طبيعة مختلفة من حيث ما يترتب عليها من حقوق والتزامات مقارنة بالسهم فى الشركة الرأسمالية.
عندما ينسحب العضو من التعاونية يحصل على قيمة ما دفعه من أسهم فقط، فالسهم لا يحقق تراكم أو زيادة أو نقصان فى قيمته من لحظة المساهمة به، ولا يتغير سعره ولا قيمته الأسمية، فالأسهم إسمية شخصية مرتبطة ولصيقة بشخص المساهم، وهى غير قابلة للتجزئة ولا للتداول. وكل هذا على عكس الأسهم والحصص فى الشركة الرأسمالية.
لكل عضو صوت واحد ونفس حقوق الترشيح والانتخاب مهما بلغ حجم مساهمته وقيمة أسهمه، والتى يوضع لها حد أقصى يمنع أى عضو أو مجموعة أعضاء من التحكم فى نشاط التعاونية.
السهم لا يستحق أى فوائد إلا فى حالة تحقيق التعاونية لعائد فقط.
يخصم من العائد نسبة مئوية يتفق على تحديدها وتعديلها الأعضاء، كى يوزع على المساهمين فى صورة فوائد سنوية محدودة بنسبة مئوية من قيمة السهم سنويا يتفق علي تحديدها وتعديلها الأعضاء.
كما يجوز لأعضاء التعاونية الاتفاق على عدم توزيع أى فوائد على الأسهم[9].
فائدة السهم هى مقابل خدمة رأسالمال، وليس وسيلة لتحقيق الربح.
سعر السهم ثابت، ولا يجوز بيعه سوقيا للغير، وإن كان يجوز التنازل عنه للغير.
مثال متخيل لو كان العائد 1000 جنية وتم الاتفاق على أن الأسهم حصتها عشرة فى المئة أى مائة جنية، توزع المائة جنية على قيمة الأسهم، فإذا كانت قيمة السهم جنية، واجمالى رأسالمال ألف جنية، وتم الاتفاق على أن فائدة السهم خمسة فى المئة من قيمته أى خمس قروش، يصبح اجمالى نصيب الأسهم 50 جنية أما الباقى أى الخمسين جنية الأخرى التى لم توزع لاستيفاء الفائدة فتعود مرة أخرى لحساب العائد.

رابعا : العائد على المعاملات :
أن معظم العائد من نشاط التعاونية الاقتصادى، يوزع على المعاملات، قيمة العمل فى حالة إنتاج السلعة أو تقديم الخدمة، وقيمة الاستهلاك فى حالة استهلاك السلعة أو الخدمة.
لأن التعاونيات يمكن أن تكون إنتاجية لسلع وخدمات، أو مستهلكة لسلع وخدمات، أو تكون استهلاكية وإنتاجية فى نفس الوقت، فإن العائد يوزع بشكل مختلف فى  حالة الإنتاج عنه فى حالة الاستهلاك، ومن البديهى، أن يوزع العائد من الإنتاج على المنتجين، والعائد من الاستهلاك على المستهلكين، كل وفق ما أنتجه أو استهلكه كل على حدى.

كيف يوزع العائد؟
تضع التعاونية نظاما لحصر معاملات الأعضاء الاستهلاكية والإنتاجية طوال السنة المالية تمهيدا لتوزيع العائد عليهم بنسبة معاملاتهم بالوسيلة التي تراها.علي ان تمسك حسابا مستقلا لمعاملات الأعضاء، وآخر لغير الأعضاء.
أ:- يتم خصم نصيب الأسهم فى حالة تحقيق عائد، وخصم مكافآت الإدارة على الأعمال الإدارية لصالح من تفرغوا لها، فى حالة الاتفاق على ذلك، وخصم نسبة الاحتياطى الذى يوسع رأسمال التعاونية، وهو غير قابل للتجزئة، ولا للتوزيع، وفى حالة انحلال الجمعية يؤول للجمعيات التعاونية المثيلة، وخصم النسب المقررة للتعليم والتدريب المستمر للأعضاء، وخدمة المجتمع المحلى، وهى نسب يتفق عليها أعضاء التعاونية عبر جمعياتهم العمومية حسب ظروف كل تعاونية، ومن نافل القول إن تنظيم القانون المصرى لتلك النسب ينفى حرية واستقلال التعاونية، ومن ثم يزيل الصفة التعاونية عن التعاونيات فى مصر، وينفر الناس من إنشاء التعاونيات حيث يستولى على نسب من العائد وفق القانون، الاتحادات التعاونية المندمجة مع جهاز الدولة البيروقراطى دون أن تستفيد منها الجمعيات التعاونية.
ب : يتم توزيع المتبقى على أساس المعاملات، فى حالة الإنتاج يتم التوزيع على أساس قيمة العمل المبذول، وطبعا تتحدد هذه القيمة بطرق عديدة، بوقت العمل، ومستوى المهارة، ودرجة الخبرة، ومستوى التعليم، ودرجة الكفاءة والجودة، ومستوى التعرض للمخاطر....وهذه كلها عوامل تختلف من تعاونية لأخرى، ومن طبيعة نشاط لآخر، وبالطبع يتفق عليها أعضاء التعاونية فيما بينهم، وهى تحتاج لأنواع متنوعة من المحاسبة بحيث يقسم العائد وفقا لها، كما يمكن للأعضاء الاتفاق على أن يقسم العائد بالتساوى فيما بينهم، فإذا كان من شاركوا فى الإنتاج مئة شخص، والعائد ألف جنية، يحصل كل منهم على عشرة جنية، أو من الممكن أن يتفقوا على أن يكون التوزيع حسب ساعات العمل الفعلى فقط، فيقسم العائد على عدد حسب ساعات العمل، ويأخذ كل عضو قيمة ما أنفقه من ساعات فى العمل، أو يوزع العائد كله أو بعضه بطرق أخرى غير شخصية ولا نقدية تحقق للأعضاء اشباع احتياجاتهم الاستعمالية المختلفة بشكل جماعى وتضامنى فى صورة استهلاك جماعى وخدمات جماعية، وقد يتفقوا على الحصول على أجور أسبوعية أو شهرية تخصم من حسابهم فى العائد، وهذه كلها طرق للتوزيع لا تتعارض مع مبادىء التعاونية فى حد ذاتها شريطة ألا تكون وليدة قسر وإجبار خارجى من الدولة، فهناك أنظمه متعددة لتوزيع العائد، وجذرها الأساسي  التوافق بين الأعضاء.
فى حالة الاستهلاك يتم التوزيع على أساس حجم الاستهلاك، فإذا كان الباقى من العائد بعد الخصومات سالفة الذكر 1000 جنية، وقيمة حجم الاستهلاك 1000 جنية، فكل جنية تم به شراء سلعة أو خدمة يحصل من دفعه على جنية من العائد.
يوزع ما تحققه التعاونية من فوائض بين أعضائها بنسبة مساهمة كل منهم في تحقيق هذه الفوائض، فالتعاونيات لا تهدف إلى المتاجرة، ولا إلى تحقيق أى أرباح من وراء أنشطتها، وإنما ينصب عملها في المقام الأول والأخير على تحقيق مصالح أعضائها بحمايتهم من استغلال الآخرين لهم عندما يشترون منهم أو يبيعون لهم، ومن ثم فإنها في المقابل تتنزه عن أن تستغل الآخرين، ويترتب على ذلك أن التعاونية، وهي تمارس نشاطاتها لخدمة أعضائها، تحقق فائضا يساهم كل عضو في تحقيقه بمقدار ما يساهم به في نشاطاتها، ويستحق منه بنفس القدر أيضا، وهذا ما يعبر عنه بالعائد على المعاملات. ويقترن بتلك القاعدة قاعدة أخرى فرعية تقصر التعامل مع التعاونية على أعضائها فقط إلا في حالات الضرورة.

خامسا : التدريب والتعليم المستمر للأعضاء :
تقدم التعاونيات التدريب والتعليم لأعضائها ليستطيعوا أن يساهموا بفعالية لتنمية تعاونياتهم. سواء فيما يتعلق بإدارة التعاونية، والعمل فيها، أو التثقيف والتعليم العام، وتنمية المهارات المختلفة للعضو، وتحسين قدراته، ومن أجل هذا يستقطع جزء من عائد التعاونية يتفق عليه الأعضاء لدعم التعليم والتدريب المستمر.. ويفهم من هذا أن للتعاونيات دور مهم فى رفع وعى الناس وثقافاتهم ومهاراتهم بما فى ذلك محو الأميات الأبجدية والسياسية والثقافية والتكنولوجية، وهى التى تدربهم على الممارسة الإدارية، بأموالهم وفى إطار مصلحتهم..ونشير إلي أن منظمة العمل الدولية قد أمنت علي ضرورات التعليم والتدريب التعاوني ورصدت لذلك أموال تهدف إلي المساعدات في مجالات إنشاء عدد من معاهد التدريب في الدول الفقيرة للتعليم والتدريب التعاوني[10].

سادسا : خدمة المجتمع المحلى :
تقدم التعاونية خدمات طوعية تتعلق طبعا بطبيعة نشاط التعاونية ومشكلات المجتمع المحلى الذى تعمل فيه، ومن أجل هذا يستقطع جزء من عائد التعاونية يتفق عليه الأعضاء لتقديم تلك الخدمات. حيث تعمل التعاونيات من أجل التنمية الإجتماعية المتواصلة فتقدم خدماتها في مجال الصحة والتعليم والثقافة. الخ لمجتمعاتها المحلية من خلال سياسات يوافق عليها الأعضاء.

سابعا : التعاون بين التعاونيات :
لهذا المبدأ  مجموعة من الأهداف والتداعيات الحالية والمستقبلية :
أولها أن تتحالف وتتحد وتتعاون التعاونيات فيما بينها من أجل الدخول فى أنشطة لا تستطيعها بمفردها، فتنشأ تعاونيات أكبر، واتحادات تعاونية أكبر حجما، وبالتالى أكثر قدرة على إدارة مشروعات مشتركة أو كبرى تخدم التعاونيات الداخلة فيها على نفس أسس التعاون بين الأفراد.
ثانيها إعطاء الأولوية فى التبادل بين التعاونيات، فيما يشبة سوق مشترك فيما بينها لتبادل السلع والخدمات يساعدها فى تحقيق الاستقلال تدريجيا عن السوق الرأسمالى وعن الدولة، والهدف النهائى المرجو من هذا هو سوق تعاونى مستقل عن الدولة ورأس المال.
كل تعاونية تنتج سلعة أو تقدم خدمة يمكن أن تخلق سوق توزيعها الخاص بمنتجاتها وخدماتها.بطريقتين أولها عبر التعاونيات التى تستهلك تلك الخدمات أو السلع سواء موجودة بالفعل، أو بمحاولة إنشائها وثانيها ضم من يريدون استهلاك السلع والخدمات للتعاونية كأعضاء مستهلكين للسلع والخدمات الخاصة بالتعاونية، وهذا يضمن خلق سوق مضمون للتعاونية، وتوسيع رأسمالها.
كل تعاونية تستهلك سلعة أو تقدم خدمة عليها أن تسعى لتلبية احتياجاتها أولا من التعاونيات الإنتاجية، وأن تعطيها الأولوية فى التعامل، وأن تشترط ألا تبيع إلا لأعضائها، مما يساعد على توسيع رأسمالها، كما يمكن للتعاونية الاستهلاكية أن تنشأ تعاونيات إنتاجية لبعض السلع والخدمات التى يحتاجها أعضائها.
الايضاح السابق للتعاونيات وقواعدها كافى جدا من وجه نظرى لكى يبدأ الناس فى تأسيس تعاونيات واقع، بعقود مدنية تقوم على تلك القواعد بعيدا عن الإلتزام بقوانين التعاون المشوهة، لأن ما قد يتصوره البعض تفاصيلا أخرى ضرورية هو محل اتفاق أعضاء التعاونية ويتم بالتوافق بينهم، وبما يتلائم ونشاط كل تعاونية على حدة وبما لا يخالف القواعد.
على أن نأخذ فى اعتبارنا أن التعاونيات تمارس أنشطتها فى ظل بيئات مختلفة فقد تتشوة وتتبرقط وتترسمل، ويتم احتواءها من قبل الدولة، وخضوعها لمتطلبات السوق الرأسمالى، وهذا طبيعى طالما كانت ضعيفة ومنعزلة عن بعضها، والمطلوب ليس التخلى عن الفكرة لما قد يواجهها من صعوبات، ولا احتمالات تشوهها، بل هو مقاومة تلك التشوهات التى من الممكن أن تحدث بل وتحدث بالفعل.
ومن ثم فأنى أرى إضافة مجموعة من الضوابط والمعايير تحمى التعاونية من التبقرط والدولنة والرسملة، وتحافظ على طبيعتها الخاصة بخلاف القواعد الدولية، فمن خبرة التعاونيات الاسكانية فى مصر، أرى انه لابد من وضع ضابط مهم هو إنه يجب عدم السماح بالمتاجرة والمضاربة فى العقارات المبيعة، التى تبيعها التعاونيات الإسكانية، ويستحسن عدم بيع كامل حقوق الملكية، والاقتصار على التأجير، وحقوق الإنتفاع طويل الأجل، لفترات معينة فقط على أن تحتفظ التعاونية بباقى حقوق الملكية على العقارات المملوكة لها.
وبالمجمل مقاومة كل أشكال المضاربة، وامكانيات المضاربة، وعدم المشاركة فيها، وعدم مساعدتها، وتسهيلها كما يحدث فى الوحدات العقارية التعاونية فى مصر، ومن ثم ضرورة وضع ظوابط لاستهلاك مثل هذا النوع من السلع العقارية التى يسهل المضاربة والمتاجرة فيها.
تعبر المبادئ التعاونية عن دستور الحركة التعاونية الدولية، حيث يشمل مضمون الدستور مجموعة من المبادئ التي تهتدي بها كل الجمعيات التعاونية في تحقيق أهدافها في العالم. وعدم مراعاة "الهوية التعاونية"و التقيد الدقيق بها والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلي عواقب وخيمة وضارة تذهب بالصفة التعاونية والشعبية والديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تؤدي إلي الفشل والإخفاق الذريع. وإن عدم إتباع المبادئ والأسس التعاونية التي أنشأت علي أساسها الكثير من المشاريع التعاونية، انعكس سلبا علي الأداء، ولقد أثبتت التجارب العالمية أن مراعاة التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلى الاحتفاظ بالصفة التعاونية والشعبية للتعاونيات، والحفاظ أيضا علي الديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تجنب التعاونيات الفشل والإخفاق في تحقيق أهدافها. لقد كان للالتزام بالمبادئ التعاونية وبخاصة الديمقراطية، الأثر الكبير في استمرار الحركة التعاونية الأوروبية وتقدمها عالميا.



[1] من موقع الأمم المتحدة: السنة الدولية للتعاونيات2012 
[2] إعداد د. مجدي سعيد نحو إصلاح الحركة التعاونية في مصر من أوراق المؤتمر المصري الأول للنهوض والتنمية والذي عقد في 16، 17يوليو 2012 نشر في محيط يوم 07 - 08 - 2012 مركز "محيط " للدراسات السياسة والإستراتيجية
[3] احمد سبح, نحو مفهوم وبناء جديد للاقتصاد التعاوني المصري. 31/10/2013
 http://alphabeta.argaam.com/article/detail/93365
[4] د. أحمد حسن البرعى, الحركة التعاونية من الوجهتين التشريعية والفكرية، دار الفكر العربى،ص 13،القاهرة
[5] / نشوى زين دراسة عن التعاونيات وماهى التعاونيات؟  لماذا التعاونيات الان؟
[6] محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي - التمويل التعاوني: الوعاء الأمثل لاستخدام التمويل الأصغر في التنمية البوابة العربية, الحوار المتمدن-العدد: 3119 - 2010 / 9 / 8
[7] الدكتور هانز ديتليف فولكير المبادئ التعاونية اجتماع مشترك IRU / ICA، رابوبنك، أوتريخت، هولندا6 أبريل 1995
[8]  هانز ديتليف فولكير المبادئ التعاونية مصدر سابق
[9] د. أحمد حسن البرعى مصدر سابق ص 120.
[10] محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبى مصدر سابق.